مخاطر قانون الإعلام الإلكتروني الكويتي الجديد
لا تزال الساحة الكويتية تضج حيال ما يسمى بـ”قانون الإعلام الموحد”، الذي أدرج للمرة الأولى شبكة التواصل الاجتماعي، ضمن الإعلام الإكتروني الذي تنطبق عليه أحكامه. وهذا ما يجعل جميع التغريدات عبر موقع Twitter أو النشر عبر Facebook، خاضعة للعقوبات والجزاءات المالية الواردة في قانون الإعلام، شأنها شأن ما يُنشر في الصحف والقنوات التلفزيونية، بعد أن كانت مثل هذه المخالفات تُحاكم وفق قانون الجزاء.

وأثار القانون، الذي تعتزم الحكومة تطبيقه لتنظيم الإعلام الإلكتروني، جدلاً كبيراً واعتراضات واسعة، إذ اعتبر الكثير من النشطاء أنه يشكّل خطراً على حرية الصحافة، خصوصاً أنه يتضمن عدداً من المصطلحات التي تحتمل تفسيرات واسعة. مثلاً حين ينص القانون على “عدم مخالفة الآداب العامة”، فهذه الكلمة لها تفسيرات قد تؤدي إلى تقييد حرية التعبير.

أبرز بنود المشروع

ينص المشروع على إيداع 5 آلاف دينار (نحو 16 ألف دولار)، أو ضمان مصرفي كفالة للصحافة الإلكترونية والخدمات الإخبارية، و10 آلاف دينار (نحو 32 ألف دولار)، للقنوات الفضائية والمصنفات المرئية والمسموعة الإلكترونية، تحسم منها الغرامات والتعويضات والالتزامات المستحقة لوزارة الإعلام، على أن تسدد خلال شهرين، وإلا يتم إلغاء الترخيص.

جاء كذلك في مشروع القانون، أنه “لا يجوز بيع أو التنازل عن الترخيص، إلا بموافقة وزارة الإعلام، وللورثة الحق في نقل الترخيص لشخص آخر بموافقة الوزارة”.

ولعل أبرز ما جاء في مشروع القانون، المادة 17 التي نصت على: “يحظر على المواقع الإعلامية الإلكترونية الخاضعة لأحكام هذا القانون، ومقدمي خدمة النفاذ لتلك المواقع نشر أو بث أو إعادة بث أو إرسال أو نقل أي محتوى يتضمن أياً من المسائل المحظور نشرها وبثها وإعادة بثها المنصوص عليها في القانونين رقمي 3 لسنة 2006 (قانون المطبوعات والنشر) و61 لسنة 2007 (قانون المرئي والمسموع) المشار إليهما، وفي حالة المخالفة، يعاقب المسؤول بالعقوبة المقررة بالمادتين 27 و28 من القانون رقم 2006 أو المادة 13 من القانون رقم 61 لسنة 2007 كل بحسب الأحوال”.

كما يعاقب بالعقوبة نفسها المستخدم الذي يصدر منه المحتوى المتضمن أي من المسائل المحظورة المشار إليها في الفقرة السابقة، إذا تم وضع هذا المحتوى في متناول الجميع. ويجوز للمحكمة فضلاً عن ذلك أن تأمر بإلغاء الترخيص، أو وقفه لمدة لا تزيد على سنة أو حجب الموقع الإلكتروني نهائياً أو مؤقتاً لمدة لا تزيد على سنة. كما تضمنت المادة 18 منه ضرورة عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون، عدا ما نص عليه في المادة 16، بالغرامة التي لا تقل عن 500 دينار (نحو 1600 دولار)، ولا تزيد على ألف دينار (نحو 3200 دولار).

اتحاد الإعلام الإلكتروني

وكان اتحاد الإعلام الإلكتروني، أول الرافضين لهذا القانون، إذ أوضح أمينه العام محمد العرادة لرصيف22، أن “هذا المشروع فيه الكثير من النقاط التي تخالف الدستور الكويتي ومبادئ الحريات التي نص عليها علاوة على تكميمه للأفواه”.

وأكد أن “هناك الكثير من العيوب كالمادة 4، التي يجب تعديلها كي لا تحارب المشاريع الشبابية الصغيرة. والمادة 7 التي يجب توضيحها، كون المكان المعني يجب أن يكون عنوان المنزل، والمادة 10 التي تتيح للوزير رفض الترخيص من دون إبداء أي سبب، والمادة 11 التي فيها تكاليف مالية لا تتوافق مع مقدور الشباب في دولة الكويت، وقد تضطرهم لتلقي الأموال”، مشيراً إلى أن “الوزارة يجب أن تستخدم أسلوب الترغيب لا الترهيب”.

وأضاف العرادة: “كذلك المادة 14 التي تتضمن مخالفة صريحة للدستور الكويتي، من خلال تسليم البيانات، ويجب أن توضح أنها بيانات الشخص لا الموقع حتى لا تخالف المادتين 30 و37 من الدستور الكويتي، التي تنص الأولى منهما بأن الحرية الشخصية مكفولة، والثانية المخصصة لحرية الصحافة”. مؤكداً في الوقت نفسه أن “الدستور الكويتي كفل المراسلات السرية”.

هجمة حكومية على الحريات

ورأى المحامي الدكتور محمد مساعد الدوسري أن “مشروع قانون الإعلام الإلكتروني المقر من الحكومة لعرضه على مجلس الأمة، هو مشروع يأتي ليستكمل الهجمة الحكومية على الحريات والحقوق للمواطن الكويتي في الفترة الأخيرة، ولا يختلف في سياقه عن قوانين أخرى تضيق على حريات المواطنين”.

وبيّن أن “أبرز سلبيات هذا القانون، إعطاء الصلاحية للسلطة التنفيذية بحجب المواقع الإلكترونية بحجة عدم الترخيص، فضلاً عن إعطاء القانون صلاحية حجب المواقع أيضاً للمحكمة بناءً على طلب النيابة العامة حتى في فترة التحقيق والمحاكمة، أي قبل صدور حكم نهائي والبت بالإدانة من عدمها”.

وأشار الدوسري إلى أن “هناك سلبيات أخرى كثيرة ومخالفات للدستور الكويتي، تتعلق بالمواد 18 و36 و37 التي تتحدث عن الملكية الخاصة والحق في التعبير وحرية الصحافة، وهو ما عارضته مواد من مشروع قانون الإعلام الإلكتروني المعروض”. مؤكداً أن “المعارضة كبيرة لهذا المشروع من خلال قانون كانت قد طرحته جمعيات النفع العام، وشرائح واسعة من المجتمع، وهو الأمر الذي نرى أنه سيدفع لتأجيل إقرار هذا القانون، أو تعديل بعض مواده لمحاولة ترويجه من جديد”.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت