مقال قانوني حول التحكيم في القضايا الجزائية

مقال حول: مقال قانوني حول التحكيم في القضايا الجزائية

التحكيم في القضايا الجزائية وشي آخر :

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

لفت نظري الزميل (فادي كحيل ) للكتابة عن التحكيم الجزائي في مشاركته في باب تطوير القضاء موضوع : إصلاح القضاء أولا .
إن سلطة الظن والاتهام والتجريم قد منحت منذ ظهور التشريعات الوضعية الأولى إلى سلطة تمثل خير وصلاح المجتمع وفق وجهة نظر النخبة فيه , ولم تمنح لفرد بصفته الشخصية ما لم يكن ملكا أو ما كانوا يعتقدون انه ممثلا للسلطة الإلهية .
وباختصار كان الحق بتحديد وقوع جرم أم لا والادعاء بخصوصه من حق ( سلطة فوق مجتمعية ) .

أما الآن فهذه السلطة قد منحت للمجتمع عبر هيئة مختصة تسمى في أغلب الدول ( النيابة العامة ) لكن و رغم أنها تعمل باسم المجتمع في أيامنا هذه لكنها مستقلة عنه لا بل تعلوه أحيانا لكن باسم القانون .

حتى لا أطيل عليكم لأخصص حديثي عن سوريا وعن التحكيم فيها , فقد صدر قانون التحكيم لعام 2008 بخصوص المنازعات المدنية ولم تنص أي مادة على انسحاب آثره على أي من المسائل الجزائية .
بالطبع تبرير ذلك ورد أعلاه من حيث إعطاء سلطة التقدير في المسائل الجزائية للمجتمع .

لكن لنكن واقعيين , كثير من الادعاءات والمشاكل القانونية ولنقل مثلا المخالفات حيث تقل مدة الحبس عن سنة , يأتي الأطراف ويتصالحون وتتصافى النفوس و يتم إسقاط الحق الشخصي , فيبقى الحق العام ويصدر الحكم تخفيفا بناء على الإسقاط وليكن بـ شهر حبس أو اقل , فما وظيفة الحق العام هنا ؟
ربما يقول قائل ردع المخالف عن تكرار فعلته وربما تأديبا من قبل المجتمع له وربما وربما وربما …
لكني أرى أنه وفي حالات كثيرة يكون لهذا الحق العام أثر معرقل لسير المصالحة بين الجيران وصفاء النفوس خاصة في الحارات والمجتمعات والحارات الشعبية المكتظة في المدن أو في مجتمعاتنا الريفية القروية , وأرى في استمرار المطالبة بالحبس تشويشاً غير مبرر لما يفترض تحقيقه من أمن اجتماعي ( بالطبع هذا في بعض وليس كل الحالات ) , وكثيرا ما يسعى الأطراف عبر المحامين والعاملين في السلك العدلي عموما لمطمطة التنفيذ عبر شروحات وتباليغ مختلفة الصيغ , في انتظار سقوط الحكم تقادما أو شموله بعفو عام قد يصدر أو يتوقع صدوره. أليس ذلك ما يحدث ويحدث مع كثيرين منا !؟
– من هنا واستنادا على ما ذكرت أسأل ؟
ما المانع من صدور تشريع يعيد للمجتمع نفسه عبر هيئة تحكيمية مشكّلة منه مباشرة ( سلطة التجريم والادعاء ) في هذه الحالات إن اتفق الأطراف بعد تحرك الجهات العامة الأخرى وإلى جانبها و

أحيانا بمعزل عنها أي دون حاجة لتحركها في إطار ينظمه القانون بحيث لا يحصل تضارب بين الرسمي والشعبي ؟
أو على الأقل إعادة منح اللجنة التحكيمية ( سلطة الإعفاء من العقاب أو لزومه ) وأؤكد أن يتم ذلك في إطار ضيق ولحالات محددة بنص القانون . وليس بالضرورة لجنة بل قد يكون المحكم فردا منتخبا لقضية محددة .

أعتقد أن الفكرة تستحق التفكير وتذكروا :
( إن النيابة العامة تمثل المجتمع بشكل غير مباشر أي لا ينتخبها ولا يعينها أصحاب المشكلة , أما الهيئة التحكيمية التي نطالب بتشكيلها فتنبثق مباشرة عن المجتمع وتمثله بشكل مباشر وليكن أعضاؤها منتخبين أو منتقين من قبل الخصوم حسب الحال( هيئة فردية أو متعددة الأعضاء) )

ألا يستحق ذلك منا قليلا من التفكير ؟ أم أنكم ترون فيه تنظيرا مبالغا فيه ؟
– الشيء الآخر المذكور في العنوان يتعلق بالنيابة العامة بحد ذاتها :
توجد في قانون العقوبات نصوص كثيرة تمنح القاضي حق إعفاء المتهم أو الظنين من العقوبة كلا أو جزءا تبعا للحالة وتوجد أعذار محلة وظروف تخفيفية و و و ,
لكن فكرتي بسيطة ومستقاة من القانون الفرنسي نفسه الذي أخذ قانون عقوباتنا عنه وعن القانون الإيطالي (مرورا بالقانون اللبناني) منذ أكثر من 60عاما بعد ان عدل في فرنسا وفي ايطاليا مرات لا تحصى وكذلك مستقاة من القانونين الجزائيين الفدراليين الأمريكي والكندي , حيث تمنح الضابطة العدلية وممثلوا النيابة العامة صلاحيات في عقد صفقات ضمن إطار القانون قد تفضي أحيانا لإلغاء العقوبة ومنح المجرم تسهيلات واسعة من سكن و غيره وتكون ملزمة للمحلفين وللقضاة , وقد تؤدي لوضع المجرم أحيانا ضمن ما يسمى برنامج (حماية الشهود) وذلك في مقابل اعترافاته بمكان الضحايا أو المسروقات أو دلالته لإلقاء القبض على شبكة إجرام أكبر وما إلى هنالك من جرائم .

بلادنا ليست استثناء , لماذا لا تمنح النيابة العامة صلاحية تشابه هذه الصلاحيات لأني لا أعتقد أن الصلاحيات الممنوحة لها قانونا في الوقت الحالي تكفي ولإن كانت موجودة لكن إطارها ضيق ؟
إنني مع توسيع سلطة التحكيم من جانب وتوسيع سلطة النيابة العامة من جانب آخر
وكل التقدير لمن له رأي مخالف أو موافق .
وتفضل قارئي الخلي بقبول وافر احترامي شاكرا لك احتمالي.
Samer Ghassan Abbas

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.