المستشار القانوني الشجاع في الشركات
قبل شراء أسهم في شركة بهدف الاستثمار وليس المضاربة، لا بد أن تتأكد من قوة إدارتها، لكون الإدارة من أهم أسباب النجاح أو الفشل لأي عمل. وتتمثل قوة الإدارة في ثلاثة أشخاص هم الرئيس التنفيذي والمراقب المالي والمستشار القانوني. ويحرص مجلس الإدارة غالباً على اختيار الرئيس التنفيذي الجيد لكنه يهمل الموقعين الآخرين رغم أهمية كل منهما، وربما ترك أمر اختيارها وتحديد صلاحياتهما ومرتباتهما وترقياتهما للرئيس التنفيذي، الذي قد يفضل اختيار من لا يرفض له أمراً أو حتى يبدي وجهة نظر صريحة في أي قرار يصر الرئيس على اتخاذه حتى لو لم يكن صواباً، ويعرض مصلحة الشركة وأعمالها للخسائر والأخطار.

وحيث إن المدير المالي معروف دوره ومهامه لدى معظم الناس، فإن حديثي اليوم سيكون مقصوراً على أهمية المستشار القانوني، بشرط أن يكون شجاعا لا يخشى في قول الحق لومة لائم، حتى لو كان اللائم رئيس الشركة أو مديرها.

وهذه الصفة تنطبق على زميل فقدناه في نهاية الأسبوع الماضي وهو المستشار القانوني ميرغني عبد الله مالك – رحمه الله – الذي عملت وإياه سنوات طويلة في إحدى الشركات العربية المشتركة، فكان لرأيه المهني والصريح الذي يصدح به في مجلس إدارة الشركة وفي اجتماعات إدارتها العليا، أثر كبير في تحقيق النجاح لهذه الشركة وإبعادها عن مخاطر كان يمكن أن تتعرض لها لو لم يكن لديها مستشار قانوني شجاع مثل ميرغني مالك، أو لو كانت تعتمد على مكاتب خارجية للاستشارات تقدم رأياً رمادياً لا يضع النقاط على الحروف كما تفعل معظم الشركات رغم تنوع نشاطاتها وعقودها التي تحتاج إلى قراءة قانونية متأنية قبل التوقيع عليها، وقبل أن تقع الفأس بالرأس – كما يقال.

وعودة إلى موضوع اختيار المراقب المالي والمستشار القانوني أقول إن الشركات العالمية الناجحة تضع هاتين الوظيفتين في صف الرئيس التنفيذي تماماً من حيث المرتبات والمزايا، وتربط تعيينها وترقياتها بمجلس الإدارة، حيث لا يكون عليهما أي تأثير أو ضغوط، ويترتب على ذلك اختيار المؤهلين وذوي الخبرة والكفاءة، ولو أضيف إلى ذلك ثقافة واسعة كما كانت حال زميلنا الراحل ميرغني مالك، لأصبحت حالة تميز تستحق الإشادة في سياق الهدي النبوي الشريف بأن نذكر محاسن موتانا. فلقد كان الفقيد صاحب ثقافة موسوعية في الاقتصاد والمصرفية وفي الأدب والسياسة، وكان يقرأ بنهم باللغتين العربية والإنجليزية ويكتب مقالات يستعمل فيها مفردات غنية وفريدة في اللغتين أيضاً، كما أنه يملك من الإقناع حينما يكتب أو يتحدث قدراً كبيراً يشهد به الجميع.

وأخيراً: هكذا يجب أن يكون المستشار القانوني في شركاتنا، والمساهمة منها خصوصاً، متمكناً من تخصصه مخلصاً وشجاعاً في إبداء الرأي لكي نطمئن على حماية مصالح المساهمين في هذه الشركات وبالذات صغار المساهمين الذين يعتبر المستشار القانوني وكيلهم المدافع عن حقوقهم التي لا يستطيعون معرفتها، أو الوصول إلى إدارة الشركة للمطالبة بها في الوقت المناسب.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت