قاعدة الاعتقال الإداري في القانون الدولي

طبقا للقانون الدولي، يمكن اعتقال أشخاص ضمن الاعتقال الإداري في حالات شاذة للغاية، كوسيلة أخيرة تهدف إلى منع الخطر الذي لا يمكن إحباطه بوسائل اقل مسا.

قانون حقوق الإنسان الدولي

إن الحق في الحرية يعتبر من اللبنات الأساسية في حقوق الإنسان علما أن الاعتقال التعسفي المستمر يعتبر انتهاكا للقانون العرفي الدولي.

في البند 9 مناتفاقية جنيف بخصوص الحقوق المدنية والسياسية تحدد ما يلي: أ. لكل إنسان الحق في الحرية الشخصية والأمن الشخصي. يمنع اعتقال الإنسان أو سجنه تعسفيا. يمنع مصادرة حق الإنسان بالحرية إلا لسبب وطبقا لإجراءات محددة في القانون. ب. يجب اعلام الشخص المعتقل عند اعتقاله بأسباب اعتقاله دونما تأجيل بخصوص كل تهمة منسوبة له […] د. يحق للشخص الذي تمت مصادرة حريته بواسطة السجن أو الاعتقال وإتباع الإجراءات في المحكمة، كي تتمكن هذه المحكمة، دونما تأجيل، من اتخاذ قرار بخصوص قانونية اعتقاله والأمر بإطلاق سراحه إذا كان الاعتقال غير قانوني”.

طبقا لبند 4 (أ) من الاتفاق، فإن تعليماته ليست مطلقة “وفي حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة” يحق للدولة المس بمدى محدود بالحقوق المقننة في جزء من البنود، بما في ذلك البند الذي يقنن الحق بالحرية. ومع هذا، فإن الدولة مقيدة ويسمح لها باتباع الوسائل الحيوية فقط وفقط “بالقدر المسموح بصورة دقيقة بسبب خطورة الوضع”.

البند 4 (ج) يحدد أن الدولة التي تطلب الانتقاص من التزاماتها طبقا للاتفاق ملزمة بالإبلاغ عن هذا مسبقا للسكرتير العام للأمم المتحدة. وبالفعل، عندما تمت المصادقة على الاتفاقية فقد صرحت إسرائيل منذ يوم إقامتها أنها تعيش حالة طوارئ وأنه بقدر ما تكون وسيلة الاعتقال والسجن التي تتبعها استنادا إلى هذا الوضع “لا تتفق مع البند 9 من الاتفاق، فإن إسرائيل تنتقص من التزاماتها استنادا إلى هذا الأمر”. ومن بين ذلك، تستند إسرائيل إلى تصريحها هذا من أجل تبرير استعمالها للاعتقال الإداري.

لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي أقيمت استنادا إلى هذا الاتفاق والمسئولة عن فحص الطريقة التي تقوم بها الدول بتطبيقها، عبرت عن شكها بخصوص إمكانية التبرير بواسطة هذا الاعلان استعمال الاعتقال الإداري في إطار الاتفاق. في العام 2003، ردا على إعلان إسرائيل بأن وزارة العدل تجري فحصا شاملا فيما إذا ما يزال هناك مبرر للإعلان عن “حالة طوارئ”، فقدحددت اللجنة انه يتوجب الانتهاء من هذا الفحص في وقت مبكر قدر الإمكان. بخصوص استعمال الاعتقال الإداري فقد حددت اللجنة ما يلي:”اللجنة قلقة من الاستعمال المتكرر بأشكال متنوعة من الاعتقال الإداري، خاصة الفلسطينيين من الاراضي المحتلة، التي تجر قيودا على التوجه الخاص بالاستشارة القضائية وكشف الأسباب الكاملة للاعتقال. هذه المميزات تقيد نجاعة الرقابة القضائية، ولهذا، …فهي تنتقص من البند 9 بطريقة أكثر اتساعا من المسموح وفقا لتصور اللجنة وفقا للبند 4”.

القانون الإنساني الدولي

الاعتقال الإداري هو الوسيلة الأكثر تطرفا التي يسمح بها القانون الدولي للقوة المحتلة باتباعها تجاه سكان المناطق المحتلة. نظرا لأن الحديث يدور عن وسيلة شاذة ومتطرفة، فإن استعمال هذه الوسيلة خاضع لشروط صارمة.

طبقا ل بند 78 من اتفاقية جنيف الرابعة : “إذا كانت الدولة المحتلة تعتقد ان هناك حاجة، لأسباب ضرورية تتعلق بالأمن، واتخاذ الوسائل الأمنية تجاه المحميين، يحق لها، في أقصى حد، تخصيص مكان سكن لهم أو اعتقالهم. إن القرارات الخاصة بتخصيص مكان للسكن أو الاعتقال، كما هو مذكور أعلاه، تتم وفق إجراء منتظم تحدده الدولة المحتلة طبقا لتعليمات هذه الاتفاقية. ويضم هذا الإجراء حق الاستئناف من قبل الأطراف بخصوص الأمر. يتم توفير القرارات بخصوص الاستئنافات في وقت مبكر قدر المستطاع. في حالة المصادقة على القرارات، فإنها تكون متاحة، من فترة لأخرى، وإذا كان الأمر ممكنا- كل ستة أشهر- للمعاينة من جديد من قبل هيئة مختصة يتم إنشاؤها من قبل الدولة المذكورة”.

في تفسيرات الصليب الأحمر الدولي لهذا البند تحدد أن السماح باعتقال مواطنين من المنطقة المحتلة لأسباب أمنية يعتبر شاذا جدا ولا يحق للدول تفعيله بصورة واسعة:”البند 78 يعنى باعتبارات أمنية حيوية. يمنع استعمال الوسائل الجماعية: يجب بحث كل موضوع على حدة… وفي كل الأحوال يجب إصدار الأوامر باستعمال هذه الوسائل فقط عندما تتوفر أسباب أمنية محققة وحيوية ويجب الحفاظ على بوتقة الاستثناء”.

طبقا لهذا البند فإنه لا يمكن مطلقا للاعتقال الإداري أن يكون بديلا عن الإجراء الجنائي. لذلك، الرغبة في الحفاظ على سرية الأدلة أو الادعاء بعدم كفاية الأدلة لتقديم هذا الشخص للمحاكمة لا يمكن لها أن تبرر الاعتقال الإداري.

وافق قضاة المحكمة العليا بصورة مبدئية على اتمام اعتقال الفلسطينيين إداريا طبقا لهذه القواعد. وقد حددوا أن البند 78 يتيح الاعتقال “مع توجه مستقبلي” بهدف المنع وليس لغرض العقاب في حال من الأحوال. وقد أكد القضاة انه يتم القيام بالاعتقال الإداري فقط عندما يصدر الخطر عن الشخص ذاته وفقط عندما يساعد الاعتقال في إزالة الخطر. لهذا، يمنع استعمال القاعدة الشاذة في القانون الإنساني الدولي لغرض الزجر العام أو ضد شخص كان خطيرا في السابق ولم يعد يشكل أي خطر. وقد حددت المحكمة العليا بأن الاعتقال الإداري، كما هو الحال بالنسبة لأي وسيلة أخرى، يخضع لمبدأ التناسب. لهذا، يمنع استعماله إلا إذا لم تكن هناك إمكانية لمنع الخطر المذكور ضمن إجراء قضائي جنائي أو بخطوة إدارية اقل خطورة من ناحية المس بحقوق الإنسان.

طبقا لتفسيرات الصليب الأحمر، فإن البند 78 يتيح تنفيذ الاعتقال لغرض المنع فقط “داخل حدود الدولة الخاضعة للاحتلال ذاتها” وليس في نطاق الدولة المحتلة. وهذا على ضوء تعليمات البند 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر، من بين ما تحظره، نقل المحميين إلى خارج المنطقة المحتلة، وبضمن هذا التحفظ على المعتقلين والسجناء في السجون الموجودة داخل مناطق الدولة المحتلة.