الطعن 24 لسنة 60 ق جلسة 27 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 181 ص 248

جلسة 27 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، سعيد غرياني نائبي رئيس المحكمة، عبد المنعم محمد الشهاوي وحسين السيد متولي.
———-
(181)
الطعن رقم 24 لسنة 60 القضائية “أحوال شخصية”

(1) أحوال شخصية “دعوى الأحوال الشخصية: نظر الدعوى”.
وجوب نظر دعوى الأحوال الشخصية في جلسات سرية. علة ذلك. انعقاد بعض الجلسات في علانية. لا يخل بمبدأ السرية طالما لم تدور فيها مرافعة تتناول مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بأي من طرفي الخصومة.
(2)استئناف. بطلان. حكم.
زيادة حضور القضاة بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار الأحكام فيها. القصد منه. مجرد تنظيم داخلي. تشكيل الدائرة التي نظرت الدعوى – في إحدى الجلسات – من أربعة مستشارين وصدور الحكم من ثلاثة مستشارين. لا بطلان.
(3، 4) إثبات “الإحالة إلى التحقيق”. بطلان حكم.
(3) اشتمال الحكم الذي تأمر فيه المحكمة بالإثبات بشهادة اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه. م 71 إثبات. مخالفة ذلك. لا بطلان. علة ذلك.
(4) وجود مانع لدى القاضي الذي اشترك في المداولة من الحضور وقت تلاوة الحكم. توقيعه على المسودة. لا بطلان.
(5)نقض “أسباب الطعن: السبب الجديد”.
نعي يتعلق بواقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الاستئناف. غير مقبول.
(6)بطلان “بطلان الحكم”. حكم. دعوى.
بطلان الحكم المترتب على عدم إعلان من لم يحضر من الخصوم عند إعادة الدعوى إلى المرافعة. نسبي. لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع البطلان لمصلحته. م 21 مرافعات.
(7) أحوال شخصية “الإعلام الشرعي: حجيته”. حكم.
حجية الإعلام الشرعي. كيفية دفعها. بحكم يصدر من المحكمة المختصة في دعوى أصلية أو في صورة دفع في دعوى قائمة. م 361 من اللائحة.
(8) أحوال شخصية “دعوى الأحوال الشخصية”. الإثبات “البينة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير البيانات”.
لقاضي الموضوع تقدير البيانات في الدعوى وما يقدم فيها من القرائن. والموازنة بينها والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب. شرطه. عدم الخروج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها.
(9) إثبات “قواعد الإثبات”. نقض “أسباب الطعن: السبب الجديد”. نظام عام.
قواعد الإثبات. جواز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً. علة ذلك. ليست من النظام العام. النعي لأول مرة أمام محكمة النقض بمخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الإثبات. غير مقبول.

——–
1 – إن مفاد نص المادتين 871، 878 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات أن المشرع أوجب نظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية في غرفة مشورة، ومؤدى هذا أن يكون نظر هذه الدعاوى في جلسات سرية لأنها تدور حول حالة الشخص وأهليته ونظام الأسرة وهي كلها مسائل يجب أن تعرض في أضيق نطاق وإلا تلوك الألسن ما يدور حولها. لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة المشار إليها بسبب النعي أنها وإن عقدت في علانية إلا أنها لم تدر فيها مرافعات تتناول مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بأي من طرفي المنازعة مما لا يخل بالسرية المطلوب توافرها عند نظر هذه الدعاوى، وكانت الجلسات السابقة واللاحقة على تلك الجلسات قد خلت من الإشارة إلى انعقادها علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة مشورة.
2 – إن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار جميع الأحكام فيها، وإنما هو تنظيم داخلي قصد به تيسير توزيع العمل فيما بينهم بحيث لا يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر من ثلاثة مستشارين فإنه لا يعيبه أن يكون تشكيل الدائرة التي نظرت الدعوى في إحدى الجلسات قد جاوز هذا العدد.
3 – إن المادة 20 من قانون المرافعات لا ترتب البطلان بغير نص صريح إلا إذا شاب بالإجراء عيب لم تتحقق به الغاية منه، وإذ كان النص في الفقرة الثانية من المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن “ويبين كذلك في الحكم (الذي تأمر فيه المحكمة بالإثبات بشهادة الشهود) اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه” لم يرتب على مخالفة ذلك البطلان فإنه يعتد بالتحقيق الذي أجري بناء على ذلك ولو لم يكن قد حدد أجلاً لإجرائه طالما سمع شهود الطرفين وتحققت بذلك الغاية من الإجراء.
4 – إن المشرع قد توقع أنه قد يعرض للقاضي الذي اشترك في إصدار الحكم ما يحول بينه وبين حضور جلسة النطق به فاكتفى بأن يوقع على المسودة على أن يبين في الحكم أن القاضي الذي لم يحضر النطق به قد اشترك في المداولة ووقع على مسودته وإلا كان باطلاً.
5 – إن النعي المتعلق بواقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الاستئناف غير مقبول ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 – إن البطلان المترتب على عدم إعلان من لم يحضر من الخصوم عند إعادة الدعوى إلى المرافعة لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع البطلان لمصلحته عملاً بنص المادة 21 من قانون المرافعات.
7 – إن حجية الإعلام الشرعي تدفع وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة، وهذا الحكم كما يصدر بناء على دفع يبدى في الدعوى التي يراد الاحتجاج فيها بالإعلام الشرعي يصح أن يكون في دعوى أصلية متى كانت المحكمة التي أصدرته مختصة بنظر الدعوى وأن قضاءها هو الذي يعول عليه ولو خالف ما ورد في الإعلام الشرعي ولا يعد ذلك إهداراً لحجية الإعلام لأن المشرع أجاز هذا القضاء وحد به من حجية الإعلام الشرعي الذي صدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينتقصها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة ومن ثم أجاز المشرع بالمادة سالفة البيان لذوي الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن عليه طلب بطلانه سواء في صورة دفع في دعوى قائمة أو بإقامة دعوى مبتدأة.
8 – لقاضي الموضوع سلطة تقدير البينات في الدعوى وما يقدم فيها من القرائن والموازنة بينها والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب عليه في ذلك إلا أن يخرج بهذه الأقوال إلى ما لا يؤدي إلى مدلولها.
9 – إن قواعد الإثبات، ومنها ما يتعلق بمن يكلف به، ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، فلا يجوز النعي لأول مرة أمام محكمة النقض بمخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الإثبات.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن استصدر إعلام الوفاة والوراثة رقم 65 لسنة 1980 فرشوط بوفاة المرحوم (….) وانحصار إرثه الشرعي فيه باعتبار ابنه من زوجته (…..)، وفي المطعون ضدهما باعتبارهما ابناه من الزوجة الأولى أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 144 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية قنا (مأمورية نجع حمادي) على الطاعن والمطعون ضدها الثانية للحكم ببطلان إعلام الوراثة المشار إليه. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 28/ 1/ 1985 ببطلان إعلام الوراثة المذكور بوفاة ووراثة المرحوم (….) والمتضمن وراثة الطاعن له واعتباره كأن لم يكن استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 23 لسنة 4 ق أحوال شخصية. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 24/ 2/ 1990 بتأييد الحكم المستأنف وبثبوت وفاة المرحوم….. وانحصار إرثه الشرعي في زوجته ولها الثمن فرضاً وفي أولاده منها…، ….، ….، ….. ولهم باقي تركته تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين دون وارث آخر أو شريك أو مستحق لوصية واجبة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وفي بيان ذلك يقول أن من المقرر وجوب نظر دعاوى الأحوال الشخصية في غرفة مشورة وأنه يترتب على مخالفة ذلك ونظرها في علانية البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام لتعلقه بنظم التقاضي الأساسية، وإذ أيد الحكم المطعون فيه حكم أول درجة الباطل لمخالفته هذا النظر على النحو الثابت من محاضر جلسات 8/ 1/ 1981، 25/ 6/ 1981، 29/ 4/ 1982، 27/ 1/ 1983، 20/ 10/ 1983 والجلسات السابقة واللاحقة عليها مما يعيبه بالبطلان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادتين 871، 878 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات أن المشرع أوجب نظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية في غرفة مشورة، ومؤدى هذا أن يكون نظر هذه الدعاوى في جلسات سرية لأنها تدور حول حالة الشخص وأهليته ونظام الأسرة وهي كلها مسائل يجب أن تعرض في أضيق نطاق وإلا تلوك الألسن ما يدور حولها. لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة المشار إليها بسبب النعي أنها وإن عقدت في علانية إلا أنها لم تدر فيها مرافعات تتناول مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بأي من طرفي المنازعة مما لا يخل بالسرية المطلوب توافرها عند نظر هذه الدعاوى، وكانت الجلسات السابقة واللاحقة على تلك الجلسات قد خلت من الإشارة إلى انعقادها علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة مشورة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والوجه الثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن قانون السلطة القضائية نص على أن تشكل دائرة الاستئناف من ثلاثة مستشارين فإذا جاوز تشكيل الدائرة في إحدى الجلسات هذا العدد ترتب على ذلك البطلان، وإذ كان الثابت أن تشكيل الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كان رباعياً بجلسات 22/ 10/ 1985، 24/ 2/ 1986، 27/ 4/ 1986 فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار جميع الأحكام فيها، وإنما هو تنظيم داخلي قصد به تيسير توزيع العمل فيما بينهم بحيث لا يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر من ثلاثة مستشارين فإنه لا يعيبه أن يكون تشكيل الدائرة التي نظرت الدعوى في إحدى الجلسات قد جاوز هذا العدد ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الرابع البطلان وفي بيان ذلك يقول إن الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق بتاريخ 6/ 8/ 1986 لم يحدد مدة لتنفيذه وصدر من هيئة غير التي سمعت المرافعة مما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول ذلك أن من المقرر أن المادة 20 من قانون المرافعات لا ترتب البطلان بغير النص صريح إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق به الغاية منه، وإذ كان النعي في الفقرة الثانية من المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن “يبين كذلك في الحكم (الذي تأمر فيه المحكمة بالإثبات بشهادة الشهود) اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه” لم يرتب على مخالفة ذلك البطلان فإنه يعتد بالتحقيق الذي أجري بناء على ذلك ولو لم يكن قد حدد أجلاً لإجرائه طالما سمع شهود الطرفين وتحققت بذلك الغاية من الإجراء ويكون النعي عليه بهذا الوجه في غير محله.
والنعي مردود في وجهه الثاني ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قد توقع أنه قد يعرض للقاضي الذي اشترك في إصدار الحكم ما يحول بينه وبين حضور جلسة النطق به فاكتفى بأن يوقع على المسودة على أن يبين في الحكم أن القاضي الذي لم يحضر النطق به قد اشترك في المداولة ووقع على مسودته وإلا كان باطلاً – لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الهيئة التي تداولت في الحكم ووقعت مسودته والمبينة بديباجته مشكلة من بين المستشارين الحضور بجلسة 22/ 10/ 1985 الذين سمعوا المرافعة وهم المستشارين….. رئيساً و….، ….، ….. أعضاء وقد نص في خاتمة الحكم على أن الهيئة المبينة بديباجته هي التي سمعت المرافعة وتداولت فيه ووقعت على مسودته، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم النطق به من هيئة مغايرة مشكلة من المستشارين….. رئيساً و….، …..، …… أعضاء ويكون النعي بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول قد تخلف عن الحضور على النحو الثابت بمحضر جلسة 14/ 5/ 1984 وهو المدعي في الدعوى فكان يتعين القضاء بشطبها، وإذ خالفت محكمة أول درجة هذا النظر وقضت في الدعوى حال أنها لم تكن مهيأة للفصل فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد حكم أول درجة يكون معيباً بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النعي المتعلق بواقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الاستئناف غير مقبول ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وإذ كان النعي يتعلق بواقع لم يسبق للطاعن التمسك به أمام محكمة الاستئناف فإنه غير مقبول ولا يجوز له التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها الثانية لم تعلن بإعادة الدعوى إلى المرافعة بعد تنفيذ حكم التحقيق أمام محكمة الاستئناف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البطلان المترتب على عدم إعلان من لم يحضر من الخصوم عند إعادة الدعوى إلى المرافعة لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع البطلان لمصلحته عملاً بنص المادة 21 من قانون المرافعات من ثم فإنه لا يجوز للطاعن التمسك ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إعلام المطعون ضدها الثانية – التي لم تحضر – بإعادة الدعوى إلى المرافعة وإنما يقتصر الحق في التمسك بهذا البطلان على المطعون ضدها الثانية التي شرع البطلان لمصلحتها ويكون النعي غير مقبول.
وحيث إن حاصل السببين الخامس والثامن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن إعلام الوراثة يكون حجة على المتصادقين فيه سواء حضروا أو لم يحضروا وأن المطعون ضدهما تم إعلانهما بمادة الوراثة وبإدعاء الطاعن بنوته للمتوفى ووراثته لم ولم ينازعاً في ذلك بمادة الوارثة مما يعتبر مصادقة منهما على ذلك هذا بالإضافة إلى أن دعوى النسب لا تقبل بعد وفاة المورث إلا إذا أقيمت ضمن دعوى مال كإرث أو نفقة، وإذ لم يذكر المطعون ضده الأول في دعواه ابتداء أن المتوفى ترك ما يورث عنه فإنه كان يتعين الحكم بعدم سماع دعوى النسب وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن حجية الإعلام الشرعي تدفع وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة وهذا الحكم كما يصدر بناء على دفع يبدى في الدعوى التي يراد الاحتجاج فيها بالإعلام الشرعي يصح أن يكون في دعوى أصلية متى كانت المحكمة التي أصدرته مختصة بنظر الدعوى وأن قضاءها هو الذي يعوّل عليها ولو خالف ما ورد في الإعلام الشرعي ولا يعد ذلك إهداراً لحجية الإعلام لأن المشرع أجاز هذا القضاء وحد به من حجية الإعلام الشرعي الذي صدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينتقصها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة ومن ثم أجاز المشرع بالمادة سالفة البيان لذوي الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن عليه طلب بطلانه سواء في صورة دفع في دعوى قائمة أو بإقامة دعوى مبتدأة. لما كان ذلك فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ خالف بقضائه ما ورد بالإعلام الشرعي ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس. والنعي غير صحيح في شقه الثاني ذلك أنه وإن كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط لقبول دعوى النسب بعد وفاة طرفيها أو أحدهما أن تكون ضمن دعوى حق في التركة يطلبه المدعي مع الحكم بثبوت النسب فإنه لما كان البين من صحيفة دعوى بطلان إعلام الوراثة رقم 65 لسنة 1980 فرشوط المقيدة برقم 144 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية قنا (مأمورية نجع حمادي) المقامة من المطعون ضده الأول على الطاعن والمطعون ضدها الثانية – أنها تضمنت ادعاء المطعون ضده الأول بحق تركة مورثه البالغ مساحتها فدانين مشاعاً في خمسة أفدنة موضحة بالصحيفة ومن ثم فإن طلبه يكون قد جاء ضمن حق في التركة ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد عوَّل على شهادة شاهدي المطعون ضده الذين قررا أن المورث توفى منذ خمسين عاماً تقريباً وهو ما يخالف الثابت بشهادة الوفاة الرسمية وما شهد به شاهدي الطاعن من أن الوفاة وقعت عام 1970 وهو ما يؤيد أن المورث توفى بعد ولديه، وإذ أوردهما الحكم المطعون فيه ضمن ورثته رغم ثبوت وفاتهما قبله أخذاً بشهادة شاهدي المطعون ضده حال أن شهادتهما جاءت متناقضة وغير كافية لنص نسب الطاعن وعوّل الحكم المطعون فيه عليها وطرح شهادة شاهدي الطاعن وما جاء بتحريات الشرطة من ثبوت بنوته للمورث فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لقاضي الموضوع سلطة تقدير البينات في الدعوى وما يقدم فيها من القرائن والموازنة بينها والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب عليه في ذلك إلا أن يخرج بهذه الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده الأول من جماع أدلة الدعوى من أن المرحوم لم يتزوج بوالدة الطاعن ولم ينجبه منها وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من عدم وراثة الطاعن للمورث فإنه يكون من غير الجوهري اختلاف أقوال الشهود بشأن تاريخ وفاته.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان وفي بيان ذلك يقول إن طلبات المطعون ضده الأول في صحيفة الدعوى هي الحكم ببطلان إعلام الوراثة الصادر في المادة 65 لسنة 1980 وراثات فرشوط وهو ما قضت به محكمة أول درجة وأيده الحكم المطعون فيه وكان يتعين عليه الوقوف بقضائه عند هذا الحد، وإذ تجاوز ذلك وقضى بإثبات الوفاة والوراثة فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم بالإضافة إلى أنه جعل عبء الإثبات بالحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق على المطعون ضده الأول وكان يتعين أن يجعله على الطاعن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في شقه الأول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى تأييد الحكم الابتدائي ببطلان إعلام الوراثة الصادر في المادة 65 لسنة 1980 وراثات محكمة فرشوط للأحوال الشخصية بوفاة ووراثة المرحوم…… المتضمن وراثة الطاعن له واعتباره كأن لم يكن على سند من عدم قيام دليل يثبت معه وراثته للمورث، من ثم فإنه لا يجديه نفعاً القول بأن الحكم قد تجاوز طلبات المطعون ضده الأول والتي انحصرت في طلب إبطال الإعلام المشار إليه إلى إثبات الوراثة بعد قضاء الحكم بإبطال الإعلام فيما تضمنه من وراثته للمورث المذكور على نحو ما سلف بيانه. وهو غير مقبول كذلك في شقه الثاني ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن قواعد الإثبات، ومنها ما يتعلق بمن يكلف به ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً فلا يجوز النعي لأول مرة أمام محكمة النقض بمخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الإثبات – وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد ارتضى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف وقام بتنفيذه دون أن ينعى عليه بمخالفته لقواعد الإثبات فإنه لا يجوز له النعي عليه بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .