قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الإماراتي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

بعد إصدار قانون الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات العام الماضي – القانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2018، دار العديد من النقاشات حول الآفاق المتاحة للاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، وصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الإمارات إلى 30.4 مليار دولار. وفي ضوء التقدم المتسارع الذي تحققه الدولة على صعيد التصنيفات العالمية من حيث استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، من المهم التوقف عند التأثيرات المتوقعة للقانون على تدفق الاستثمارات إلى الإمارات، ومدى مساهمته المنتظرة في تحفيز وتيرة الاستثمار في الدولة.

قبل إصدار هذا القانون، كان يتوجب على الراغبين بالاستثمار في الإمارات التعاون مع شريك محلي (للاستثمارات الداخلية)، أو العمل في إحدى المناطق الحرّة العديدة في مختلف أنحاء الدولة إذا لم يفضل المستثمر التعاون مع شريك محلي.

وخضعت قدرة المستثمرين الأجانب من خارج دول مجلس التعاون الخليجي على العمل في المناطق الحرة لقيود أثرت على رغبتهم للاستثمار في الإمارات.

لذلك، أدى قانون الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إلغاء الحاجة لوجود شريك محلي في قطاعات محددة، ما أتاح ملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100% في هذه القطاعات، عبر صياغة مفهوم قوائم القطاعات التي تسمح بالاستثمارات الأجنبية المباشرة («قائمة القطاعات الإيجابية») أو لا تسمح بها.

ومن المرجح حدوث تغيير طفيف في المناخ الاستثماري الخاص بالاستثمار الأجنبي المباشر بالقطاعات غير المفتوحة، إذ سيظل بإمكان المستثمرين استخدام نظام الكفالة المحلية للاستثمار في قطاعات هذه القائمة.

وسيحق للمستثمر الاستحواذ على نسبة تتخطى 51% من مؤسسات قائمة القطاعات غير المفتوحة، عبر التقدم بطلب للحصول على موافقة الجهة التنظيمية (وحدة الاستثمار الأجنبي المباشر أو لجنة الاستثمار الأجنبي المباشر) على تملكه لتلك النسبة.

أما بالنسبة إلى شركات قطاعات اللائحة الإيجابية، فمن المتوقع أن تشهد الاستثمارات الأجنبية المباشرة زيادة كبيرة فيه، كذلك، فإن السماح بإدارة الشركات عن طريق المساهمين والتحكم التشغيلي بالشركات في الإمارات، سيكون له تأثير كبير على رغبة المستثمرين في دخول سوق الإمارات بعد ترددهم في السابق نظراً لحاجتهم إلى شريك محلي.

وسيسهم ذلك في تشجيع إقامة شركات تصنيع محلية (بدلاً من الاعتماد على التوزيع أو الوكالة)، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز إقليمي للتصنيع في أسواق الخليج والهند وأفريقيا، بالاعتماد على موقعها في المنطقة، وقوة شبكات النقل والخدمات اللوجستية فيها، مثل الاتحاد للطيران أو طيران الإمارات، أو عبر مراكز الخدمات اللوجستية الرئيسية، مثل ميناء جبل علي التابع لموانئ دبي العالمية أو ميناء خليفة في أبوظبي.

كذلك يمكن أيضا أن يحدث قانون الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة في نشاط أسواق رأس المال في مختلف أنحاء الدولة، حيث يمكن للمستثمرين الأجانب الآن الاستحواذ على شركات مدرجة في أي من أسواق الأسهم الإماراتية ضمن القائمة الإيجابية. وهو ما أعرضوا عنه سابقاً نظراً لعدم تمكّنهم من الحصول على حصة مسيطرة جراء القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي.

وبصورة عامة، من المتوقع أن يسهم قانون الاستثمار الأجنبي المباشر في تسريع الاستثمار في قطاعات القائمة الإيجابية. ومع تزايد الجهود التي تبذلها الدول المجاورة (مثل السعودية والبحرين وعُمان) لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سيكون لإمكانية الاستحواذ على حصة الأغلبية في بعض الاستثمارات الداخلية الإماراتية قدرة استثنائية على استقطاب مزيد من المستثمرين من خارج نطاق دول مجلس التعاون الخليجي.

ويتمثل التحدي الرئيسي أمام الحكومة الإماراتية في تحقيق التوازن بين تشجيع زيادة الاستثمار والحفاظ على قدر من السيطرة على الاستثمار عبر القائمة غير المفتوحة، والتي ما زلنا بانتظار نشر مزيد من التفاصيل عنها.

إلا أن جميع المؤشرات الأولية تدل على أن قانون الاستثمار الأجنبي المباشر يشكّل خطوة مهمة، أنه سيسهم في رفع مستويات الاستثمار في الإمارات.