ويقصد بحق الانتخاب والترشيح قدرة الفرد في ان يشارك في الانتخابات بمختلف مستوياتها ناخبا او مرشحا لعضوية مجلس معين او لشغل منصب معين. ان الدساتير عموما تشترط في المرشح شروطا اكثر من الناخب فبينما تكتفي غالبا في الاخير ان يكون مواطنا وبالغا سن الرشد نجدها تستلزم في الاول شروطا اخرى منها ان يكون حسن السيرة والسلوك او حسن السمعة ولايخفى على احد ان حسن السيرة والسلوك لايثبت للشخص الا اذا كان حسن الاخلاق العامة، وقد قضت محكمة القضاء الاداري المصرية في حكم لها بان المقصود بحسن السمعة ان يكون محمود السيرة لم يسمع عنه مايشينه او يحط من قدره بين الناس(1).

ان اتجاه الدستور العراقي النافذ في اشتراطه في اعضاء مجلس الرئاسة ورئيس الجمهورية ان يكونوا متمتعين بسمعة حسنة (2). ليس له علاقة بموضوعنا ولاتوجد فيه اية سلطة للادارة باعتبار ان اختيارهم يتم من مجلس النواب ،كما اشترطت الفقرة (4) من المادة (6)من قانون الانتخاب رقم (16) لسنة 2005 في المرشح لعضوية مجلس النواب والمجالس الوطنية للأقاليم ومجالس المحافظات والمجالس المحلية ان يكون غير محكوم عليه بجريمة مخلة بالشرف وان يكون معروفا بالسيرة الحسنة(3)– اي من ضمنها كما قدمنا حسن الاخلاق العامة- ويمكننا القول كذلك بانه ليس للادارة ممثلة بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات دور بالنسبة لا عضاء مجلس النواب باعتبار ان من يبت في صحة عضويتهم هو مجلس النواب نفسه على وفق المادة (52) من الدستور، ولكننا نرى خلاف ذلك بالنسبة لاعضاء المجالس الوطنية للأقاليم ومجالس المحافظات والمجالس المحلية اذ انه لايوجد نص قانوني خاص بتلك المجالس شبيه بنص المادة (52)من الدستور المذكور سابقا ومن ثم فان من يتحرى عن كونهم حسني السيرة هي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي وان كانت مستقلة فانه يفترض في قراراتها بوصفها قرارات ادارية ان تخضع للطعن امام المحاكم المختصة الا ان الفقرة(3) من القسم (7) من امر سلطة الائتلاف المنحلة رقم (92) لسنة 2004 بشان انشاء مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة نصت على عدم جواز استئناف قرارات مجلس المفوضين التابع للمفوضية الا امام الهيأة الانتخابية الانتقالية التي تضم ثلاثة قضاة معينين من مجلس القضاء الاعلى ،ونصت الفقرة (6)من القسم ذاته على عد قرارات الهيأة نهائية(4). ،وموقف المشرع هذا نابع من حرصه على ان يكون من يعهد اليه تمثيل الشعب متمتعا باخلاق حسنة يكون بها مثلا او قدوة للمحكومين او في الاقل ان لاتكون فيه منقصة من هذا الباب وان يكون في ذلك سبيلا لرقي المجتمع وعلو اخلاقه(5).

ويرتبط بموضوع الانتخاب والترشيح موضوع اخر هو موضوع الدعاية الانتخابية التي يجب ان لاتخالف الاخلاق العامة للمجتمع ونشير بهذا الخصوص الى قرار وزير الداخلية المصري رقم (13622)لسنة 2000 بشان تنظيم الدعاية الانتخابية في الانتخابات العامة لعضوية مجلس الشعب الذي تضمن الاشارة بان تسري الاحكام الواردة في قرار وزير الداخلية رقم (1542) لسنة 1998 بشان تنظيم الدعاية الانتخابية في الانتخابات العامة لعضوية مجلس الشورى على جميع اعمال الدعاية الانتخابية واجراءاتها لعضوية مجلس الشعب وقد نص القرارعلى شروط عدة يجب توفرها لصحة الدعاية الانتخابية منها ان لاتتضمن اية عبارات او رسوم او صور او اية طريقة من طرائق التعبير اذا كانت تنطوي على الدعوة الى ازدراء او كراهية او مناهضة او رفض المبادى التي يقوم عليها نظام الدولة او المقومات الاساسية للمجتمع (6) او تتضمن الدعوة الى اية اراء او افكار تمس الايمان بالقيم الدينية او الروحية(7). ونعتقد ان الاخلاق العامة للمجتمع تعد ركنا ركينا من المقومات الاساسية له فضلا عن ان المساس بالقيم الدينية للمجتمع تشكل من جانب اخر انتهاكا لاخلاقه العامة. ولايوجد نص شبيه للنص المصري في قانون الانتخابات العراقي رقم(16)لسنة 2005 (8)،ونرى في ذلك تقصا تشريعيا ندعو المشرع الى تلافيه.

____________________

1- حكمها بالدعوى المرقمة ق.د في 18/3/1947 – ق5- س1- مجموعة عمر – بند 6 –ص205- اشار اليه فاروق عبد البر – دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة – الجزء الاول – مطابع سجل العرب -1988– ص281-282.

2- انظر المادتين (68/ثالثا ،138/ثالثا-ب) منه.

3- منشور بالوقائع العراقية العدد(4010) في 23/تشرين الثاني 2005 – ص1 ومابعدها.

4- الامر منشور في جريدة الوقائع العراقية – العدد (3984) – حزيران 2004 – ص81-88.

5- انظر في ذلك ايضا داود عبد الرزاق داود الباز – حق المشاركة في الحياة السياسية – اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق – جامعة الاسكندرية – 1992- ص 229- 232.

6- انظر المادة 2 من القرار .

7- انظر البند ثالثا من المادة 2 من القرار.

8- منشور في جريدة الوقائع العراقية – العدد (4010)- 23 تشرين الثاني 2005 – السنة السابعة والاربعون – ص1-5.

المؤلف : نجيب شكر محمود
الكتاب أو المصدر : سلطة الادارة في حماية الاخلاق العامة واثرها في الحريات العامة
الجزء والصفحة : ص150-153

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .