وضعية النظام الضريبي الجزائري لسنة 1992

لقد أسفر الإصلاح الضريبي على مجموعة من النتائج يمكن رصدها من خلال المعطيات التالية:

1- هيكل الجباية العائدة للدولة
السنة 1993 1994 1995 1996 1997 1998 1999 2000
الجباية النفطية 179,218 222,175 336,148 507,836 570,77 348,72 560,12 720,00
الجباية غير النفطية 121,45 170,706 244,599 290,629 317,86 342,56 343,77 362,41
المجموع 300,668 392,881 580,747 748,465 887,881 721,28 903,89 1082,41
نسبة الجباية غير النفطية إلى مجموع الجباية 40,4% 43,45% 42,11% 38,83% 35,80% 47,49% 38,03% 33,48%
رغم أن هدف الإصلاح الضريبي كان إحلال الجباية النفطية بالجباية العادية إلا أن مكانة هذه الأخيرة نجدها ما فتئت تتعزز وتتدعم وذلك لعدة أسباب:
– ضعف أداء المؤسسات العمومية وحل البعض منها نتيجة التزام الدولة تجاه المؤسسات الدولية بإخضاعها لمنطق الإفلاس وخوصصة ما هو قابل منها للخوصصة، وهذا ما أدى إلى حرمان الخزينة العمومية من تحصيل ضرائب كانت تحصلها من ذي قبل.
– كثرة الإعفاءات والتخفيضات الرامية إلى تشجيع الاستثمار والتصدير والتشغيل مما خلق حالة من السعي نحو الاستفادة من هذه المزايا، حتى باللجوء إلى الغش والاحتيال أحيانا.
– وجود توجه كبير نحو التهرب الضريبي الناجم عن الحجم الكبير للقطاع الموازي وعن وجود بعض الأسباب التاريخية، السياسية والاجتماعية مع ضعف تأهيل الإدارة الضريبية.
– تطور حصيلة الجباية البترولية الناجم عن ارتفاع أسعار البترول باستثناء سنة 1998، وانخفاض قيمة الدينار الجزائري مما يؤثر إيجابيا على الحصيلة بالدينار الجزائري.
ومثل هذا الوضع يعكس الحاجة إلى تغيير بنية الاقتصاد الجزائري بتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات غير النفطية، وتشجيع تكوين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتبسيط إجراءات التكوين بشكل يزيد من مساهمتها في الناتج المحلي الخام.

2- مستوى الجباية المحلية:
تشكل الجباية المصدر الأساسي لتمويل المجموعات المحلية بالنظر إلى قصور عوائد ممتلكاتها، لكونها تنازلت عن معظمها. ومحدودية تدخلاتها الهادفة إلى تحقيق الربح. وهي بهذا تمثل أكثر من 90% من موارد ميزانيات البلديات. ورغم تخصيص بعض الضرائب لصالح المجموعات المحلية فإن البلديات خصوصا تعرف عجزا ماليا ما فتئ يتطور من سنة إلى أخرى. وعدد البلديات العاجزة ما فتئ يتضاعف إذ انتقل عددها من 889 بلدية سنة 1995 إلى 1090 بلدية سنة 1996م، إلى 1159 بلدية سنة 1998 وإلى 1242 بلدية سنة 2000، بديون إجمالية مقدارها 22 مليار دينار جزائري. وهذه الوضعية جعلت الصندوق المشترك للجماعات المحلية غير قادر على تغطية العجز إلا في حدود 57% من الطلب المعبر عنه.
وتعود هذه الوضعية إلى:
– سوء تقدير المشاريع ذلك أن معظم البلديات لا تتوفر على هياكل فنية ملائمة ولا موارد بشرية مؤهلة و 38,99% من موظفي البلديات لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، و26,86% ذوي مستوى ابتدائي و17,17% ذوي مستوى متوسط.
– حل الكثير من المؤسسات المحلية في إطار برامج الإصلاح الاقتصادي مما قلص من حجم الإيرادات الجبائية. وأدى تسريح العمال بدوره إلى تقليص الدفع الجزافي.
– المجال الواسع لتدخل البلديات باعتبارها البوابة الأولى للمواطن، مع ضعف فعالية الجمعيات والهيئات الجوارية وفقدانها لوسائل المساعدة والعون.
– الإجراءات التحفيزية للاستثمار المتخذة من قبل الحكومة والتي لها انعكاس سلبي على موارد الجماعات المحلية مثل إلغاء الرسم النوعي الإضافي وتخفيض معدل الدفع الجزافي، والرسم على النشاط المهني.

3- الضغط الضريبي:
يعبر الضغط الضريبي عن نسبة الاقتطاع الضريبي مقارنة بالناتج المحلي الخام، وهو إحدى المؤشرات المستخدمة لتقييم الأنظمة الضريبية بسماحه بالمقارنة بينها، فضلا عن أن ارتفاعه فوق مستويات معينة يمكن أن يكبح النشاط الاقتصادي. ولقد تراوح مستوى الضغط الضريبي العام في الجزائر من 28,15% سنة 93، 29,74% سنة 1994، 33,48% سنة 1995، 34,84% سنة 1996، 35,34% سنة 1997، 28,44% سنة 1998، 30,95% سنة 1999. إلا أن هذا المعدل مضلل بهذا الشكل لكون جزء كبير من الناتج المحلي الخام يصل أحيانا إلى 35% هو عبارة عن نفط، وأن الجباية البترولية كانت مساهمتها دائما أكبر من 53% من الحصيلة الضريبية. ومن هنا فإن اعتماد الضغط الضريبي للجباية العادية منسوبا إلى الناتج المحلي الخام خارج المحروقات يكون أكثر دلالة وتعبيرا.
وهكذا نسجل المعدلات التالية للسنوات 93-1999م على التوالي: 16,27%، 18,95%، 22,02%، 20,43%، 20,51%، 19,33% و18,65%. ومثل هذه المعدلات تعتبر أقل مما هو سائد في الكثير من الدول. ففي الدول الصناعية الكبرى السبع يتجاوز معدل الاقتطاع أحيانا 42,5% ولا يقل عن 27%. وهذا يؤشر على ضعف الإدارة الضريبية في إيجاد الأوعية الضريبية الملائمة ذات المردودية. فالكثير من الضرائب المكونة للهيكل الضريبي الجزائري ذات مردودية ضعيفة.

4- استقرار النظام الضريبي الجزائري:
لم يستطع النظام الضريبي الجزائري التخلص من آفة التعديلات المستمرة، مما يؤشر على عدم وضوح الرؤية لدى السلطات الاقتصادية وهيمنة العقلية المالية الرامية إلى البحث عن الموارد وهكذا نرى ظهور الكثير من الضرائب الجديدة لاعتبارات ظرفية لكن ريثما تترسخ، فعلى سبيل المثال نشير إلى تأسيس:
– الرسم على الأنشطة الملوثة والخطيرة على البيئة(ق.م 1992).
– مساهمة التضامن الوطني (ق.م 1994).
– الرسم النوعي الإضافي (ق.م 1994).
– الإتاوة على استعمال الماء (ق.م 1996).
– الرسم على السكن في الولايات الكبرى: الجزائر، قسنطينة، وهران (ق.م 97 وما بعده). ومثل هذه الإضافة تعمل شيئا فشيئا على إثقال النظام الضريبي ومنها تعقيده.
فلا يكاد يخلو قانون مالية من تدابير تعديلية في المجال الضريبي، فقانون المالية لسنة 1993 تضمن 45 إجراءا ضريبيا ما بين تعديل، إلغاء و/أو اتمام، قانون المالية لسنة 1995 تضمن 49 إجراءا ضريبيا من نفس الطبيعة السابقة. وقانون المالية التكميلي لسنة 2001 تضمن بدوره 19 إجراء ضريبيا ما بين تعديل، إلغاء و/أو إتمام.
إلا أن هذه التعديلات يجب ألا تحجب بعض الاتجاهات الإيجابية للنظام والمتمثلة في:
– تخفيض نسبة الاقتطاع الخاصة بالضريبة على أرباح الشركات إلى 30%.
– تخفيض نسبة الاقتطاع العليا للضريبة على الدخل الإجمالي إلى 40% ورفع الحد الأدنى المعفى من الإخضاع إلى 60.000 د.ج.
– تخفيض معدلات الرسم على القيمة المضافة من أربع معدلات عند التأسيس إلى معدلين.
– مراجعة التعريفة الجمركية باعتماد أربع معدلات أقصاها 30%.