الزواج المبكر للاناث

إن “الزواج المبكر للاناث” يمثل شكلاً من أشكال العنف الموجه ضد المرأة ، حيث تتحمل الفتاة الصغيرة المسئولية عن أنشطة عديدة تترتب على إقامة علاقة زوجية لم يكن لارادتها دخل فى حدوثها ، وهى غير مؤهلة نفسياً أو جسدياً على تحمل تبعات هذه العلاقة . وتعرف اللجنة الافريقية للمارسات الضارة التى تؤثر على المراة و الاطفال الزواج المبكر بأنة أية زيجة تنشا قبل سن 18 سنة أى قبل أن تستعد الفتاة نفسيا و فسيولوجيا و فيزيقيا لتحمل مسئوليات الزواج و الإنجاب
الوضع الراهن للظاهرة وحجمها
من الملاحظ أنة من الصعوبة الحصول على إحصائيات موثوق فيها تماما فيما يخص الزواج المبكر حيث إن أغلب الزيجات لا تسجل وغير رسمية مما يتسبب فى وجود قدر بسيط من المعلومات حول الزيجات تحت 14 سنة
يعتبر الزواج المبكر سمة من سمات المجتمعات الريفية، إذ إن 36% من إجمالى عدد الزوجات فى الأسر الريفية تزوجن فى سن أقل من 16 سنة فى حين تبلغ نسبة الإناث اللاتى تزوجن دون السن القانونية فى الحضر 1.9%.
وأشارت بيانات التعداد العام للسكان إلى أن حوالى 11% من الإناث فى الفئة العمرية (16 – 19 سنة) متزوجات حاليا أو سبق لهم الزواج
كما تشير نتائج الدراسة التى قامت بها وزارة الشئون الاجتماعية الإدارة العامة لشئون المرأة “دراسة تحليلية لظاهرة الزواج المبكر” بأن هناك 4, 14 من إجمالى عينة البحث بمركزى الحوامدية والبدرشين قاموا بتزويج بناتهم مبكراً ، ونحو 3,58 % من جملة هذه المجموعة قاموا بتزويج بناتهم من أزواج غير مصريين ، كما بلغت نسبة من قام بتزويج بناته من زوج مسن نحو 9.6%.
وتشير الدراسات الميدانية فى الريف أن الكثير من الآباء لجأوا لتزويج بناتهم عرفياً واخذوا ايصالات امانة على الزوج حتى تصل البنت للسن القانونى فيعيدوا كتابة وثيقة زواج جديدة ويتخلصوا من العقد العرفى وأكثر من 25% من الفتيات فى الريف يتزوجن بهذه الطريقة للتحايل على نصوص القانون

أسباب الزواج المبكر للإناث: 

ترجع تزايد نسبة الزواج المبكر – خاصة في الريف – إلى عدد من الأسباب منها
• رغبة الريفيين فى الإكثار من الأولاد والتخلص من أعباء الفتاة
• الاسباب الاقتصادية : لا يزال الفقر أحد أهم العوامل التى تقف خلف الزواج المبكر حيث يحصل الوالدان على المال أو الممتلكات العينية كمقابل أو ثمن للعروسة
تعد العوامل الدينية من أهم العوامل فى شيوع الزواج المبكر فى المجتمعات الإسلامية نتيجة انتشار مفاهيم المجتمع القبلى
• الاعراف و التقاليد : والخوف على الشرف والعرض حيث أصبح الزواج المبكر شائعا لأنه يمثل بعض المفاهيم مثل العذرية و الطهارة و السيطرة على غريزة الجنس داخل المرأة ومن ثم فان مبدأ الزواج المبكر هو أفضل طريقة لمنع حدوث أية فضائح قبل الزواج و الحفاظ على العذرية التى هى من اساسيات الزواج فى المفهوم الدينى.
• دعم الروابط الأسرية ورغبة الآباء فى تزويج أولادهم مبكراً لإثبات الرجولة وتأكيد السيطرة.
• بعض الأسر تزوج فتياتها الصغيرات اللاتى لم يبلغن السن القانونية من أزواج أثرياء مصريين أو عرب لديهم القدرة على تلبية الشروط التى تضعها أسرة الفتاة على الزوج

أضرار الزواج المبكر: 

• – ارتفاع حالات الطلاق نتيجة لعدم التوافق الزواجي
• – حرمان الفتيات من حقوقهن فى اختيار أزواجهن
• – وضع الفتاة فى موقف المسئولية الاجتماعية قبل بلوغ مرحلة النضج
• – متاعب صحية للأم نتيجة الحمل والولادة المتكررة.
• – زيادة العمر الإنجابي للمرأه مما يتسبب في زيادة عدد مرات الإنجاب ويؤدي إلى تدهور صحتها وصحة أطفالها
• الاثار السلبية على الصحة الجنسية
• الاثار السلبية على الصحة الإنجابية حيث يرتبط وزن المولود بمدى نضج الأم و مدى خبرتها
• تشويه الأعضاء الجنسية
• وفيات الأمهات
• وفيات الأطفال
• تدهور الصحة النفسية للمرأة
تزايد نسب التسرب من التعليم حيث تخرج البنت مبكرا من التعليم لتتزوج
• زيادة نسبة الأرامل صغيرات السن
• سوء المعاملة وإهانة النساء والفتيات وتدهور أوضاعهن الإنسانية 0
الحماية القانونية المتوافرة
القانون المصري
نصت المادة 227 ع يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد علي ثلاثمائة جنيه كل من أبدي أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة ….. ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد علي 500 جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون .
حيث إن عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية بين المتعاقدين فنجد ان المشرع أورد قيودا لإلزام الأفراد باحترام سن الزواج . إلا أن القانون يسير في اتجاه وحال الواقع يسير في غير هذا الاتجاه فهناك زيجات كثيرة تتم يكون فيها سن الزوجة أقل من 16 عاما وذلك بسبب التلاعب إما بالشهادات الإدارية أو بشهادة التسنين من مكتب الصحة حيث بلغت نسبة 18.2 % من النساء المتزوجات في مصر تزوجن لأول مرة أقل من 16 سنة وتلك الظاهرة تنتشر في الريف والأماكن الشعبية ويحدث ذلك عادة للتخلص من البنت التي ينظر لها كعبء يثقل كاهل أسرتها سواء اقتصاديا أو اجتماعيا
ومؤخرا أصدر مجلس الشعب قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 والذي تناول عددا من القضايا المهمة منها تجريم توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما
• القانون الدولى والمعاهدات الدولية:
تعد ممارسة الزواج المبكر نوعا من التمييز ضد الاطفال و لقد وضعت العديد من المعاهدات مثل معاهدة الموافقة فى الزواج و الحد الادنى للزواج و تسجيل الزيجات
حيث تنص المادة 101 منها على ( لا يعترف بأى زواج دون الموافقة الحرة و الكاملة لكلا الطرفين)0
كما تنص المادة 2 منها على ( وضع سن أدنى للزواج و لا يعترف قانونا بأى زواج تحت هذا السن )0 بينما نصت معاهدة كايدو فى المادة 162 و التى تنص على ( خطبة و زواج الأطفال ليس لها أساس قانونى و على ذلك فيجب اتخاذ اللازم من تشريعات لتحديد سن ادنى للزواج وجعل تسجيل الزيجات اجباريا )

بينما اكدت نصوص الميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل على تحريم زواج البنات حيث ذكرت المادة 21 على (تحريم زواج الأطفال و خطبة الأولاد والبنات قبل سن 18 سنة)
إن من أكثر أسباب الزواج المبكر للفتيات إيلاما هو تزويجها لأسباب اقتصادية فهو يمثل قمة الاستهانة بآدمية المرأة والتعامل معها كسلعة لتحقيق الاستفادة الاقتصادية.

إنه لأمر محزن أن يستغلنا أقرب الناس إلينا ولكن المحزن أكثر هو أن يحدث هدا الاستغلال بلا أي احساس بالذنب من جانب الظالم فالتنشئة الاجتماعية والثقافية المجتمعية السائدة تعطي الرجل الحق في التصرف في المرأة – على اختلاف أدوارها زوجة، إبنه وحتى الأم أحيانا – كيفما شاء بلا أي لوم ولأسباب ظالمة كثيرة تنبع كلها من كونها أنثى فهي عبء مادي واجتماعي يجب سرعة التخلص منه إما بالتجارة بها وتزويجها وهي طفلة للاستفادة من العائد المادي والخلاص من العبء الإجتماعي والمادي في نفس الوقت أو تزويجها لمجرد التخلص من العبء الاجتماعي والمادي.
ومن هنا تظهر أهمية وجود القانون لحماية الطفلة الأنثى كما تظهر أهمية متابعة تنفيذ هدا القانون بشكل حقيقي وواقعي حتى نتمكن من تفادي الفجوة بين القانون والتطبيق وهي قائمة ويدعمها المجتمع الذكوري الذى ينظر للمرأة نظرة متدنية ويعتبرها ككائن لا حقوق له بل هي ملكية خاصة للرجل يتصرف بها كيف يشاء فيجب أن تتحمل وتؤمر فتطاع تتزوج صغيرة لتحقق لأسرتها- وهو أقرب الناس إليها- أغراضها المختلفة – والتي لا تمت بصلة للرغبة في إسعادها – وليس من حقها أن تعترض أو تتذمر.
والمركز يطالب مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الحكومية المختلفة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأسر فى الريف لوقف ايذاء النساء وتزويجهم المبكر وتغليظ العقوبات لمن يشارك فى مثل هذه الجرائم حرصاً على حياة وصحة نصف الحاضر وكل المستقبل .