نفقة المرأة في الإسلام
عزيزتي ..!
اعلمي أن شرعنا الحنيف , الذي هو من عند الله , فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , قد ضمن لك كأنثى – ابنة كنت او أمًا او زوجه – نفقتك , على غيرك من الرجال , منذ لحظة ولادتك وإلى مماتك .
وسأوجز لك فيما يلي أسس هذا الحق , لتتبينيه , فلا يأكله عليك الرجال..!
ولكن قبل أن نصير إلى التفصيل , نعرّف النفقة الشرعيه لنقول إنها ما يُحتاج إليه من مطعم وملبس ومسكن وتطبيب . فأن كان الحديث عن إبنه , فيضاف الى تلك الأصناف, نفقة التعليم بالحد المتعارف عليه , بشرط مقدرة الاب وحـِل موضوع الدراسه. وإن كان الحديث عن زوجه , فتُضاف ايضًا , نفقة خادم إذا كانت الزوجه ممن يكون لامثالها خدم ( ولكن هذه مشروطه بإيسار الزوج.)
ولأن غالب الخصومات في المحاكم تدور حول نفقة الزوجه , فسأخصص هذه الحلقه لنفقة الزوجيه , على أن أحرر لاحقًا , بإذن الله , حلقه أخرى عن نفقة الابنه والام .

*** نفقة الزوجه ***
واجبة على الزوج بالكتاب والسنة واجماع الأمّه , بشرطين ;
شرط وجوب : وهو قيام الزواج الصحيح .
وشرط استحقاق : وهو احتباس الزوجه على زوجها , فعلا او حكمًا ( حكمًا يعني استعدادها للاحتباس).
ولو انعدم الاحتباس لسبب من قـِـبـَـله ( كأن طردها بلا سبب شرعي ، لم يقدم مهرها المعجل ، كان محبوسا او مجبوبا او عنينا ) فلا تسقط نفقتها .
وكلمتان عن كل شرط :
الزواج الصحيح , بخلاف الفاسد والباطل , هو الزواج العادي الذي نعرفه , أي الذي انعقد مستوفيًا لأركان النكاح وشروطه ; تم برضا المتعاقدين , بواسطة ايجاب وقبول , في ذات مجلس العقد , بحضور ولي المرأة وإذنه , وشهادة اثنين على النكاح , وإعلانه واشهاره بين الناس , وبشرط خلو العاقدين من الموانع القانونيه والشرعيه , بأن يكونا بالغين عاقلين , وتكون المرأة ممن يحل للرجل العقد عليها , أي الا تكون من المحرمات عليه. فاذا فقد النكاح شرطًا من الشروط اعلاه اصبح فاسدأ ( او باطلا , بحسب الشرط الذي فقد ), وفي هذين لا نفقة للزوجة ابدًا.
الاحتباس معناه ان تحبس الزوجة نفسها على زوجها في بيته , فتسكن معه حيث يقيم ( شريطة ان يستوفي المسكن الذي يهيئه شرائط البيت الشرعي ) وتطيعه في المعروف.
فان توفر الشرطان ,استحقت الزوجة النفقه على زوجها ( من وقت ابرام العقد , أي حتى قبل أن يدخل بها   ولو كان فقيرا او مريضا او عنينا او محبوسا ، او فاقدا للاهليه ( كالصغير او المجنون ) ولو كانت هي كتابيه ( فاختلاف الدين لا يسقط نفقة الزوجه , ولا نفقة الاصول والفروع ، لكنه يسقط غيرها ) او غنيه ( انتبهي اذن : انت لا تطالبين بالإنفاق على نفسك من مالك , ولو كنتِ اغنى منه ! ) او مقيمة في بيت اهلها ( الا اذا طالبها بالنقلة فامتنعت بغير حق شرعي ( ولها الامتناع حتى يوفيها مهرها المعجل وحتى يهيئ لها مسكنا شرعيا ) , ولو مصابة بمرض يحول دون الاستمتاع بها – كالرتقاء او القرناء – ما دام قرر امساكها ، لانها محبوسة بحبس النكاح ، ممنوعة عن الخروج للكسب بحقه ، فلو لم تكن كفايتها عليه لهلكت .
والنفقة تكون لازمة الاداء بالقدر الذي تراضى عليه الزوجان او بحكم القاضي . ويجوز تزييدها وتنقيصها، بتغير الاسعار او تبدل احوال الزوجين من حيث العسر واليسر , او اذا تحقق انها دون حد الكفاية او زائدة عنه. وظاهر الروايه في مذهب الاحناف ان المعتبر في تقدير النفقه هو حال الزوج وحده ، ايسارا واعسارا ، لقوله تعالى ‘ لينفق ذو سعة من سعته ‘ ، وقوله ‘ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ‘ مع ذلك , فإن المفتى به في المذهب هو القول باعتبار حال الزوجين ,في تقدير النفقه.
وفائدة الخلاف تكمن في انه اذا اعتبرنا حال الزوج فقط ، فانه يكون مطالبا بالتسويه بين الضرائر, في النفقة . اما ان قلنا باعتبار حال الزوجة ايضا ، فلا وجه لطلب المساواة بين الضرائر ، لانه قد تكون احداهن غنيه والاخرى فقيره .

النساء اللواتي لا نفقة لهن :
(1) الناشز : وهي, في السياق الحالي, التي وتركت دار زوجها وذهبت بدون إذنه او بغير سبب شرعي , او كانت الدار لها فمنعته من الدخول عليها , قبل ان تطلب نقلها الى دار اخرى ، فتسقط نفقتها مدة هذا النشوز.
عليه :
* تركت البيت للضرب او الايذاء او سوء العشره ، فلا تعتبر ناشزا , ولا يسقط حقها في النفقة . وكذلك لو رفضت مساكنته في البيت المغصوب , او في بلاد الملاحدة او في ديار الحرب.
* دخل بها دون توفية معجل مهرها ، برضاها ، فلا يبطل رضاها هذا حقها في العود للمطالبه بحقها , ومنعها نفسها منه , بل تركها بيته ، حتى يؤدي مهرها المعجل . فإن فعلت , لا تكون بذلك ناشزا.
* وعند الاحناف : منعته من الاستمتاع بها وهي في بيته ، فلا يعتبر ذلك نشوزا مسقطا للنفقه . وتعليلهم انه يستطيع اتيانها كرها ما دامت في بيته .
وأعارض شخصيًا هذا التعليل بالقول: في زماننا وبلادنا , لو اتاها كارهة فقد تشكوه بالاغتصاب ، بموجب القانون الوضعي !!
من جهة اخرى، فإنها وقت تمنعه حقوقا هي اهم الاهداف التي وضعتها الشريعة للزواج – حفظ العرض وحفظ النفس , من خلال الاحصان والتناسل – فبأي شيء تستحق النفقه ؟ واخيرا فانها لو منعته نفسها ، دفعته الى تطليقها ، فانهارت الاسره !!
(2) الصغيره التي لا تصلح للرجال ولا تشتهي للوقاع ( ما لم يمسكها للاستئناس بها .)
(3) الحاجّه ، ولو حجّة الاسلام ، ان لم يكن زوجها معها ، ولو معها محرم ، مدة غيابها .
(4) المحبوسه في غير دين للزوج.
(5) المنكوحة نكاحا فاسدا.
(6) الموطوءة بشبهة .
(7) المحترفه ( أي التي تعمل خارج البيت ) بغير اذن الزوج .

*** في نفقة المعتده ***
بشكل عامّ , كل من استحقت نفقة الزوجيه , استحقت نفقة العدة ، وكل من لم تستحق الاولى , فلا تستحق الثانيه. من هنا فعلى الزوج نفقة معتدته بشروط : أن يكون قد اختلى بها ( ولو كانت الخلوة فاسده ) وكان النكاح صحيحًا ، وتكون ملازمة لبيت العده , لان تركه يكون نشوزا. اما اذا كان الزواج فاسدا, فلا نفقة عدة لها ( حتى في الحالات التي عليها فيها عدة , مثل التفريق بينهما او موته عنها ، بعد الدخول الحقيقي). وفساد النكاح الذي لا نفقة عدة فيه ، يجب ان يثبت بالبينه ، او باقرارها ايضا ، ولا يكفي فيه اصرار الزوج وحده ، ان انكرته .
وتستحقها بالشروط اعلاه سواء وقعت الفرقة بالطلاق ، الفسخ او التفريق ( لكن ليس للمتوفى عنها زوجها , ولا للمطلقة في نشوزها ).
وكل فرقة ، طلاقا كانت او فسخا ، وقعت من قبل الزوج ، سواء كانت بمعصية منه ام لم تكن ، لا تؤثر على وجوب نفقة العدة ( مثل عدة الايلاء ، اللعان ، ابائه الاسلام وارتداده) . ومثلها الفرقه الواقعة من قبلها ، لكن بلا معصيه ( مثل من زوجت صغيره فلما بلغت اختارت نفسها ، او طلبت الفرقة لعدم الكفاءه ، او لاعنته ).
اما ان كانت الفرقة من قبلها وكانت بمعصيتها ( المقصود بالمعصية هنا هو فعلها بفروعه او باصوله ما يوجب حرمة المصاهره ) ، فلا نفقة عدة لها .
قدرت نفقة عدة ، ثم اختلفا : فهو يدعي انقضاء العدة وتنكر هي ، فالقول قولها بيمينها ، على امتداد عدتها. ولكن قولها هذا يكون ” بينه” لهذا الخصوص فقط ( اي لخصوص نفقة العدة ).
ليس للمطلقه في نشوزها نفقة عدة. و ليس للمرأة التي توفي زوجها ، سواء كانت حاملا او حائلا ، نفقة عدة , لأن هذه تسقط بوفاة احد الزوجين . كما تسقط النفقة اذا انقضت مدة العدة قبل ان تقدر النفقة بالقضاء او الرضاء.
اذن في النكاح الصحيح :
متوفى عنها زوجها : بعد خلوه ( ولو فاسده ), عليها عدة وفاة وليس لها نفقة عدة ( لان ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة عده ، حتى بعد الدخول الحقيقي ).
مطلقه بعد خلوة ( ولو فاسده ) , عليها العدة ولها النفقه.
مطلقه قبل خلوة , لا عدة عليها ولا نفقة لها.
مطلقه في نشوزها , عليها عدة طلاق وليس لها نفقة عدة.
في النكاح الفاسد :
متوفى عنها زوجها قبل الدخول الحقيقي , فليس عليها عدة وليس لها نفقة عده.
متوفى عنها زوجها بعد الدخول , عليها عدة مطلقه وليس لها نفقة عدة.
مفترقه قبل الدخول , ليس عليها عدة وليس لها نفقة عده.
بعد الدخول , عليها العدة وليس لها نفقة عدة.