تطبيقات التوقيع الالكتروني

أدى التقدم الهائل لوسائل الاتصال في نهاية ق 20 إلى تحول العالم إلى قرية صغيرة واثر ذلك على علاقات الشعوب فتخطت الحواجز الإقليمية والجغرافية والثقافية ليتلاقى أطرافها عبر الأثير بسرعة فاتت الخيال ولم تكن المعاملات التجارية بمنأى عن هذا التأثير فأصبح التاجر يعرض منتجاته وخدماته عبر شبكة الانترنت وأضحى كل شخص يجلس أمام جهاز حاسوب متصل بالشبكة عميل محتمل له فيكفي أن يضغط على مفتاح معين ليبرم التصرف .

فادى التقدم التقني في مجال المعلومات وأجهزتها المختلفة إلى تبسيط العديد من المعاملات القانونية بسبب استخدام آليات ووسائل الكترونية حديثة لم نعهدها من قبل منها على وجه الخصوص النقود الالكترونية, البطاقات الممغنطة, الأوراق التجارية الالكترونية (الكمبيالة والشيك الالكتروني والسند لأمر) وسند الشحن الالكتروني.

إذا كانت هذه هي أدوت ا لتجارة الالكترونية ومميزاتها الضرورية فإنها لا تتم ولا توثق إلا بواسطة طرق الإثبات الحديثة إلا وهي التوقيع الالكتروني.فجميع هذه المعاملات تتم عبر الانترنت ودون تدخل مادي للأطراف المتعاملة ولا سبيل لإتمامها إلا بالاعتماد على التوقيع الالكتروني .

المطلب الأول: النقود الالكترونية .

ظهرت النقود الالكترونية كوسيلة من وسائل الدفع المستخدمة في التعامل بين البنوك الالكترونية وعملائها عبر شبكة الانترنت وكنتاج طبيعي لما أفرزته التجارة الالكترونية وكبديل عن النقود الورقية والمعدنية وذلك مسايرة للتطور التقني وتحقيق السرعة التي تتطلبها المعاملات الالكترونية.
وبنيت فكرة النقد الرقمي على نفس فكرة استخدام النقود الورقية أو العملات المعدنية والتي تتميز بعدم وجود أي علامة خاصة بها سوى رقم الإصدار الذي يقوم بتحديد هوية العملة .

وتعتمد فكرة النقد الرقمي على قيام العميل –المشتري-بشراء عملات الكترونية من البنك الذي يقوم بإصدارها حيث يتم تحميل هده العملات على الحاسب الخاص للمشتري وتكون في صورة وحدات وعملات صغيرة القيمة ولكل عملة رقم خاص أو علامة خاصة من البنك المصدر وبالتالي تحل هده العملات الالكترونية محل العملات العادية وتكون بنفس القيمة المحددة عليها وتسمى toknes وعند قيام المشتري بالشراء من بائع يتعامل بالعملات الالكترونية يقوم المشتري باختيار السلع المطلوبة ومعرفة أسعارها ثم يقوم بإصدار أمر عن طريق الكمبيوتر بدفع قيمة مشترياته باستخدام العملات الالكترونية المسجلة على الحساب الخاص به ويتم نقل العملات الالكترونية من خلال البنك المصدر الذي يقوم بالتأكد من صلاحية العملات وعدم تزييفها أو نسخها ويقوم بتحميلها على الحاسب الآلي الخاص بالبائع ويظهر لدى هذا الأخير زيادة في القيمة النقدية بالمبلغ الذي تمت إضافته مقابل شراء الأصناف المحددة في طلب شراء المشتري ويمكن للبائع تحويل العملات الالكترونية إلى عملات حقيقية من خلال البنك المصدر كل فترة محددة .

رغم كل ذلك لا زال تطور النقد الالكتروني واستخدامه يواجه مشاكل عديدة تتمثل أهمها في سيطرة البنوك المركزية على إصدار النقود والتي يمكن أن تنتقل في حالة التوسع في النقد الالكتروني إلى البنوك الالكترونية .

المطلب الثاني: البطاقات الممغنطة

كانت عملية سحب النقود من البنوك حتى وقت قريب تتم يدويا بحضور العميل إلى البنك وتوقيعه على طلب سحب النقود ويتكون بالتالي لدى البنك دليل كتابي كامل يثبت عملية السحب ولجأت البنوك إلى هذه البطاقات لتسهيل عمليات صرف المبالغ النقدية وإضفاء عامل السرعة عليها نظرا لزيادة معاملات البنوك وازدياد الضغط عليها.

وهكذا تتم عملية السحب أو التحويل من جانب لآخر أو الاستفسار عن الرصيد وتم ذلك من خلال جهاز الحاسب الآلي دون تدخل يدوي من جانب البنك ودون توقيع العميل توقيعا مكتوبا

وقد انتشرت البطاقات الائتمانية في السنوات الأخيرة بشكل كبير في مجال المعاملات البنكية أو التجارية وأصبحت الآن تستخدم في عالم الانترنت كوسيلة دفع وأصبحت تحل محل النقود وتقوم في أساسها على نظام واحد باستخدام الرقم السري لكنها تختلف من حيث الوظائف التي تقوم بها وعليه سنعرض لأنواع هذه البطاقات التي تصدرها البنوك وكيفية استخدام التوقيع الالكتروني فيها؟

ـ أولا: بطاقات الائتمان credit cards

تعتبر بطاقات الائتمان من وسائل الأداء الحديثة والتي جسدت أولى تطبيقات التوقيع الالكتروني باعتبار أن هذا الأخير متلازم مع استعمال بطاقة الائتمان

وبطاقة الائتمان بطاقة بلاستيكية يمنحها المصدر للحامل ويمنح له خط ائتمان دوار يمكنه من شراء مستلزماته والتسديد فيما بعد .

ولم يتم تعريف هذه البطاقات بشكل دقيق نظرا لحداثتها وتعددها وبالرجوع لمقتضيات المادة الثانية من قانون 30 دجنبر 1991 الفرنسي المتعلق بحماية الشيكات وبطاقات الوفاء نجدها تعرف هذه الأخيرة بأنها”تلك البطاقات التي تصدرها المؤسسات الائتمانية أو إحدى الهيئات والمصالح المشار إليها في المادة الثامنة من قانون 46-84 بتاريخ24 يناير 1984 لمتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها.
وتمكن هذه البطاقات أصحابها من سحب النقود أو تحويلها” إلا أن هذا التعريف بقي قاصرا على تحديد معنى هذه البطاقة والجهة المصدرة لها.

وفي القانون المغربي فان قانون 03-34 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها خصص مادتين لوسائل الأداء الحديثة وتنص المادة الأولى على”وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بإرادتها”وتعرف المادة السادسة وسائل الأداء بأنها”جميع الأدوات التي تمكن أي شخص من تحويل أمواله كيفما كانت الوسيلة أو الطريقة التقنية المستعملة في ذلك”.

وكلمة ائتمان تعني ثقة مصدر البطاقة في أمانة صاحبها حيث عرف مجمع الفقه الإسلامي الدولي بطاقة الائتمان بأنها”مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري بناءا على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع والخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع ومنها ما يمكن من سحب النقود من المصارف” .

ويمكن استخدام هذه البطاقات للدفع عبر الانترنت وأشهر أنواعها Master card الماستر كارد Master card والفيزا Visa discover والأكسس Access هذه البطاقة تمنح الائتمان والوفاء في ذات الوقت فهي تعتبر أداة وفاء لدفع قيمة مشتريات العميل بشكل فوري ومباشر كما تعد وسيلة ائتمان حيث يحق للعميل الحصول على المشتريات أو الخدمات التي يريدها ويتم دفع ثمنها من قبل الجهة المصدرة للبطاقة بحيث تمنحه أجلا متفقا عليه مسبقا .ويتم الوفاء بهذه البطاقات بنفس الطريقة التي تستخدم بها البطاقات التقليدية .

ـ ثانيا: بطاقات الوفاء:debit cards .

تسمح هذه البطاقة لحاملها بأداء ثمن السلع والخدمات من خلال السحب من حسابه البنكي وتأخذ الجهات التي تصدر هذا النوع من البطاقات على عاتقها تحويل ائتمان البضائع و الخدمات التي يحصل عليها المودع أو صاحب البطاقة من حساباتهم كمشتركين إلى حساب التاجر ويتم عملية التسديد بالمغرب عن طريق الاقتطاع من حساب الزبون بضعة أيام بعد الشراء بواسطة بطاقة الأداء وبمجرد توصل البنك بقوانين من طرف العميل ويتم ذلك باعتماد إحدى الطريقتين :

ـ الطريقة الأولى: يتم السداد من خلالها بشكل مباشر بحيث يسلم العميل بطاقته للمحل التجاري الذي يعمل على تمرير البطاقة في جهاز مخصص لذلك يقوم بالتأكد من وجود رصيد كاف لتسديد قيمة المشتريات وبمقتضى هذه العملية يتم إنقاص الحساب البنكي للمودع بقيمة المشتريات ويقيد في حساب البائع أو المورد المستفيد.

ـ الطريقة الثانية: يكون السداد من خلالها بشكل مباشر حيث يقوم التاجر بتحرير إيصال من عدة نسخ يشتمل على معلومات عن البضاعة وعن بطاقته يوقع العميل عليها ويرسل نسخة منها الجهة التي أصدرت البطاقة لتحمل على الوفاء بثمن البضاعة ويحتفظ التاجر بنسخة لحماية حقوقه في مواجهة البنك عند وقوع أي خطأ .

وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من البطاقات عن غيرها من أدوات الوفاء كالشيك والأوراق التجارية لما تقدمه من ضمان للدائن بحيث تتعهد الجهة المصدرة للبطاقة بالسداد فور إرسال ا؟.لكشوفات إليه والخصم من حساب العميل الموجود لديها .

ولقد أصبح لبطاقات الوفاء دور كبير في العديد من المعاملات واتسع مجالها ليشمل استخدامها في الوفاء بأثمان احتياجات الأفراد من سلع وخدمات فحلت بذلك محل التعامل النقدي أو الشيكات كما أن المتعاملين بها يستفيدون من تخفيضات في أسعار بعض السلع والخدمات بالإضافة إلى ما يوفرونه من وقت.

إلا انه رغم ما تتميز به بطاقات الائتمان من ايجابيات فلها بالمقابل نقائص أو بالأحرى سلبيات تتلخص في أن الجهة المصدرة لهذه البطاقات تتحمل مخاطر عدم الأداء من طرف حامل البطاقة أو إفلاسه أو إعساره .
وقد تطورت وسيلة الدفع ببطاقات الوفاء حيث أصبح الدفع يتم بطريقة الكترونية عن طريق منح حامل البطاقة رقما سريا(التوقيع الالكتروني) يستخدمه في عملية الدفع وتحويل الأموال عبر شبكة الانترنت .

ـ ثالثا: بطاقات السحب الآلي cache card

تعد بطاقات السحب الآلي من أوائل البطاقات التي ظهرت وهي منتشرة بشكل كبير في جميع البنوك وهي عبارة عن بطاقة بها شريط ممغنط يتضمن معلومات عن حساب العميل حامل البطاقة حيث تتم عملية السحب آليا من خلال جهاز الصرف ودون أدنى تدخل جانب البنك ودون توقيع العميل توقيعا مكتوبا.

وإذا ما رجعنا إلى القانون الفرنسي ل 30 دجنبر 1991 المتعلق بحماية الشيكات وبطاقات الوفاء نجده يعرف بطاقة السحب بأنها” تلك البطاقة التي تصدرها المؤسسات الائتمانية أو إحدى الهيئات والمصالح المشار إليها في الفقرة الأولى والتي تمكن حاملها من سحب النقود” .

وتبدأ الإجراءات بإدخال البطاقات في المكان المخصص لها داخل جهاز الصراف الآلي ثم إدخال الرقم السري الخاص به والذي يمثل توقيع العميل الالكتروني وإذا كان هذا الرقم صحيحا فان بيانات الجهاز توجيه العميل إلى تحديد المبلغ المراد صرفه أو العملية المطلوب انجازها بالضغط على المفتاح الخاص لقبول المبلغ.

وإذا ما تمت هذه الإجراءات بصورة صحيحة تمت عملية السحب واستلم العميل المبلغ المطلوب مع شريط ورقي يثبت تاريخ السحب وساعته والمبلغ المسحوب والرصيد المتبقي دونما الحاجة إلى كتابة أو توقيع من الساحب .

ولا جدال في أن بطاقات الصرف الآلي اتسع مجال استخدامها مما ييسر إلى حد كبير انجاز المعاملات التجارية وبهذا تعمل بطاقات الصرف الآلي على تحقيق الضغط على الابناك وتسهيل عمليات السحب من غير الحاجة إلى توقيع مكتوب والذي حل محله الرقم السري للعميل والي يمثل توقيعه الالكتروني .

ـ رابعا: البطاقة الذكية smart card

تعتبر البطاقة الذكية من أهم أنواع البطاقات البلاستيكية وهي عبارة عن بطاقة بلاستيكية تحتوي معالج دقيق يسمح بتخزين بعض المعلومات في الذاكرة مثل (اسم صاحب البطاقة أو رقمه السري والحد المسموح له بسحبه من هذا الرصيد ,عمله ,وأحيانا الصورة الشخصية ومعلومات أخرى) وتستعمل هذه البطاقة كأداة للدفع بشكل أكثر أمانا كما تستعمل كمفتاح للدخول إلى شبكات المعلومات بالإضافة إلى مجالات أخرى .

ويمتاز هذا النوع من البطاقات بتوفره على حماية كافية مما يجعل من الصعب تزويرها أو تزييفها أو حتى إساءة استعمالها من قبل الغير ولاستعمال البطاقة يدخل العميل البطاقة في آلة قراءة مع إدخال الرقم السري الذي يمثل التوقيع الالكتروني الخاص بالعميل وإذا كانت المعلومات صحيحة ومتطابقة تتم العملية التي من اجلها صنعت البطاقة (إمضاء,تعريف شخصي,عبور حاجز أمني …….الخ) أما إذا كان الرقم السري غير صحيح أو عدم تطابق المعلومات تمنح لصاحب البطاقة محاولتين لتدارك الخطأ فان فشل في ذلك ولم يدخل الرقم السري الصحيح يتم تعطيل وإفساد البطاقة فتصبح هذه الأخيرة غير صالحة للاستعمال مرة أخرى .

وقد أجريت إحصاءات في فرنسا أسفرت عن انخفاض حوادث التزوير والخسائر بنسبة 30٪ منذ استعمال البطاقة الذكية .

ـ خامسا: بطاقة ضمان الشيكات chècque guarantee card

تتضمن بطاقة ضمان الشيكات اسم العميل وتوقيعه ورقم حسابه بالإضافة إلى الحد الأقصى الذي يلتزم البنك بالوفاء به في كل شيك يحرره العميل بحيث يتعهد البنك مصدر هذه البطاقة لعميله بضمان الوفاء بقيمة الشيكات الصادرة عن العميل الحامل للبطاقة .
وعند كتابة شيك لأحد التجار يقوم حامل البطاقة بإبرازها وتدوين رقمها على ظهر الشيك حتى يضمن له وفاء البنك بقيمة الشيك وبالمقابل يكون على التاجر أن يتحقق من اسم وتوقيع ساحب الشيك مع الاسم والتوقيع المدونين على البطاقة ومطابقة الرقم الموجود على البطاقة مع الرقم الموجود على ظهر الشيك وكون البطاقة سارية المفعول.

ويرجع سبب ظهور هذه البطاقات لخوف التجار من عدم وجود رصيد كاف أو عدم وجود رصيد من الأصل لدى المتعاملين معهم بالشيكات العادية وبذلك تعد هذه البطاقات نوعا من أنواع الضمان بحيث توفر الأمان اللازم للتاجر بان الشيك سيصرف وان البنك سيفي بالمبالغ المستحقة له بمقتضى هذه الشيكات ولو لم تكن هناك مؤونة أو كانت غير كافية.

بهذا تختلف بطاقة ضمان الشيكات عن باقي بطاقات الائتمان بأنواعها باعتبار انه ليس لهذه البطاقة قيمة في حد ذاتها ويرتبط استعمالها باستخدام الشيك ولا يعفي احدهما من الآخر.

من خلال ما سبق وعرض أنواع البطاقات البلاستيكية يلاحظ انه يجمع بينها اعتمادها على الرقم السري أثناء استخدامها والقيام بعمليات معينة حسب وظيفة البطاقة ويتم ذلك عن طريق إدخال البطاقة التي تحوي البيانات الخاصة بالعميل في الجهاز المخصص لها وكتابة الرقم السري لصاحب البطاقة والذي يمثل بديلا عن التوقيع التقليدي , ليتم بعدها إصدار الأمر للقيام بالعملية المراد إتمامها وبالضغط على المفتاح المخصص يكتمل التعبير عن الإرادة في قبول إتمام العملية .

وفي حالة ضياع البطاقة أو تسرب الرقم السري يكون لزاما على العميل إخطار البنك بوقف التعامل بالبطاقة لضمان عدم استعمالها من طرف الغير .

المطلب الثالث: الأوراق التجارية

لا تختلف الأوراق التجارية الالكترونية في أنواعها عن الأوراق التجارية الورقية أو التقليدية وهي الكمبيالة والسند لأمر والشيك ونظرا للتطور الذي شهدته التجارة الالكترونية لم تكن وسائل الدفع بمنأى عن هذا التطور وحتى تتلاءم مع هذه التطورات ظهر ما يعرف بالشيك الالكتروني والكمبيالة الالكترونية وسنعمل من خلال هذا المطلب إلى دراسة الكمبيالة الالكترونية والشيك الالكتروني والسند لأمر الكتروني.

ـ أولا: الكمبيالة الالكترونية

تحتل الكمبيالة أهمية كبيرة في العمل سواء كأداة وفاء تقوم مقام النقود في تسوية المعاملات في الداخل وفي الخارج كما أصبحت تتضمن أجلا ولا تستحق بالضرورة بمجرد الاطلاع عليها وهكذا أصبحت الكمبيالة أداة لمنح الائتمان يعتمد عليها التجار في الكثير من معاملاتهم التجارية كما تعد أداة صرف .

وقد حددت المادة 159 من مدونة التجارة المغربية البيانات الإلزامية التي يجب أن تتضمنها الكمبيالة , فكانت هذه البيانات هي نفسها التي يجب أن تتحقق في الكمبيالة الالكترونية ويبقى الفرق فقط في طريقة إصدار كل منهما , بحيث تعتبر الكمبيالة الالكترونية من حيث الشكل كمبيالة بالمعنى الدقيق فهي لا تختلف عن الكمبيالة الورقية التقليدية من حيث الخصائص والبيانات الإلزامية التي تستلزمها مدونة التجارة عادة في الكمبيالة فضلا عن توافر شروط خاصة بها تتمثل في :

1- ضرورة صدور الكمبيالة الالكترونية على نموذج مطبوع وبأشكال متعددة تستخدم في إصدار هذه الكمبيالات على أن يتم طباعته بطريقة تسمح بمعاملة الكمبيالة والاطلاع عليها بوسائل الاطلاع الآلية والبصرية أي بوسائل المعلومات الحديثة (الحاسب الآلي ).

2- تستلزم الكمبيالة الالكترونية ضرورة الاتفاق المبدئي بين سائر الأطراف المتداخلة في هده الكمبيالة.

3- تتضمن الكمبيالة الالكترونية فضلا عن البيانات التقليدية البيانات الهامة المتعلقة بالمسحوب عليه وهي اسم بنك المسحوب عليه ورقم حسابه بهذا البنك واسم الفرع الذي يوجد لديه حساب المسحوب عليه وهده البيانات هي ما يطلق عليها البيانات الشخصية المصرفية للمسحوب عليه .

ويتم تحرير الكمبيالة الالكترونية من طرف الساحب بصورة الكترونية ويقوم بتضمينها كافة البيانات الإلزامية بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالشخصية المصرفية للمسحوب عليه ومحل الوفاء حيث يعمل على تسليمها بعد دلك إلى البنك الذي يتعامل معه عن طريق جهاز الحاسب الآلي وقبل موعد الاستحقاق بمدة معينة يقوم بنك الساحب بإرسالها إلى الجهة المسحوبة عليها ويقوم المسحوب عليه بتحديد ما ادا كانت هذه الكمبيالة مستحقة الأداء أو لم يحل موعدها بعد وعند تأكده من كافة البيانات اللازمة يعمل على رد الكمبيالة بشكل الكتروني إلى البنك الذي أرسلها له بعد توقيعه عليها بقبول تسديدها وتتم عملية التسديد عن طريق الحاسب الآلي من خلال التحويل الالكتروني وبهذا تستلزم الكمبيالة للوفاء بها موافقة صريحة من المسحوب عليه .

ومن خلال ما سبق نخلص إلى أن استخدام الكمبيالة الالكترونية قد ساعد على تجاوز الصعوبات الناشئة عن استخدام الكمبيالة التقليدية والمتمثلة أساسا في الكمية الكبيرة من الورق التي تحتاجها الكمبيالة العادية في إنشائها وتداولها وما يصاحبه من تكاليف باهظة بالإضافة إلى عدد الموظفين الواجب توافرهم لتسوية العمليات الناشئة عنها.

من هنا كانت الغاية وراء استخدام الكمبيالات الالكترونية هي توفير الوقت الجهد و المال فضلا عن الاستفادة من التطور التكنولوجي من خلال استعمال الحاسب الآلي في هذا المجال.

لكن التطبيق العملي للكمبيالة الالكترونية كشف عن بعض الصعوبات التي تعترض نجاحها سواء لعجزها عن أداء بعض وظائف الكمبيالة التقليدية كوظيفة منح الائتمان , كما لا يمكن تظهيرها تظهيرا ناقلا للملكية لما يصاحب دلك احتمال وفائها أكثر من مرة بالإضافة إلى كيفية اثبات وفائها كليا أو جزئيا أضف إلى دلك أن نظام الكمبيالة الالكترونية يحتاج لتعميم النظم الحديثة للمعلومات ونظام الحاسب الآلي في البنوك.

بعدما تطرقنا للكمبيالة الالكترونية وتوصلنا إلى أنها كمبيالة بالمعنى الدقيق من حيث الشكل أنها لا تختلف عن الكمبيالة الورقية التقليدية من حيث الخصائص والبيانات الإلزامية التي تستلزمها عادة الكمبيالة .سننتقل للحديث عن السند لأمر المعلوماتي ومدى تحقيقه لدور السند لأمر العادي.

ـ ثانيا: السند لأمر المعلوماتي ordre-relevé le billet à

تتخذ الكمبيالة كما سبق وذكرنا شكلين مختلفين ودلك عكس السند لأمر المعلوماتي الذي يتخذ شكلا واحدا فقط هو السند لأمر المعلوماتي أي لا وجود لسند لأمر مغناطيسي لان السند لأمر يتطلب أن يصدر من المتعهد ويسلم إلى المستفيد وان يقوم هدا الأخير بإعطائه إلى المؤسسة البنكية الأمر الذي يجعل الورق ضروريا في مرحلة إنشائه .

وتجري قواعد الصرف و قانون التجارة الالكترونية التي تحكم السند لأمر التقليدي على السند لأمر المعلوماتي خاصة ما يتعلق بالكتابة أو البيانات التي تقوم المؤسسة البنكية بنقلها إلى الشريط المغناطيسي حتى يتم التحصيل أو الأداء عن طريق حاسوب المقاصة المركزي .

ولا يختلف السند لأمر المعلوماتي الورقي عن الكمبيالة المعلوماتية الورقية إلا في كون هذه الأخيرة تصدر من قبل المدين المتعهد والسند لأمر يصدر عن طريق حاسوب المقاصة المركزي .

بعدما تطرقنا لكل من الكمبيالة الالكترونية باعتبارها النموذج الأمثل لنواة التجارة الالكترونية والسند لأمر بقي أن نسلط الضوء على الشيك الالكتروني نظرا لأهميته كأداة وفاء وباعتباره من أهم الأوراق التجارية التي تزايد الإقبال عليها يوما بعد يوم.

ـ ثالثا:الشيك الالكتروني.

يعتبر الشيك من أهم الأوراق التجارية حيث نظمه المشرع المغربي في القسم الثالث من الكتاب الثالث من مدونة التجارة في المواد من 239الى 328 إلا انه لم يعطه أي تعريف , ويعتبر الشيك من أهم الوسائل الحديثة في الوفاء, ولا يختلف عن الشيك الورقي إلا في طريقة تحريره وسحبه, ونظرا للإقبال المتزايد عليه لجأت إليه المصارف توفيرا للوقت والجهد الذي يبدل في كتابة الشيكات العادية ,مما يشكل عقبة أمام سرعة انجاز المعاملات بالقدر اللازم لتسيير الحياة اليومية في البنك ولتفادي هذه المعوقات, لجأت الابناك إلى إصدار شيكات الكترونية عن طريق الحاسب الآلي، تستغني عن توقيعها بالتوقيع الكتابي , وفحص هذا التوقيع حيث حل الرقم السري محل التوقيع التقليدي بحيث يسمح هذا الرقم السري بالتعرف على مصدر الشيك وليس على الموظف المختص إلا التأكد من صحة الرقم من خلال جهاز لفك الشفرات و الرموز عد خصيصا لهدا الغرض .

وتتميز الشيكات الالكترونية بعدة مزايا أهمها:
1- أصبح دفتر الشيكات الالكترونية يحصل عليه العميل من المصرف عن طريق شبكة الانترنت بشكل سريع ’دقيق وآمن إلا أن هدا الدفتر الالكتروني لا يختلف عن الدفتر الورقي فكلاهما يحقق نفس الوظيفة .
2- تخضع الشيكات الالكترونية لنفس الإطار القانوني المعتمد في الشيكات الورقية وتوقع الشيكات الالكترونية عن طريق التوقيع الالكتروني المبني على البنية التحتية للمفاتيح العلنية مع الاعتماد في نفس الوقت على الرقم السري .
3- تصرف الشيكات الالكترونية في دفع الصفقات الالكترونية بجميع أنواعها سواء كانت إدارية أو تجارية .

بذلك نستنتج أن الشيكات الالكترونية يتم توقيعها بشكل الكتروني وتظهيرها أيضا كما يتم التحقق من صحة التوقيع بطريق المضاهاة آليا والكترونيا وتخضع لنفس التدقيق الذي تخضع له الشيكات الورقية ويبقى الفرق في الطابع المادي فقط ويقع على عاتق الموظف المختص فحص صحة الشيك وليس هنالك شك في أن الوقت الذي يستغرقه الجهاز لفك الشفرات والرموز اقل بكثير من الوقت اللازم لفحص التوقيع العادي .

ورغم كل هذه المزايا فان الشيكات الالكترونية لا يمكن أن تحل محل الشيكات الورقية بشكل سريع نظرا لنقص التجهيزات الخاصة بها بالإضافة إلى عدم التكوين في المجال المعلوماتي .

بناءا على ما تقدم نخلص إلى أن الأوراق التجارية الالكترونية حلت محل الأوراق التجارية العادية كما حل التوقيع الالكتروني بدلا عن التوقيع العادي بحيث تعد الأوراق التجارية الالكترونية أكثر دقة ’سرعة’ ’تكلفة وأمان الأمر الذي يساعد على تطور التجارة الالكترونية وازدهارها وتبسيط العديد من المعاملات القانونية.

المطلب الرابع: سند الشحن الالكتروني.

عرف المشرع المغربي سند الشحن في الفصل 209 من القانون البحري ويعد سند الشحن البحري من أهم وثائق عقد النقل البحري فهو إيصال يوقع عليه الربان إقرارا باستلامه البضاعة على متن السفينة وغليه فان هدا السند يحرر لإثبات عقد النقل البحري واثبات عملية شحن البضائع .

ولكي يحقق سند الشحن وظائفه لابد له أن يتضمن عددا من البيانات أهمها إمضاء الربان أو مالك السفينة أو وكيله والشاحن وإذا ما صدر سند الشحن شاملا لبياناته فانه يتمتع بالحجية التي قررتها له القوانين .

ونظرا لتطور المعاملات الالكترونية وازدياد استخدام الحاسب الآلي في مختلف مجالات الحياة أصبح من الممكن استعمال هدا النظام الالكتروني في مجال النقل البحري وإصدار ما يسمى بسند الشحن الالكتروني فما المقصود بهذا الأخير؟ وكيف يتم إصداره؟هدا ما سنعمل على الإجابة عنه فيما يلي؟
للتعرف على سند الشحن الالكتروني أكثر لابد من التطرق لنظام تبادل الملومات الالكترونية .
فقد عرفه قانون لجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية في دورته الواحدة والعشرون من خلال المادة الثانية بأنه”يراد بمصطلح تبادل البيانات الالكترونية نقل المعلومات الكترونيا من حاسوب لآخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات” .

ويعرف نظام تبادل المعلومات الالكترونية بأنه إرسال بيانات المعلومات التجارية والإدارية من حاسب آلي إلى حاسب آلي عن طريق استعمال نموذج متفق عليه لتحويل البيانات المتعلقة بالمعاملة محل الإرسال
وعرف أيضا بأنه عبارة عن حركة الرسائل الالكترونية المتبادلة بين حاسب آلي وحاسب إلي آخر الخاصة بعمليات تجارية أو غير تجارية مثل تبادل أوامر البيع والشراء .
وقد عرفته اللجنة البحرية في القواعد الخاصة بمستندات الشحن الالكتروني بأنه: “تبادل البيانات عن طريق الإرسال عن بعد”.

وتحاول هده القواعد محاكاة وظيفة سندات الشحن القابلة للتداول في بيئة الكترونية وتتمثل أهم هده القواعد المذكورة في السماح بالتحويل المتتابع لملكية البضاعة أثناء الرحلة عن طريق الرسائل الالكترونية .

فإذا ما عين الشاحن شخصا ما لاستلام البضاعة أثناء الرحلة عن طريق الرسائل الالكترونية واخطر الناقل بدلك وأكد الناقل وصول هدا الإخطار لديه أصبح لهدا الأخير الحق في استلام البضاعة وأيضا في التصرف فيها ومن تم يجوز له باتباع نفس الطريقة تحديد المستلم الجديد للبضاعة وهكذا يجري التحويل المتتابع لملكية البضاعة .

من خلال التعاريف السابقة يمكننا تعريف سند الشحن الالكتروني بأنه نظام يتم من خلاله تبادل بيانات سند الشحن بطريقة الكترونية .
وبالتالي فسند الشحن هو عبارة عن مستند الكتروني مستخرج من الحاسوب ويبقى هذا هو الفرق بين سند الشحن التقليدي باعتبار أن هدا الأخير عبارة عن مستند ورقي .فكيف يتم التأكد من صحة تحويل البضاعة عن طريق السند الشحن الالكتروني ؟

تجري عملية تحويل البضاعة عن طريق سند الشحن الالكتروني بواسطة”المفتاح الخاص”وهو عبارة عن شفرة تقنية مثل التأليف بين مجموعة من الحروف والأرقام تكفل صحة وسلامة الإرسال الالكتروني فالناقل يعطي المفتاح لمن يحدده الشاحن كصاحب حق في استلام البضاعة ويقوم هدا المفتاح مقام سند الشحن الورقي ويتم تغيير المفتاح الخاص مع كل تحويل للبضائع وعلى حائز المفتاح الخاص إخطار الناقل اعتزامه نقل حق البضاعة إلى شخص آخر ويقوم الناقل بعد تأكيد الإشعار بإرسال وصف وخصائص البضائع إلى الحائز الجديد المقترح وعندما يقبل يعطى مفتاحا خاصا جديدا وهكذا في كل عملية تحويل للبضاعة ويترتب على إصدار مفتاح خاص جديد إلى الحامل الجديد اعتباره في نفس الوضع كما لو كان حصل على سند الشحن الورقي .

ويقوم الناقل بتسليم البضاعة للشخص الذي يكشف عن المفتاح الخاص الصحيح عند وجود حائزين لمفاتيح خاصة مخالفة لبعضها أي يجعل كل حائز في وضع مماثل لحالة حصوله على سند شحن ورقي أصلي .

وعليه وفي ظل هده الظروف ومع إدخال وسائل الاتصال الحديثة حل المفتاح الخاص (التوقيع الالكتروني )كبديل للتوقيع التقليدي- الذي لم يعد له مكانا وسط نظام المعالجة الالكترونية- في عملية إصدار سند الشحن وفي عملية تداوله .

وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 14 من اتفاقية هامبورغ لسنة 1978 على انه”يجوز التوقيع على سند الشحن بخط اليد أو بالصوت أو الصورة المطابقة للأصل أو بالتثقيب أو بالختم أو بالرموز أو بأية وسيلة آلية أو الكترونية أخرى بشرط ألا يتعارض دلك مع قوانين البلد الذي يصدر فيه سند الشحن” وفي دلك تأكيد على إمكان إصدار سند الشحن الالكتروني في توقيع سند الشحن وهدا ما حاولت تطبيقه قواعد الجنة البحرية بشان سندات الشحن الالكتروني وما ستطبقه الدول التي تعترف بالتوقيع الالكتروني .

وباعتبار سند الشحن المعلوماتي نظاما بديلا لسند الشحن التقليدي لا بد أن يعرف في بداياته العديد من المشاكل والعراقيل التي تحد من استعماله وانتشاره ولأجل ضمان تامين الضمان القانوني لنظام التبادل عن طريق الوسائل الالكترونية بصفة عامة فان المنتظم الدولي من تجار ومستوردين في حاجو إلى قواعد وتدخلات تشريعية تعمل على تحرير التعامل بالنظام الالكتروني من كل الحواجز القانونية التي تعمل على عرقلته ومنع استعماله كبديل للمستندات الورقية .

ومن خلال ما تقدم نخلص إلى أن التوقيع الالكتروني أصبح يلعب دورا كبيرا في إتمام كافة المعاملات التي تتم عبر شبكة الانترنت وأصبحت له تطبيقات متعددة فكما رأينا يطبق في النقود الالكترونية وفي البطاقات البنكية وكذلك الأوراق التجارية الالكترونية وسند الشحن الالكتروني إلى غير دلك من تطبيقات أخرى كثيرة لا يسعنا المجال لحصرها.

ما انه لا مجال للخلاف في مدى قدرة التوقيع الالكتروني على بث الثقة والأمان والطمأنينة لدى المتعاملين به مما يشجع ازدياد التعامل به وبالوسائل الالكترونية بغض النظر عن المشاكل والمعوقات التي تعترضه.