بقلم د عبد الحكيم زروق
باحث جامعي

نظم المشرع المغربي مجال ضبط شؤون الشقق المفروشة بمقتضى الظهير شريف بتاريخ 2 رمضان 1350 (11 يناير 1932) يتعلق بضبط شؤون المساكن المفروشة، كما نظم مؤسسة الإيواء عند الساكن بالقانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى الصادر في 4 غشت 2015.

أولا: التنظيم القانوني لنظام الشقق والمساكن المفروشة

بالإطلاع على الظهير شريف بتاريخ 2 رمضان 1350 (11 يناير 1932) يتعلق بضبط شؤون المساكن المفروشة يتبين أنه قد وضع التزامات تخص كيفيات استغلال الشقق المفروشة، وأخرى تهم التصريح بالوافدين والمبيتات في الشقق المفروشة.

الالتزامات المتعلقة باستغلال الشقق والمساكن المفروشة
إن أصحاب الشقق المفروشة والمساكن المفروشة المخصصة للكراء وبوجه عام جميع الأشخاص الذين يكرون أو يضعون عادة تحت تصرف الغير دارا مفروشة أو قسما منها مفروشا أو مسكنا مفروشا أو قسم منه مفروشا يتحتم عليهم أن يقدموا بذلك تصريحا مكتوبا مقابل وصل استلام، وذلك لمصالح الأمن الوطني أو الدرك الملكي حسب الاختصاص الترابي ولإدارة الضرائب التابع لها محل سكناهم وذلك في خلال خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ مباشرة الكراء.

ويجب أن يتضمن هذا التصريح المكتوب ما يلي:

اسم المكري لشقة مفروشة أو مسكن مفروش وجنسيته ومحل سكناه وعنوانه؛
بيان كونه مالكا لذلك العقار أو مكتريا، فإن كان مكتريا فيذكر تاريخ تصرفه في المسكن المكتري ومجموع مبلغ كرائه السنوي؛

عدد المحلات المفروشة التي يكريها بصفة مالكا أو مكتريا هو بنفسه من الغير وبيان موقعها (كالشارع وعدد المسكن أو الدار المنفردة –فيلا- أو الدار الكبرى المؤلفة من دور وبيان طبقة المسكن الأولى أو الثانية الخ) وعدد المكترين بوجه التقريب
[1]
.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذا التصريح لا يعفي أصحاب الشقق المفروشة والمكريين لمساكن مفروشة من وجوب الخضوع والانضباط للقرارات التنظيمية الصادرة من طرف الجماعات والمتعلقة بإجراءات ومساطر استغلال المحلات والأماكن المفتوحة في وجه العموم.

وفي ظل تعاظم الخطر الإرهابي نرى أن أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ مباشرة الكراء الممنوح لأصحاب الشقق المفروشة والمكريين لمساكن مفروشة قصد تقديم تصريح مكتوب لمصالح الأمن الوطني أو الدرك الملكي لم يعد مناسبا لأن هذه المدة (أجل 15) قد تكون كافية لذوي النيات السيئة ولحاملي المشاريع التخريبية من تنفيذ مخططاتهم الإرهابية، لذا يتعين أن يتم تقديم التصريح قبل مباشرة عملية الكراء.

الالتزامات المتعلقة بالتصريح بالوافدين والمبيتات في الشقق المفروشة
نميز فيما يخص الالتزامات المتعلقة بالتصريح بالوافدين والمبيتات في الشقق المفروشة ما بين التزامات الوافد أو المكتري لشقة مفروشة والتزامات صاحب الشقة أو المسكن المفروش.

التزامات الوافد أو المكتري لشقة مفروشة

يجب على كل شخص تقدم إلى مسكن مفروش أيما كان نوعه ليقضي فيه ليلة أو عدة ليالي أو ليقيم فيها بضعة أيام، بمجرد وصوله:

أن يثبت حالته الشخصية بالاستظهار بورقة من الأوراق المبينة لتعريفه والحاملة لصورته؛

أن يحرر بطاقة شخصية ويوقع عليها ويبين فيها بحروف كبيرة سهلة القراءة جدا اسمه وألقابه الحقيقية ومحل ولادته وتاريخه وجنسيته وصفته ومهنته ومحل سكناه الاعتيادي والمكان الذي بارحه والمكان الذي يقصده وكذلك تاريخ دخوله ونوع أوراق التعريف التي استظهر بها وتنطبق تلك التدابير على النساء المتزوجات ولو بصحبة أزواجهن[2].

التزامات صاحب الشقة أو المسكن المفروش

يجب على كل صاحب منزل مفروش مخصص للكراء أن يطلب من الأشخاص الذين يقصدون السكنى عنده وذلك حينما يصلون إليه وأية كانت مدة الكراء أن يستظهروا بأوراق تعريفهم وأن يحرروا البطاقة الشخصية.

ويحرر حالا صاحب المنزل المذكور يوميا في دفتر موقع ومعلم على كل صحيفة منه من طرف مصالح الأمن الوطني المتواجد بنفوذهم الترابي المسكن أو الشقة المفروشة أو إن لم يكونوا فمن طرف مصالح الدرك الملكي أو مصالح السلطة المحلية عند الاقتضاء جميع البيانات المقيدة في البطاقة الشخصية التي يكملها بتقييد تاريخ خروج هؤلاء الأشخاص وذلك بدون ترك أي بياض كان في الدفتر المذكور وبدون كتب أية كلمة بين سطوره.

وإذا لم يستظهر بورقة من أوراق التعريف المطلوبة أو لم يجب عن الأسئلة المضمنة في البطاقة الواجب تعبئتها بعناية، فيجب على صاحب المنزل أن يعلم حالا بذلك مصالح الأمن الوطني أو إن لم يكونوا فمصالح الدرك الملكي أو مصالح السلطة المحلية عند الاقتضاء.

على أن دفتر التقييد المذكور يجب تقديمه لأعوان الإدارة والسلطات العمومية كلما طلبوه وعرضه في فاتح كل شهر على مصالح الأمن الوطني أو إن لم يكونوا فمصالح الدرك الملكي أو مصالح السلطة المحلية عند الاقتضاء بحسب الاختصاص الترابي بقصد التوقيع عليه.

وزيادة على ما ذكر فيلتزم أصحاب المنازل بأن يودعوا كل يوم قبل الساعة السابعة صباحا في مكاتب مصالح الأمن الوطني أو إن لم يكونوا فمصالح الدرك الملكي أو مصالح السلطة المحلية عند الاقتضاء هنالك البطاقة الشخصية المأمور بها عملا بالفصل الرابع المكرر من الظهير شريف بتاريخ 2 رمضان 1350 (11 يناير 1932) يتعلق بضبط شؤون المساكن المفروشة والخاصة بكل شخص قد دخل منزلهم[3].

ثانيا: التنظيم القانوني لنظام الإيواء عند الساكن

نظم القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى بالإضافة لمؤسسات الإيواء السياحي كالفندق والنادي الفندقي والإقامة السياحية ودار الضيافة والرياض والقصبة والملجأ والنزل والمخيم أشكالا أخرى للإيواء السياحي كالمخيم المتنقل (بيفواك) والإيواء عند الساكن.

ويعتبر الإيواء عند الساكن شكلا من أشكال الإيواء السياحي يخضع لتسيير عائلي ويتيح لشخص معين استقبال سياح في محل سكناه لليلة أو أكثر، يحدد بنص تنظيمي العدد الأقصى للغرف التي يتم تسويقها في إطار هذا الشكل من الإيواء[4].

وسنحاول بحث الالتزامات المتعلقة باستغلال مؤسسة الإيواء عند الساكن والالتزامات المتعلقة بالتصريح بالوافدين والمبيتات في نفس المؤسسة.

الالتزامات المتعلقة باستغلال مؤسسة الإيواء عند الساكن

يخضع استغلال الإيواء عند الساكن لرخصة مرفقة بدفتر للتحملات مع مراعاة القوانين المؤطرة واحترام النظام العام، وتحدد كيفيات تسليم رخصة الاستغلال ومدة صلاحيته وكذا نموذج دفتر التحملات بنص تنظيمي[5].

يخضع الإيواء عند الساكن أثناء مدة صلاحية رخصة استغلاله لمراقبة الإدارة وفقا للكيفيات المحددة بنص تنظيمي، وتقوم الإدارة بسحب رخصة الاستغلال وفقا للكيفيات المحددة بنص تنظيمي، طبقا للمساطر إذا ثبت أثناء زيارات المراقبة المذكورة أن ظروف الاستغلال لم تعد تستجيب لدفتر التحملات[6].

ولم تصدر لحد الآن النصوص التنظيمية التي تحدد كيفيات تسليم رخصة الاستغلال ومدة صلاحيته وكذا نموذج دفتر التحملات، مما يدعو إلى ضرورة التعجيل بإصدارها قصد ضبط وتأطير هذا المجال لما من شأنه أن يسهل عمل المصالح المتدخلة في الجانب الأمني، ويجنب بلادنا الخطر الإرهابي المحدق.

وتجدر الإشارة بأنه لا تعفي رخصة الاستغلال والمراقبة المشار إليها أعلاه من أي رخصة أو مراقبة أخرى منصوص عليهما في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل[7]، ولاسيما وجوب الخضوع والانضباط للقرارات التنظيمية الصادرة من طرف الجماعات والمتعلقة بإجراءات ومساطر استغلال المحلات والأماكن المفتوحة في وجه العموم.

الالتزامات المتعلقة بالتصريح بالوافدين والمبيتات في الإيواء عند الساكن

يجب على كل مستغل لمؤسسة للإيواء عند الساكن أن يصرح يوميا لدى الإدارة، عبر معالجة إلكترونية تسمى التصريح الإلكتروني، بالمعطيات المتعلقة بزبنائه العابرين أو المقيمين يوم وصولهم لمؤسسته مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. وتحدد كيفيات التصريح المذكور بنص تنظيمي[8].

من أجل القيام بهذا التصريح، يجب على كل مستغل لمؤسسة للإيواء عند الساكن، أن يطلب من زبنائه العابرين أو المقيمين بمجرد وصولهم إلى المؤسسة تقديم وثائق التعريف وملء وتوقيع استمارة فردية للإيواء يحدد نموذجها بنص تنظيمي[9].

وقد صدر المرسوم الذي يحدد كيفيات التصريح الالكتروني بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين بمؤسسات الإيواء السياحي أو أشكال الإيواء السياحي الأخرى ونموذج الاستمارة الفردية للإيواء في الجريدة الرسمية عدد 6485 بتاريخ 25 يوليو2016. وطبقا لأحكام هذا المرسوم يتم التصريح الالكتروني بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين بمؤسسة الإيواء عند الساكن عقب وصولهم ومغادرتهم من قبل المستغل يوميا قبل الثامنة صباحا، لدى المصالح المختصة بالمديرية العامة للأمن الوطني أو بالدرك الملكي.

غير أنه تتوصل السلطة الحكومية المكلفة بالسياحة بالمعلومات الإحصائية فقط المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين التي ترسل إليها من قبل المديرية العامة للأمن الوطني.

وفي حالة عدم توفر نظام التصريح الالكتروني لمدة تتجاوز 24 ساعة بسبب المشاكل المتعلقة بالأجهزة المعلوماتية أو بالربط بشبكة الإنترنت، أو المشاكل المتعلقة بصعوبات تثبيت النظام، أو المشاكل المتعلقة بولوج الفضاء الخاص للمستغل، يودع مستغل مؤسسة الإيواء عند الساكن يوميا قبل الثامنة صباحا نسخة من الاستمارات الفردية لزبنائه العابرين أو المقيمين.

وعند توفر نظام التصريح الالكتروني مجددا، يقوم مستغل مؤسسة الإيواء عند الساكن داخل أجل 72 ساعة، بالتصريح الالكتروني بالمعطيات المتعلقة بزبنائه العابرين أو المقيمين التي لم يتم التصريح بها إلكترونيا خلال فترة عدم توفر النظام المذكور.

وجدير بالذكر بأنه تم منح مؤسسات الإيواء عند الساكن أجل سنتين ابتداء من تاريخ نشر المرسوم الذي يحدد كيفيات التصريح الالكتروني بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين بمؤسسات الإيواء السياحي أو أشكال الإيواء السياحي الأخرى ونموذج الاستمارة الفردية للإيواء بالجريدة الرسمية، الذي صادف يوم 25 يوليو 2016 من أجل الامتثال لأحكام نظام التصريح الالكتروني بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين[10].

وخلافا لمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 2 رمضان 1350 (11 يناير 1932) المتعلق بضبط شؤون المساكن المفروشة، يعفى مستغلو مؤسسات الإيواء السياحي وأشكال الإيواء السياحي الأخرى كمؤسسة الإيواء عند الساكن من وجوب مسك سجل تقييد الزبناء وإيداع الاستمارات الفردية للإيواء المتعلقة بزبنائهم العابرين أو المقيمين لدى مكاتب مصالح الأمن الوطني أو الدرك الملكي.

غير أنه يجب على المستغلين المذكورين الاحتفاظ بالاستمارات الفردية للإيواء، لمدة سنة، ووضعها رهن إشارة المصالح المختصة بالمديرية العامة للأمن الوطني أو الدرك الملكي، كلما طلبت ذلك[11].