مسؤولية صاحب الوظيفة الاشرافية عن أعمال مرؤوسيه في القوانين المصرية – اجتهادات قضائية

الطعن 661 لسنة 42 ق جلسة 19 / 11 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 46 ج 1 ق 15 ص 123 جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار .د/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: على فكرى حسن صالح، ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.
————–
(15)
الطعن رقم 661 لسنة 42 القضائية
(أ) اختصاص – المحاكم التأديبية – المحكمة التأديبية صاحبة الولاية العامة في التأديب اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعون في قرارات الجزاءات التأديبية يمتد ليشمل طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة على تلك الجزاءات وغيرها من الطلبات المرتبطة بها ما دامت تلك الطلبات قائمة على أساس قانوني واحد هو قرار الجزاء وما استند عليه من وقائع – أساس ذلك – أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع وحتى لا تؤدى تجزئة المنازعة إلى تضارب الأحكام الصادرة بشأنها.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – تأديب – مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية عن أعمال مرؤوسيه.
تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل المخالفات التي تقع من مرؤوسيه – ليس مطلوبا من الرئيس أن يحل محل كل مرؤوس في أداء واجباته الوظيفية لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري واستحالة الحلول الكامل محل جميع الرؤساء – إذ كان من واجبات رئيس العمل أن يتابع أعمال معاونيه للتحقق من دوام سير العمل بانتظام واضطراد إلا أنه ليس مطلوبا منه أن يحيط بكل وقائع العمل الذى يقوم به كل منهم – أساس ذلك – أن المشرع السماوي لا يكلف نفسا إلا وسعها فإن المشرع الوضعي لا يجوز أن يحمل ما يخرج عن حدود طاقته فيساء له عن كل خطأ وقع من أحد مرؤوسيه. تطبيق.

إجراءات الطعن:
في يوم السبت الموافق 9/ 12/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 661/ 42ق.ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 28/ 10/ 1995 في الطعن رقم 117/ 21ق والذى قضى فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للطاعن تعويضا مقداره خمسمائة جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الطعن على قرار الجزاء المطعون فيه ورفض طلب التعويض وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن في الشق الخاص بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات وباختصاص القضاء الإداري بنظره.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها فحصا وموضوعا ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص تنفيذا لقرار رئيس مجلس الدولة في هذا الشأن وبجلسة 15/ 10/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وصرحت للخصوم بمذكرات خلال أسبوعين ولم ترد ثمة مذكرات خلال الأجل المضروب.
وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 20/ 12/ 1992 كان المطعون ضده قد أقام الطعن رقم 117/ 21ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا وطلب في ختامه الحكم بإلغاء القرار رقم 400/ 1992 فيما تضمنه من مجازته بخصم ثلاثة أيام من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات كما طلب تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به من جراء ذلك القرار.
وذكر شرحا لطعنه أن القرار المطعون فيه صدر لما نسب إليه من أبان انتدابه مشرفا عاما على لجان تقرير درجات مادة الدراسات الاجتماعية لامتحان نصف العام الدراسي 91/ 92 بقطاع شبين القناطر من أنه أهمل في عمله مما أدى إلى عدم تصحيح إجابة الأسئلة الثالث والرابع والخامس من ورقتي الإجابة رقمي 17062 و 18798 – سرى دراسات اجتماعية ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته القانون لأن طبيعة عمله هي إعداد اللجان وتوزيع العمل على المصححين والمراجعين ورؤساء الحجرات من خلال الإشراف فقط دون الاشتراك في اعمال التقدير والمراجعة وأن لكل حجرة موجه يتسلم أوراق الإجابة من الكونترول مباشرة بعد التصحيح والمراجعة ثم يتولى المعاون المختص تسليم الأوراق إلى الكنترول دون تدخل منه وهذه الأمور جميعها لم يستظهرها المحقق لتحديد المسئول الفعلي عن المخالفة المشار إليها.
وبجلسة 28/ 10/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها الطعين والقاضي بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الإدارة بأن تؤدى للطاعن تعويضا قدره خمسمائة جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وشيدت المحكمة قضاءها على انتفاء مسؤولية الطاعن عن أعمال التقدير والمراجعة والتي يسال عنها رؤساء حجرات التقدير وانتهت المحكمة إلى عدم مشروعية القرار بشقيه مما يستوجب إلغاءه كما قضت المحكمة بتعويض مقداره خمسمائة جنيه جبرا للضررين المادي والأدبي اللذين حاقا بالطاعن على النحو المبين تفصيلا بمدونات الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب تخلص في أن المحكمة التأديبية غير مختصة بالطعن على الشق الخاص بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات وأن قرار الجزاء المطعون فيه قام على سبب صحيح لأن مسئولية المشرف العام لا تقتصر على إعداد اللجان بل تمتد إلى عملية المراجعة درأً لأخطاء المصححين كما أن طلب التعويض غير قائم على سند من الواقع والقانون ما دام قرار الجزاء مشروعا.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعون في قرارات الجزاءات التأديبية يمتد ليشمل طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة على تلك الجزاءات وغيرها من الطلبات المرتبطة بها ما دامت الطلبات قائمة على أساس قانوني واحد هو قرار الجزاء وما استند عليه من وقائع ومرد ذلك إلى مبدأ من مبادئ الاختصاص القضائي يقضى بأن قاضى الأصل هو قاضى الفرع وحتى لا تؤدى تجزئة المنازعة إلى تضارب الأحكام الصادرة بشأنها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون المحكمة التأديبية مختصة بنظر المنازعة في حرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات باعتبارها فرعا من قرار الجزاء المطعون فيه مما يتعين معه والحال كذلك الالتفات عما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة في هذا الشأن.
ومن حيث أن تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل المخالفات التي تقع من مرؤسيه – ليس مطلوبا من الرئيس أن يحل محل كل مرؤوس في أداء واجباته الوظيفية لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري واستحالة الحلول الكامل محل جميع الرؤساء – إذ كان من واجبات رئيس العمل أن يتابع أعمال معاونيه للتحقيق من دوام سير العمل بانتظام واضطراد إلا أنه ليس مطلوبا منه أن يحيط بكل وقائع العمل الذى يقوم به كل منهم – أساس ذلك – أن المشرع السماوي لا يكلف نفسا إلى وسعها فإن المشرع الوضعي لا يجوز أن يحمل العامل ما يخرج عن حدود طاقته فيساء له عن خطأ وقع من أحد مرؤسيه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان مشرفا عاما على لجان تقدير درجات مادة الدراسات الاجتماعية لامتحان نصف العام الدراسي 91/ 92 بقطاع شبين القناطر بمحافظة القليوبية وقد نسبت إليه اهماله في عمله مما أدى إلى عدم تصحيح إجابات الأسئلة الثالث والرابع والخامس بورقتي الإجابة رقمي 17062و 18798.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن عملية تصحيح أوراق
الإجابة تتم من خلال لجان لكل منها حجرة مستقلة تضم المصححين والمراجع ورئيس الحجرة المشرف عليهم وأن ورقة الإجابة رقم 17062 كانت لدى اللجنة رقم (3) بالحجرة رقم (2) وكان المسئول عن تقدير درجات السؤال الثالث …….. والمسئول عن السؤال الرابع ……. والمسئول عن السؤال الخامس ….. والمسئول عن عملية المراجعة هو ……… ويرأس الحجرة …….. أما ورقة الإجابة رقم 18798فقد كانت لدى اللجنة رقم (1) بالحجرة رقم (1) وكان المسؤول عن تصحيح السؤال الثالث ……. والمسئول عن تصحيح السؤال الرابع ……. والمسؤول عن السؤال الخامس ………. والمسئول عن عملية المراجعة ……… ويرأس الحجرة ……. وقد قرر المطعون ضده في صحيفة طعنه أن تقدير الدرجات بمعرفة المصححين والمراجعين يتم تحت إشراف رئيس الحجرة ثم يتولى المعاون المختص تسليم أوراق الإجابة بعد تقديرها إلى الكنترول مباشرة دون تدخل من المطعون ضده ولم تدحض جهة الإدارة ذلك البيان الأمر الذى تستظهر معه المحكمة أن المسئولية عن عدم تصحيح بعض الأسئلة بورقتي الإجابة المنوه عنها تنحصر في المصحح المسئول عن تقدير درجة السؤال الخاص به والمراجع الذى يتولى عملية المراجعة داخل اللجنة ثم رئيس الحجرة المشرف على من فيها من مصححين ومراجعين أما المطعون ضده بوصفه مشرفا عاما على اللجان فلا دور له في عمليتي التصحيح والمراجعة والقول بغير ذلك هو تكليف مستحيل ولا يتفق وطبيعة الوظيفة الإشرافية.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه إذ قضى بمجازاته قد صار مخالفا للقانون فاقدا لتوكيد السبب بعد ثبوت عدم مسئولية المطعون ضده عن المخالفة المنسوبة إليه وهو ما استظهره الحكم المطعون فيه وأن كان لغير ما تقدم من أسباب.
ومن حيث إنه عما قضت به المحكمة من تعويض المطعون ضده بمبلغ خمسمائة جنيه جبرا لما أصابه من أضرار مادية وأدبية فلا تثريب عليها فيما قضت به بعد أن استظهرت توافر عناصر المسئولية الإدارية من وقوع خطأ يتمثل في إصدار قرار مخالف للقانون على النحو السالف بيانه ومن توافر الضرر المادي المتمثل في حرمان المطعون ضده من المزايا المادية للمشاركة في أعمال الامتحانات منذ عام 92 وحتى صدور الحكم والضرر الأدبي المتمثل في الألم النفسي الذى عاناه من اهتزاز مركزه أمام مرؤسيه وزملائه لما يرتبه القرار الصادر بإبعاده عن أعمال الامتحانات من خلال الشك حول سمعته وإشاعة عدم الثقة فيه بين زملائه ومرؤسيه وإذ انتهى الحكم إلى هذه القيمة فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الطعن الماثل غير قائم على سند من الواقع والقانون مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .