رؤية نقدية لـ”قانون الابتزاز” وأضرار اقتصاره على الفتيات فقط

تنتشر الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية في الآونة الأخيرة، والتي تعد دخيلة على المجتمع العربي عامة والسعودي خاصة، و كان من أبرزها ظاهرة ابتزاز الرجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُعرف بـ”خرفنة الشباب”، ولكن صدر أخيرًا قرار اعتبر ما تقوم به الفتيات في هذا الشأن نوعًا من أنواع الجرائم الإلكترونية التي تُمارس ضدّ الشباب، وستصل العقوبة فيها لغرامة لا تزيد عن 500 ألف ريال والسجن لمدة عام، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وتساءلت سمر الحيسوني في مقالها بجريدة المدينة عن الأسباب التي تستدعي الخروج عن العرف الاجتماعي ومخالفة التقاليد الأصيلة حتى الوصول إلى هذه الدرجة من الانحدار الأخلاقي.

وأضافت: فهذه الآفات الاجتماعية باتت تغزو مجتمعنا وتسمم عقول الشباب دون الخوف من رقيب أو حسيب،، ما الذي يجعل الفتاة تصل إلى هذه المرحلة من الاستهتار بسمعتها لتقبل أن تساوم الرجل مقابل الحصول على خدمات مادية تافهة لا قيمة لها أمام سمعتها، وفي المقابل ما الذي يدفع الشاب ليقبل بأنّ يصرف مبالغ طائلة على الفتاة ويُلبي لها طلباتها لمجرد الخروج معها أو حصوله على صورة لها تكون مفبركة غالباً، وهذه الآفات الاجتماعية لا يمكن وضع حدٍ لها إلا بوضع قوانين صارمة تجرم مرتكبي هذه الأفعال.
وأبدت الحيسوني تأييدها القرار الصادر بتجريم هذا النوع من الأفعال التي تمسّ أخلاقيات المجتمع السعودي، ولكنها تساءلت “لماذا لم يشمل القرار الرجل أيضاً وتمت التفرقة بين الجنسين؟! فهل يكفي لجوء الفتاة للجهة المختصة والتي تطلب منها التحايل على الشاب واستمالته لتتمكن من ضبطته بالجرم المشهود! لماذا يعتبر المجتمع أنّ الشباب هم من في حاجة إلى حماية من هذا النوع من الجرائم دوناً عن غيرهم؟ لماذا لا يكون هناك وعي كافٍ لدى الشباب ومحاولة الحد من التفاهات ومنع أنفسهم من الانحراف؟”.

وأكدت أن القانون لم يُفرّق بين ذكر وأنثى بل قواعده عامة ومجرّدة أي تطبّق على الجميع وليست محددة لجنس أو فئات معينة، وأن تطبيق هذا القرار سيواجه الكثير من العقبات الممكنة، فهناك شباب يقومون من باب التسلية بمحاولة الاتصال بشباب آخرين وإيهامهم بأنّهم فتيات ويوقعونهم في شباكهم ويستغلونهم ففي هذه الحالة ماذا سيتم تصنيف هذا النوع من الابتزاز؟ هل هو ممارسة من امرأة ضد رجل؟ أم رجل ضد رجل؟ هل سيتم اعتبارها نوعًا من أنواع الجرائم المعلوماتية أم لن يتم ذلك نظراً لكون المبتز رجلاً وليس امرأة والقرار الصادر كان بحق الفتيات فقط.

وفي النهاية أبدت رغبتها في أن يتم تعميم القرار الصادر بتجريم الابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليشمل الجنسين معاً بدلاً من تطبيقه على فئة دون الأخرى، وأن يتم تنظيم برامج توعوية أكثر عن هذا الموضوع لتعريف الجميع ذكور وإناث بهذا النوع من الجرائم وخطورته وانعكاساته السلبية على المجتمع، حتى يتم تطبيق القرار بالشكل المطلوب ووفقاً للغرض الذي أصدر من أجله وعدم الاكتفاء بالترهيب فقط دون وضع التدابير الرادعة، والتي تجعل القرار ذا أثر نافذ وفعّال.

واختتمت بقولها: من الواجب نشر التعاميم المتعلقة بحماية مجتمعنا وما تتضمن من عقوبات قانونية لمن خالف القرار بشكل واسع النطاق مثل الرسائل التوعوية التي تعد نوعًا من الدعاية التي تنفذها هيئة الاتصالات، وهي أهم الرسائل الموجهة للمواطن؛ لما فيها من حفظ حقوقه ومعرفة واجباته في الوقت ذاته.