لقد شهد الدستور المصري تطبيق هذا النوع من الاستفتاء طبقاً للمادة (152) منه التي قررت مبدأ هذا الاستفتاء حيث نصت على أن ((لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في المسائل الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا)) . يتضح من هذا النص .

1- ان إجراء هذا الاستفتاء يعتبر حقاً مقتصراً على رئيس الجمهورية فقط قد يجريه أو لا يجريه فهو استفتاء اختياري بالنسبة الى الرئيس .

2- يشترط أن ينصب هذا الاستفتاء على المسائل المهمة المتعلقة بمصالح البلاد العليا .

ولقد انتقدت هذه المادة لكونها لم تحدد ما المقصود بمصالح البلاد العليا بشكل دقيق ، لأن مصالح البلاد العليا هي تعبير يفتقر الى المدلول المحدد حيث ان المسائل المهمة قد تكون خارجية كالانضمام الى معاهدة دولية ، وقد تكون داخلية تمس النظام السياسي في الدولة . لذلك كان من الواجب على المشرع تفسير تعبير المسائل المهمة في اطار نصوص الدستور . ويمكن الاشارة الى أن هذه المادة قد تم تطبيقها مرتين في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات .

التطبيق الأول :- تم في سنة 1974 حيث استفتي الشعب في 15 مايو . أيار عام 1974 على ورقة اكتوبر المقدمة من الرئيس السادات عقب انتصار اكتوبر. تشرين الأول عام 1973 التي جاءت متعلقة بالأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي على العالم كله شرقه وغربه(1). ولقد جاءت موافقة الشعب على هذا الاستفتاء بنسبة 99.95%(2) . والجدول أدناه يوضح نتائج هذا الاستفتاء(3) .

التطبيق الثاني :- تم في سنة 1978 على مبادئ حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي حيث طلب من الشعب التصويت على هذه المبادئ التي جاءت بقرار جمهوري يحمل رقم 214 لسنة 1978 والصادر في 15/5/1978(4) . بسبب ما نسب الى أحزاب المعارضة (حزبي اليسار والوفد) من القيام بأعمال من شانها المساس بالجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وذلك بإلقاء الخطب ونشر المقالات التي تتضمن الهجوم على الحكم والتشكيك في نزاهة المسؤولين(5). ولقد تم الاستفتاء فعلاً في 21 أيار 1978 وتمت الموافقة عليه بنسبة 98.29%(6). . والجدول أدناه يوضح نتائج هذا الاستفتاء(7) .

____________________________________________________

1- لمى علي فرج الظاهري ، مصدر سابق ، ص106 .

2- د. قائد محمد طربوش ، مصدر سابق ، ص101 .
راجع في ذلك :

3- د. محمد قدري حسن ، الاستفتاء في النظام الدستوري المصري ، مصدر سابق ، ص116 .

4- وتلك المبادئ المعروضة للاستفتاء هي :-

(أولاً :- لا يجوز تقلد وظائف الإدارة العليا في الدولة أو القطاع العام ، أو الترشيح لعضوية مجالس إدارة النقابات العامة والمهنية أو الكتابة في الصحف في أية وسيلة من وسائل الاعلام أو في أي عمل من شأنه التأثير في الرأي العام في كل من يثبت أنه يدعو أو يشارك في الدعوة لمبادئ تتنافى مع أحكام الشرائع السماوية أو تعرض بها .

ثانياً :- لا يجوز الانتماء الى الأحزاب السياسية أو ممارسة أي نشاط سياسي :

1-لكل من تسبب في افساد الحياة السياسية قبل ثورة 23 يوليو 1952 سواء أكان ذلك بالاشتراك في تقلد المناصب الوزارية منتمياً الى الأحزاب السياسية أو بالاشتراك في قيادة الأحزاب وإدارتها ، وذلك كله فيما عدا الحزب الوطني والحزب الاشتراكي (مصر الفتاة) .

2-لكل من حكم بإدانته من محكمة الثورة ممن شكلوا مراكز قوى بعد ثورة 23 يوليو 1952 وأحيلوا الى محكمة الثورة في الجناية رقم (1) لسنة 1971. مكتب المدعي العام ، وكذلك كل من حكم بإدانته في إحدى الجرائم الخاصة بالمساس ، بطريقة غير مشروعة ، بالحريات الشخصية للمواطنين أو ايذائهم بدنياً أو معنوياً .

3-لكل من يثبت ضده أنه أتى أفعالاً من شأنها افساد الحياة السياسية في البلاد أو تعريض الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي للخطر . سواء أكان ذلك بالذات أم بالواسطة وسواء أكان ذلك بصورة فردية أم من خلال تنظيم حزبي أم تنظيم معاد لنظام المجتمع . ويعد من قبيل افساد الحياة السياسية وتعريض الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي للخطر نشر أو كتابة أو إذاعة مقالات أو اشاعات كاذبة أو مغرضة يكون من شأنها المساس بالمصالح القومية للدولة أو إشاعة روح الهزيمة أو التحريض على ما يمس السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية.

ثالثاً:- الصحافة هي السلطة الرابعة للشعب ، وهي ملك للشعب وفقاً لأحكام القانون رقم 256 لسنة 1968 ويتعين عليها أن تلتزم بنظام الدولة الاشتراكي الديمقراطي والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية للعمال والفلاحين وكذلك بميثاق الشرف الصحفي .

رابعاً:- يضع مجلس الشعب التشريعات المنفذة لهذا الاستفتاء كما يسن العقوبات المناسبة كل من يخالف هذه المبادئ.

خامساً:- يتولى المدعي الاشتراكي سلطة التحقيق والادعاء بالنسبة الى أي مخالفة للقوانين التي يصدرها مجلس الشعب في هذا الشأن ، وله أن يستعين بمن يرى الاستعانة بهم من أعضاء الهيئات القضائية ، ويكون له في سبيل ذلك كافة الاختصاصات المقررة في سلطات التحقيق وكذلك كافة الاختصاصات المقررة في سلطات التحقيق في قانون الاجراءات الجنائية وعلى المدعي الاشتراكي إذا تبين له ثبوت دلائل جدية أن يقدم تقريراً مسبباً بذلك الى مجلس الشعب .

سادساً :- ينظر مجلس الشعب في أمر من يقدم ضده تقرير من المدعي الاشتراكي وفقاً لأحكام المبادئ السابقة ويكون قرار المجلس بأغلبية أعضائه أما بتأييد قرار المدعي الاشتراكي أو تعديله أو رفضه .

سابعاً:- تطرح هذه المبادئ للاستفتاء الشعبي خلال اسبوع من تاريخ نشرها . راجع في ذلك :

– د. فاروق الكيلاني ، مصدر سابق ، هامش ص ص 35،34 .

5- ونشير الى أن حزب اليسار ، حاول منع إجراء الاستفتاء عن طريق رفع دعوى قضائية مستعجلة طالب فيها بوقف قرار الاستفتاء لأن المبادئ الستة ليست عاجلة ويمكن العقاب على مخالفتها طبقاً لقانون العقوبات وقانون الحريات العامة وقانون الوحدة الوطنية وغيرها من القوانين ولكن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية قضت بتاريخ (22) مايو .أيار 1987 بعدم اختصاصها لنظر الدعوى لأن القضاء العادي يمتنع عليه التصدي لوقف قرار الاستفتاء لأنه يدخل ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية كعمل من أعمال السيادة . راجع في ذلك:

– د. ماجد راغب الحلو ، الاستفتاء الشعبي والشريعة الاسلامية ، مصدر سابق ، ص ص 247،246 .

6- د. قائد محمد طربوش ، مصدر سابق ، ص101 .
راجع في ذلك :

7- د. محمد قدري حسن ، الاستفتاء في النظام الدستوري المصري ، مصدر سابق ، ص116 .

المؤلف : بيداء عبد الجواد العباسي
الكتاب أو المصدر : الاستفتاء الشعبي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .