تعريف التجنس واركانة :

التعريــف بالتجنـس واركانــه

يعد التجنس سببا من اسباب كسب الجنسية اللاحقة (الطارئة ) التي تمنح للافراد الذين يرومون الدخول في جنسية دولة غير دولتهم الاصلية الا ان هذا الدخول يتطلب طلبا إرادياً من الشخص طالب التجنس يقابله موافقة الدولة مانحة الجنسية .
اولا : التجنس في اللغة والاصطلاح الفقهي :

– التجنس لغةً :

التجنُّس لفظ مشتق من الجذر (ج_ن_س) الذي يعبر عن أَصل صحيح واحد يدّل على الضَّربِ من الشيء(1) وكلّ ضربٍ جنسٌ ، وهو من الناس ، والطير والاشياء جملة.الفرق بين الجنس والنوع في اصطلاح المنطقيين هو أن الجنس ما صدق في جواب ما هو على كثيرين مختلفين في الحقيقة ، والنوع ما صدق في جواب ما هو على كثيرين متفقين في الحقيقة ( كالانسان (2). ويجمع الجِنْس على أَجناس وجُنُوس ، وأَنشدَ أَبو زيد ألأَنصاريّ في وصف النخل((((((ومنهُ التَّجْنيسُ وهو إِيجاد المجانسة بين الأشياء ، والمجانسة: المشاكلة يقال: هذا يجانسُ هذا أَي : يشاكلهُ ، وجَنَّسَ الأَشياء : شاكل بين افرادها ، ونسبها إِلى أَجناسها. وتَجنَّسَ مطاوع جَنَّسَهُ . والجَنيِسُ: العريقُ في جنسهِ . والجنسيَّةُ : الصفة التي تلحق بالشخص من جهة انتسابه لشعب او امَّة، مثل :فلان مِصريٌّ او عَرَبيّ (3). والتَّجَنُّسُ طريق لاكتساب الجنسيّة(4)

– التجنس اصطلاحاً

من المعلوم لدينا ان التجنس يعد سبباً من اسباب اكتساب الجنسية الطارئة في التشريع العراقي والمقارن حيث انه يثبت للفرد في تاريخ لاحق على ميلاده ولو استند الى سبب يرجع إلى وقت الميلاد .ونظرا لما يحظى به التجنس من اهمية بالغة فقد تناوله الفقهاء بشيء من التفصيل فعرفه الدكتور غالب الداؤدي بانه (هو منح الجنسية لشخص اجنبي بناء على طلبه وموافقة السلطة بعد توفر الشروط القانونية المطلوبة فيه وانقطاع صلته بجماعة دولته الاصلية وتبنيه الولاء نحو الدولة التي تمنحه جنسيتها ، ويسمى هذا الشخص الاجنبي قبل منحه الجنسية (طالب التجنس) وبعد منحه الجنسية (متجنس) وتسمى الدولة التي تمنحه الجنسية (الدولة مانحة الجنسية)(5) كما عرفه الدكتور محمد كمال فهمي بانه (هو كسب الجنسية كسبا لاحقاً للميلاد بناء على الطلب المقترن بتوفر شروط اخرى يحددها قانون الدولة والذي تملك ازاءه حرية التقدير) (6). وعرفه الدكتور حسن الهداوي بانه (منح الجنسية العراقية من قبل الحكومة لاجنبي يطلبها )(7). وعرفه ايضا الدكتور هشام علي صادق بأنه (هو الذي يتم بافصاح الاجنبي عن رغبته في الانتماء إلى الجماعة الوطنية عن طريق طلب يتقدم به إلى السلطات المختصة في الدولة يريد اكتساب جنسيتها اذا توافرت في شأنه الشروط التي يتطلبها قانون هذه الدولة وبشرط موافقة هذه الاخيرة على هذا الطلب)(8). كما عرفه الدكتور حسن الميمي بانه (سبب من الاسباب التي يمكن بمقتضاها للشخص اكتساب جنسية دولة معينة لا تربطه بها أية صلة)(9).وعرفه الاستاذ باتيفول بانه (هو منح الجنسية من قبل الحكومة لاجنبي يطلبها) (10). ويتضح لنا مما سبق أن التعاريف التي اوردها الفقهاء هي بحقيقتها متباينة في الالفاظ الا انها متقاربة في المعاني وفي ضوء ذلك يمكننا ان نعرف التجنس بانه هو (منح الشخص جنسية جديدة غير جنسيته بناءً على طلبه المقترن بموافقة الجهات ذات العلاقة في الدولة المانحة) .وتتجلى اهمية التجنس في الدول مانحة الجنسية انها قد تحقق في الغالب زيادة في الثروة السكانية هذه الزيادة قد تكون من حيث النوع او الكم فزيادة الثروة السكانية من حيث النوع انما يقصد بها ادخال الاجانب الذين يرومون التجنس استثناءا من الشروط المنصوص عليها في قوانين التجنس العادية اذا كانوا ممن يتمتعون بكفاءات عالية تعود بالنفع العام للدولة المانحة اما زيادة الثروة السكانية من حيث الكم فتهدف الدول من خلالها إلى زيادة كثافتها السكانية(11) فالتجنس اذا :

1- طلب من قبل الشخص طالب التجنس

2- مقترن بموافقة الدولة مانحة الجنسية

اما الغاية منه فهي :

1- اما أن تكون زيادة الثروة السكانية كما ونوعا .

2- او حماية كيانها السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ثانياً: اركان التجنس :

– ارادة الفرد طالب التجنس

لقد بات معروفاً ان التجنس يعد اهم طريق من الطرق المؤدية إلى الدخول في جنسية دولة ما دخولا لاحقا على واقعة الميلاد . وبالتالي فانه يشترط في هذا التجنس وجود تعبير صريح من جانب الشخص طالب التجنس يفصح فيه عن رغبته بالدخول في جنسية الدولة مانحة الجنسية (12).ويلاحظ ان لهذا التعبير وجهين احدهما ايجابي متمثل بإرادة طالب التجنس في كسب جنسية جديدة غير جنسيته التي يحملها والوجه الاخر سلبي متمثل في رغبة طالب التجنس في التخلي عن جنسيته الاولى ، لذلك فان الوجه السلبي لا يمكن ان يتحقق اذا كان الشخص الذي يروم التجنس عديم الجنسية فيقتصر التعبير الارادي في هذه الحالة على الوجه الايجابي والمتمثل في رغبة طالب التجنس في اكتساب جنسية جديدة ، وقد يتصور ان ارادة طالب التجنس تقتصر على الوجه الايجابي فقط رغم تمتع طالب التجنس بجنسية دولة معينة وذلك فيما لو اراد هذا الشخص الاحتفاظ بجنسية بلده الاصلية الا ان السماح بمثل هذا الاجراء قد يؤدي إلى زيادة الكثافة السكانية لذلك فاننا نلاحظ ان بعض الدول قد تلجا إلى تلافي هذه الظاهرة بوسائل شتى من بينها تعليق اكتساب الفرد لجنسية الدولة المانحة على شرط زوال جنسيته الاولى أو في أقل الامور ان يفصح عن رغبته في التخلي عن هذه الجنسية كما في مصر والاردن وعلى ذلك يمكننا القول بان هناك مبادئ دولية تنص على وجوب توافر ارادة الفرد الصريحة في التجنس فالتجنس عمل ارادي وبالتالي فان امر منحه لا يقع من الدولة من تلقاء نفسها او انه يفرض على الفرد نفسه كما في الجنسية الاصلية ، وبالتالي فان فرض الدولة لجنسيتها لا يشكل قسراً لعديمي الجنسية الذين لا ينتمون إلى اية دولة ولا يشكل مساسا بسيادة اية دولة اخرى وعلى هذا فانه يتعين على الفرد طالب التجنس ان يعلن عن رغبته في اكتساب جنسية الدولة المانحة ولهذا استقرت اغلبية التشريعات على افساح المجال لارادة الافراد في مجال الجنسية الطارئة أو اللاحقة.

– ارادة الدولة مانحة الجنسية :

ان ابداء رغبة الفرد طالب التجنس لا تكفي بحد ذاتها لاكتساب جنسية الدولة المانحة فطلب التجنس يخضع للتقدير المطلق للسلطة المختصة في الدولة وبالتالي فان انعدام توفر الشروط التي يتطلبها تشريع هذه الدولة سيؤدي إلى نتيجة مفادها رفض الدولة المانحة لهذا الطلب فالتجنس منحة من الدولة المانحة يخضع لسلطتها التقديرية المطلقة فسلطة الدولة التقديرية في قبول طلبات التجنس من عدمها يهدف من ورائه تحديد عدد الداخلين في جنسية الدولة المانحة بما يتماشى مع سياستها السكانية الا اننا نلاحظ ان اكتساب الجنسية الطارئة لا يتم الا وفقا لشروط معينة تحددها السلطة المختصة في الدولة مانحة الجنسية وبالتالي فان اعمال السلطة التقديرية ستظهر لدينا بكل وضوح اذا ما تخلف شرط من الشروط الواجب توفرها في طلب التجنس حيث ان هذا الامر سيؤدي حتما إلى رفض الطلب من الدول مانحة الجنسية .

____________________

1- ابو الحسين احمد بن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، ط2،دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت ، 1979 ، ص1/486.

2-ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب لابن منظور، ط3 ، دار صادر للطباعة والنشر ، بيروت ،1994 ، ص6/43.

3- ابراهيم مصطفى واخرون ، المعجم الوسيط ، المكتبة العلمية ، ظهران ، بدون سنة طبع ، ص1/141.

4- نديم مرعشلي واسامة مرعشلي ، ط1،دار الحضارة العربية ، بيروت ، 1974 ، ص1/213.

5- د. غالب علي الداؤدي ،القانون الدولي الخاص ، الجنسية والمركز القانوني للأجانب وأحكامها في القانون العراقي ، مطابع دار الكتاب للطباعة والنشر بجامعة الموصل ، الموصل ، 1982 ، ص 40.

6- الدكتور محمد كمال فهمي ، اصول القانون الدولي الخاص ، الجنسية، الموطن، مركز الاجانب ، مادة التنازع ، ط2،مؤسسة الثقافة الجامعية ، القاهرة ، 1978 ، ص 89.

7– د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي، ط 3 ، مطبعة الارشاد ، بغداد، 1972،ص144.

8- د. هشام علي صادق ، دروس في القانون الدولي الخاص ، الدار الجامعية للطباعة والنشر ، بيروت 1983 ، ص 64.

9– حسن الميمي ، الجنسية في القانون التونسي ، مطبعة مصنع الكتاب للشركة التونسية للتوزيع ، تونس ، 1971 ، ص33.

10- Batiffol (H) et Lagarde (P) ، droit international Prive ، Paris ، 1981 ، P. 2 .

11 – حسن الميمي ، المصدر السابق ، ص 33 وبنفس المعنى انظر م8/ ف2 من قانون الجنسية العراقية ذو الرقم 43 لسنة 1963 ، و م3/ف3 من قانون الجنسية اللبناني الصادر في 1/11 لسنة 1960 .

12- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، الجنسية في التشريعات العربية المقارنة ، ج1 ، مطبعة الجيلاوي ، القاهرة ، 1975 ، ص 41 . ولقيام الجنسية يشترط توافر ثلاثة اركان هي ركن الدولة ، ركن الفرد وركن العلاقة القانونية لمزيد من التفصيل حول هذه الاركان ينظر : العميد حسن امين العرضي ، مشاكل الجنسية والتجنس في التشريع المصري ، بحث منشور في مجلة هيئة قضايا الدولة ، العدد 2 ، 1989 ، ص62 .

المؤلف : يونس محمود كريم النعيمي
الكتاب أو المصدر : احكام التجنس في قانون الجنسية العراقية
الجزء والصفحة : ص6-ص10

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .