دعوى التعويض في النظام الإداري السعودي

المحامي د. عثمان خالد الدعجاني العتيبي

دعوى التعويض تناولنا في عدد الأسبوع الماضي من موضوع الرقابة على أعمال الادارة الحكومية جزئية دعوى الغاء القرار الإداري ، واليوم ننتقل الى مبدأ التعويض عن مسئولية الإدارة الحكومية والعاملين فيها، وهو من المبادىء المهمة التي تعطي القاضي سلطة تعويض المتضرر من تصرفات الجهة الحكومية سواء كانت قانونية أو مادية وعندما أعطت الدولة ديوان المظالم هذه السلطة فهي تكرس بذلك مبدأ اسلاميا مهما لبسط العدالة على الجميع، ولا شك أن الحاق الضرر بالناس بسبب أخطاء الإدارة أو أحد منسوبيها بدون إزالة يعد من الظلم الذي نهى الله ورسوله عنه، وهو ما طبقه الخلفاء الراشدون من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قرروا مسؤولية الدولة عن أي ضرر تسببه أجهزتها للأفراد وهي ملزمة برفع الضرر والتعويض عنه فإن لم تقم بذلك طواعية الزمها به القضاء تطبيقاً لقاعدة « لا ضرر ولاضرار»

وهو المطبق في الدولة السعودية حيث نصت الفقرة (ج) من المادة(8) من نظام ديوان المظالم على( يختص الديوان بدعاوى التعويض الموجهة من ذوي الشأن الى الحكومة والأشخاص ذوي الشخصية المعنوية العامة المستقلة بسبب أعمالها) وسواء كانت دعوى التعويض تتعلق بقرار إداري أو تعلقت بأعمال مادية قامت بها الجهة الحكومية، ولا يوجد فرق بين خطأ الإدارة وبين خطأ موظفها ما دام تصرفه من منطلق ممارسته لمهامه الوظيفية وعلى الإدارة تعويض المتضرر والرجوع على موظفها المتسبب في الخطأ فمثلاً القرار الصادر منه برقم 38/ت لعام 1400هـ ورد في حيثياته ما يلي( يمكن للجهة الإدارية الرجوع بعد ذلك على منسوبيها بالتعويض الذي تدفعه إذا ثبت أنه أخطأ خطأً يرقى الى مرتبة ما يعرف في الفقه والقضاء الإداريين بالخطأ الشخصي، وبما يتناسب مع هذا الخطأ وخطئها المرفقي إن وجد) .

ولا يقف الأمر على استلزام وجود خطأ من الإدارة أو أحد منسوبيها بل يتعين التعويض عند وجود الضرر من تصرف صحيح من قبل الإدارة أو أحد موظفيها ويكفي أن نورد قرار لجنة تدقيق القضايا بديوان المظالم رقم 33/ت لعام 1400هـ حيث تقول( إنه طبقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء الإداري إذا ما ترتب على الأمر الصحيح نظاماً ضرر خاص بأحد الأفراد فإنه يجب تعويضه عن هذا الضرر الخاص بمقداره.

وهذا التعويض يقوم على أساس مبدأ نظامي آخر أشمل من مبدأ المسئولية على أساس الخطأ، هو مبدأ مساواة الأفراد أمام التكاليف العامة، ومقتضاه أنه إذا ما اتخذت الجهة الإدارية المختصة إجراءً معيناً تقتضيه دواعي المصلحة العامة وترتب على هذا الإجراء إلحاق ضرر خاص بأحد الأفراد فإنه لا يجوز عدالة أن يتحمل بهذا الضرر الخاص لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بمبدأ مساواة الأفراد أمام التكاليف العامة وإنما يتعين تعويضه بمقدار هذا الضرر)

ونود الإشارة الى أن من يتقدم للديوان طالباً تعويض الحكومة له بسبب تصرف أحد منسوبيها يجب عليه أن يثبت أن هذا الموظف قد تصرف تنفيذاً لمهامه الوظيفية الموكول فيها أما ما يصدر من منسوبي الحكومة من تصرفات شخصية ليس لها علاقة بعملهم فليس لديوان المظالم اختصاص بنظره ، والإختصاص في هذه الحالة للمحاكم العامة بالمملكة لانفصال التصرف الشخصي للموظف عن تصرفه كموظف، كما أن التعويض هو لما وقع فعلاً من ضرر وليس احتمالاً أو فوات ربح أو خسائر غير مباشرة. [email protected]

إعادة نشر بواسطة محاماة نت