نظرة على آفاق الاستثمار في ظل نظام تنافسي جديد
سعد بن عبدالله القاسم
محامي ومستشار قانوني

في مجال الاقتصاد لا تستطيع دولة التقدم إلى الأمام وتحقيق ما تصبو إليه من خطط وأهداف؛ دونما بحث في واقع الحال ومراجعة وافرة لطرق إدارة الأمور لديها والضوابط المنظمة، ومن ثم تحديد مواطن الضعف تمهيدا لتقويمها وكذا مواطن القوة تمهيدا لتعظيمها والبناء عليها، وهذا بالفعل ما تقوم به المملكة العربية السعودية على كافة مستوياتها، خصوصًا في ظل الرؤية الطموحة للمملكة 2030.

لم تقف الجهود المعدلة للضوابط والقوانين لدى الاقتراحات أو المستوى التنظيري، بل شهدت انتقالا فعليا لطور التطبيق، وفي هذا الإطار رأت المملكة أن تهيئة المناخ الاستثماري وجعله متكافئا عادلا من حيث الفرص، هو أمر بالغ الأهمية بحيث تبذل لتحقيقه كامل الجهود الممكنة، ذلك أن البيئية الاستثمارية الآمنة المرنة هي الأساس الذي يبنى عليه كل شيء.

من أجل هذا كله صدر مرسوما ملكيا بتاريخ ٢٩ من شهر جمادى الآخرة لهذا العام بالموافقة على النظام الجديد للمنافسة، ذلك النظام الذي بمجرد نشره في ٢٠ من رجب ١٤٤٠هـ منح الهيئة العامة للمنافسة مدة زمنية لا تزيد عن ١٨٠ يوما من أجل إصدار اللائحة التنفيذية الموضحة للثوابت والمفصلة للإجراءات المرافقة للنظام الجديد والعمل به.

وقت أتى فيه نظام المنافسة الجديد ليسد عديد من الفراغات القانونية ويزيل الضبابية عن كثير من القوانين الموجودة في نظام المنافسة القديم ١٤٢٥، كما نلاحظ من النظام الجديد رغبته السامية في بناء بيئة استثمارية مشجعة على المنافسة وبسط يد القوانين على كافة مؤسسات الأعمال في السوق السعودي الخاصة منها والحكومية دون استثناء.

وهو أمر أكدت عليه بنود النظام حين أشارت إلى أن تحديد أسعار السلع والخدمات يجب أن تكون وفق قواعد السوق ومبادئ المنافسة الحرة، الأمر الذي يعني أن الأسعار التي تصدرها الوزارات والهيئات الحكومية لم تعد مستثناة بل خاضعة هي الأخرى لقواعد المنافسة الحرة التي سيعمل بها، مما يترتب عليه مناخا تنافسيا أكثر عدلا وجذبا للمستثمرين.

يتوقع أن تحمل اللائحة التنفيذية التي تعمل عليها الهيئة حاليا مزيدا من التفاصيل حول مستوى الشفافية والضوابط المنظمة، لذلك من المهم أن ننتظر قليلا وحتى صدور هذه اللائحة، وذلك حتى نستطيع إصدار حكما نقديا متكاملا حول محتوى النظام ولائحته، لكن إجمالا وحتى الآن، فالوضع مبشر جدا بمسار أعمال مغاير يرتقي للحالة الاستثنائية التي تمر بها مملكتنا الغالية في طريقها نحو هام السحاب.

على جانب آخر فالمؤسسات والمنشآت المختلفة المنخرطة في سوق العمل مدعوة أن تنتهز الفرصة من أجل توفيق أوضاعها مع النظام الجديد وإزالة كل ما من شأنه أن يتعارض مع ثوابته وذلك قبل تطبيقه بشكل فعلي في شهر محرم من العام القادم، وهو أمر تساعد فيه الهيئة العامة للمنافسة عبر طرحها دليلا شاملا ذا خطوات محددة تستهدف به تأهيل المؤسسات المختلفة كي تتوافق ممارساتها مع النظام الجديد.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت