قراءة قانونية لميراث المفقود في التشريع المصري

المفقود

المفقود: إذا غاب الشخص وانقطع خبره ولم يُدر مكانه ولم يعرف أحيَّ هو أم ميت وحكم القضاء بموته قيل إنه مفقود.

وحكم القاضي : إما أن يكون مبنياً على الدليل ، كشهادة العدول ؛ أو يكون مبنياً على أمارات لا تصلح أن تكون دليلاً وذلك بمضي المدة .

ففي الحالة الأولى يكون موته محققاً ثابتاً من الوقت الذي قام فيه الدليل على الموت ، وفي الحالة الثانية التي يحكم فيها القاضي بموت المفقود بمقتضى مضي المدة يكون موته حكمياً لاحتمال أن يكون حياً.

المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود :

اختلف الفقهاء في المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود ، فروي عن مالك أنه قال : أربع سنين ، لأن عمر رضي الله عنه قال: “أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو ، فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل” [أخرجه البخاري والشافعي].

والمشهور عن أبي حنيفة والشافعي ومالك عدم تقدير المدة بل ذلك مفوض إلى اجتهاد القاضي في كل عصر . قال صاحب المغني في إحدى الروايتين في المفقود الذي لا يغلب هلاكه : “لا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى يتيقن موته ، أو يمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها . وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم . وهذا قول الشافعي رضي الله عنه ومحمد بن الحسن وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف ، لأن الأصل حياته والتقدير لا يصار إليه إلا بتوقيف ، ولا توقيف هنا . فوجب التوقف” .

ويرى الإمام أحمد أنه إن كان في غيبة يغلب فيها الهلاك فإنه بعد التحري الدقيق عنه يحكم بموته بمضي أربع سنين لأن الغالب هلاكه ، فأشبه ما لو مضت مدة لا يعيش في مثلها ؛ وإن كان في غيبة يغلب معها السلامة يفوض أمره إلى القاضي يحكم بموته بعد أي مدة يراها وبعد التحري عنه بكل الوسائل الممكنة التي توصل إلى بيان حقيقة كونه حياً أم ميتاً .

وأخذ القانون المصري برأي الإمام أحمد فيما إذا كان المفقود في حالة يغلب معها الهلاك فقدر المدة بأربع سنين وأخذ برأيه ورأي غيره في تفويض الأمر إلى القاضي في الحالات الأخرى .

ففي المادة (21) من القانون رقم 15 سنة 1929 النص الآتي :
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده . وأما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي . وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حياً أو ميتاً.

ميراثه:

ميراث المفقود يتعلق به أمران: لأنه إما أن يكون مورثاً أو وارثاً ، ففي حالة ما إذا كان مورثاً فإن ماله يبقى على ملكه ولا يقسم بين ورثته إلى أن يتحقق موته أو يحكم القاضي بالموت . فإن ظهر حياً أخذ ماله وإن تحقق موته أو حكم القاضي بموته ورثه من كان وارثاً له وقت الموت أو وقت الحكم بالموت ، ولا يرثه من مات قبل ذلك ، أو حدث إرثه بعد ذلك بزوال مانع عنه كإسلام وارث له.

هذا إذا لم يسند الحكم بالموت إلى وقت سابق على صدوره وإلا ورثه من كان وارثاً في الوقت الذي أسند الحكم الموت إليه .

أما الحالة الثانية وهي إذا ما كان وارثاً لغيره فإنه يوقف له نصيبه من تركة المورث وبعد الحكم بموته يرد ذلك الموقوف إلى وارث مورثه ، وبهذا أخذ القانون ؛ فقد جاء في مادة (45) النص الآتي : يوقف نصيب المفقود من تركة المورث حتى يتبين أمره ، فإن ظهر حياً أخذه وإن حكم بموته رد نصيبه إلى من يستحقه من الورثة وقت موت مورثه ، فإن ظهر حياً بعد الحكم بموته أخذ ما بقي من نصيبه بأيدي الورثة