الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة محدودة في مقابل عوض مالي (المادة 561 من القانون المدني).

وتنص المادة الأولى من قانون الإيجارات على أنه تسري أحكام هذا القانون على العقارات بما في ذلك الأراضي الفضاء والمؤجرة للسكن أو لغير ذلك من الأغراض، وتستثنى من ذلك الأراضي الزراعية، وإذا اشتمل العقد على شروط جوهرية غير مألوفة في الإيجار العادي أو كان القصد منه مجرد المضاربة لتحقيق ربح مادي أو وقع العقد على عين وما تحتويه من أموال تفوق في أهميتها العين المؤجرة بحسب قصد المتعاقدين والغاية من الإيجار، فتسري أحكام قانون التجارة أو غيرها حسب الأحوال.

ومما سبق يتضح أن هناك تمايزا بين عقد الاستثمار وعقد الإيجار، فإن كان كل منهما يخول لصاحبه الانتفاع المؤقت بالعين المؤجرة إلا أن هناك فروقا بين العقدين، فعقد الإيجار ينصب فقط على منفعة العين وليس هناك أي اعتبار لأية مزايا أخرى، وهو حق شخصي للمستأجر ولا ينقضي بوفاته وإنما ينتقل إلى الورثة. وإبرام هذا العقد هو من قبيل أعمال الإدارة ويكفي أهلية الإدارة في من يبرم عقد الإيجار، ولا يتصور أن يكون عقد الإيجار من غير عوض، أما عقد الاستثمار فهو من قبيل أعمال التصرف في المال، لذلك يجب أن تتوافر أهلية التصرف في من يقوم بإبرامه.

فإذا انصب عقد الإيجار على محل يكون الاعتبار فيه لأشياء أخرى ذات أهمية تفوق أهمية المكان المؤجر كالترخيص التجاري مثلاً أو المعدات والأدوات فهو بمنزلة استثمار تلك العناصر، لأن العقد اشتمل على أشياء تفوق في أهميتها العين المؤجرة. كذلك إذا انطوى العقد على شروط غير مألوفة في عقد الإيجار العادي كحق الإدارة والإشراف للمؤجر أو التعامل مع الجهات الرسمية باسمه، فإن هذا العقد يخرج عن نطاق تطبيق قانون الإيجارات، وتسري عليه أحكام قانون التجارة أو غيرها من القوانين حسب عبارات العقد ومدلولاته والغاية منه. وهذا كله خاضع لسلطة القاضي في تفسير العقود.

وقد جرت العادة في الواقع العملي على أنه إذا اشتمل عقد الإيجار على أي شرط زيادة على شروط عقود الإيجار العادية فإن الأحكام جرت على اعتبارها عقود استثمار وسريان القانون التجاري عليها، فمثلاً إذا نص بند في العقد على أن يلتزم المستأجر بالتأمين على الممتلكات أو البضائع الموجودة في العين المؤجرة، فإن الأحكام جرت على اعتبار هذا العقد تجاريا، بل ان الأمر تعدى ذلك، حيث ان هناك أحكاما اعتبرت العقد تجارياً بمجرد أن ينص على أن يدفع المستأجر أجرة شهر مقدماً كتأمين ضماناً لما قد يحصل للعين من تلفيات أو تأخير في الأجرة.

والحقيقة هذا تزيّد ومبالغة، حيث ان الحالتين السابقتين ليستا من الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الإيجار، حيث لا يشتمل العقد على شروط جوهرية غير مألوفة في عقود الإيجار، ولا يعتبر المستأجر مستثمراً بمجرد النص في عقد الإيجار على التزامه بالتأمين على موجوداته في العين المؤجرة أو إيداع أجرة شهر بالزيادة كتأمين لما قد يستحق للمالك أو المؤجر. فليس هناك في العين المؤجرة من أمور تفوق أهميتها أهمية المكان المؤجر، مثل الرخص التجارية أو الأدوات أو الديكورات وأشياء أخرى لها أهمية تفوق أهمية العين المؤجرة. فالأجرة فقط لغاية الانتفاع بالعين وليس هناك ما يمكن الانتفاع به واستغلاله سوى المكان خالياً من الشواغل.

وتجدر الإشارة إلى أن الفرق الجوهري بين عقد الإيجار وعقد الاستثمار أن عقد الإيجار لا ينتهي بنهاية المدة الأصلية المنصوص عليها في عقد الإيجار، بل يمتد امتداداً قانونياً ولا يحق للمؤجر طلب الإخلاء، وإنما له فقط حق الزيادة كل خمس سنوات.

أما عقد الاستثمار فإنه ينتهي بانتهاء مدته ويحق للمالك طلب الإخلاء، ولهذا السبب يميل أغلب الملاك إلى تحويل عقد الإيجار إلى عقد استثمار للضغط على المستأجر لطلب الزيادة بالقدر الذي يراه المالك دون الانتظار لفوات خمس سنوات على العقد رغماً عنه، كما هي الحال في عقد الإيجار.

المحامي عبدالرزاق عبدالله

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .