إن الاستجواب من الامتيازات المهمة التي تملكها السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية، إلا أن ذلك لا يعني أن كل من يعمل في السلطة التشريعية يملك حق توجيه الاستجوابات، كما لا يعني ذلك أنه يوجه إلى كل عضو في السلطة التنفيذية ، فمباشرة حق الاستجواب تقضي أن تحدد الجهات التي يحق لها أن تمارس هذا الحق، والجهات التي يوجه لها الاستجواب( 1). والشروط التي يجب توافرها في الاستجواب:

(أ) الجهات التي تمارس حق الاستجواب

حق الاستجواب حق فردي وجماعي، فكونه حقًا فرديًا يعني أن كل عضو من أعضاء البرلمان يحق له التقدم باستجواب إلى أحد الوزراء(2). كما يجوز لمجموعة من أعضاء البرلمان تبني تقديم استجواب موجه لأحد الوزراء، فهو يؤدي إلى مناقشات عامة تنتهي باتخاذ المجلس قراراته في موضوع الاستجواب، مما يؤدي إلى طرح الثقة بالوزارة أو أحد أعضائها(3)

(ب) الجهات التي يوجه إليها الاستجواب

لما كان حق الاستجواب أحد القنوات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وأن الغرض منة محاسبة الوزارة أو أحد الوزراء ويترتب على ذلك النتائج الآتية:

1. إن الاستجواب لا يمكن أن يوجه إلا من عضو من أعضاء البرلمان لأحد الوزراء، فلا يجوز أن يوجه الاستجواب من أحد العاملين في البرلمان أو أحد أعضاء السلطة القضائية لأحد الوزراء(4)

2. لا يجوز أن يوجه الاستجواب من أحد أعضاء البرلمان لعضو آخر في البرلمان أو ل رئيس البرلمان أو أحد لجانه(5)

3. ينبغي تحديد الجهات التي يوجه إليها الاستجواب في السلطة التنفيذية، فالاستجواب يجوز أن يوجه إلى عدد من الوزراء في أوقات متزامنة وليس هناك ما يمنع من أن يقدم أعضاء آخرون استجوابًا أخر للوزير حول الموضوع نفسه الذي قدم فيه الاستجواب من أحد الأعضاء وأن تحصل المناقشة في وقت واحد(6)

4. لا يجوز استجواب الوزير أو الوزراء عن إجراء اتخذوه وأيدها القضاء فيه(7)

(ج) شروط قبول الاستجواب

هنالك شروط ينبغي أن تتوافر حتى يتم قبول الاستجواب وهذه الشروط هي:

1. أن يكون الاستجواب مكتوبًا، فيجب أن يكون الاستجواب مكتوبًا وقد نصت على ذلك معظم الأنظمة الداخلية للبرلمانات في الدول ذات النظام البرلماني(8) ومنها النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني في المادة ( 80 ) حيث نصت على أنه “يجب أن يكون الاستجواب مكتوبًا ويقدم للرئيس الذي يحدد موعدا لتداوله على أن تراعى السرعة الممكنة في طرحة للنقاش، ويحدد الموعد بعد سماع رد الوزير ولا يجو ز إطالة المناقشة لأكثر من عشرة أيام” وهذا ما تضمنته اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي(9) ومنها اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني في المادة ( 145 ) حيث نصت على أنه ” يجب أن يقدم الاستجواب مكتوبًا إلى رئيس المجلس وأن يشتمل الاستجواب وبكل دقة على الموضوع الذي من أجله تم تقديم الاستجواب وأن يرفق بالاستجواب مذكرة مفصلة تتضمن الأمور المستجوب عنها والنقاط الرئيسية والوقائع التي يتناولها الاستجواب والأسباب التي يستند إليها مقدمو الاستجواب وما هي المخالفة التي أرتكبها الوزير الذي وجه إليه الاستجواب والدلائل والأسانيد التي تؤيد الاستجواب”.

2. أن يتضمن الاستجواب موضوعًا وأن يكون في أمر من الأمور العامة، أي أنه على العضو مقدم الاستجواب بيان الموضوعات والوقائع التي يتناولها الاستجواب، وذلك كي يبين موضوع المخالفة التي يتهم فيها الوزير وتدور عليها المناقشة، فيجب أن ينص الاستجواب على شيء معين لكي ينتهي إلى نتيجة معينة، فعلى العضو مقدم الاستجواب شرح استجوابه موضحًا أسبابه ومسوّغاته وأهدافه مع بيان وجه الاتهام الموجه للوزير أو الوزارة(10).. كما أن لرئيس المجلس أن يطلب منه إيضاحات لبيان الوقائع والنقاط الرئيسية التي يتضمنها الاستجواب(11). وقد نصت على ذلك معظم الأنظمة الداخلية للبرلمانات في الدول ذات النظام البرلماني ومنها النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني في المادة ( 131 ) حيث نصت على أنه ” لكل نائب أو أكثر أن يطلب استجواب الحكومة بمجموعها أو احد الوزراء في موضوع معين يقدم طلب الاستجواب إلى رئيس المجلس الذي يحيله إلى الحكومة”.

3. يجب أن يكون الاستجواب خاليا من العبارات غير اللائقة، أي أن يخلو الاستجواب من عبارات تمس الوزير المسؤول، فتصفه بعبارات غير لائقة فيتحول الاستجواب بذلك من أداة للمحاسبة والرقابة إلى أسلوب للهجوم والانتقاد الشخصي(12). وطلب الاستجواب يجب أن يقتصر على بيان الموضوع الذي يراد الاستجواب عنه، فلا يجوز أن يتضمن طلب الاستجواب إهانه أو سبًا أو قذفا، فإذا تضمن ذلك كان من حق المجلس أن يستبعد ه وكذلك على مقدم طلب الاستجواب أن يلتزم بآداب الاستجواب عند شرح استجوابه ومناقشته أو الرد على إجابة الوزير الموجه إليه الاستجواب، وكذلك بعدم استعمال الألفاظ غير اللائقة(13). وهذا ما نصت علية المادة (134) من اللائحة الداخلية لمجلس الآمة الكويتي “… ويجب ألا يتضمن الاستجواب عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات …”.

4. يجب أن لا يكون الاستجواب مخالفا لأحكام الدستور أو فيه مساس بأمر معلق أمام القضاء وذلك مثل أن يقدم الاستجواب بعمل يتعلق بأعمال رئيس الدولة بصفته رئيسا للدولة، مثل تعيين رئيس الوزراء، فلا يجوز أن يكون محلا للاستجواب لأن الاستجواب يعد كأنه موجه للرئيس في عمل من أعمال السيادة والتي لا تخضع بطبيعتها لرقابة البرلمانية(14). ولكن يجوز توجيه الاستجواب بخصوص تعيين الوزراء لأن الاستجواب في هذه الحالة سيكون موجه لرئيس الوزراء(15). وهذا ما نصت عليه المادة ( 145 ) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني حيث نصت على أنه “… ويجب ألا يتضمن الاستجواب أمورا مخالفة للدستور أو القانون، …”

5. يجب أن لا يؤدي الاستجواب إلى الإضرار بالمصلحة العامة للبلاد، كأن يؤدي الاستجواب إلى كشف معلومات سرية أو يؤدي إلى إثارة نزاع مع دولة أخرى، وفي هذه الحالة يمكن أن يقدم بطلب إلى رئيس المجلس بعدم إدراج الاستجواب في جدول أعمال المجلس( 16). وهذا ما تضمنه النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني (17).

_____________

1- الحياري، عادل: القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني. عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع 1972 . ص 217

2- الطماوي، سليمان: السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة. القاهرة: دار الفكر العربي. ص 520 .

3- خليل، محسن: الطائفية والنظام الدستوري في لبنان. بيروت: الدار الجامعية. 1992 . ص 377

4- الخطيب، نعمان احمد: الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري. عمان: دار الثقافة. 1999. ص 384 .

5- الشكرى، علي يوسف: مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية. ط 1. القاهرة: ايتراك للنشر والتوزيع. 2004. ص 246 .

6- فهمي، مصطفى أبو زيد: النظام الدستوري للجمهورية العربية المتحدة . القاهر ة: دار النهضة العربية . 1966 ص 628

7- الطبطائي، عادل: الحدود الدستورية بين السلطتين التشريعية والقضائية. الكويت: مجلس النشر العالمي . 1986 ص 91

8- شطناوي، فيصل: مبادئ القانون الدستوري – النظام الدستوري الأردني. ط 1. عمان: دار ومكتبة الحامد . 2002 . ص 254

9- المادة ( 134 ) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي.

10- الشرقاوي، سعاد، ناصف، عبد الله: القانون الدستوري والنظام السياسي المصري. القاهر ة: دار النهضة العربية 1994 . ص 385

11- الطماوي، سليمان: مرجع سبق ذكره. ص 525

12- حسن، عبد الفتاح: مبادئ النظام الدستوري في الكويت. الكويت: دون ذكر الناشر. 1982. ص 373 .

13- خليل، محسن: النظم السياسية والقانون الدستوري. مرجع سبق ذكره. ص 670 .

14- الطبطائي، عادل: مرجع سبق ذكره. ص 91 .

15- ليله، محمد كامل: النظم السياسية النظم السياسية (الدولة و الحكومة). بيروت: دار النهضة العربية . 1969. ص 926

16- رأفت، وحيد، إبراهيم، وايت: القانون الدستوري. القاهرة: المطبعة العصرية. 1973. ص 416 .

17- المادة ( 123 / ب) بدلالة المادة ( 115 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني.

المؤلف : احمد نبيل صوص
الكتاب أو المصدر : الاستجواب في النظام البرلماني
الجزء والصفحة : ص38- 42

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .