صلاحيات مجلس النواب العراقي – قراءة في ضوء اجتهاد القضاء الدستوري في العراق

القاضي سالم روضان الموسوي

مجلس النواب لا يملك صلاحية إصدار القرارات التشريعية

قراءة في ضوء اجتهاد القضاء الدستوري في العراق

إن الرقابة الدتسورية على القوانين كانت ومازالت هدفها حماية الدستور من أي خرق يتم عبر إصدار قوانين تتعارض مع أحكامه والمبادئ الواردة فيه، لذلك كان للقضاء الدستوري في العراق الممثل بالمحكمة الاتحادية العليا شرف التصدي إلى كل الخروق التي حصلت من خلال ممارسة مجلس النواب لمهامه في تشريع القوانين وقضت بعدم دستورية العديد من القوانين التي أصدرها إما لمخالفتها المبادئ الدستورية أو القواعد التشريعية والآليات التي رسمها الدستور النافذ، وكان من بين هذه المآثر القضائية لقضائنا الدستوري الذي هو محل وفخر واعتزاز، ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 140 وموحداتها 141/اتحادية/2018 في 23/12/2018 التي قضت فيه بعدم دستورية عدة مواد وفقرات من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 ومن بين تلك الفقرات التي قضت بعدم دستوريتها المحكمة الاتحادية العليا في قرارها أعلاه ما جاء في الفقرة (سابعاً) من المادة (17) من ذلك القانون التي جاء فيها منح مجلس النواب لنفسه صلاحية إصدار القرارات التشريعية، وكانت أسباب النقض لتلك الفقرة على وفق ما ورد في الفقرة (7) من قرار المحكمة الاتحادية العليا بان (الدستور وفي المادة (61/ اولا) قد نص على اختصاصات مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية ولم ينص على تخويله إصدار القرارات التشريعية) وبهذا المبدأ الوارد فان مجلس النواب ليس له صلاحية إصدار قرارات تشريعية وإنما له إصدار القوانين فقط ،وان قرار المحكمة الاتحادية العليا بات وملزم لكافة السلطات ومنهم مجلس النواب على وفق أحكام المادة (94) من الدستور، لكن الواقع التشريعي يشير إلى إن مجلس النواب إما كان غافلاً عن هذا الحكم القضائي الدستوري أو انه تعمد ذلك تحت فورة الغضب الشعبي حينما اصدر قرارات أخرى تحت مسمى القرارات التشريعية ، كما إن المحكمة الاتحادية العليا عادت وأكدت لنا بأنها العين الحارسة على الدستور وعلى حقوق المواطن الواردة فيه عندما تصدت إلى قرار تشريعي كان مجلس النواب قد اتخذه بالعدد 44 لسنة 2008 عندما جعل من المحاصصة أساس لإشغال الوظائف العامة مخالفاً لمبادئ الدستور في المساواة وتكافؤ الفرص وكذلك مخالف لقواعد واليات التشريع الدستورية فكان لها أن تصدت لهذا الخرق الدستوري بقرارها العدد 89/اتحادية/2019 في 28/10/2019 الذي قضت فيه بعدم دستورية القرار أعلاه، لان مجلس النواب لا يملك سلطة وصلاحية إصدار القرارات التشريعية وتكون المحكمة الاتحادية العليا قد قضت على آخر شماعة من شماعات التمسك بالمحاصصة المقيتة وجاء في أسباب الحكم بعدم دستورية الفقرة (6) من القرار التشريعي أعلاه، بان القرار قد خالف المبادئ الدستورية المتعلقة بالمساواة المشار إليها في المادة (14) من الدستور ومبدأ تكافؤ الفرص المشار إليه في المادة (16) من الدستور، فضلا عن عدم صلاحية مجلس النواب في اصدار القرارات التشريعية .

لذلك أتمنى على مجلس النواب عندما يسعى لإرضاء الشارع العراقي عليه أن يعالج الأمور بنصابها الدستوري وان لا يصدر قرارات تشريعية قابلة للنقض فيما بعد، لان مهما تقادم الزمن عليها فان هذا التقادم لا يسري على الدعوى الدستورية لعدم وجود نص دستوري او قانوني ينص على ذلك بصريح القول او ضمناً ويبقى حق صاحب المصلحة في الدعوى او الطعن قائم يمارسه متى شاء والمحكمة ملزمة بموجب الدستور النظر فيه والحكم بما يتفق والدستور النافذ .


إعادة نشر بواسطة محاماة نت