من المعروف ان مضمون المحرر يرتبط بركيزته الورقية اذ لا تضمن مصداقية المحرر إلا ببقاء هذا المضمون سليما على ركيزته الورقية الأساسية، على إن الوضع مختلف بالنسبة للمحرر الالكتروني ،الذي يقتضي وبحسب الأصل المحافظة على مصداقية المحرر الذي يتخذ شكل ملف معلوماتي موقع الكترونيا يتنقل من وسيط الكتروني إلى آخر، أي ان الركيزة الالكترونية لا تؤمن مصداقية المحرر الالكتروني، بل ان من يتولى هذه المهمة وبكل جدارة التوقيع الالكتروني الذي يجمد منطقيا ورقميا وليس ماديا محتوى المحرر(1).

وهكذا فأن وظيفة المحافظة على صحة وسلامة المحرر من العبث والتلاعب بمحتوياته تؤمن من خلال تقنية التوقيع الالكتروني ، بعد ان كانت طبيعة المحرر المادية ( الورقية ) تعمل على تأدية هذا الدور حيث يظهر بصورة واضحة ، ثبوت هذه الدعامة حين يصعب إخفاء الغش ويسهل كشف الإضافات والشطب علاوة على متانتها من حيث شدة مقاومتها للظروف والزمن ، ولعل هذه الميزات هي التي علّت من شأن المحررات الكتابية بين أدلة الإثبات الأخرى ، وبفضل الامتزاج الكيميائي بين الورق والمداد المستعمل يثبت مضمون التصرف الذي لا يمكن تفكيك مفاصله ماديا عن الورق المثبت عليه .

بالمقابل أن المحرر الالكتروني يسبح في بيئة لا ورقية محفوفة بمخاطر جمة ، مما يوجب الحفاظ على المحتويات المتبادلة بين الطرفين على شكل محررات الكترونية تحمل توقيعا” الكترونيا” من خلال عملية التشفير غير المتماثل ، والذي يتيح التدقيق الملائم والأكيد ويتم ذلك عن طريق عملية حسابية للرسالة المبعوثة للحصول على خلاصة رقمية للرسالة ، ويتم تشفير هذا الملخص بعد ذلك بواسطة المفتاح الخاص ، وبالنتيجة يلعب التوقيع الالكتروني بصورته الرقمية دورا” فعالا” في المحافظة على مضمون المحرروهو ينتقل عبر شبكة الانترنت إلى المرسل إليه من خلال المفتاح العام الذي يخوله الإطلاع على مضمون المحرر دون إمكانية التدخل فيه ومن ثم يعاد المحرر حاملا” توقيعا رقميا للطرف الآخر ويستطيع الطرف الأول التأكد من مضمون المحرر الثاني ومدى مطابقته للثاني من خلال فك تشفير المحرر الأول ومقارنته بالثاني ، وبهذا يظهر الفرق بين المضمونين،وتتحقق السلامة للمحرر ويُضمن عدم التلاعب بفحواه .

_______________

[1] – وسيم الحجار : الاثبات الالكتروني – منشورات صادر الحقوقية – بيروت -ص 149 -150

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .