مقال قانوني حول الحماية القانونية للأعمال المعمارية

مقال حول: مقال قانوني حول الحماية القانونية للأعمال المعمارية

الحماية القانونية للاعمال المعمارية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

نزولا عند رغبة بعض المشرفين فساحاول جاهدة عدم المشاركة الا في المواضيع القانونية

وقد بحثت جاهدة عن موضوع يفيد الجميع وبنفس الوقت لا يدري عنه الاعضاء
واستفدت من كون الوالد مهندس معماري

واليكم التالي

ينظر العامة إلى الأبنية والإنشاءات على أنها مجرد أماكن لإيواء الناس ولتسهيل أمور معاشهم وتنقلاتهم، غير أن الأمر بالنسبة لذوي الاختصاص، أصحاب الذوق العالي والحس الفني المرهف والرفيع مختلفٌ جداً، فالأبنية بالنسبة لهم هي قطعٌ فنية وإبداعات يستمتعون بالنظر إليها، كما يفعلون عند النظر إلى أي لوحةٍ أو تحفةٍ فنية. والفنادق الضخمة الحديثة في مدينة دبي مثالٌ على ذلك، فهذه الفنادق تتقاضى من أولئك الراغبين بالدخول إليها من أجل الرؤية، وليس للإقامة، رسوم دخولٍ لا تشمل شيئاً من الخدمات سوى حق الدخول. كما ويلاحظ أي واحدٍ منا أن المدن التي يوجد فيها عددٌ من الأبنية ذات التصميم المميز، تستقطب أعداداً كبيرةً من السياح والزوار.

إنَّ المهندسين المعماريين الذين بذلوا السنين الطوال في دراسة هذا العلم، والليالي والساعات الطويلة في سبيل إنجاز تصميمٍ لبناء معين ومن ثم تنفيذه على أرض الواقع، لا بد من أن يحميهم القانون من أن يأتي بعض أولئك المتطفلين المعتدين الذين قد يسرقون تصاميمهم وإبداعاتهم، ليقوموا بإخراج أبنيةٍ مطابقةٍ أو مشابهةٍ لأعمالهم. فهل يقدِّم لهم القانون هذه الحماية؟

يستطيع المعماريون حماية أعمالهم من الاعتداء عليها، من خلال قانونين اثنين، أولاهما هو قانون حماية حق المؤلف، والآخر هو قانون العلامات التجارية، وسنتحدث في هذه المقالة عن الحماية وفقاً لقانون حماية حق المؤلف تاركين الحماية وفقاً لقانون العلامات التجارية إلى مقالٍ آخر. لا بد لنا في البداية من أن نعطي لمحةً موجزة عن حق المؤلف، ومن ثم ننتقل بعد إلى حماية الأعمال المعمارية.

مفهوم حق المؤلف:
يعتبر حق المؤلف واحداً من حقوق الملكية الفكرية، تلك الحقوق التي تحمي إنتاج الفكر البشري، والذي يعتبر في الغالب من الأحيان أعظم قيمةً ونفعاً من الإنتاج المادي، إذ أنه الأساس الذي يقوم عليه ذلك النتاج المادي. وحق المؤلف يحمي المصنفات الأدبية والفنية، ونقصد بكلمة مصنف قانوناً، ذلك الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أو علمياً أو فنياً مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه. ويستفاد قانوناً من عبارة أن حق المؤلف يحمي المصنفات، بأنَّ الفكرة في حد ذاتها غير محمية بموجب حق المؤلف، وإنما الذي يمكن حمايته هو التعبير عن هذه الفكرة، والذي يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة.
الأعمال المعمارية:
ما الذي نقصده بكلمة الأعمال المعمارية؟ إن هذه الكلمة تشمل التصاميم والرسومات والمخططات والنماذج التي يضعها المهندسون المعماريون، كما أنها تشمل أيضاً الأبنية ذاتها، والتي تنفذ بناء على تلك التصاميم والمخططات والنماذج.

تعتبر الأعمال المعمارية أعمالاً من إنتاج الفكر بكل تأكيد، ولا بد من مكافئة أولئك المهندسين الذين قاموا بصنعها وإبداعها، ومعاقبة الذين يحاولون سرقتها والاعتداء عليها. كما أن هذه الأعمال تعتبر أيضاً أعمالاً فنية، ولا بد من أن تكون مشمولةً بالحماية قانوناً، وبالفعل فقد نصت المادة الثالثة من قانون حق المؤلف السوري على ذلك، حيث جاء فيها:
((تتمتع جميع المصنفات بالحماية وفق أحكام هذا القانون، وتشمل الحماية بصفةٍ خاصة ما يلي: ………
د- مصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو بالعلوم.))

إذا عدنا إلى صياغة هذه المادة لوجدنا أن القانون يحمي التصاميم والمخططات المعمارية فقط، ولا يحمي الأبنية بحد ذاتها، إذ لم ترد الإشارة إليها. أي أن القانون يمنع أي شخصٍ من أن يقوم بنسخ التصاميم والمخططات المعمارية التي قام أحد المهندسين بوضعها، غير أنه إذا جاء أحد الأشخاص وقام بالنظر إلى بناء من الأبنية، وحاول من خلال ذلك محاكاة البناء، أخذ قياساته، ومن ثم وضع تصاميم يستند إليها في إنشاء بناء آخر مشابه له، فإن القانون لا يمنعه من ذلك، طالما أنه لم يعتد على التصاميم والمخططات التي وضعها المهندس الأول.

في الحقيقة إن هذا الموضوع كان محل نقاشٍ وجدلٍ قانوني طويل، ففي الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال، وحتى عام 1990 لم يكن المشرع يعتبر الأبنية مشمولةً بالحماية وفقاً لقانون حماية حق المؤلف، وقد استند الفقهاء في تبريرهم لهذا التوجه حينها إلى سببين اثنتين. أولاهما، هو أن قانون حق المؤلف يحمي التعبير عن الفكرة، وليس الفكرة ذاتها كما قدمنا، وبالتالي فإن المهندس المعمار يستحق حماية التعبير عن فكرته والمتجسدة في التصاميم والمخططات، أما البناء فهو الفكرة ذاتها التي تم التعبير عنها من خلال المخططات، ولا يستحق بالتالي حماية القانون. أما السبب الآخر فهو أن الأبنية هي أماكن يعيش فيها الناس ويعملون، وهم محتاجون إليها وتعتبر ضرورةً من ضرورات حياتهم، ولا يمكننا بالتالي منعهم من إنشائها لحماية حق المهندس الذي قام بتصميمها. وفي عام 1990، صدر في الولايات المتحدة قانون حماية حق مؤلفي الأعمال المعمارية، حيث عرَّف هذا القانون الأعمال المعمارية بأنها: ((تصميم البناء المتجسد في أي وسطٍ مادي للتعبير، شاملاً ذلك: البناء ذاته، المخططات المعمارية أو الرسومات.))

انضمت الجمهورية العربية السورية في الرابع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2003 إلى اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية المؤرخة في 9 أيلول عام 1886، والتي تم تعديلها آخر مرة في 28 أيلول عام 1979، وتنص المادة الثانية من هذه الاتفاقية على أنه: ((تشمل عبارة (المصنفات الأدبية والفنية) كل إنتاج في المجال الأدبي والعلمي والفني أياً كانت طريقة أو شكل التعبير عنه مثل……. والمصنفات الخاصة بالرسم وبالتصوير بالخطوط أو بالألوان وبالعمارة وبالحفر وبالطباعة على الحجر…والتصميمات والرسومات التخطيطية والمصنفات المجسمة المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العمارة أو العلوم.)) وبالتالي نجد أن الاتفاقية قد منحت الحماية للأعمال المعمارية المتجسدة في المصنفات المجسمة، أي في الأبنية، وليس فقط في التصميمات والرسومات. وحيث أن نصوص هذه الاتفاقية الدولية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قانوننا الوطني بعد انضمام سوريا إليها، فإن المعماريون يستطيعون الاستناد إلى أحكامها لحماية أعمالهم وإبداعاتهم.

يشترط القانون في العمل المعماري لكي يكون محمياً أن يكون أصلياً، ولا نقصد بكلمة أصلي مجرد الجدة أو الناحية الجمالية أو الفنية في العمل، وإنما أن يكون محتوياً على شيءٍ من الإبداع، بمعنى أن المؤلف قام بابتكاره مستقلاً ومن دون نسخ أو تقليد عملٍ موجودٍ مسبقاً، كما ويشترط أيضاً فضلاً عن الأصالة، أن لا تكون العناصر الأصلية والإبداعية ضروريةً، بمعنى أنها تحقق وظيفةً معينة ضرورية في البناء، فإذا توافرت هذه الشروط وكان العمل أصلياً وغير وظيفي بالمعنى المطلق، فإن العمل يكون حينها محمياً بموجب قانون حماية حق المؤلف.

تشمل الحماية تصميم البناء ككل بالإضافة إلى العناصر الفردية المميزة فيه. أما العناصر الفردية التقليدية والتي توضع في التصميم بسبب الوظيفة التي تؤديها، كالنوافذ والأبواب، فهي غير محمية. غير أن عملية جمع هذه العناصر التقليدية وترتيبها وترك مسافاتٍ معينةً فيما بينها بأسلوبٍ يعطي للبناء شكلاً مميزاً، يجعلها محميةً بموجب حق المؤلف.

ملكية الأعمال المعمارية:
إن المالك للأعمال المعمارية هو ذلك الشخص الذي قام بوضعها وإبداعها بكل تأكيد. ولا بد من التمييز بين ملكية البناء، وملكية حق المؤلف على البناء، فالمفهومان مختلفان تماماً، حيث أن مالك البناء هو ذلك الذي يملك مواده وأنقاضه، أما مالك حق المؤلف على البناء، فهو المهندس الذي قام بوضع تصميمه.
يمنح القانون الحماية للأعمال المعمارية تلقائياً، بمعنى أن مالكها لا يحتاج للقيام بأي شيءٍ من أجل الحصول على هذه الحماية، فهو لا يحتاج إلى تسجيلها في سجلٍ معين، كما ولا يشترط أن يضع عليها أي علامةٍ أو تحذيرٍ يشير إلى أنها مشمولة بالحماية. غير أن التأشير على هذه الأعمال أمام دائرةٍ رسمية، كنقابة المهندسين مثلاً أو المحافظة أو البلدية، يساعد المهندس المالك لها على إثبات أسبقية قيامه بإنشائها، في حال حدوث نزاعٍ بينه وبين أي شخصٍ آخر ينازعه في ملكيته لها.

كما ويستطيع المهندس أيضاً أن يودع هذه الأعمال لدى دائرة حماية حق المؤلف في وزارة الثقافة، ليثبت ملكيته لها، فالتأشير أو الإيداع هو دليلٌ على الملكية، وليس منشئاً لها. ومن أجل حماية التصاميم المتجسدة في الأبنية لا بد من أن يأخذ صاحب حق المؤلف صوراً لهذه الأبنية، ليقوم بتسجيلها وإيداعها مع التصاميم والرسومات. ويترتب على هذه العملية دفع رسومٍ معينة على عملية التسجيل.

حقوق مؤلف الأعمال المعمارية:
يمنح القانون المالك لحق المؤلف على الأعمال المعمارية الحقوق التالية:
– يستطيع المؤلف للتصاميم المعمارية وحده أن يقرر فيما إذا كان يرغب بنشر هذه التصاميم أو بتنفيذ البناء استناداً إليها. كما ويعود إليه وحده توزيع هذه الأعمال.
– كما ويستطيع أيضاً أن يمنع أي شخصٍ من نسخ هذه التصاميم، ومن محاولة تقليدها أو محاولة محاكاة البناء الذي نُفِّذ استناداً إليها، في سبيل وضع تصاميمٍ تستند إليه أو إنشاء أبنية أخرى شبيهةٍ به. ولا يستطيع أي شخصٍ القيام بأي مما سبق ما لم يحصل على إذن كتابي مسبق من المالك.
– ويستطيع المؤلف أيضاً إدخال ما يرى من التعديل والتحوير على تصاميمه ومخططاته ونماذجه المعمارية، ولا يجوز لغيره أن يمارس ذلك إلا بإذن كتابيٍ منه أو ممن يخلفه.
يستمر المالك للأعمال المعمارية متمتعاً بالحماية القانونية طوال حياته وحتى خمسين سنة من وفاته، أي أن ممارسة الحقوق المذكورة أعلاه تنتقل بعد وفاته إلى ورثته.

الاعتداء على حق المؤلف المعماري:
تتم عملية الاعتداء على حق المؤلف المعماري بالقيام بواحدٍ من الأعمال التالية:
– النسخ غير المشروع للعمل المحمي.
– إعداد عمل معماري جديد محوَّر ومعدَّل عن العمل محمي.
– التوزيع غير المشروع لنسخٍ من العمل المحمي.
وتقرر المحكمة فيما إذا كان هناك اعتداءٌ من عدمه، من خلال المقارنة في المظهر بين النسخة الأصلية للعمل المعماري وتلك المقلدة، كما وتنظر أيضاً إلى أي أدلةٍ تثبت فيما إذا كان المتهم بالاعتداء على النسخة الأصلية للعمل المعماري يستطيع الوصول إليها، لتصل من خلال ذلك إلى قناعة بقيامه بتقليد العمل. وتستعين المحكمة في سبيل ذلك بخبير فني أو عددٍ من الخبراء، يكونون بطبيعة الحال من المهندسين المعماريين.

الجزاءات المترتبة على أعمال الاعتداء:
إن الحماية التي يمنحها القانون للأعمال المعمارية تنقسم إلى نوعين، الحماية المدنية والحماية الجزائية. فالحماية المدنية تعطي المؤلف المعماري الحق في مطالبة من يعتدي على أيِّ من حقوقه بالتوقف عن الاستمرار بهذا الاعتداء، أي بالتوقف عن نسخ العمل المعماري المحمي أو التوقف عن توزيعه ونشره. كما أن هذه الحماية تعطيه الحق بالتعويض المادي المناسب، ويشمل هذا التعويض الضرر الحاصل والربح الفائت. والضرر الحاصل يشمل تكلفة التصاميم، كما ويشمل أيضاً الضرر المعنوي الذي أصاب سمعة المهندس من جراء الاعتداء على عمله.

أما الربح الفائت فيعطي الحق للمهندس بأن يطالب المعتدي بجميع الأرباح التي حققها نتيجة قيامه بإنشاء البناء مستنداً إلى تصاميمه أو مخططاته أو رسوماته أو الأبنية القائمة بالاستناد إليها. ففي أحد القضايا التي عرضت على القضاء في الولايات المتحدة الأميركية، قام أحد المتعهدين ببناء أربعة عشر منزلاً مستنداً إلى نسخة غير مشروعةٍ من تصميمٍ قام بوضعه أحد المهندسين المعماريين.

حكمت المحكمة بإلزام المتعهد بأن يدفع للمهندس كامل الأرباح الصافية التي حققها من بيع تلك المنازل، والتي بلغت خمسة ملايين وتسعمائة ألف دولار أميركي. إن الأرباح التي يستطيع المعتدي أن يطالب بها هي تلك الأرباح العائدة إلى التصاميم المستخدمة بدون وجه حق. وبالتالي، فقد يدفع المعتدي على حق المؤلف المعماري بوجه دعوى الاعتداء المقدمة ضده محتجاً بأن الأرباح التي حققها لا تعود إلى تصاميم المهندس المعماري، وإنما هي ناتجة نتيجة مكان البناء أو المنطقة التي يقع فيها مثلاً. فإذا نجح هذا المعتدي في دفوعه، فإنه يقلل حينها من مبلغ التعويض الذي قد يحكم به القاضي لصالح المهندس.

غير أن المعتدي لا يستطيع أن يدعي حسن نيته وعدم علمه بكون عمل المهندس المعماري محمياً بحق المؤلف، إذ أن الحماية كما قدمنا تلقائية، كما أن سوء النية ليست عنصراً من عناصر دعوى الاعتداء على حق المؤلف، فالاعتداء يقع ولو لم يكن المعتدي عالماً بطبيعة فعله.

أما بالنسبة للحماية الجزائية، فقد نص قانون حماية حق المؤلف على أنه يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبغرامةٍ لا تقل عن مائة ألف ليرة سورية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أيِّ حقٍ من الحقوق المحمية بموجب هذا القانون، وكل من نسب لنفسه مصنفاً أو عملاً معمارياً ليس من تأليفه. ونصَّ القانون أيضاً على مضاعفة هذه العقوبة في حال قيام المعتدي على حق المؤلف المعماري بتكرار جريمته.

وبالإضافة إلى أساليب الحماية المذكورة سابقاً، فقد منح القانون أيضاً المؤلف المعماري وسائل أخرى تحفظ له حقوقه من الاعتداء عليها، فالمحكمة الناظرة بالدعوى المقامة من قبل المؤلف ضد أولئك المعتدين على حقوقه، تستطيع أن تأمر بناءً على طلب المؤلف بإتلاف نسخ وصور الأعمال المعمارية التي تم صنعها بطريقٍ غير مشروع. غير أنه إذا كانت المحكمة تستطيع إتلاف الرسوم والتصاميم والمخططات المعمارية، فإن الأمر بالنسبة للأبنية مختلف، فالقانون لم يجز بأي حالٍ أن يقضى بإتلاف المباني أو مصادرتها بقصد المحافظة على حقوق المؤلف المعماري الذي استعملت تصميماته ورسومه بوجهٍ غير مشروع، أي أن المؤلف لا يستطيع أن يطلب هدم البناء أو المنع من إتمامه فيما إذا كان المعتدي قد بدأ بالتنفيذ، ويقتصر حق المؤلف حينها بالحصول على التعويضات المالية. والهدف من ذلك هو حماية المظهر العام للمدينة، وعدم إيقاف أعمال البناء لمدة طويلة لحين البت بنتيجة النزاع.

وفضلاً عما سبق فإن القانون قد أجاء للمحكمة أن تقضي بإغلاق المنشآت التي استغلها المخالفون أو شركاؤهم في ارتكاب فعلهم لمدة معينة أو نهائياً، أي أن تغلق المكاتب الهندسية التي تمت فيها أعمال الاعتداء، ويجوز لها أخيراً أن تأمر بنشر الحكم في صحيفةٍ واحدةٍ أو أكثر على نفقة المحكوم.

الاستثناءات التي ترد على حق المؤلف:
إن الحقوق التي منحها القانون للمؤلف المعماري هي حقوقٌ حصرية، فلا يستطيع الغير أن يقوم بأي من الأعمال المشمولة بهذه الحقوق ما لم يستحصل على إذن المؤلف. غير أن القانون، توفيقاً منه بين الصالح العام والخاص، نصَّ على استثناءات لحقوق المؤلف المعماري تتيح للأغيار من الناس القيام ببعض الأعمال دون الحصول على موافقة المؤلف. فقد نصَّ القانون على اعتبار عملية استنساخ الأعمال المعمارية لعرضها سينمائياً أو تلفزيونياً وإبلاغها للجمهور، مشروعةً دون الحصول على موافقة المؤلف، إذا كانت هذه الأعمال موجودةً بصفةٍ دائمةٍ في مكان عام، أو لا تحتل في البرنامج سوى مكانةٍ ثانويةٍ أو عرضية بالنسبة للموضوع الرئيسي. وبدون هذا الاستثناء سيكون المصورون، منتجو الأفلام السينمائية والتلفزيونية والفنانون، وحتى السياح الذين يلتقطون صوراً لهم ولأفراد عائلتهم أمام أحد الأبنية، معتدين على حقوق المؤلف المعماري في كل مرةٍ يأخذون فيها صورةً للبناء المحمي بحق المؤلف.

والسبب وراء هذا الاستثناء يعود إلى حق الناس جميعاً بالاستمتاع بهذه الأعمال الفنية بعد أن قام مؤلفها بوضعها في مكان عام يستطيع الجميع أن يروها فيه، ولا بد من أن يمتد أثر هذا الاستمتاع ليشمل حق الناس في التقاط صورٍ وأفلامٍ لهذه الأبنية.
أما الاستثناء الآخر، الموجود في عديد من قوانين العالم، وغير الموجود في القانون السوري، فهو يمنح لمالك البناء المحتوي على العمل المعماري الحق في تعديل أو هدم ذلك البناء من دون الحاجة إلى الحصول على موافقة المهندس المؤلف للعمل المعماري، استثناء من النص القانوني الذي يعطي للمؤلف وحده الحق في إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه، ولا يجيز لغيره ممارسة ذلك إلا بإذن كتابي منه. والهدف من هذا الاستثناء هو السماح لمالك البناء بتعديل العمل المعماري وفقاً لاحتياجاته الحالية أو المستقبلية، دون وضعه تحت رحمة المهندس المعماري الذي وضع التصميم. إن هذا الاستثناء ضروريٌ جداً، فمع عدم وجوده قد تصبح أبنيتنا ومدنا قديمةً جداً، وغير مواكبة لتغير الأزمان، وتبقى عملية تجديدها رهناً بموافقة مؤلف العمل المعماري.

إنَّ التعديلات التي دخلت على قانون حق المؤلف لدينا مؤخراً، لتنص على حماية حق المهندس المعماري على أعماله المعمارية كانت ضروريةً جداً، إذ أن عدم وجود هذه الحماية يغفل النظر إلى المهندس المعماري على أنه فنان مبدع تستحق إبداعاته الحماية، لينظر إليه على أنه مجرد شخص يقوم بإنشاء أبنيةٍ يسكن الناس فيها، كما أن هذه النظرة تشير إلى عدم وجود ذلك التقدير الكافي للأعمال المعمارية في المجتمع، وعدم اعتبارها أعمالاً وإبداعات فنية، لا تخدم ساكنيها ومستخدميها فقط، وإنما تخدم وتفيد المجتمع ككل، من خلال تجميل وتحسين المدن ورفع مكانتها. فالعمارة تلعب في المجتمع عدداً من الأدوار وتحقق عدداً من المنافع التي تبرر حمايتها، كما جاء في تقرير الكونغرس حول أسباب صدور قانون حماية حق مؤلفي الأعمال المعمارية الصادر عام 1990، والذي جاء فيه: ((تلعب العمارة دوراً هاماً جداً في حياتنا اليومية، ليس فقط كملجأ أو كاستثمار رابح، وإنما أيضاً كعملٍ فني. فهي عمل فني يؤدي غاية عامةً واجتماعية، وإن حماية الأعمال المعمارية ستؤدي إلى ظهور تصاميمٍ ممتازة، مما سيغني بيئتنا العامة، ويحقق أهداف الدستور)).

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.