شركات المساهمة وكل ما يتعلق بها في النظام السعودي

مقال حول: شركات المساهمة وكل ما يتعلق بها في النظام السعودي

شركة المساهمة
المحامية رباب أحمد المعبي

أنواع الشركات وأقسامها
تقوم الشركات عموماً على اعتبارين هما الاعتبار الشخصي والاعتبار المالي، فبينما تقوم شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي نجد أن شركات الأموال تقوم على الاعتبار المالي، أما الشركات المختلطة، فتقوم على كلا الاعتبارين.

لقد فرض ظهور الدولة في النظم الحديثة، وتنوع مصالح العباد، وازدهار الحياة الاقتصادية الحاجة إلى وجود مؤسسات وهيئات تتجمع حولها رؤوس الأموال والطاقات البشرية في صورة مشروع يعمل على توفير الحاجات الواجب إشباعها بما يحقق المصلحة العامة والخاصة.

ونظراً لحاجة المجتمع إلى المزيد من التطور في مجال الأنظمة، كان لابد من تحديث نظام الشركات بما يتناسب مع تطور الحياة الاقتصادية، وبما يتوافق مع نظام السوق المالية السعودي لعام 1424هـ، وهو ما تحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بإصدار نظام الشركات الجديد لعام 1437هـ.

وتنقسم الشركات في النظام الجديد إلى:
1- شركة التضامن.

2-شركة التوصية البسيطة.

3-شركة المحاصة.

4-شركة المساهمة
5-الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

6-شركة الشخص الواحد.

أجاز “المنظم” تأسيس شركة الشخص الواحد بدلاً من خمسة شركاء في شركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة، لتشجيع العمل المؤسسي بما يحقق الاستدامة والنمو للشركات.

خلو النظام من بعض الشركات كالتوصية بالأسهم والتعاونية لقلة استخدامها أوعدم فعاليتها.
وجرى الفقه القانوني في مجال دراسة الشركات على تقسيم الشركات التجارية إلى الأنواع التالية:
1- شركات الأشخاص:
وهي الشركات التي تقوم على الاعتبار الشخصي بين الشركاء كالصداقة والقرابة، وتشمل:
شركة التضامن، شركة التوصية البسيطة، شركة المحاصة.
2- شركات الأموال:
وهي الشركات التي تقوم على الاعتبار المالي، وشخصية الشريك ليست محل اعتبار، فالمساهم فيها يقدم حصته في رأسمال الشركة دون أن يلتفت إلى باقي الشركاء، والنموذج الأمثل لهذه الشركات هي شركة المساهمة.

الفرع الأول شركة المساهمة

لشركة المساهمة تعريف يميزها عن الشركات الأخرى ويوضح المركز القانوني للشركاء في تلك الشركة، ومن خلال تعريف الشركة تتضح خصائصها، كما أن شخصية الشريك ليست محل اعتبار ومسؤولية محدودة، ولكن يجوز للمساهمين في تلك الشركة حق تداول الأسهم، ويوجد خصائص أخرى لشركة المساهمة سوف نسردها فيما يلي بعد توضيح المقصود بشركة المساهمة.

ووفقاً لما نص عليه نظام الشركات السعودي في المادة (52) فأن شركة المساهمة، هي “شركة رأس مالها مقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة على ممارسة نشاطها”.

وبذلك فأن شركة المساهمة هي الشركة التي يقسم رأس المال فيها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطرق التجارية، ويسمى الشركاء في هذه الشركات بالمساهمين، وهم ليسوا تجاراً ولا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود قيمة الأسهم التي يمتلكونها في الشركة.

ووفقاً للتعريف السابق فإن شركات المساهمة لها خصائص تميزها من غيرها من الشركات نسردها فيما يلي:

أولاً: شركة المساهمة شركة أموال:
تعد شركة المساهمة النموذج الأمثل لشركات الأموال نظراً لضخامة رأس مالها، وهي تلك الشركات التي لا تؤدي فيها شخصية الشريك الدور الأساسي، بل يتقدم فيها الاعتبار المالي إلى المرتبة الأولى، فلا تقوم هذه الشركات على الاعتبار الشخصي، إذ العبرة فيها بما يقدمه الشركاء من مال، بحيث يمكن القول تجاوزاً بأن اجتماع الأموال لا الأشخاص هو الأساس في هذه الشركات، لذلك تتكون الشركة من عدد كبير من المساهمين خاصة في حالة الشركات التي تعرض أسهمها للاكتتاب العام.

ولما كانت هذه الشركات تقوم على الاعتبار المالي، فإن شخصية الشركة تنفصل انفصالاً تاماً عن شخصية الشركاء فيها، بحيث لا يتأثر وجود الشركة بما قد يصيب حياة الشركاء من عوارض.

ويلاحظ أنه بسبب تواري الاعتبار الشخصي في شركة المساهمة وهيمنة الاعتبار المالي أصبحت شركات الأموال اللازمة للنهوض بالمشروعات الاقتصادية الضخمة والعملاقة التي يعجز أمامها الأفراد وشركات الأشخاص بإمكاناتها المتواضعة على تنفيذها، وتواري الاعتبار الشخصي في شركات الأموال لا يعنى بحال من الأحوال غيابه تماماً، بل يعنى ضعف دوره مقارنة بالدور الذي يضطلع به الاعتبار المالي فيها.

ثانياً: المسؤولية المحدودة للشريك المساهم:
تكون مسؤولية المساهم في شركة المساهمة محدودة بمقدار مساهمته برأسمالها، فإذا استغرقت ديون الشركة أموالها، فالمساهم لا تتعدى خسارته المبلغ الذي دفعه لقاء الأسهم التي اكتتب بها أو اشتراها، وذلك لأن الشركة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ولا يكتسب المساهم فيها صفة التاجر، وأن المشرع حدد مسؤولية المساهم، وبالتالي تعد المسؤولية المحدودة من الأمور التي لا يجوز الاتفاق على خلافها في عقد الشركة(3).

وبذلك لا يستطيع دائن الشركة الرجوع على المساهم بدين له على الشركة، ويعد تحديد مسؤولية المساهم من أهم خصائص شركة المساهمة على الإطلاق.

ثالثاً: الحد الأدنى لعدد الشركاء:
وضع “المنظم” السعودي حدّاً أدنى لعدد الشركاء على أنه لا يجوز أن يقل عدد الشركاء في الشركة المذكورة عن شريكين وفقاً للمادة الثانية من نظام الشركات الجديد، ولا يجوز تأسيس الشركة دون اكتمال ذلك العدد، كما أن عدم اكتمال هذا العدد يؤدي إلى عدم تأسيس الشركة، ونقصهم عن العدد المطلوب أثناء حياة الشركة يؤدي إلى انقضائها.

وقد أجازت المادة (55) من نظام الشركات الجديد، تأسيس شركة مساهمة من شخص واحد، ولكنها قصرت ذلك على الدولة والأشخاص ذوي الصفة الاعتبارية العامة، والشركات المملوكة بالكامل للدولة، والشركات التي لا يقل رأس مالها عن خمسة ملايين ريال، وهذه المادة تنطبق على شركات المساهمة المقفلة والمفتوحة (العامة).

رابعاً: الحد الأدنى لرأس مال الشركة.
يجب أن يكون رأس مال الشركة عند تأسيسها كافياً لتحقيق غرضها، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يقل عن (خمسمائة ألف) ريال، ويجب كذلك ألا يقل المدفوع من رأس المال عند التأسيس عن الربع.

خامساً: اسم شركة المساهمة مستمد من غرضها:
وفقاً لنظام الشركات السعودي فإنه يكون لكل شركة مساهمة اسم يشير إلى غرضها، ولا يجوز أن يشتمل هذا الاسم على اسم شخص ذي صفة طبيعية، إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص، أو إذا ملكت الشركة منشأة تجارية، واتخذت من اسمها اسماً لها، أو إذا كان هذا الاسم اسماً لشركة تحولت إلى شركة مساهمة، واشتمل اسمها على اسم شخص ذي صفة طبيعية، وإذا كانت الشركة مملوكة لشخص واحد، وجب أن يتضمن الاسم ما يفيد أنها شركة مساهمة مملوكة لشخص واحد.

واستثناء مما سبق وفقاً لنظام الشركات السعودي، فإنه يطلق على شركة المساهمة اسم أحد الأشخاص في الحالات التالية:
أ. إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم شخص، فيجوز أن يطلق اسمه على عنوان شركة المساهمة.

ب. إذا تملكت شركة المساهمة مؤسسة تجارية، فيجوز أن تتخذ اسمها اسما لها، ويجب في هذه الحالة أن تضاف إلى الاسم عبارة شركة مساهمة.

ج. إذا كان هذا الاسم اسماً لشركة تحولت إلى شركة مساهمة، واشتمل اسمها على اسم شخص ذي صفة طبيعية، ويقع هذا عادة عندما تتحول مؤسسة فردية أو شركة أشخاص إلى شركة مساهمة، حيث يفضل الشركاء الإبقاء على العنوان القديم حفاظاً منهم على عملاء الشركة.

د. إذا كانت الشركة مملوكة لشخص واحد، وجب أن يتضمن الاسم ما يفيد أنها شركة مساهمة مملوكة لشخص واحد.

وبناء على ما سبق فليس لشركة المساهمة عنوان مكون من أسماء الشركاء فيها، وإنما يكون لها اسم تجاري يشتق من الغرض من إنشائها، وهذا أمر طبيعي، إذ إن شركة المساهمة من شركات الأموال التي تنفصل فيها شخصية الشركة عن شخصية الشركاء، ومن ثم فإن ائتمان الشركة لا يعتمد على مدى ما يتمتع به المساهمون من ثقة، وإنما على مدى قدرة الشركة على تجميع رؤوس الأموال.

والعلة من عدم وضع أسماء الشركاء في عنوان شركة المساهمة هو أن استخدام شركة المساهمة لعنوان مكون من أسماء بعض المساهمين فيها قد يكون من شأنه أن يخلق وضعاً ظاهراً خادعاً للمتعاملين مع الشركة الذين قد يقبلون على التعامل مع الشركة في هذه الحالة باعتبارها من شركات الأشخاص وعلى أساس الثقة التي يولونها للمساهمين الذي ظهرت أسماؤهم في عنوان الشركة، ليفاجؤوا بعد ذلك بأن مسؤولية هؤلاء المساهمين محدودة في حدود حصصهم.

سادساً: عدم اكتساب الشريك المساهم صفة التاجر
لا يكتسب الشريك المساهم في شركة المساهمة صفة التاجر، وذلك نتيجة طبيعية لمسؤوليته المحدودة ولعدم اشتمال عنوان الشركة على اسمه، وبالتالي فليس من الضروري توافر أهلية احتراف الأعمال التجارية للمساهم، كما أن إفلاس الشركة لا يترتب عليه إفلاس الشريك المساهم، ولا يلتزم المساهم بالتزامات التجار.

سابعاً: الطبيعة القانونية لشركة المساهمة:
شركة المساهمة تقوم على المشروعات الاقتصادية الكبرى واسعة النطاق والتي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة تحصل عليها عن طريق الالتجاء إلى الادخار العام، فلقد تدخل “المنظم” بنصوص آمرة لحماية الاقتصاد القومي وجمهور المدخرين، ولم يترك أمر إنشائها لمحض إرادة المتعاقدين الحرة.

ثامناً: انقضاء شركة المساهمة
تنقضي شركة المساهمة بأحد الأسباب العامة لانقضاء جميع الشركات، وفقاً لنظام الشركات الجديد وهي:
أ -انقضاء المدة المحددة لها، ما لم تمدد وفقاً لأحكام النظام.
ب -تحقق الغرض الذي أسست من أجله، أو استحالة تحققه.
ج -انتقال جميع الحصص أو جميع الأسهم إلى شريك أو مساهم واحد، ما لم يرغب الشريك أو المساهم في استمرار الشركة وفقاً لأحكام النظام.
د -اتفاق الشركاء على حلها قبل انقضاء مدتها.
هـ -اندماجها في شركة أخرى.
و -صدور حكم قضائي نهائي بحلّها أو بطلانها، بناء على طلب أحد الشركاء أو أي ذي مصلحة، وكل شرط يقضي بالحرمان من استعمال هذا الحق يعد باطلاً.

وإلى جانب هذه الأسباب العامة للانقضاء، توجد أسباب خاصة لانقضاء شركة المساهمة وتتمثل في حالتين:
الأولى وهي:
إذا آلت جميع أسهم شركة المساهمة إلى مساهم واحد لا تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (الخامسة والخمسين) من النظام، تبقى الشركة وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها. ومع ذلك يجب على هذا المساهم توفيق أوضاع الشركة مع الأحكام الواردة في هذا الباب أو تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإلا انقضت الشركة بقوة النظام.
والثانية هي:
1- إذا بلغت خسائر شركة المساهمة نصف رأس المال المدفوع، في أي وقت خلال السنة المالية، وجب على أي مسؤول في الشركة أو مراجع الحسابات فور علمه بذلك إبلاغ رئيس مجلس الإدارة، وعلى رئيس مجلس الإدارة إبلاغ أعضاء المجلس فوراً بذلك، وعلى مجلس الإدارة – خلال خمسة عشر يوماً من علمه بذلك – دعوة الجمعية العامة غير العادية للاجتماع خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ علمه بالخسائر؛ لتقرر إما زيادة رأس مال الشركة أو تخفيضه – وفقاً لأحكام النظام – وذلك إلى الحد الذي تنخفض معه نسبة الخسائر إلى ما دون نصف رأس المال المدفوع، أو حل الشركة قبل الأجل المحدد في نظامها الأساس(2).

2-وتعد الشركة منقضية بقوة النظام إذا لم تجتمع الجمعية العامة غير العادية خلال المدة السابق ذكرها، أو إذا اجتمعت وتعذر عليها إصدار قرار في الموضوع، أو إذا قررت زيادة رأس المال وفق الأوضاع المقررة في هذه المادة ولم يتم الاكتتاب في كل زيادة لرأس المال خلال تسعين يوماً من صدور قرار الجمعية بالزيادة.

ومما سبق يتضح أن النظام الجديد عالج التعارض السابق بين نظامي الشركات السابق ونظام السوق المالية، وذلك في الشركات المساهمة بعدة مواد سنوردها فيما يلي:
– تعريف شركة المساهمة هي “شركة رأس مالها مقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة على ممارسة نشاطها”. فتم تحديد مسؤولية شركة المساهمة عن ديونها والتزاماتها وإعفاء الشركاء من المسؤولية.

– نص النظام في مواضيع عديدة على تحديد صلاحيات كلٍّ من وزارة التجارة وهيئة السوق المالية، فانتفى بذلك التعارض وتميز بربطه بين الواقع والعديد من الأنظمة مثل نظام هيئة السوق المالية ونظام التوثيق، وهذا يسهم في تشكيل منظومة نظام تجاري متكامل.

– يجب أن يكون رأس مال الشركة عند تأسيسها كافياً لتحقيق غرضها، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يقل عن (خمسمائة ألف ريال). حيث كان في النظام القديم لا يقل عن (مليوني ريال.). ويجب كذلك ألا يقل المدفوع من رأس المال عند التأسيس عن الربع. حيث كان في النظام السابق لا يقل عن (نصف الحد الأدنى).

– نصت المادة (149) من نظام الشركات الجديد “إذا آلت جميع أسهم شركة المساهمة إلى مساهم واحد لا تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (55) من هذا النظام، تبقى وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها(4).

ومع ذلك يجب على المساهم توفيق أوضاع الشركة مع الأحكام الواردة في هذا الباب أو تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإلا انقضت الشركة بقوة النظام”.

– نص البند الأول من المادة (150) من نظام الشركات الجديد “إذا بلغت خسائر شركة المساهمة نصف رأس المال المدفوع، ..الخ”.

-نص البند الثاني من المادة (150) من نظام الشركات الجديد “تعد الشركة منقضية بقوة النظام إذا لم تجتمع الجمعية العامة …الخ”.

في نظام الشركات الجديد أشار “المنظم” إلى اسم شركة المساهمة وربطه بغرضها. وتم استبدال عبارة (مؤسسة تجارية) لتصبح عبارة (منشأة تجارية). وتمت إضافة استثنائين على حالة أن كان اسم شركة المساهمة يحتوي على اسم شخص ذي صفة طبيعية وهي: (في حال إذا كان هذا الاسم اسماً لشركة تحولت إلى شركة مساهمة واشتمل اسمها على اسم شخص ذي صفة طبيعية، وفي حال كانت الشركة مملوكة لشخص واحد.)

وتم حذف مايتعلق بقيمة رأس المال عند طرح الأسهم للاكتتاب، وحذف الحد الأدنى لقيمة السهم.

استحداث “المنظم” المادة (55) والتي تتعلق بجواز تأسيس شركة مساهمة من شخص واحد للدولة والأشخاص المذكورين في المادة.

وبذلك أصبحت شركة المساهمة لها بناء قانوني محكم، من خلال مجموعة متكاملة من القواعد النظامية التي تكسبها الشخصية المعنوية المستقلة من وقت صدور الترخيص أو استكمال إجراءات التأسيس.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.