د. سعيد الصقري يكتب: ما الحقوق والواجبات على الحكومة والمواطن في وقت الانكماش الاقتصادي؟

الدكتور سعيد بن محمد الصقري- رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية

العقد الاجتماعي الاقتصادي في دول الخليج يتم عن طريق قيام الدولة بتوفير الأمن وتوزيع الريع النفطي وعدم فرض الضرائب، مقابل غياب المشاركة الفعلية في السياسة وفي اتخاذ القرار . وفي ضوء النقاش الذي يدور حول مراجعة العقد الاجتماعي نتيجة انخفاض أسعار النفط وزيادة نسبة عدد الشباب من السكان من ناحية، وقيام الحكومات بخفض نفقاتها وزيادة إيراداتها غير النفطية عن طريق رفع رسوم الخدمات الحكومية وفرض الضرائب من ناحية أخرى، يهدف هذا المقال الى الإجابة عن التساؤل الثاني وهو: ما هي الحقوق والواجبات على كل من الحكومة والمواطن في وقت الانكماش الاقتصادي؟

الحقوق والواجبات الاقتصادية في وقت الانكماش الاقتصادي وبنظرة واقعية وبدون الدخول في نظرية الحكم الرشيد وآليات صنع القرار تتطلب، بادئ ذي بدء، وعلى المدى القصير النظر في آليات صنع السياسات العامة لإيجاد حلول للتحديات الحالية وللنظر في الاحتياجات المستقبلية، وتحديدا السياسات المرتبطة بالنمو الاقتصادي وإعادة النظر في هيكل الإنفاق العام وتوسيع قاعدة الإيرادات العامة.

ومن القضايا العامة التي أصبحت معروفة ومن أهمها ضرورة تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في ظل التقلب المستمر لأسعار النفط واتخاذ قرار مبدئي لمعالجة خلل هيكل الإنفاق العام. ومع أهمية هذه القضية والاتفاق على ضرورة معالجتها قبل تفاقم العجز العام إلى معدلات قياسية، لا يبدو بأن هناك ثمة اتفاقا بين الحكومة ومجلس الشورى والمجتمع المدني وعامة الناس والإعلام في كيفية معالجتها.

بالإضافة إلى ذلك، في مختبرات تنفيذ تم التكتم على النقاش الذي كان يتم حول واقع المال العام والسياسات المقترحة لتمويل العجز، وأفرد لهذه القضية مختبرا مستقلا وبالتالي تمت مناقشة خيارات السياسات الضرورية بالسر وفي غياب الخبراء والمجموعات غير الحكومية وغيرها من أجل إيجاد الحلول ووضعها. والنتيجة هي غياب التوافق وأصبح التباين سيد الموقف منذ بداية انخفاض الإيرادات العامة حتى على المستوى الرسمي. على سبيل المثال في منشور وجهته وزارة المالية إلى كافة الجهات الحكومية بأنها قامت بمراجعة الموقف التنفيذي للموازنة العامة للدولة للفترة من يناير وحتى أبريل 2016، ومقارنتها مع الفترة المماثلة من عام 2015، وتبين ارتفاع مستوى الصرف الجاري في بعض بنود موازنات الوزارات والوحدات الحكومية “بنسبة كبيرة جداً” .

ومجلس الشورى من جهته يشدد على عدم المساس باحتياجات المواطنين وتركيز خفض الإنفاق الحكومي في بعض البنود غير الضرورية. وعامة الناس تتساءل إذا كانت هناك مجالات غير ضرورية للإنفاق لماذا خصصت لها الموارد المالية في الأساس؟

إن اتخاذ أي قرار لمعالجة انخفاض الإيرادات العامة والتوافق حول الآلية المناسبة لتغطية العجز يتطلب مفاوضات سياسية وربما الموافقة على قوانين جديدة، ويمكن أن يتطلب ذلك أيضا الموافقة على دمج جهات حكومية أو إنشاء تدفقات تمويل جديدة. وهذا لا يمكن أن يتم دون أن يكون هناك توافق مجتمعي وإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني وعامة الناس في اتخاذا القرار، والذي بدوره يتطلب وعيا بالحقوق والواجبات الملقاة على كل طرف.

فإذا كان من حق الحكومة ترشيد الإنفاق العام ورفع رسوم خدماتها ورفع نسبة الضرائب واستحداث ضرائب أخرى لمواجهة العجز، أصبح من حق المجتمع المشاركة في كيفية القيام بذلك قبل أن يكون واجبا على المجتمع السمع والطاعة. وإذا كان من حق المجتمع المشاركة في اتخاذ القرار وكان مشاركا حقيقيا في رسم السياسات المالية، أصبح عليه واجبا السمع والطاعة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت