لغرض تعريف الشركة القابضة ، سنطرح اولا تعريفها لغة ، وثانيا تعريفها اصطلاحا ، اما ثالثا فنحاول تعريفها قانونا، ونخصص لكل ما تقدم فرعا مستقلا.

الفرع الأول : الشركة القابضة لغة

القبض لغة ، أخذ ، ويقال قبض الشيء أخذه والقبض ضد البسط ويقال أيضاً صار الشيء في قبضتك أي صار ملكك والقبض بالضم ما قبضت عليه من شيء(1). وقد جاء لفظ القبض في القرآن الكريم في آيات عديدة حيث قوله تعالى :-((وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(2). وقوله تعالى في سورة الزمر (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(3). يظهر المعنى في التعريف اللغوي هو معنى للسيطرة والتمكين .

الفرع الثاني : الشركة القابضة اصطلاحاً

لقد طرحت بصدد تعريف الشركة القابضة اصطلاحا تعريفات متعددة سنحاول طرح بعض منها الى جانب التعريف الذي نراه افضل من غيره ملائمة لهذا النوع من الشركات وبما يتلائم مع نظامها القانوني . فتعرف بأنها (( شركة تمتلك أسهماً في عدة شركات أخرى تسمى بالشركات التابعة ( subsidarig) بالقدر الكافي الذي يمكنها من ادارة الشركات التابعة وكيفية تسيير أو إدارة الشركات التابعة))(4). بينما نجد الفقه الفرنسي يضع تعريفاً لمجموع الشركات حيث يقول آن الشركة القابضة (( هي مجموعة شركات منفصلة قانوناً عن بعضها وترتبط في الوقت ذاته كل منها بالأخرى وتعتبر أحدها الشركة الام (societemeve) أو شركة مسيطرة (dominate) لها القدرة في الواقع أو في القانون على فرض وحدة القرار على الشركات أن تستخدم أموالها في شراء أسهم شركات أخرى أوالاكتتاب فيها))(5). فالتعريف المتقدم يعطي صورة مجسمة لتركيب الشركة القابضة وطريقة سيطرة شركة على شركة أخرى. أما الفقه ألا نكلوا أمريكي فيضع تعريفاً لها بأنها (( تلك التي تمتلك السيطرة على شركة نتيجة لتملكها أسهماً في رأسمالها ))(6). وهذا التعريف يوضح بأن عملية بيع وشراء الأسهم قد تحصل فيكون بموجبها للمشتري لتلك الأسهم حق في تلك الشركة. اما من الفقه العراقي فنجد مثلا الأستاذ الدكتور فوزي محمد سامي يذكر بأن هذا النوع من الشركات يرتكز على فكرة وهي (( أن الشركة القابضة هي التي لها السيطرة على شركة أخرى تسمى ((التابعة )) بحيث تستطيع الأولى أن تقرر من يتولى إدارة الشركة التابعة أو أن تؤثر على القرارات التي تتخذها الشركة القابضة في أحكام قبضها على الشركة أو الشركات التابعة ))(7). يتبين لنا إن تعريف الفقه الفرنسي للشركة القابضة، أكثر وضوحا ودقة، من بقية التعريفات.

الفرع الثالث : تعريف الشركة القابضة قانونا

تجدر الإشارة الى ان قانون الشركات العراقي رقم 21 لسنة 1997 لم يتضمن تعريف الشركة القابضة وهو لا يأخذ بهذا النوع من الشركات. ونؤكد ان الشركة القابضة في تكييفها القانوني هي عقد كبقية الشركات، ويعطيها القانون حق السيطرة على غيرها من الشركات ويجعل ذلك من اغراضها الرئيسة. ولقد تضمنت العديد من القوانين الخاصة بالشركات تعريفا للشركة القابضة كما هو الحال في قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 والقانون اللبناني بالمرسوم الاشتراعي رقم 45 لسنة 1983 ، فقانون الشركات الأردني عرف الشركة القابضة في الفقرة (أ) من المادة (202) على انها (( شركة مساهمة عامة تقوم بالسيطرة المالية والإدارية على شركة أو شركات أخرى تدعى الشركات التابعة بواحدة من الطرق الآتية:-
1. تمتلك اكثر من نصف رأس مالها .
2.أن يكون لها سيطرة على تأليف مجلس أدارتها)).

أما القانون اللبناني ووفقاً لما جاء به المرسوم الاشتراعي أذ نصت المادة الخامسة منه على: (( تنشأ الشركات الهولدنغ بشكل شركات مغفلة* ( مساهمة ) وتخضع لأحكام الشركات المغفلة في كل ما لا يتعارض و إحكام هذا المرسوم الاشتراعي ))(8). وتعرف الشركة القابضة بأنها ((هي شركة تسيطر على شركة اخرى عندما تسيطر على اسهم الشركة او شرائها الأسهم وتكون السيطرة خلال التحكم بالتصويت في الشركة الهدف ( التابعه) ))
((A holding company is a corporation that owns the stock of another company. Holding mpanies are created when one company acquires another company by purchasing most or all of the voting stock of the target company.)) (9)

أن الواقع في القرن الحادي والعشرين يعطينا مظهراً جازماً على جميع النوايا فتملك شركة الاستثمار اليوم هو تملك سيطرة وقبض . كما ان القول المتقدم يعطي لنا حقيقة يجب التسليم بها وهي التبعية للمركز المسيطر و آلا خدع المرءُ نفسهُ وهذهِ الحقيقة يذكرها الأستاذ عوني الفخري وبصدد كلامه عن تملك الشركة القابضة من نصف أسهم رأس المال حيث يقول (هذا وأن قلت حصة الشركة الأجنبية أو الوطنية في الشركة موضوع المشاركة عن النسبة التي تجعلها قابضة فأنها مع ذلك تكون قابضة في بعض الأحيان إذا توافرت لها الهيمنة على أدارة تلك الشركة فتكون تابعه لها)(10). أن تملك الأسهم هو ليس الطريق الأوحد للسيطرة فمع قلة تملك الشركة القابضة لأسهم في شركة أخرى قد تكون لها السيطرة على أدارتها، إذا عقد اتفاق مع المساهمين آخرين(11). أن الشركة القابضة هي وسيلة من وسائل تكوين الشركات المتعدية القوميات كما في الاندماج وغيره من وسائل التركز . وقد تكون هذهِ الشركة قابضة وطنية أي أن سيطرتها تكون داخل حدود إقليمها ، على أنها أيضاً تحدث تركزاً (تجمعا) للشركات من عدت جنسيات وفوق إقليم واحد. وهذهِ الشركة في الغالب يكون لها نشاط يمكنها من دخول الهيكلية الإدارية للشركة أو الشركات وفرض إستراتيجية لتخدم أهدافها. ونؤكد ان الاستقلال القانوني للشركة القابضة عن الشركات التابعة بشخصيتها المعنوية هو استقلال في النصوص القانونية فقط ففي حقيقة الأمر أن الشركة التابعة تعتبر جزء من الشركة القابضة ، ونرى ان القانون لم يحدد مفهوم التبعية القانونية بين شركة واخرى وما يترتب عليها من اثار ، بل اصبحت التبعية غير محددة بمفهوم محدد واصبحت يعبر عنها بمجموعة مصالح وعلاقات قانونية (كالمشاركة في ادارة الشركة او الرقابة على الشركة ). من كل ما تقدم يمكننا القول بأن الشركة القابضة ((شركة من شركات الأشخاص أو الأموال ارتبطت قانونيا(*). بنشاط الشركات الأخرى والتي تسمى بعد نشوء هذه العلاقات بالشركات التابعة في الواقع والمستقلة قانونا) أو ورقابة بنشاط الشركات الاخرى والتي تسمى بعد الارتباط بالتابعة في الواقع والمستقلة قانوناً)) . ومن المفيد القول أن وضع شركات الأشخاص وضمن تعريف الشركة القابضة لا يمثل الحالة المثالية لهذهِ الشركة (القابضة) وانما للتعريف بأن الشركة ذات الطابع الخاص لا يوجد حائل من سيطرتها على شركة أو شركات وكونها قابضة وتكون على ان الحالة المثالية لهذهِ الشركة في شكل الشركة المساهمة . من جانب آخر فأن الطرف المقابل من الشركة بصفتها قابضة هو الشركة التابعة وقد أثار تعريفها جدلاً كبيراً في أوساط الفقه القانوني ولكن يتفق الجميع على أن العلاقة بين الشركة التابعة والشركة المتبوعة يجب أن تكون متحققة و كذلك فأن الاختلاف الفقهي لا يقتصر على التعريف بل حتى في الوسائل التي تقيم هذهِ التبعية فجانب يذهب إلى أن التبعية لا تنشأ آلا على أساس تنظيمي وقسم آخر يقول بالأساس العقدي أو في الواقع (DEEFAIT) أثناء حياة الشركة وأساس الجدل هو حداثة هذا المصطلح ومرجع الخلاف الأول هو حداثة تبعية شخص معنوي لشخص أخر(12). وتعرف الشركة التابعة بأنها ((شركة تخضع للسيطرة من قبل شركة اخرى)). وهنالك ثلاث صور لأقامه التبعية بين شركة وأخرى وهي تملك الشركة القابضة لمجموع رأسمال الشركة التابعة وبطبيعة الحال تكون اكثر تبعية من غيرها وتسمى هذه الشركة التابعة بالشركة الوليدة . والصورة الثانية هي تملك أكثر من نصف رأس مال الشركة فتصبح هذهِ تابعة للأخرى ،والصورة الثالثة سيطرة شركة على تشكيل مجلس أداره شركة أخرى(13). من جانب آخر فأن الشركة الوليدة تعتبر طرفا تابعا للشركة القابضة لكنها توأم مختلف، حيث أن التمييز بينهما هو أن الشركة الوليدة التابعة هي تؤسس بمشاركة الشركة القابضة أي أنها تتدخل في فرض سيطرتها من أول لحظات وجودها القانوني. فمن الاحرى القول ان التبعية كانت نتيجة التأسيس وهي أيضاً مع ذلك مستقلة قانوناً عن الشركة القابضة وقد تمارس نشاطاً مختلف عنها وهذا الكلام ينطبق على الشركة التابعة أيضاً التي سيطرت عليها الشركة القابضة . ونقترح اضافة مادة قانونية تعالج مسألة صور السيطرة على الشركات من خلال النص التالي(( يمكن للشركة القابضة السيطرة على الشركات الأخرى وفق ما يلي:_

أ_ امتلاك اكثر من نصف رأسمال الشركة، وتسمى هذه الطريق بالسيطرة المباشرة

ب_ امتلاك اكثر من نصف راس مال (الشركة او الشركات ) عن طريق التعاقد مع المساهمين لضم اصواتهم الى الشركة المتعاقدة في سبيل السيطرة

ج_ سيطرة الشركة القابضة على شركة او شركات عن طريق الاندماج ويكون ذلك وفق ما يلي:-

1_ اندماج شركة تابعة مع شركة اخرى، فيمكن عد الشركة الناتجة عن الأندماج بانها شركة تابعة للشركة القابضة ، اذا ما فرضت الشركة التابعة المندمجة سيطرتها على مجلس ادارة الشركة الناتجة عن الأندماج.

2_ اندماج شركة بشركة اخرى عن طريق الأندماج بالضم وكون الشركة الدامجة شركة تابعة للشركة القابضة ))

______________________

1- ينظر. محمد بن ابي بكر الرازي ، مختار الصحاح ، دار الرسالة ، الكويت ،1982، ص519.

2- سورة البقرة ،اية رقم (245).

3- سورة الزمر آية رقم (67).

4-ينظر د محمود سمير الشرقاوي ، المشروع متعدد القوميات والشركة القابضة كوسيلة لقيامه. بحث منشور في مجلة أداره قضايا الحكومة ، العدد الثاني لسنة 20 (1976) ص314.

5-نقلا عن، د محمد حسين اسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركتها التابعة . جامعة مؤته، ط1، عمان، 1990 ص12.

6- المصدر نفسه ،ص13.

7-ينظر د فوزي محمد سامي ، الشركات التجارية الاحكام العامة والخاصة ،عمان،ط1، مكتبة دار الثقافة ،1999 ص563.

8- انظر قانون الشركات القطري رقم (5لسنة2002 ) المادة (266 ) انظر ايضا قانون الشركات الكويتي رقم(15 لسنة1960 المعدل ) المادة(229) ،ايضا قانون الشركات الأردني (22لسنة1997 ) المادة(204).

* بسب ان شخصية المساهم فيها ليست محل اعتبار وان اسمها يستمد من نشاطها .

-9Charlie Higley. Utility Holding Companies Are Threshing Ratepayers. May 1999 . Public Citizen’s Critical Mass Energy Project

.p 5.

10- ينظر . عوني محمد الفخري ، التنظيم القانوني للشركة متعددة الجنسية والعولمة ، بغداد الطبعة الأولى، منشورات بيت الحكمة، 2002 ، ص5.

11-ينظر د. محمد شوقي شاهين ، الشركات المشتركة طبيعتها وأحكامها في القانون المصري والمقارن ،بدون سنة طبع، ص93.

12-ينظر د محمد شوقي شاهين ، الشركات المشتركة في القانون المصري والمقارن ، مصدر سابق، ص69

13-ينظر د. عوني محمد الفخري ، التنظيم القانوني للشركات المتعددة الجنسية والعولمة، مصدر سابق ،ص69.

المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص18-25.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت