ان اجراءات المخاصمة واثارها موضوع له متعلقات بالقاضي وكذلك بالخصوم وضماناتهم ونكتفي منها بالبحث في ما يخص موضوعنا وما يتعلق بضمانات القاضي فيها ، اذ يكون على المحكمة في المرحلة التي ينظر فيها جواز المخاصمة من عدمها ، أن تتأكد من أن الوقائع المنسوبة إلى القاضي ، على فرض ثبوتها ، تشكل حالة من حالات المخاصمة التي أوردها القانون ، فإذا ما قضت بعدم جواز المخاصمة فإنها تحكم على طالبها بغرامة محددة ، وهذه الغرامة لا تمنع من الحكم بالتعويضات إن كان لها وجه ، وفي حال قبول المخاصمة يصبح القاضي غير صالح لنظر الدعوى ، وذلك بعد سماع أقوال القاضي والمخاصم ، وإذا قضت المحكمة بصحة المخاصمة وثبوت الوقائع المنسوبة إلى القاضي فإنها تحكم عليه بالتعويضات في حال وجد الضرر وكذلك تحكم ببطلان التصرف أو الحكم الذي قام به أو أصدره القاضي المخاصم(1). وهو ما نص عليه قانون المرافعات الليبي(2). وقانون نظام القضاء العدلي اللبناني(3).

أما قانون المرافعات العراقي فإنه يلاحظ على نصوص هذا القانون أنه اشترط على المخاصم إيداع مبلغ تأمينات عند تقديم الشكوى ، التي يصار إلى استيفاء التعويض الذي يحكم به عليه في حال عدم قبول شكواه ، منها(4). كما أنها كفلت(5). حق القاضي بالتعويض من خلال إلزام الجهة المختصة بالنظر في الشكوى ، إن تقرر الحكم بتعويضه عما لحقه من ضرر . ونرى ان ذلك يعد اتجاهاً محموداً للمشرع العراقي من خلال إيجاد الضمانات للقضاة ، من أن يتعرض لهم المتقاضون بالشكاوى الباطلة ، أو الشكاوى المبتناة على مجرد الإحساس بالحيف ، وذلك من خلال ما يضعه المتقاضون في حسابهم من الحكم عليهم بالغرامة ، إضافة إلى الحكم عليهم بالتعويض للقاضي عن الضرر الذي لحق به في حال ثبوت بطلان شكواهم ، إلاّ أنه يلاحظ أن المشرع قرر في حال ثبوت صحة الشكوى من القاضي إلزام المشكو منه بتعويض الضرر الذي حل بالمشتكي وإبلاغ وزارة العدل لاتخاذ ما يلزم بحق المشكو منه ، ولم يتعرض لمصير الحكم الذي أصدره القاضي المشكو منه (6) .

ونرى أن هذا يُعد نقصاً تشريعياً ينبغي معالجته من خلال النص على إبطال الحكم الذي أصدره القاضي تمشياً مع سائر التشريعات التي نصت على هذا الحكم ، فضلاً عن أنه حكم تقتضيه القواعد العامة من كون الإجراءات التي اتخذها القاضي هي إجراءات باطلة غير ملزمة بعد ثبوت الشكوى ضده ، وما بني على الباطل فهو باطل ، غير أن الصحيح أنه لا يمكن استنتاج هذه الحقيقة القانونية ، للحكم ببطلان مثل هذا الحكم في القانون العراقي مع انعدام وجود النص الصريح . وجدير بالذكر أن الدعوى إلى إصدار نص بهذا الخصوص لا تشكل تعدياً على الأحكام القضائية التي يجب صيانتها عن التدخل أو المساس بها ذلك أن هذا النص سوف يكون في مجال محدد ويشكل استثناءً من القاعدة التي تقضي بأن الأحكام القضائية تنفذ وتكتسب حجيتها قبل الجميع ولا يمكن المساس بها ، لمقتضيات العدالة .

____________________

1- المادتين 498 و 499 من قانون المرافعات المصري .

2- المواد 722 و 723 و 725 و 726 من قانون المرافعات الليبي .

3- المواد 92 و 93 و 94 من قانون نظام القضاء العدلي اللبناني .

4- المواد 289 و 290 و 291 من قانون المرافعات المدنية العراقي .

5- بموجب تعديل الفقرة (1) من المادة 291 قانون المرافعات العراقي بالقانون رقم 173 لسنة 1970 .

6- لذلك نجد أن هناك من يرى أن الحكم الذي يصدر بحق القاضي المشكو منه لا يمس الحكم الذي أصدره القاضي مثل . د. صلاح الدين الناهي ، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ص 100 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .