الأبعاد القانونية للشراكة الزوجية

بما أن قضية الزواج هي قضية هامة وتجسد مستقبل الأجيال القادمة فإننا نجد انه من الأهمية بمكان أن يدرك الزوجان كل الأبعاد القانونية لهذه الشراكة التي تسمى الزواج ،

فهذا الموضوع قد يوفر على الزوجين الكثير الكثير من المشاكل والمصاريف المادية التي قد يتحملانها في حالة الطلاق، الهجر أو الموت. فهذه القضية تعتبر اليوم من أهم القضايا التي يجب على الزوجين إن يكونا على اطّلاع عميق بها، وعلى الرغم أن مجتمعنا العربي بالذات لا تثير هذه القضية اهتمامه وذلك بسبب موروثنا الاجتماعي والديني إلا أن هذه القضية تحتل حيّزاً هاما عند المقبلين على الزواج في الدول النامية في أوروبا وأمريكا كما أنها تحتل حيّزاً هاما لدى الشعب الإسرائيلي واقصد هنا اليهود بالذات.

فالقانون المدني بإسرائيل، والذي يسري مفعوله على كافة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية، ينص على انه منذ اللحظة التي يتم بها عقد قران الزواج، يتحول الزوجان إلى شريكين متساويين بكل الأملاك والأموال التي سيتم اقتناؤها من قبل الطرفين خلال فترة حياتهما الزوجية، باستثناء:
1. الممتلكات والأموال التي كانت ملكا لكل واحد من الطرفين قبل الزواج
2. الهدايا التي حصل عليها الطرفان قبل وخلال فترة الزواج
3. الممتلكات التي يتم الحصول عليها بالوراثة خلال فترة الزواج
4. الممتلكات التي يتم الاتفاق عليها مسبقا بين الطرفين بان لا يتم تقاسمها في حالة الطلاق، الهجر أو الموت
5. المعاش الذي يتقاضاه احد الطرفين من التأمين الوطني
6. التعويض الذي حصل عليه احد الطرفين بحسب القانون نتيجة إعاقة أو ضرر جسدي أو حالة موت.
كذلك ينص القانون على انه يتوجب على الطرفين التقاسم مناصفة في تسديد الديون المترتبة على الطرفين والتي نتجت من خلال الشراكة الزوجية وبسببها.

كل ما ذكرته آنفا بخصوص مشاركة الزوجين بالأملاك يكون ساري المفعول شريطة أن يكون كلا الطرفين قد بذلا كل في طريقته الجهود في سبيل تطوير وازدهار ورفاهية الشراكة الزوجية. ومن الجدير بالذكر أن تربية الأطفال والاهتمام بشؤون المنزل تعتبر مشاركة بهذا الخصوص.
ولهذا نرى انه من الأهمية القصوى أن يعرف الزوجان عن وجود إمكانية قانونية لاتفاق ينظم القضايا المادّية بين الزوجين في حالة الانفصال، الهجر أو الموت والذي يمكن عقده قبل الزواج وخلال الزواج. هذا الاتفاق يهدف بالتالي إلى خلق حالة من الارتياح والرضى بين الزوجين ويوفر على الطرفين أتعاب ونفقات المحاكم في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، إضافة انه يوفر على الطرفين الوقت الذي قد يطول لفترة طويلة عبر المحاكم، ويعطي الزوجين الشعور أن زواجهما لا يتم لأهداف مادية أو استغلال الواحد للآخر وهذا بطبيعة الحال يدل على قدسية الزواج التي تكلمت عنها كل الأديان السماوية. ولعل هذا الاتفاق يوازي إلى حد ما قانون المهر أو المؤخر لدى المسلمين وعند اليهود.

أما الفحوى القانوني لهذا الاتفاق فأنه يتم تحديده تماما كأي اتفاق يتم بين طرفين، فللطرفين الحق المطلق أن يحددا أي أمر يريدانه باستثناء القضايا التي تخص الأطفال، ولعل أكثر الأشياء التي قد يحتوي عليها هذا الاتفاق تتمثل في ما يلي:
1. تعريف وتحديد الأملاك والأموال التي يتقاسمها الزوجان بحالة الطلاق، الهجر او الموت طريقة ونسبة توزيعها بين الطرفين وتحديد التوقيت لهذا التقاسم.

2. إمكانية الاتفاق على إسقاط حق النفقة للزوجة أو تحديدها بمبلغ معين في حالات معينة مثل الخيانة أو التسبب في المشاكل الزوجية.

3. كما أن هنالك إمكانية أن يتفق بين الطرفين أن يحصل الطرف الضعيف اقتصاديا في حالة الطلاق أو الهجر على مأوى أو مبلغ من المال يؤمن به مستقبله أو استمرار معيشته في الحياة.
إضافة إلى أمور أخرى كثيرة يمكن التطرق إليها من خلال هذا الاتفاق.

بقي أن نقول أن هذا الاتفاق لا يكون ساري المفعول إلا إذا تمت المصادقة عليه من قبل محكمة شؤون العائلة أو من قبل المحكمة الدينية أو كاتب العدل أو لدى رجل الدين الذي يعقد القران، أما إذا عقد هذا الاتفاق بعد الزواج فلا تصلح المصادقة عليه إلا لدى محكمة شؤون العائلة أو المحكمة الدينية.
أما بالنسبة لتغير أو إبطال الاتفاقية، خصوصا أن الحياة الزوجية قابلة للتغير، فقد تطرأ ظروف تدعو لتغيير الاتفاق بين الطرفين . على سيبل المثال تغير الوضع الاقتصادي لأحد الطرفين سواء للأحسن أو للأسوأ. ومن الجدير بالذكر أن إمكانية إبطال أو تغيير في الاتفاق تكون قانونية فقط بعد مصادقة محكمة شؤون العائلة عليها او المحكمة الدينية وهذا بعد أن تتأكد المحكمة من رضى وموافقة الطرفين على هذا الإبطال أو التغير والتأكد من لأسباب التي دعتهم لذلك.

مما لا شك فيه أن عقد اتفاقية كهذه ما قبل الزواج، لا سيما في مجتمعنا العربي، هي ليست قضية محببة ومريحة لا سيما إننا لا نملك الوعي الكافي وللأسف في هذا المجال لذا فمن المحبذ جداً أن تكون طريقة التوجه من أي طرف للآخر بخصوص توقيع اتفاقية كهذه، إنسانية نبيلة ومقنعة عبر تأكيد وإبراز الجانب الايجابي من عقد هذه الاتفاقية، والتأكيد أن هذه الاتفاقية تصب في مصلحة الطرفين وليس في مصلحة الطرف الذي يدعو لعقد هذه الاتفاقية فقط، كما انه من الأفضل للطرفين أن يتفقا وهما في حالة من الود والتفاهم من أن يتفقا وهما في حالة نزاع أو رغبة في الانتقام، فان الاتفاق في الحالة الأولى يريحهما من كل المشاكل والمحاكم التي ستأخذ من وقتهما وأموالهما الكثير الكثير، مع التأكيد أن هذا الاتفاق سوف يبقى غير ساري المفعول ومنسياً ما دام الزوجان يعيشان في ود وتفاهم.
هذا ومن المفضل للطرفين أن يقوما باستشارة قانونية لدى محام مختص في القضايا العائلية قبل صياغة بنود هذا الاتفاق والتوقيع عليه لان المحامي لديه المعرفة والخبرة القانونية في هذا المجال ويستطيع أن يسهم بدوره في كتابة الاتفاق الذي يلائم الطرفين.
خلاصة القول أن هذا الاتفاق الذي تحدثنا عنه والذي يبدو وخصوصا في مجتمعنا العربي مثيراً للشبهات اعتقد أننا بحاجة ماسة إليه فهو يسهم إسهاما ايجابياً في العلاقة الزوجية في مجتمعنا العربي لأنه بالتالي إنما وجد ليسهل على الزوجين أي طارىء قد يحدث لهما بالمستقبل لا سيما أن العلاقات التي يمر بها الطرفان غير كافية قبل الزواج لان يتعرف كل واحد على الآخر بشكل جيد ومتكامل فالظروف الزوجية تختلف كثيراً عن ظروف العلاقة التي بين الطرفين قبل الزواج.
ملاحظة: كل ما جاء في المقال آنفا هو بشكل عام لاغناء المعرفة ولا يحل مكان الاستشارة القانونية.

ملاحظة : هيئة التحرير في موقع بانيت تلفت انتباه كتبة المقالات الكرام ، انه ولاسباب مهنية مفهومة فان موقع بانيت لا يسمح لنفسه ان ينشر لكُتاب ، مقالات تظهر في وسائل اعلام محلية ، قبل او بعد النشر في بانيت . هذا على غرار المتبع في صحفنا المحلية . ويستثنى من ذلك أي اتفاق اخر مع الكاتب سلفا بموافقة التحرير.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت