حقوق الإنسان في اليمن

المواثيق الدولية

انضم اليمن إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان, وهي: “العهدان الدوليان الخاصان بالحقــوق المدنية والسياسية, والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة” (1987), “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (1972), و”اتفاقيـة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (1984)، و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية “(1991), و”اتفاقية حقوق الطفل” (1991). كما انضم إلى “البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل” بشأن بيع الأطفال, واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية (2005).

انضم اليمن كذلك إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني المعنية بحقوق الإنسان وهي: “الاتفاقيتان (87) و(98) المعنيتان بحرية التجمع والمفاوضة الجماعية” (1970, 1969عـلى التوالي), و”الاتفاقيتان (29) و(105) المعنيتان بالقضاء على السخرة والعمل الإجباري”(1969), و”الاتفاقيتان (100) و(111) المعنيتان بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف” (1976, 1969 على التوالي), و”الاتفاقيتان (138) و(182) المعنيتان بمنـع استخدام الأطفال والقاصرين”(2000).

تحفظ اليمن على أحكام بعض الاتفاقيات التي انضم إليها, على النحو التالي:
– العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: إن انضمام اليمن للعهد لا ينطوي على الاعتراف بإسرائيل أو الدخول في أية علاقات معها.
– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”: تحفظ عام بأن انضمامها لا ينطوي على أي اعتراف بإسرائيل. وعلى المادة (22) التي تتعلق بسبل حل النزاعات بين الدول الأطراف بشأن تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها، وترى أنه يلزم موافقة كافة الأطراف ذات الصلة حتى يمكن إحالة أي نزاع إلى محكمة العدل الدولية. وكذا المادتان (17، 18 ف/1) المتعلقان بأحكام انضمام الدول للاتفاقية. حيث ترى أن الأحكام الواردة بهما تحرم عدداً من الدول من إمكانية أن تكون طرفاً في الاتفاقية, وهو ما يعد وضعاً تمييزياً. والمادة (5/ح، 5/د الفقرات 4 ، 6 ، 7)
– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: المادة (29 ف/1), التي تتعلق بطرق حل النزاعات بين الدول الأطراف في الاتفاقية بشأن تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها.

المواثيق الإقليمية

أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية فقد وافق اليمن على “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام”, الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990, وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق. كما وقع على “الميثاق العربي لحقوق الإنسان/المعدل”, الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو/أيار 2004, لكنه لم يصادق عليه شأن معظم الدول العربية.

مؤسسات حقوق الإنسان

يتوافر في اليمن عدد كبير من المنظمات الحكومية والنيابية، وغير الحكومية. فعلى المستوى الحكومي أسست الحكومة لجنة وطنية للمرأة قامت بصياغة إستراتيجية وطنية للمرأة وافقت الحكومة عليها عام 1997، وحددت أهدافها بالسعي نحو جعل المرأة اليمنية قوة اجتماعية فعالة في الأسرة والمجتمع, وحددت توجيهات عامة في مجالات مكافحة الفقر والنهوض بمستوى النساء الفقيرات, وتمكين المرأة من التعليم، ورفع المستوى الصحي للمرأة. كما أسست الحكومة “اللجنة الوطنية العليا لحقوق الإنسان” (1999), وتضم الجهات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بقضايا حقوق الإنسان, أنيط بها وضع السياسات والخطط والبرامج الكفيلة بصيانة حقوق الإنسان، وتعزيز دور الجهات المعنية في معالجة قضايا حقوق الإنسان.
لكن سرعان ما تحولت الحكومة عن صيغة اللجنة الوطنية إلى تأسيس “وزارة لحقوق الإنسان” (2003), أوكل إليها مهمة تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المختصة, واقتراح السياسات والخطط والبرامج الكفيلة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، واقتراح التعديلات اللازمة في نصوص التشريعات الوطنية وتلقي شكاوى المواطنين ومعالجتها, لكن تفيد تصريحات للمسئولين اليمنيين منذ منتصف 2005 بأنه يجري مراجعة صيغة وزارة حقوق الإنسان كآلية للنهوض بحقوق الإنسان مرة أخرى باتجاه تأسيس مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.
وعلى المستوى النيابي، توجد لجنة دائمة بمجلس النواب هي: “لجنة الحقوق والحريات العامة”, وتلعب دوراً مهماً في التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن اختصاصها مراعاة توافق القوانين الوطنية التي يشرعها المجلس مع الالتزامات التي تفرضها الاتفاقيات الدولية, كما تستطيع التحقيق في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والتحري عن أية انتهاكات قد تحدث, ولها صلاحية مساءلة الحكومة واستجوابها عن أي ادعاءات بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.
كما توجد كذلك “لجنة رفع المظالم”، وهي أيضاً إحدى اللجان الدائمة بالمجلس, وتلعب دوراً مهماً في طرح ومناقشة المظالم المتعلقة بحقوق الإنسان, ومن اختصاصاتها مراعاة التحقيق في الشكاوى التي تقدم إليها والتحري عن أية انتهاكات قد تحدث، كما أن لها – كلجنة برلمانية- صلاحية مساءلة الحكومة واستجوابها في أي ادعاء بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.
وتضم الهياكل البرلمانية أيضاً: “لجنة الحقوق والحريات بمجلس الشورى”، ولها دور استشاري في تعزيز حقوق الإنسان ورعاية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.

ترصد دراسة موثقة صادرة في العام 2006، 64 منظمة غير حكومية عاملة في مجال حقوق الإنسان مسجلة في قوائم وزارتي الشئون الاجتماعية والعمل، ووزارة الثقافة والسياحة في “العام 2005” وتتنوع أنشطة هذه المنظمات، ويأتي في صدارتها التدريب والتوعية الجماهيرية بنسبة 16.7%، وحقوق المرأة (التمكين السياسي ومناهضة العنف) بنسبة 16.7%، والطفل والحدث بنسبة 16.7%. يليها الدفاع عن حقوق الإنسان الشاملة بنسبة 5% ثم انتهاكات حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة القانونية بنسبة 3.3% لكل منهما ثم تدريب نشطاء حقوق الإنسان، والدفاع عن سجناء الرأي، والدفاع عن الحريات الصحفية، والدفاع عن المفقودين والمختفين قسرياً، وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الدراسات حول حقوق الإنسان، والتخفيف من الفقر وقضايا التنمية، والإصلاحات التشريعية والقانونية بنسبة 1.7% لكل منها (عبد الباقي شمسان، المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان: دراسة ميدانية، المجلة اليمنية لحقوق الإنسان، وزارة حقوق الإنسان، العدد الأول، 2006،ص ص 59 – 111).

إنجازات على طريق الحكم الرشيد

1- أجريت في سبتمبر/أيلول 2006 الانتخابات الرئاسية، وتقدم للمنافسة على منصب الرئيس خمسة مرشحين هم:الرئيس علي عبد الله صالح، والسادة: فيصل شملان، وفتحي العزب، وياسين عبده سعيد، وأحمد المجيدي، وشهدت إقبالاً على التصويت. وجاءت نتائجها – كما أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات رسمياً في 23 سبتمبر/أيلول 2006 – بفوز الرئيس على عبد الله صالح بولاية رئاسية جديدة بأغلبية 77.17% من أصوات الناخبين، وحصل منافسه (مرشح المعارضة) فيصل بن شملان على 21.82%، بينما تقاسم المرشحون الثلاثة الباقون النسبة الضئيلة المتبقية.
2- في إطار تعزيز السلطة القضائية، أقر البرلمان اليمني تعديلاً على قانون السلطة القضائية يصبح بموجبه رئيس المحكمة الاستئنافية العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد) رئيساً لمجلس القضاء الأعلى. والذي كان يرأسه الرئيس اليمني في مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات الذي ينص عليه الدستور.

الصعوبات والمعيقات

يمكن إيجاز أهم الصعوبات فيما يلي:

1- تشهد البلاد منذ منتصف العام 2004 جولات متقطعة من النزاع العسكري المسلح في محافظة صعدة بين الحكومة وجماعة معارضة سياسية ومذهبية مسلحة بزعامة أسرة الحوثي، بعد فشل وساطات قبلية وحزبية في احتوائها. وتستخدم القوات اليمنية المسلحة الأسلحة الثقيلة والطيران في قمعها، وقد أسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى، واعتقال مئات الأفراد، وتركت هذه الإحداث آثاراً وخيمة على حقوق الإنسان في محافظة صعدة، وأخذت الجولة الأخيرة من القتال، والتي اندلعت في فبراير/شباط 2007 أبعاداً إقليمية ودولية تهدد بتدخلات خارجية في إطار الاحتقانات الدينية والطائفية والمذهبية السائدة في المنطقة.

2- لم تأخذ المرأة اليمنية مكانها في النشاط الاقتصادي بشكل مناسب، ولا تزال مشاركتها في قوة العمل متدنية وتواجه تمييزاً من قبل الرجال، وتعاني الفتاة اليمنية حرماناً كبيراً من التعليم؛ إذ تبلغ نسبة المحرومات من التعليم من الفئة العمرية 6-15 سنة نحو 57%, وتتناقص حصة الإناث من التعليم كلما ارتفع المستوى التعليمي. ورغم ارتفاع نسبة النساء في جداول الانتخابات، فإن التيارات المحافظة تعرقل مشاركتهن في الحياة السياسية.

3- ارتفاع مؤشرات الفساد في البلاد، وتناوله على مستوى المنظمات غير الحكومية والأحزاب والبرلمان، وقد أفضى ارتفاع هذه المؤشرات إلى إقدام البنك الدولي على خفض معوناته لليمن بمقدار 34%, لتصبح 280 مليون دولار عام 2002, بعد أن لاحظ البنك انخفاض المؤشرات الإيجابية في عملية التنمية, وارتفاع مؤشر الفساد.

البرامج المستقبلية

أما بالنسبة للبرامج المستقبلية لتعزيز حقوق الإنسان, فقد تمثل أهمها في الآتي:
1- أعدت وزارة العدل إستراتيجية وطنية لتطوير وتحديث القضاء تهدف إلى تعزيز قدرات القضاء اليمني وتحسين أدائه، وتعزيز ثقة الناس بالأجهزة القضائية وأحكامها, إضافة إلى تطوير المحاكم النوعية المتخصصة وتدريب كوادرها.
2- أحال رئيس الجمهورية إلى الحكومة مشروعي قانون في 6/12/2005 لمكافحة الفساد والمناقصات، لمراجعتها تمهيداً لإحالتهما إلى البرلمان، وينص أولهما على إنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، ويتضمن الثاني تشكيل هيئة فنية عليا للمناقصات والمزايدات خارج الجهاز الحكومي تضم خبراء وأكاديميين متخصصين، وتتكون من عدة لجان متخصصة لضمان الشفافية في إقرار المناقصات والمزايدات والحفاظ على المال العام.
3- طالب رئيس الوزراء “عبد القادر باجمال” في 4/12/2005 الأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة بتخصيص 15% من ترشيحاتهم في الانتخابات النيابية والمحلية المقبلة للمرأة، وأكد على ضرورة تطبيق نظام الحصص الانتخابية بحيث تخصص مستقبلاً نسبة من الدوائر الانتخابية لتنافس النساء فقط إلى حين تحقيق التوازن المطلوب بين الرجل والمرأة.
4- أعلنت الحكومة اليمنية أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يجري تحضيرها للسنوات 2006 – 2010 سوف تركز على تعزيز الإصلاحات الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على النفط، وتحقيق النمو، وإيجاد فرص عمل للتخفيف من الفقر، وتطوير دور فاعل للقطاع الخاص وبناء شراكة مع المحيط الإقليمي والدولي. وتعزيز الإصلاحات الإدارية والمؤسسية للحد من الفساد، وتنفيذ القوانين المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير برامج التدريب حتى تتناسب مع احتياجات سوق العمل.

إصدارات حقوق الإنسان

تصدر في اليمن العديد من التقارير والدراسات والكتب المعنية بحقوق الإنسان، ومنها: إصدارات “ملتقى المرأة للدراسات والتدريب” مثل التقارير التي تتعلق بالعنف ضد المرأة. والكتب التي تتناول قضايا حقوق الإنسان مثل الفقر والبطالة وأطفال الشوارع في اليمن، كما تصدر مجلة بعنوان “حريات وحقوق” (www.wfrt.net). وإصدارات منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان حول “النساء والأحزاب اليمنية”، و”النساء في المجالس المحلية اليمنية، والعنف ضد النساء في قضايا الشرف.