الموقف الدستوري والقانوني لنشر “هل صليت على النبي اليوم؟”بقلم المستشار محمود عبد المنعم :

حرية العقيدة مصونة دستوريا في كل دساتير مصر المتعاقبة ، وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية . إذن نجد أن حرية العقيدة تبيح للإنسان أن يعتنق دينا معينا وهي مطلقة من كل قيد فلكل فرد الحق في أن يعتنق أي دين أو أن يترك دينه أو أن لا يدين بأي دين ، أما حرية ممارسة الشعائر الدينية ، والتي تتعلق بمزاولة شعائر الدين ، فإنها مقيدة ، فنجد أن القانون المصري يدخل عليها بعض القيود سواء للمحافظة على النظام العام أو لمنع التعارض بين الأديان المختلفة .

كما أن الدين الإسلامي قد عمل على إزالة الفتنة في الدين وحمى حرية القول إلا ما يكون خادشا للناموس الاجتماعي من قول غير حسن أو عبارة جارحة للحياء. وفي المقابل لا يمكن للدولة سرا أو علانية أن تيسر الانضمام إلى عقيدة ترعاها إرهاقا لآخرين من الدخول في سواها ، كما أنه لا يجوز لها فصل حرية العقيدة عن حرية ممارسة الشعائر الدينية لأن كل منهما تكمل الأخرى ، وهو ما يعني تكاملهما وأنهما قسيمان لا ينفصلان وأن ثانيهما تمثل مظاهر أولاهما باعتبارها انتقالا بالعقيدة من مجرد الإيمان واختلاجها في الوجدان إلى التعبير عن محتواها عملا ليكون تطبيقها حيا فلا تكمن في الصدور ومن ثم ساغ القول بأن أولاهما لا قيد عليها وأن ثانيتهما يجوز تقييدها توكيدا لمصالح عليا ترتبط هي بها ، وبوجه خاص ما يتصل منها بصون النظام العام والقيم الأدبية وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم .

هذا هو ما استقر عليه القضاء الدستوري المصري ، وبالنظر إلى ما تقدم نجد أن نشر هذا الملصق( هل صليت على النبي اليوم) إذا نظرنا إليه دون النظر إلى نوايا من ينشرونه هو فعل لا يعاقب عليه القانون وكفله الدستور أيضا ، شريطة ذلك ألا يكون قد تم نشره على السيارات ، حيث ان نشره بهذا الشكل على السيارات يمثل مخالفة للمادة (74) من قانون المرور والتي تنص على :

مع عدم الإخلال بالتدابير المقررة فى هذا القانون أو بأية عقوبة أشد فى أى قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد عن خمسمائة جنيه كل من إرتكب فعلا من الأفعال الآتية : البند العاشر- اضافة ملصقات او معلقات او وضع اية كتابة او رسم او ايه رموز او ايه بيانات اخري غير تلك الواجبة بحكم القانون واللوائح علي جسم المركبة او اي جزء من اجزاءها او لوحاتها المعدنية . وفي جميع الاحوال تضاعف عقوبة الغرامة المالية عند ارتكاب اي من الافعال المشار اليها خلال ستة اشهر من تاريخ الحكم النهائي بالادانة ” ، هذا من ناحية و من ناحية أخرى فمن الممكن أن تكون أجهزة الأمن قد رأت أن نشر هذا الملصق يعمل على تحريك مشاعر الفتنة الطائفية ، وأن مناهضة هذا الملصق يعمل على وأدها .

وأخيرا إذا كان هذا هو اتجاه أجهزة الأمن حيال ذلك ، فإننا نناشد الجميع بأن يكفوا عن نشر أي ملصقات من شأنها أن تجعلهم يقعون تحت طائلة القانون ، وأن يكف الجميع عن نشر هذا الملصق ، خاصة وأن فكرة النظام العام والآداب العامة فكرة مطاطة ، وحتى لا يخرج علينا من يقوم بنشر ملصق للدين المسيحي مثل (هل صليت على المسيح اليوم ) وتصبح بداية لفتنة كبيرة لا يقدر أحد على إخمادها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .