إثبات عقد الصلح

ويلخص هذا الموضوع في:
1)- أن الصلح قد شرع لحسم النزاع فلا يجوز أن يخلق هو نزاعاً آخر قد ينشأ عن إباحة إثباته بالبينة ، والى أن المتصالحين يحرصون عادة على إثبات ما اتفقوا عليه لحسم النزاع في ورقة مكتوبة.

2)- الكتابة لا تلزم إلا لإثبات الصلح ، فهي غير ضرورية لانعقاده لأن الصلح كما قدمناه من عقود التراضي . ويترتب على ذلك انه إذا لم توجد كتابة لإثبات الصلح ، جاز إثباته بالإقرار وباليمين ، ويجوز استجواب الخصم لاحتمال أن يقر الصلح .

3)- كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى)، إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي ، أو إذا فقد السند الكتابي الذي كان معداً من قبل لسبب أجنبي ( م 403 مدني ) .

4)- ويجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ،ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى)،إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ( م 402 مدني ) .

التقنينات العربية الأخرى التقنين المدني الليبي م 551 ( مطابق ) . التقنين المدني السوري م 520 ( مطابق ) .التقنين المدني العراقي م 711 ( مطابق وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 251 ) . تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 وكذلك المدني البحريني والمدني القطري

356 – إثبات عقد الصلح – نص قانوني : المبحث الأول شروط الانعقاد – فصل 1 – فرع 1
تنص المادة 552 من التقنين المدني على ما يأتي :
” لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمي ” ( [1] ) .
ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص مماثل ، ولكن القضاء المختلط هيئة قضائية ملغاة ولم تعد موجودة-مصطفى كان قد استقر على وجوب الكتابة لإثبات الصلح لأسباب ترجع إلى أن الصلح يتضمن عادة شروطاً واتفاقات معقدة إذ هي ثمرة المساومات الطويلة والأخذ والرد ، فإذا اعتمدنا في إثباتها على شهادة الشهود فإن ذاكرة الشهود قد لا تعي كل ذلك .

هذا إلى أن الصلح قد شرع لحسم النزاع فلا يجوز أن يخلق هو نزاعاً آخر قد ينشأ عن إباحة إثباته بالبينة ، والى أن المتصالحين يحرصون عادة على إثبات ما اتفقوا عليه لحسم النزاع في ورقة مكتوبة ( [2] ) .
وقد قنن التقنين المدني الحالي (القضاء المختلط -هيئة قضاء ملغاة ولم تعد موجودة-مصطفى)في هذا الصدد ، فأوجب أن يكون إثبات الصلح بالكتابة للاعتبارات المتقدمة ، حتى لو كانت قيمة الصلح لا تزيد على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى).

والكتابة لا تلزم إلا لإثبات الصلح ، فهي غير ضرورية لانعقاده لأن الصلح كما قدمناه من عقود التراضي . ويترتب على ذلك انه إذا لم توجد كتابة لإثبات الصلح ، جاز إثباته بالإقرار وباليمين ، ويجوز استجواب الخصم لاحتمال أن يقر الصلح .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى)، إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي ، أو إذا فقد السند الكتابي الذي كان معداً من قبل لسبب أجنبي ( م 403 مدني ) .

ويجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى)، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ( م 402 مدني ) .

موقف آخر للفقه في فرنسا :
(عدم جواز الاثبات بالبينة والقرائن ولو مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة تمسكا بالنص2/2044 مدني فرنسي):
وهذه مسألة كان الفقه الفرنسي يذهب فيها مذهباً آخر ( [3] ) ، فكان لا يجيز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ولو مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يكفي لتوضيح المسائل التي تناولها الصلح والاتفاقات التي تمت بشأنها ، فالاعتبارات التي استوجبت الإثبات بالكتابة ونبذ البينة والقرائن لا تزال قائمة حتى مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة .

موقف محكمة النقض الفرنسية( أجاز الاثبات بالبينة والقرائن اذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة):
ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت في عدة أحكام مطردة بجواز الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، وفقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشان ( [4] ) .
أما في مصر:
أما في مصر ، فلا محل للشك في جواز إثبات الصلح ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه- مصطفى)، بالبينة وبالقرائن ، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة .

والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي صريحة في هذا المعنى إذ تقول :

” والكتابة لازمة للإثبات لا للانعقاد ، فيجوز الإثبات باليمين والإقرار ، ولكن
لا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ، ولو في صلح لا تزيد قيمته على عشرة جنيهات(حاليا هي 1000جنيه- مصطفى) ، إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو إذا وجد مانع يحول دون الحصول على الكتابة ” ( [5] ) .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات (حاليا هي 1000جنيه مصطفى) ، إذا كان متعلقاً بنزاع تجاري ، ففي المسائل التجارية يجوز الإثبات بجميع الطرق أيا كانت القيمة ( [6] ) .

وغني عن البيان أنه في الأحوال التي يجب فيها إثبات الصلح بالكتابة ، تكفي ورقة عرفية للإثبات .
ومن باب أولى يكفي لإثبات الصلح المحضر الرسمي الذي تدون فيه المحكمة الصلح الواقع بين الخصوم ( [7] ) ، فإن المحضر الرسمي حجة بما جاء فيه إلى أن يطعن فيه بالتزوير ( [8] ) .

( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 741 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :
” 1 – لا يثبت الصلح إلا بالكتابة ، 2 – وإذا تضمن الصلح إنشاء حق عيني على عقار أو نقل هذا الحق أو تعديله أو انهاءه ، وجب تطبيق الأحكام المتعلقة بالتسجيل ” . وأقرت لجنة المراجعة النص بعد حذف الفقرة الثانية ، تحت رقم 580 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن اشتراط الكتابة في إثبات الصلح يوهم بوجوب صدور الكتابة من الطرفين مع أن الصلح قد يثبت في محضر رسمي أمام القاضي ، فأضيفت إلى النص عبارة ” أو بمحضر رسمي ” لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين ال

مدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 552 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – ص 448 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء المختلط كان قد استقر على اشتراط الكتابة لإثبات الصلح . والعبرة بتاريخ تمام عقد الصلح ، فإن كان هذا التاريخ سابقاً على 15 أكتوبر سنة 1949 فالكتابة لا تشترط طبقاً لأحكام التقنين المدني الوطني السابق ، وإلا فالكتابة واجبة طبقاً لأحكام التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 520 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 551 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 711 ( مطابق وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 251 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 : عندما تتضمن المصالحة إنشاء حقوق على أموال عقارية أو غيرها من الأموال المقابلة للرهن العقاري ، أو التفرغ عن هذه الحقوق أو إجراء تعديل فيها ، يجب أن تعقد خطأ . ولا يكون لها مفعول إلا إذا سجلت في السجل العقاري . ( والكتابة في التقنين اللبناني مقصورة على الأحوال المشار إليها في النص ) .

( [2] ) استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 32 – 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 262 – قارن استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 297 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – وانظر الأستاذ محمد علي عرفة ص 378 – ص 379 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 19 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 24 .
( [3] ) توجب المادة 2044 / 2 من التقنين المدني الفرنسي الكتابة لإثبات الصلح .

( [4] ) نقض فرنسي 28 نوفمبر سنة 1864 داللوز 65 – 1 – 105 – 19 أكتوبر سنة 1885 داللوز 86 – 1 – 416 – 2 أغسطس سنة 1927 جازيت دي باليه 1927 – 2 – 883 – 13 يونيه سنة 1936 داللوز 1936 – 393 – 9 يونيه سنة 1947 J . C . P . 1947 – 2 – 3931 – أنظر في هذه المسألة بودري وفال 24 فقرة 1222 – بيدان 12 فقرة 357 – جوسران 2 فقرة 1453 ويميلون إلى تأييد محكمة النقض الفرنسية – وانظر بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 – إسمان في أوبرى ورو 6 فقرة 420 ص 247 وهامش رقم 8 – كولان وكابيتان ودي لامور اندبير 2 فقرة 1380 ص 883 ويميلون إلى العكس من ذلك وتأييد الفقه .

( [5] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 .
( [6] ) بودري وفال 24 فقرة 1224 – وإذا كان الصلح صورياً يخفي تحته عقداً آخر ، فقواعد إثبات الصورية هي التي تسري ، وبخاصة القواعد الخاصة بورقة الضد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 ) . وإذا نفذ المدعى عليه الصلح تنفيذاً جزئياً ، لم يقبل منه في إثبات الصلح ضده أن يتمسك بانعدام ورقة مكتوبة ( الأستاذ محمد على عرفة ص 379 ) .

( [7] ) أنظر ما جاء في لجنة مجلس الشيوخ من أنه إذا حصل الصلح أمام القاضي وأثبت في المحضر ، فالقاضي يدعو الخصوم إلى التوقيع على هذا المحضر ، فيعتبر الصلح هنا ثابتاً بالكتابة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) .

( [8] ) وإلى هذا تشير العبارة الأخيرة من المادة 552 مدني السالفة الذكر ، إذ تقول . ” أو بمحضر رسمي ” . وقد كانت هذه العبارة غير واردة في المشروع ، فأضيفت في لجنة مجلس الشيوخ ” لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) . والذي يقع عادة هو أن يتقدم الخصوم بالصلح الذي تم بينهم موقعاً عليه منهم ، فتدونه المحكمة في محضر وتصدر حكما بالتصديق على محضر الصلح .