وقصـارى القـول في الخطأ المشترك هو ان يجتمع اكثر من خطأ فينشأ الضرر او بعبارة اخرى ان الضرر لا يتولد عن خطأ الطبيب وحده بل يشترك معه في احداثه خطـأ المضرور (المريض) ، فيكـون امـام خطـأين ارتبطت بهمـا علاقـة السببيـة ، فـاذا لـم يستغرق احدهما الاخر كنا امام حالة يطلق عليها الخطأ المشترك ، كانت مسؤولية محدث الضرر (المدعى عليه) مخففة بقدر مساهمة المريض في احداث هذا الضرر ، فهي لا يزيلها خطأ المضرور بشكل مطلق وذلك لان علاقة السببية مرتبطة بكلا الخطأ بين اللذين اشتركا في الضرر(1). ويجب الاشارة الى ان مسؤولية الطبيب تجاه المريض تبقى قائمة ولا يزيلها ادعاء الطبيب بان المريض قد رضي باجراء العملية ويجب تخفيف مسؤوليته باعتبار ذلك خطأ مشتركـاً ، والصحيح هو ان يتحمل الطبيب المسؤولية بمفرده وذلك لان القبول او الرضا بالضرر هو كما اسلفنا غير العلم به. واذا ارتكـب الطبيب خطـأ تسبب فـي ضرر للمريض ، وكان المريض قد قصر في العناية بنفسه لازالة الضرر مما زاد فيـه او سـوأة ، فيجـوز للقاضي انقاص التعويض وذلك لان الخطأ يكون هنا مشتركاً فيما بينهما ، وهـذا مـا نصت عليه المادة (210) مدني عراقي اذ جاء فيها ((يجوز للمحكمة ان تنقص مقدار التعـويض او الا تحكم بتعويض ما اذا كان المتضرر قد اشترك بخطئه في احداث الضـرر او زاد فيه او كان قد سوأ مركز المدين)) (2).

ولا يخفى ان عجز النص يفصح عما يجوز للقاضي من انقاص التعويض(3).اذا كان المريض سبباً في زيادة الضـرر جراء تقصيره واللامبالاة وعدم عناية بنفسه. وهذا هو أيضا حكم الفقرة الأولى مـن المـادة 44 مـن قانون الموجبات السويسـري فقد جاء فيها ((آن للقاضي ان ينقص مقدار التعويض آو لا يحكم بتعويض ما ، إذا كان الدائن قد ساهم بخطئه في إحداث الضرر آو زاد فيه آو كان قد زاد في سوء مركز المدين)). ويجدر في الأخير آن لا نغفل تجديد الإشارة إلى مـلاحظة ذات أهمية كبرى هي ان هنالك حالتين. الأولى هي حالة استغراق أحد الخطأين للخطأ الآخـر والثانية حالة عدم استغراق أحد الخطأين للخطأ الأخر ، ففـي الحالـة الأولـى ، إذا استغرق خطأ الطبيب خطأ المريض فان الطبيب يتحمل المسؤولية كاملة ويدفع التعويض الكامل للمريض ، إذ من المحتمل جداً عدم إنقاص المحكمة لشيء من التعويض ، واما في حالة استغراق خطأ المريض خطأ الطبيب وهو يستغرقه عندما يكـون اشـد جسامة منه آو حينما يكون قد قاد أليه ، فهنا يفلت الطبيب من المسؤولية وذلك لان خطأ المريض جَبَ خطأ الطبيب ، آما الحالة الثانية فهـي حالـة عـدم استغراق أحد الخطأين للخطأ الآخر وهذا هو الخطـأ المشترك، وهنا يتعين توزيع المسؤولية بين الطبيب والمريض على قدر مشاركـة كـل منهمـا فـي أحداث الضرر ، ويتوقف مقدار ما ينقص مـن التعويض علـى رجحـان نصيب المريض او الطبيب فـي أحداث الضـرر ، وإذا لـم يستطـع القاضي أن يتبين أي الخطأين ارجح ، يوزع التعويض فيما بينهما بالتساوي(4).

_____________________

[1]- د. زهدي يكن –المرجع السابق –ص88.

وكذلك د. جاسم العبودي –المداخلات –المرجع السابق –ص30.

2- تقابها المادة 216 من القانون المدني المصري .

3- د. جاسم العبودي –المداخلات –المرجع السابق –ص304.

4- وللمزيد من التفاصيل راجع د. جاسم العبودي ، المداخلات –المرجع السابق –ص304.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .