هل هناك شرط مانع من تصرف المالك في أملاكه في حالة الوصية؟

فى الحقيقة أن هناك أمور عديدة قد تتسبب فى منع الشخص من التصرف فى أملاكه، حيث يرتبط ذلك الشرط بنص القانون م 823 مدني المتضمنة لـ3 نقاط رئيسة تشمل العقد والوصية والمتصرف أو المتصرف له، وكذا المدة المعقولة.

فى التقرير التالى يرصد «الشروط الثلاثة» طبقا للقانون م 823 مدني-وفقا لـ شريف الجعار، رئيس لحنة الدفاع القانونية عن المستأجرين، والخبير القانونى.

1- إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مده معقولة .

2- ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو الغير .

3- والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.
ومن خلال النص سالف الذكر نتناول الشروط بحسب «الجعار»:

الشرط الأول:-

أن يرد الشرط المانع من التصرف ضمن عقد أو وصية ولا تبدو هناك صعوبة ما إذا كان الشرط المانع مدرجاً في وصية فالوصية تصرف مضاف إلى ما بعد الموت حيث تنتقل الملكية بعد الموت حيث قد يضمنها الموصى شرطاً يمتنع بمقتضاه الموصى له بالتصرف في المال الموصى به-طبقا لـ«الجعار»-.

وقد يرد هذا الشرط في العقود وغالباً عقود التبرعات:

أما في عقود المفاوضات كعقد البيع فلا مصلحة جدية للمتصرف إليه في قبول هذا الشرط المانع من التصرف ولكن لا مانع من وجود هذا الشرط في عقد البيع.

أما لو كان الشرط وارداً في تصرفاً قانونياً آخر مصدره الإرادة المنفردة مثل الوعد بجائزة فهل يجوز هذا الشرط.

مثال:-

الوعد بجائزة الموجه للجمهور لقاء وعد من القيام بعمل وكانت الجائزة عقاراً ويشترط الواعد بمنع من يقوم بهذا العمل (الدائن) من التصرف في العقار .

هنا يجيب الفقه على هذا التساؤل بالإيجاب حيث أن ذكر المشرع للوصية قد جاء على سبيل المثال للتصرف الأحادي وليست الوصية هي الصورة الوحيدة له .

(خلاصة القول) :

أن الشرط المانع يجب أن يكون وارداً في عقد كالبيع أو الهبة أو الوصية أو الوعد بجائزة حيث يجب أن يكون كلاهما ناقلاً للملكية.

ملاحظة هامة:

يذهب الفقه الراجح إلى أنه يجب في الشرط الأتي : «أن يكون الشرط موجوداً في العقد المتضمن المنع وهو الذي نقل الملكية إلى الشخص الممنوع».

(والحجة في ذلك):

1- أن القانون قد عبر عن الشرط بالمتصرف وعن الممنوع من التصرف بالمتصرف إليه.

2- ليس من المندوب أو المستحسن أن يتم إجازة الشرط المانع من التصرف إذا كان وارداً في اتفاق لاحق بين المتصرف والمتصرف إليه.

3- أن ورود هذا الشرط بعد التصرف يعني التحايل على القانون بمنع هذا المال من الحجز عليه حيث قد يعمد المدين إلى إضاعة حق الدائن بإعادة الاتفاق مع المتصرف لوضع شرط من التصرف في المال حيث يجب أن يرد هذا الشرط ضمن بنود العقد الناقل للملكية.

وهنا يثور سؤال هام هل يجوز أن يتضمن عقد الرهن شرطاً يمتنع بمقتضاه على الراهن (المدين) أن يتصرف في المال المرهون؟هنا يجيب «الجعار» لدينا إلى أنه: لا يجوز ذلك حيث أن عقد الرهن ليس ناقلاً للملكية بل هو منشئ فقط لحق عيني تبعي هذا من جهة.

ومن جهة أخرى:

فإن الأصل هو حرية تداول الأشياء.

ومن ناحية ثالثة:

فإن الشكلية والرسمية في عقد الرهن الرسمي كفيلة لتنبيه المدين إلى خطورة ما هو مقدم عليه ولسنا بحاجة بعد ذلك إلى منعه من التصرف في المال المرهون حماية للدائن المرتهن .

ومن ناحية رابعة:

فإنه يضاف إلى ذلك أنه لو أخذنا هذا الشرط لأصبح نموذج يرد في كل عقود الرهن.

وأخيراً فإن:

هذا الشرط لا يعطي للدائن سوى حماية نفسيه من التنفيذ على العقار تحت يد الغير تقل عن الضرر الذي يصيب المدين الراهن ألا وهو منعه من التصرف في المال المرهون والمصلحة الأخيرة هي الأجدر بالحماية .

وخلاصة القول:

يرى «الجعار» أن إيراد الشرط المانع من التصرف في عقد الرهن يقع غير صحيح.

الشرط الثاني الباعث المشروع:

حيث نصت عليه م 803/1 صراحة عندما ذكرت إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع.

متى يكون الباعث مشروعاً:

متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

وهنا نجد أن المشرع بنفسه قد تولى تحديد الباعث المشروع.

أ‌- فيكون مشروع إذا كان لحماية مصلحة المتصرف:

مثال ذلك:

أن يهب (أ) لـ (ب) مالاً ويتشرط (أ) في عقد الهبة على (ب) أن يؤدي له إيراداً مدى الحياة أي حياة (أ) فيتضمن (أ) في عقده شرط بمنع (ب) من التصرف في المال طيلة حياة (أ).

ولا شك أن لـ (أ) مصلحة مشروعة و جديرة بالحماية في اشتراط المنع من التصرف.

ب‌- وقد يكون الشرط مشروعاً لمراعاة مصلحة للمتصرف إليه:

ومثال ذلك:

أن يهب شخص مالاً لشخص طائش ويخشى عليه إنفاق المال الموهوب في غير فائدة وهنا يشترط المتصرف على المتصرف إليه بعدم التصرف في المال فترة معينة أو طيلة حياته (الممنوعة من التصرف) .

إذن الغرض من المنع حماية مصلحة مشروعة للممنوع من التصرف نفسه (المتصرف إليه) .

جـ- ويكون الباعث أيضاً مشروعاً إذا كان المراد بالمنع حماية مصلحة مشروعة للغير .

ومثال ذلك:

أن يهب ( أ ) ل ( ب ) مالا ويشترط عليه أداء مرتب مدى الحياة لشخص آخر وهو (جـ) ولضمان أداء هذا المرتب يشترط عليه ألا يتصرف في المال الموهوب طيلة حياة (جـ) (الغير).

وخلاصة هذا الشرط:

إذا لم يكن الشرط المانع من التصرف مبنياً على باعث مشروع فإنه لا يقع صحيحاً.

الشرط الثالث المدة المعقولة:-

حيث لا يصح الشرط المانع من التصرف إذا كان مؤبداً حيث نص القانون على ضرورة أن يكون مؤقتاً ومقصوراً على مدة معقولة.

ويجوز أن تستغرق المدة المعقولة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير .

كيفية تقدير معقولية المدة أو عدم معقوليتها:

هذا الأمر متروك في نهاية الأمر لقاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقص.

وتطبيقاً على ذلك:

أ – يجوز أن تتكون المدة المعقولة مدة حياة المتصرف ومثالها :

كما ذكرنا أن يهب شخصا مالا لأخر ويشترط عليه أن يؤدي إليه مرتبا مدى حياته (حياة المتصرف) فهذا الشرط يقع صحيحا حيث أن مصلحة المتصرف واضحة في المنع طيلة حياته .

أما لو كان العقد بيعا وبثمن مؤجلا يستغرق سنوات واشترط البائع على المشتري عدم التصرف في الشيء طيلة حياته فإن هذا الشرط يقع غير صحيح لانعدام المصلحة هنا .

ملاحظة هامة جدا :

أنه ما يجب فهمه أن معقولية المدة تدور مع الباعث والهدف من الشرط .

ب – ويجوز أيضا أن يكون الشرط المانع من التصرف معقودا لمدى حياة المتصرف إليه .

فإذا وهب شخص لأخر مالا واشترط عليه لعلمه بطيشه وإسرافه عدم جواز التصرف في هذا المال طيلة حياته «حياة المتصرف إليه» فإن هذا الشرط يقع صحيحا .

جـ – ويكون الشرط المانع من التصرف أيضا صحيحا إذا كانت مدته هي مدى حياة الغير مثل الهبة مقابل أداء مرتب مدى الحياة للغير فإذا اقترن العقد شرطا يمنع المتصرف إليه من التصرف في المال طيلة حياة الغير كان هذا الشرط صحيحا .

الخلاصة:

أن الشرط المانع من التصرف يجب أن يكون واردا «في عقد نقل الملكية» أو الوصية وأنه يجب أن يكون مبنيا على باعث مشروع ومعقودا لمدة معقولة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت