النصوص الدستورية المنظمة لدور الافراد والهيئات في ضمان حقوق الانسان وحرياته :

تهتم بعض الدساتير باعطاء الافراد دوراً متميزاً في حماية حقوقهم وحرياتهم اهتماما خاصا. ويختلف هذا الدور باختلاف الدساتير، وعلى النحو الآتي :-

حق الافراد في الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم امام القضاء :

يعد هذا الحق من الحقوق المهمة التي تمنح الافراد حق الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم باعتبارهم الأدرى بتلك الحقوق والحريات في حالة انتهاكها. ويدخل في إطار ذلك، حق الافراد في المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي تلحق بهم نتيجة اهمال موظفي الدولة في تأدية واجباتهم، وهذا ما نجد تطبيقه في المادة ( ٣٧ / أولاً / ج) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ التي تحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية، ولا ترتب أي اعتبار للاعتراف المنتزع تحت وطأة الاكراه أو التهديد أو التعذيب، وأعطت المتضرر حق المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون. كما أقر دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ، وقانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (٣٠ ) لسنة ٢٠٠٥ والنظام الداخلي الصادر بموجبه رقم (1) لسنة ٢٠٠٥ ، حق الافراد ممن لهم مصلحة شخصية حالة ومباشرة، في تحريك الدعوى الأصلية والمباشرة وطلب الحكم بالغاء التشريع المخالف للدستور، ويعتبر ذلك استجابة لمقتضيات المبدأ الدستوري الثابت بشأن كفالة حق التقاضي للجميع. ويعد ذلك تطوراً تشريعياً ملحوظاً في اتجاه المشرع العراقي نحو تفعيل دور الرقابة القضائية على دستورية القوانين وبما يحقق الضمان الفعلي والحقيقي لحقوق الافراد وحرياتهم، حيث منح الافراد حق الطعن بدستورية أي تشريع بموجب دعوى أصلية مباشرة امام المحكمة الاتحادية العليا. حق الجمعيات والهيئات في حماية حقوق الانسان .

ومقتضى هذا الحق أن تتولى الهيئات الدفاع عن حقوق الانسان، وقد تنص الدساتير على انشاء مثل هذه الهيئات التي يكون لها الدور الفاعل في حماية حقوق الانسان على أن يتم تشكيلها وتحديد دورها بموجب قوانين عادية. وهذا ما نصت عليه المادة ( ١٠٢ ) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ” تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون “. كما يلاحظ ان هناك بعض الجمعيات والهيئات التي تنشأ بموجب الدستور لتتولى الدفاع عن نوع معين من الحقوق ومثالها مؤسسة الشهداء التي نصت عليها المادة (١٠٤ ) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ” تؤسس هيئة تسمى مؤسسة الشهداء، ترتبط بمجلس الوزراء، وينظم عملها واختصاصاتها بقانون “. كما أكدت المادة ( ٤٦ ) من دستور ٢٠٠٥ على حرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني – باعتبار ان العديد منها هدفها الأساسي هو الدفاع عن حقوق الانسان وحرياته الأساسية ، ودعمها وتطويرها واستقلاليتها، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الاهداف المشروعة لها، وينظم ذلك بقانون.

النصوص الدستورية الخاصة بتعديل المواد الدستورية المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم :

ان مبدأ تعديل الدستور من المبادئ المقررة في معظم الدساتير ويسوغ ذلك على أساس أن الدستور يجب أن يواكب مقتضيات التطور الاجتماعي وتكوين الصورة الواقعية لنظام الحكم السائد في المجتمع. ويذهب غالبية الفقهاء الى ان تطور الحياة وتغيرها من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن ان ينسجما مع فرض نصوص ثابتة لا تتغير ولا تتطور مع هذا الواقع. غير ان واقع النصوص الدستورية المنظمة لتعديل الحقوق والحريات، وهي قليلة العدد، يرينا نمطين من الدساتير بهذا الشأن هي كالآتي :-

النمط الأول من الدساتير، وهو يحرم تعديل المبادئ المنظمة لحقوق الانسان تحريماً مطلقاً. وهذا ما ذهب اليه عدد من الدساتير مثل دستور البحرين لعام ١٩٧٣ في ( المادة ( ١٠٤ / ج)، والدستور الجزائري الصادر عام ١٩٨٩ في المادة ( ١٦٤ منه(1) .النمط الثاني من الدساتير، وهو لا يجيز تعديل النصوص المنظمة للحقوق والحريات الا بعد مرور مدة معينة وذلك لا ضفاء قدسية على هذه النصوص وتحقيقا لثباتها واستقرارها ويهيء لها بعد مرور المدة التي يحظر فيها التعديل تعزيز مكانتها لدى الافراد والسلطات العامة وهذا يشكل ضمانة مباشرة لحقوق الانسان وحرياته الأساسية. ويجد هذا النمط تطبيقه في المادة ( ١٢٦ / ثانياً) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ التي تنص على انه ” لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، الا بعد دورتين انتخابتين متعاقبتين، وبناءاً على موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام “.

__________________

1- انظر جعفر صادق مھدي، ضمانات حقوق الانسان – دراسة دستوریة- ، رسالة ماجستیر ، كلیة القانون – جامعة ، بغداد، ١٩٩٠ ص ٤ .

المؤلف : مها بهجت يونس
الكتاب أو المصدر : مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية / العدد الاول / حقوق الانسان وحرياته…
الجزء والصفحة : ص152-153

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .