مقال قانوني حول التفضيل بين إبقاء الشركة خاصة أم تحويلها إلى شركة مساهمة عامة

مقال حول: مقال قانوني حول التفضيل بين إبقاء الشركة خاصة أم تحويلها إلى شركة مساهمة عامة

إبقاء الشركة خاصة أم تحويلها إلى شركة مساهمة عامة افضل؟

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

إن الاختيار بين تحويل الشركة الخاصة إلى شركة مساهمة عامة من خلال طرح أسهمها في سوق الأسهم المحلية أو إبقائها ذات ملكية خاصة ليس خياراً سهلاً. ويتم اتخاذ مثل هذا القرار بناء على تقويم المزايا الإضافية التي ترافق عملية الإدراج مقابل تعرض الشركة لمزيد من الرقابة وإرتفاع كلفة الإفصاح المالي المطلوب من الشركات المساهمة العامة بالإضافة إلى فقدان سيطرة الإدارة على الشركة لمصلحة مساهمين جدد يصعب اختيارهم إذ جاءوا عن طريق الإكتتاب العام.
ويكمن الدافع الرئيسي وراء تحويل الشركة الخاصة إلى شركة مساهمة عامة الرغبة في الحصول على مصادر تمويل خارجية بهدف التوسع، حيث ستتمكن الشركة المصدرة للأسهم من رفع رأس مالها، وسيسهل عملية الاقتراض من المصارف التي عادة ما تكون أكثر رغبة في تقديم القروض إلى شركات مدرجة تتميز بالإفصاح المالي وبالشفافية المطلوبة.

تُعتبر سوق الإصدار الأولية خياراً عملياً للشركات التي ترغب في زيادة رأس مالها، فبدلاً من أن تكون الشركة ذات ملكية خاصة بالكامل، ستؤدي عملية طرح عام أولي للأسهم في السوق المحلية إلى دخول مستثمرين جدد يشاركون في الملكية من دون أن تفقد هذه الشركة هويتها أو أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى تغيير إدارتها. كما سيسمح رأس المال الإضافي الذي ستحصل عليه الشركة عن طريق الطرح العام للأسهم بتقليل اعتمادها على المصارف وعلى مصادر أموالها الذاتية للحصول على احتياجاتها التمويلية وسيساعدها المحافظة على المعدلات المثلى لنسبة الدين إلى حقوق المساهمين.

ولا تعتبر الزيادة في رأس المال المتاح الميزة الوحيدة المصاحبة لعملية تحويل الشركة الخاصة إلى شركة عامة، فهناك أيضاً ميزة خضوعها إلى نظم حوكمة سليمة والتوجه الى المزيد من الشفافية في الإفصاح المالي كما يُطلب عادة من الشركات العامة المدرجة في أسواق الأسهم. أضف إلى ذلك أن الشركات العامة غالباً ما تستعين بإدارة ذات خبرة واحتراف بدلاً من ترك الشركة بين أيدي كبار المالكين.

ولا تزال فكرة طرح أسهم شركة عائلية ناجحة أو شركة خاصة للاكتتاب الأولي في السوق المالية (IPO) غير مقبولة بشكل عام في المنطقة العربية، وينظر إليها على أنها اعتراف بأن الشركة المصدرة للأسهم لا بد أنها تمر بصعوبات مالية وبأن العائلة التي تملك الشركة أصبحت غير قادرة على إدارتها ولم يعد أمامها من حل سوى طرح جزء منها للبيع. كما أن طرح الشركة للاكتتاب العام يثير المخاوف المتعلقة بالإفصاح والسيطرة، إذ يخشى أن متطلبات عملية الإدراج في سوق الأسهم قد تكشف ثروات شخصية لمالكي الشركة كانت حتى ذلك الحين غير مفصح عنها.

وهناك مصدر قلق آخر ألا وهو أن بيع الشركة العائلية لمستثمرين غير معروفين قد يُفقدها هويتها وقيمتها الأساسية التي طالما عملت العائلة على الحفاظ عليها. وهناك خشية من أن يقوم منافس قديم أو شركة عملاقة، محلية أو دولية، بالاستحواذ على الشركة العائلية عن طريق شراء باقي أسهمها في السوق ومحو كل ما له صلة بالعائلة التي أسست الشركة.

في الغالب يكون الهدف الرئيسي المعلن للشركات العامة المدرجة في أسواق الأسهم هو تعظيم العائد على حقوق المساهمين، أما في الشركات العائلية فهناك أهداف أخرى تسعى إدارة هذه الشركات إلى تحقيقها، وتشمل على سبيل المثال تحقيق رؤية الأب المؤسس لهذه الشركة، أو الحفاظ على الوظائف القيادية في الشركة لأفراد الأسرة والابتعاد قدر الإمكان عن الأعمال التي تستدعي الكثير من الإفصاح والشفافية المالية والدخول في أعمال جديدة تحقق طموحات وتطلعات أبناء العائلة.

وهناك شعور سائد لدى القائمين على هذه الشركات أن مهمتهم هي الحفاظ على الشركة وتعزيز قدراتها وربحيتها كي تكون بحالة أفضل عندما يتم تسليمها إلى الجيل الجديد من الأبناء والأحفاد. وفي الغالب تكون إدارة الشركة العائلية ذات طبيعة محافظة تعتمد بشكل أكثر على التمويل من مصادر أموالها الذاتية منه على الاقتراض من المصارف، وتعمل ضمن خطة زمنية أطول لتحقيق الربح بدلاً من التركيز على النتائج الفصلية أو النصف سنوية التي تستهدفها الشركات العامة.
وأدى غياب رأس المال المخاطر في الماضي إلى تشجيع الشركات الخاصة بالتحول إلى شركات مساهمة عامة بهدف الحصول على تمويل رأسمالي. ولجأت المصارف والشركات الصناعية والخدماتية إلى زيادة رأس مالها عن طريق الإصدارات الأولية في السوق المالية عندما لم تكن تتوافر مصادر أخرى للتمويل ولم يكن في استطاعة المصارف التجارية توفير كامل الاحتياجات المطلوبة.

ومن مصادر التمويل الأخرى التي أصبحت متوافرة اليوم صناديق الاستثمار المباشر التي لا تزال في بداية تطورها في دول المنطقة. وتوفر هذه الصناديق «رأس مال صبور»، أي أنها مصدر للتمويل طويل الأجل الذي سيساعد الشركات الخاصة في تقليص اعتمادها المفرط على المصارف وتأخير عملية التحول إلى شركات مساهمة عامة. كما أن تراجع أسعار الفائدة جعل عملية الاقتراض من خلال إصدار سندات طويلة الأجل بسعر فائدة ثابت خيار جذاب أمام الشركات العربية ذات الملكية الخاصة. غير أن على مثل هذه الشركات أن تتحول أولاً من شركات ذات مسؤولية محدودة إلى شركات مساهمة خاصة واتباع متطلبات أكثر صرامة من حيث الإفصاح المالي.

وأدت الصعوبات وارتفاع كلفة الإدراج ومتطلبات الإفصاح وغياب سيولة التداول في أسهم الشركات المدرجة حديثاً إلى إقناع عدد من الشركات الخاصة التي تحولت إلى شركات عامة بإعادة النظر في وضعها والعودة مرة أخرى لتصبح شركات خاصة. وشعر عدد كبير من الشركات العامة في الولايات المتحدة وأوروبا انه سيكون أفضل حالاً إذا تحول إلى شركات خاصة. ويتوقع أن يفوق عدد الشركات الأميركية التي ستتحول من شركات عامة إلى شركات خاصة وتخرج من سوق الأسهم السنة الجارية إلى مستويات تفوق عدد الشركات التي تحولت من عامة إلى خاصة العام الماضي الذي وصل إلى 86 شركة مقارنة مع 55 شركة قبل ثلاثة اعوام.

وحتى بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار أسهم الشركات الصغير في العامين الماضيين التي يتكون منها مؤشر راسل 2000 (Russell 2000) في سوق الأسهم الأميركية، إلا أن أسعار هذه الأسهم لا تزال تتداول عند معدلات أقل من ضعفي قيمتها الدفترية، ما يعني أن المستثمرين لا يعيرون اهتماماً كبيراً لهذه الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى قلة الأبحاث التي تنشر عن هذه الشركات.

وعلى النقيض من ذلك، يتم تداول أسهم الشركات الصناعية الكبيرة التي يتكون منها مؤشر داو جونز بأسعار تصل إلى نحو ثلاثة أضعاف ونصف ضعف قيمتها الدفترية، علماً أنه حتى عام 1998، لم يكن هناك فرق يذكر بين معدل سعر السهم إلى قيمته الدفترية لمؤشر الأسهم الكبيرة ومؤشر الأسهم الصغيرة في السوق الأميركية.

منقول عن هنري عزام: الرئيس التنفيذي (جوردإنفست)

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.