الإعْتِقال بَين التأصِيل القانُوني و السَنَد الدُسْتُورِي

الإعْتِقال لَفْظَة شائِعَة بَين النَاس عُموماً فَما هُو الإعْتِقال و إلى ما يَسْتَنِد و ما الفَرْق بَينَهُ و بَين السِجْن أو الحَبْس

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

بِدايَة الإعْتِقال: غَالِباً سِيما في الأوِنَة الأخِيرَة هو تَحَفُظ إحْتِرازى أى يَتِم اللُجُوء إلِيه بالإسْتِثْناء مِن القانُون لِمَنْع جَرِيمَة مُتَوقَعَة ويَكُون فِى مُعْتَقَلات مُخَصَصَة لِذَلِك في الغَالِب – ويَصْدُر مِن السُلْطَة التَنْفِيذِيَة لا القَضائِية إلا أنَهُ يَجُوز الطَعْن عَلِيه أمام القَضَاء

و أما السِجْن: فَهُو إحْدَى عُقُوبات جَرائِم الجِنايات وَحٌدُها ويَتَراوَح بَين الثَلاث سَنَوات والسَجْن المُؤبد ويَتِم تَنْفِيذُه فِى السُجُون العُمُومِية المَوجُودَة بِالمُحافَظات و يَصْدُر مِن السُلْطَة القَضائِيَة

و أما الحَبْس : عُقُوبَة مُحَدَدَة زَمَنيا مِن يَوم واحِد إلى ثَلاث سَنَوات و لِلْقاضِي الحُرِيَة فِي تَحٌدِيدُها ما لَم يَرِد نَص مُحَدَد بِمُدَة مُعَينَة لِجُنْحَة مُعَيَنَةويَتِم تنَْفِيذ عُقُوبَة الحَبْس فِي حَجْز الأقْسَام أو بِحَجْز الإسْتئِناف ولَيس فِي السُجُون العُمُومِيَة إلا أن هَذا لَيس شَرْطاً فَهُو مُتَوَقِفاً عَلى الأعْداد و التَجهيزات في كُل حَجْز أو ” حَبْس” و بِالطَبْع يَصْدُر مِن السُلْطَة القَضائِيَة مِثْل سالِفَهُ ” السِجْن “

تَعْرِيف الإعْتِقال لُغَة و إصْطِلاحاً :

بَعْدَما وَقَفْنا إخْتِصاراً عَلى الفَرْق بَين الإعْتِقال و غَيرُهُ مِن العُقوبات السالِبَة لِلْحُرِيَة جَدِيراً بِنا أن نُعَرِفَ الإعْتِقال لَغَوياً و إصْطِلاحاً ليَتَسَهَل مَعْرِفَة سَنَدُهُ لاحِقاً
الإعْتِقال يَعْنِي حَبْس المُتَهَم فَيُقال أعْتَقِلَ فُلان أي أحْبِس فُلان و المُعْتَقَل هُو المَحْبَس أو الحِصْن

– الإعْتِقال في أصْل الْلُغَة: يَعْنِي تَقِيد حُرِيَة الشَخْص بِتَقْيِيِد حَرَكَتُهُ مِما يَتَسَبَب لَهُ في ألَم مُبْرِح فَيُقال عُقِلَ فُلان أي ضُمَ رَسْغ يَدُهُ إلى عَضِدَهُ و رَبَطَهُما مَعاً بِالعَقال فَيَبقى بَارِكاً
و يُقال عَقَل الرَجُل أي لَوى رِجْلَهُ و أوْقَعَهُ عَلى الأرْض
و يُقال العُقال أي إنْقِباض شَدِيد التَوَتُر مُؤلِم في بَعْض العَضَلات بِسَبَب وُقُوف الحَرَكَة وَقْتِياً

و هُو أيضاً في الْلُغَة يَعْنِي القَيد المُسْتَعْمَل في الإمْساك بِالشَخْص فَيُقال العَقال أي الحَبْل الذي يُعْقَل بِهِ البَعِير و يُقال العَقْلَة أي ما يُعْقَل بِهِ كَالقَيد

و هُو كَذَلِكَ في الأصْل اللَغَوِي المَنْع مِن الكَلام و إبْداء الرَأي , فَيُال أعْتَقِل لِسانُهُ أي حُبْس عَن الكَلام , و يُقال أعتُقِلَ قَلَمُهُ أي مُنْع مِن الكِتابَة , و يُقال اعْتُقِل فِكْرُهُ أي مُنِعَ مِن إبْداء الرأي

و في سَطْرٍ واحِد هُو الحَبْس و الرَبْط و الإمْساك و المَنْع

– الإعْتِقال في الإصْطِلاح : لِيَتَسَنى لَنا التَعَرُف بِالإعْتِقال إصْطِلاحاً , يَجِب عَرْض عِدَة تَعْرِيفات مِن خِلالِها يَتَضِحَ لَنا ماهِيتُهُ

* أمْر الإعْتِقال قَرار إداري يَصْدُر مِن رَئِيس الجَمهُورِيَة أو مَن يُفَوِضَهُ مَتى أعلِنَت قانُوناً حالَة الطَوارِئ , بِمُوَجبُهُ تُقَيَد حُرِيَة شَخْص ما و هُو المُعْتَقَل لِخُطورَتُهُ عَلى الأمْن و النِظام العام , و يَخْضَع أمْر الإعْتِقال لِرَقابَة القَضاء إلْغاءاً و تَعْوِيضاً
د/ ماجِد رُزِيق

* قَرار الإعْتِقال رُخْصَة خَوَلَهَا القَانُون لِرَئِيس الدَولَة أو مَن يُفَوِضَهُ مَتى أعْلِنَت حَالَة الطَوارِئ قَانُوناً و كان الشَخْص المُعْتَقَل مِمَن يُمَثِلُون خَطَراً عَلى الأمْن العام أو النِظام العام , مَع حَق المُعْتَقَل في التَظَلُم مِن إعْتِقالُهُ و حَقِهِ – بِشُروُط – في طَلَب التَعْوِيض
د / أمَيمَة فَاضِل

* أمُر الإعْتِقال رَهِين بِحالَة الطَوارِئ , فَمَتى تَعَرَضَت الدَولَة لِحالَة تُبِيح إعْلان حالَة الطَوارِئ , اُجِيزَ قَانُوناً إعْتِقال الأشْقِياء و الخَطِرِين عَلى الأمْن و النِظام العَام و يَنْبَغِي ألا يَتَجَاوَز أمْر الإعْتِقال الفِئات التي تُشَكِلَ خَطَراً حَقِيقياً و داهِماً عَلى الأمْن و النِظام العَام
د / أحْمَد مُوسَى سُلْطان

* مَتَى اُعْلِنَت حَالَة الطَوارِئ تَرَخَصَ بِمُوجَب قَانُون الطَوارِئ لِرَئِيس الدَولَة أو لِمَن يُفَوَض عَنهُ أن يَعْتَقِلَ الخَطِرِين و الأشْقِياء و مُثِيِرِي الفِتَن حِفاظَاً عَلى كَيان المُجْتَمَع السِياسِي و الإجْتِماعي و الإقْتِصادِي
المُسْتَشار / أحْمَد صِيام

* إعْلان حَالَة الطَوارِئ هُو ما يُجِيز قانُوناً إعْتِقال شَخْص ما بِدَعوى خُطُورَتُهُ عَلى الأمْن و النِظام العَام , و لِلْمُعتَقَل بِإعْتِبار قَانُونِيَة عَمَل الإعْتِقال حَق الطَعْن عَلَيِهِ بِالتَظَلُم مِنهُ وِفْقاً لِقانُون الطَوارِئ
أسْتاذ / عَادِل صِدِيق المُحامِي

و مِما تَقَدَم نَسْتَخْلِص أن قَرار الإعْتِقال لا يَسْتَقِيم إلا بِأمُور عِدَة :

1- أمْر الإعْتِقال عَمَل قانُوني
2- أمراً مُقْتَرِناً بِزَمَن إعْلان حالَة الطَوارِئ
3- لِلْمُعْتَقَل حَق التَظَلُم و التَعوِيض في حالَة التَعَسُف أو بُطلان الأمْر بَيد أنهُ وَجَب التَنوِِيه إلى أن هاتِين الحالَتِين فَقَط حَصراً هُما ما يُمَكِنان المُعْتَقَل مِن طَلَب التَعوِيض أما الإعْتِقال كَعَمَل فَلا يُوجِب التَعوِيض

الأساس القَانُوني لِلْإعْتِقال :

و كَما سَبَقَ أعْلاه الإعْتِقال قَرِين بِحالَة الطَوارِئ , فَهُو مُقْتَرِن بِها حَصْراً بَمَعنى أنهُ لا حَدِيث عَن الإعْتِقال أو أوامِر الإعْتِقال أو قَرَارات الإعْتِقال إلا إذا اُعَلَنَت حالَة الطَوارِئ , و مِن هُنا فإن التأصِيل القَانُوني لِها هُو مَواد قَانُون الطَوارِئ , كالآتي :

[frame=”7 80″]مادة 3
لرئيس الجمهورية متى أُعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتيــة:

1- وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإنتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وإعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.
2- الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.
3- تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها ، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.
4- الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والإلتزامات المستحقة والتي تستحق على ما تستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة.
5- سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للإنفجار أو المفرقعات على إختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.
6- إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة في أول اجتماع له[/frame]

و في المادَة اللْاحِقَة عَلى السالِفَة و هِيَ المادَة 3 مُكَرَر التأصِيل القَانُوني لِلْتَظَلُمَ مِن قَرار الإعْتِقال و بَيان ما كُفِلَ لَلْمُعْتَقَل مِن حُقُوق مِثْل حَقِهِ في التَظَلُم و مَعْرِفَة الأسْباب لإعْتِقالُهُ كَمُقَدِمَة و مَعْرِفَة أسْباب إصْدَار القَرار بِالرُجُوع لِمُذَكِرَة أسْباب الإعْتِقال و التِي تَلْتَزِم بِتَقْدِيمُها وِزارَة الدَاخِلِيَة حال الطَعْن عَلى قَرار الإعْتِقال أو التَظَلُم مِنهُ , و يَنبَغي الإشارَة إلى عِدَة مُلاحَظات و هِي :

1 – أن الدَاخِلِيَة لأ تَلْجأ إلى تَسِبيب أمْر الإعْتِقال بَصُورَة دَقيقَة إلا إذا تَقَدَم المُعْتَقَل أو أحداً سِواه بِتَظَلُم مِن قَرار الإعْتِقال عَلى أساس أن هَذه الأسْباب تَخْضَع لِرِقابَة القَضاء
2 – أن التَسْبِيب يُقَدَم في صُورَة مُذَكِرَة بأسْباب الإعْتِقال و هي التَحَرِيا الشُرْطِيَة التي تُجريها أجْهِزَة الداخِلِيَة المُتَخَصِصَة
3- يَجِب أن يُبَلَغ فَوراً كُل مَن يُعْتَقَل بأسْباب إعْتِقالُهُ و يَكُون لَهُ الحَق في الإتِصال بِمَن يَراه و الإسْتِعانَة بِمُحام و يَجِب مُعامَلَتُهُ مُعاَمَلَة المَحبوس إحْتِياطِياً
4 – لِلْمُعْتَقَل و لِكُل ذِي شأن أن يَتَظَلَم مِن الإعْتِقال إذا إنْقَضى ثَلاثُون يَوماً مِن تارِيخ صُدُورِهِ دُون أن يُفْرِج عَنهُ و يَكُون التَظَلُم مِن قَرار الإعْتِقال بِطَلَب يُقَدَم بِدُون رُسوُم إلى مَحْكَمَة أمْن الدَولَة العُليا و تَفصِل الأخِيرَة بِقَرار مُسَبَب خِلال خَمْسَة عَشَر يَوماً مِن تارِيخ تَقدِيم التَظَلُم بَعْد سَماع أقوال المُعْتَقَل و إلا تَعَيَن الإفْراج عَنهُ و يَكُون قَرار المَحْكَمة نافِذا ما لَم يَعْتَرِض عَليه وَزِير الداخِلِيَة خِلال خَمْسَة عَشَر يَوماً مِن تارِيخ صُدُورِه – و هُو ما يَحدُث دوماً – و فِي كُل الأحْوال يَكُون لِمَن رُفِض تَظَلُمَهُ الحَق في أن يَتَقَدَم بِنِظام جَدِيد كُلَما إنْقَضى ثَلاثُون يَوماً مِن تارِيخ رَفْض التَظَلُم

الإسْتِناد إلى الدُسْتُور :

بِالطَبْع لَم يَحوي الدُستور ما في قَانون الطَوارِئ مِن مُفارقات و مُهاتَرات و ثَغَرات و تَخوِيل لِلْسُلْطَة التَنفيذِيَة , بِالقَبْض و الإعْتِقال و التَوَسُع في ذَلِكَ مِثْلَما إسْتْعرَضنا بَعْض ما وَرَدَ في هَذا القانُون بِحيادِيَة سَواءاً مِن ناحيَة الماهِيَة و حُقوق المُعْتَقَل أعْلاه , بَل رُبَما شَدَد عَلى نُقطَتَيِن في غايَة الأهَمِيَة و هُما الحِفاظ عَلى الحُرِيَة الشَخصيَة و عَدَم صَلاحِيَة تَقيِدُها إلا مِن خِلال السُلْطَة القَضائِيَة و ذَلِكَ كَما يَلي مِن مَواد الدُستور :

[frame=”7 80″]مادة(40):
المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

مادة(41):
الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون.

ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى.

مادة(42):
كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا، كما لا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.

بَيد أن الإسْتِناد الحَقيقي لِلْإعْتِقال يَنْدَرِج حَصْرِياً في مادَة واحِدَة و فيها إضْطراب حَيثُ لَم تُوَضِح أن الإعْتِقال بِيَد السُلْطَة التَنفِيذِيَة و لَم تُعطِي هَذا المَجال الواسِع لِلْإعِتقال سِيما السِياسِي مِنهُ و تَنُص عَلى :

مادة(71):
يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو إعتقاله فورا، ويكون له حق الإتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الإستعانة به على الوجه الذى ينظمه القانون، ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه، وله ولغيره التظلم أمام القضاء من الإجراء الذى قيد حريته الشخصية، وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفضل فيه خلال مدة محددة وإلا وجب الإفراج حتما