ان مهمة الوسيط التجاري تقتصر على التقريب بين الطرفين المتعاقدين والتوفيق بينهما من اجل إبرام العقد دون ان يكون طرفا فيه اذ تنتهي مهمته عند هذا الحد ولا علاقة له بضمان تنفيذ العقد الذي تم بناءا على وساطته(1). فالأصل ان الوسيط التجاري لا يضمن يسر طرفي العقد الذي يتوسط في ابرامه ولا يسأل عن تنفيذه لذلك فهو ليس مسؤولا عن الوفاء بالثمن او الاجرة او تسليم المبيع اذا كان وسيطا في عقد بيع مثلا (2) ، وقد قضت محكمة باريس في هذا الخصوص بنقض الحكم المطعون فيه تأسيسا على ان الوسيط لا يسأل عن عدم التنفيذ إلا إذا كان ضامنا للعملية وانه غير مسؤول عن إعسار المشتري إلا إذا ضمنه وكان عدم التنفيذ راجعا لخطئه وقررت المحكمة ان الوسيط غير مسؤول عن الاعسار اللاحق للعقد المتوسط فيه وانه غير مسؤول عن اعطاء النتيجة للبائع وتأجيل نصف الثمن وقد كان بإمكان البائع ان يجعل الوسيط ضامنا ولكنه لم يفعل (3) .

واذا كانت هذه هي الصورة الغالبة لمدى مسؤولية الوسيط وفقا لطبيعة عقد الوساطة فإن الوسيط عادة يلجأ الى زيادة نطاق هذه المسؤولية من اجل زيادة الاقبال على التعامل معه ومثال ذلك ان يتعهد بإبرام العقد لحساب موسطه في هذه الحالة يجمع بين صفتين صفة الوسيط وصفة الوكيل التجاري فالوسيط التجاري هو الذي سيوقع العقد في هذه الحالة باعتباره نائبا عن عميله (4) . ولكن الوسيط التجاري قد يتعدى ابرام العقد بنفسه ويصل الى حد ضمان الصفقة التي يتوسط في ابرامها وذلك بنص صريح في عقد الوساطة يتعهد فيه بهذا الضمان شأنه شأن الوكيل بالعمولة الضامن ويسمى الشرط الذي يتضمن ذلك شرط الضمان (5).

وبناءً على هذا الشرط فإن الوسيط التجاري يكون مسؤولا عن تمام تنفيذ التعاقد فيضمن يسار المتعاقد مع من وسطه ووفاءه لكل الالتزامات التي تنشأ عن التعاقد كما يضمن القوة القاهرة التي قد تمنع التنفيذ وتصبح الحالة الوحيدة التي يعفى فيها الوسيط التجاري من ضمان التنفيذ هي حالة اذا كان عدم التنفيذ راجعا الى خطأ من جانب الموسط اذا كان قد تسبب بخطئه بعدم تنفيذ العملية كما لو حدد ميعاداً معيناً للتسليم فلم يلتزم به الموسط فيمتنع الطرف الاخر عن دفع الثمن وفي هذه الحالة أي حالة ضمان التنفيذ فإن الوسيط التجاري تزيد عمولته عن العمولة التي كان يتقاضاها لو لم يلتزم بالتنفيذ اذ تزداد عمولته في هذه الحالة وتكون عمولته خاصة في حالة شرط الضمان(6).

ان ضمان تنفيذ الصفقة لايقرر بناءا على شرط صريح في عقد الوساطة فقط وانما يمكن ان يقرر بنص خاص في القانون كما هو الحال في مجال التعامل بالاوراق المالية (7) ، ويقوم مقام الشرط الصريح العرف التجاري وفي هذه الحالة على القاضي ان يتأكد من وجود العرف واستقراره واذا تأكد من ذلك حكم به من تلقاء نفسه وفي هذا الخصوص قضت محكمة النقض الفرنسية بنقض الحكم المطعون فيه الذي قرر عدم مسؤولية الوسيط لعدم مطابقة البضاعة التي يتوسط في بيعها للمواصفات المحددة لان الوسيط لايضمن ذلك للمشتري واسست محكمة النقض قضاءها بمسؤولية الوسيط على وجود عرف يقضي بأن سماسرة جلود الاحناش- وهو محل العقد – عليهم الالتزام بفحص البضاعة عند شحنها وبالتالي يسألون عن تطابق البضاعة للمواصفات المحددة عند التفريغ وكان المدعي قد طلب ذلك امام محكمة الاستئناف ولكنها لم تجب عن هذه الطلبات (8) .

مما تقدم تبين ان الوسيط التجاري كأصل عام لا يلتزم بضمان تنفيذ العقد الذي يتوسط في ابرامه إذ لا يدخل ذلك ضمن التزاماته بموجب هذا العقد اذ ان مهمته تنتهي بمجرد ابرام العقد بين الطرفين ولكن من الممكن مخالفة هذا الاصل والنص على ضمان تنفيذ العقد من جانب الوسيط بمقتضى شرط صريح في هذا العقد المبرم بين الطرفين او بموجب نص القانون او العرف التجاري ، في هذه الحالة فقط يلتزم الوسيط التجاري بتنفيذ العقد ويعتبر التزاماً اساسياً بالنسبة له وفي حالة عدم التنفيذ يعتبر ذلك خطأ يوجب المسؤولية العقدية .

_________________

-1 Francois Collrat – Dutillenl ،Phillipe Delebecque، Op. Cit.، p.561; Phillipe Malaurie ، Laurent Aynes et piree – yves Gantier، 2002 ، p.328

2- ينظر : المادة (204) من قانون التجارة المصري .

-3 Paris 22،spt .1970 ،JCP ،1-16327 .not .p.l.d.c

اشارت اليه : د. سميحة القليوبي ، الموجر ، المصدر السابق ، ص501 .

4- ينظر : د. محمد حسين اسماعيل ، المصدر السابق ، ص 344 .

5- ينظر : د. محمد صالح ، شرح قانون التجارة المصري ، الجزء الاول ، طبعة سنة 1933 ، ص 404.

6- اسكار ، 150 ، بيرو ماريون ، ص 120 ، رقم 129 ، اشارت اليه : د. سميحة القليوبي ، عقود الوكالات التجارية ، المصدر السابق ، ص 503 .

7- ينظر : د. مراد منير فهيم ، المصدر السابق ، ص 60 .

8- Cass com .1 mars 1971 . D.S .1971 .37 .dv.597 .

أشارت اليه : الدكتورة سميحة القليوبي ، المصدر السابق ، ص 503 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .