التعاقد بالعربون بدل في التزام بدلي

يرى بعض الفقهاء أن التعاقد بالعربون عقد ينشئ التزاما بدليا في ذمة كل من طرفيه، فيمكن تكييفه بأنه البدل في التزام بدلي.

فالالتزام البدلي هو الإلتزام غير المتعدد المحال، بل له محل واحد ولكن المدين يستطيع، أو يؤدي شيئا آخر بدلا منه فينتهي بذلك التزامه مثاله كما لو التزم شخص لآخر بإعطائه دارا، واحتفظ لنفسه بالحق أن يعطيه إذا شاء أرضا بدلا من الدار، أو أن يقرض شخص لآخر مبلغا من المال ويتفق معه إذا لم يشأ أن يرد مبلغ القرض عند حلول أجل الدين أن يعطيه بدلا منه دارا أو أرضا معينة، فالدار والنقود في المثالين السابقين هما الأصل، أما الأرض، والدار ،أو الأرض هما البديل. ويجب أن يتوفر في المحل الأصلي جميع الشروط الواجب توفرها في محل الالتزام وإلا كان الإلتزام باطلا. أما البديل فإن توافرت فيه الشروط أمكن أن يقوم مقام الأصل، وإلا سقط هو ويبقى الإلتزام بمحله الأصلي قائما ولكن يصبح التزاما بسيطا ذا محل واحد دون بديل، من ذلك يتضح أن البدل ليس محلا للإلتزام، فليس هو الشيء الذي يمكن للدائن أن يطالب به ولكنه شيء يقوم مقام المحل الأصلي في الوفاء.

والإلتزام البدلي كوصف للإلتزام كالعربون سواء بسواء لا فرق بينهما إذا كان العربون قد اتفق عليه ليكون وسيلة للرجوع في العقد لا للتأكيد، ذلك أن العربون في هذه الحالة يعطي الفرصة للمدين أن يؤديه بدلا من إلتزامه الأصلي فيبدأ بتأديته، ففي عقد البيع مثلا إذا كان المشتري قد دفع عربونا يكون ملتزم أصليا بتنفيذ الصفقة فيأخذ الشيء المبيع ويعطي الثمن، ويستطيع أن يبرأ من هذا الإلتزام الأصلي إذا هو أدى العربون فيكون العربون بدلا من إلتزامه الأصلي، كذلك البائع الذي أخذ العربون يلتزم بتنفيذ الصفقة فيأخذ الثمن، ويعطي الشيء المبيع كالتزام أصلي يلتزم به، ويستطيع مع ذلك أن يبرأ هذا الالتزام الأصلي إذا هو تنازل عن العربون الذي دفعه فيكون العربون إذن بدلا عن التزامه الأصلي.

الإنتقاد : اعترض البعض على تكييف العربون بأنه البدل في إلتزام بدلي، بأن الالتزام البدلي يكون التزاما واحدا ذا محلين متعادلين أحدهما أصلي، والثاني يجوز للمدين أن يفي به بدلا من المحل الأصلي وليس الأمر كذلك في البيع بالعربون لأن الالتزامات التي ينشئها البيع البات في ذمة البائع متعددة، ولكل منها محله الخاص، ويجوز للبائع في البيع بالعربون أن يبرأ منها جميعا بمجرد عدوله عن البيع على أن يحل محلها إلتزام آخر يختلف عنه وهو إلزامه بدفع العربون فلا يستقيم القول باعتبار ذلك التزاما بدليا.

وأجيب عن هذا الاعتراض بأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون المحل الأصلي في الالتزام البدلي محالا متعددة بينما يكون البديل محلا واحدا.