خطوات و مراحل في الجريمة لا يعاقب عليها القانون

أ/ محمد سليمان الخوالدة

مراحل الجريمة التي لا يعاقب عليها القانون

مراحل الجريمة: تحديد مدلول البدء في تنفيذ الجريمة يقتضي التحدث عن مراحل ارتكاب الجريمة، وتحديد المرحلة التي يتدخل فيها القانون بالعقاب وتمييزها عن المراحل السابقة عليها التي لا يقرر فيها عقاباً. ومراحل الجريمة هي: (1) التفكير فيها والتصميم عليها (2) التحضير لها (3) البدء في تنفيذها، وقد يبلغ التنفيذ غايته فتتم الجريمة به، وقد يخيب أو يقف فتظل الجريمة عند مرحلة الشروع.

مراحل الجريمة التي لا يعاقب القانون عليها :-

1- التفكير في الجريمة والتصميم عليها: هذه هي المرحلة النفسية للجريمة، إذ الجريمة فيها تكون محض فكرة أو مجرد إرادة داخلية في نفس المتهم. لا عقاب على هذه المرحلة، ولو ثبت لقاضي الموضوع إن التفكير أو التصميم على نحو لا شك فيه. فنصت الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون العقوبات على انه «لا يعد شروعا مجرد العزم على ارتكاب الجريمة أو الأعمال التحضيرية لها أو محاولة ارتكابها«. والعلة في عدم العقاب واضحة: فكل صور الجريمة – ولو كانت مجرد شروع – تتطلب ركنا ماديا، ويقتضى هذا الركن فعلاً، وللفعل كيان مادي يقوم على حركة عضوية، ولا وجود لذلك حينما تكون الجريمة محض فكرة أو مجرد إرادة، ومن ثم لا يكون للتجريم محل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الهدف من عدم العقاب على هذه المرحلة هو التشجيع على العدول عن تنفيذ الجريمة، وبذلك يكون لخطة المشرع سند قوي من سياسة العقاب. وقد يرد إلى الذهن أن لهذه القاعدة استثناءها، حيث يعاقب القانون على التحريض في ذاته أو الاتفاق الجنائي أو التهديد. ولكن الحقيقة أن هذه الحالات ليست استثناء واردا على القاعدة: إذ تفترض جميعا تعبير الجاني عن تصميمه الإجرامي بقول أو إيماء أو كتابة، ويعني ذلك ان ثمة فعلاً يقوم به الركن المادي للجريمة، فالجاني لم يقف عند مرحلة التفكير أو التصميم، بل جاوزها إلى مرحلة التنفيذ الكامل لجريمة تقوم بفعل التحريض أو الاتفاق أو التهديد، ولكن يعاقب عليها كجرائم متميزة مستقلة بذاتها مثال لذلك جريمة العرض الخائب للرشوة.

2- الأعمال التحضيرية للجريمة: تتخذ الجريمة في هذه المرحلة فعلا ماديا، يعبر به الجاني عن تصميمه على ارتكاب الجريمة بأفعال ملموسة. من أمثلة ذلك شراء السلاح أو تجهيز المادة السامة أو استعارة أداة فتح الخزانة، وتشمل الأعمال التحضيرية كذلك كل فعل يضع به الجاني نفسه في الموضع الذي يمكنه من الإقدام بعد ذلك على تنفيذ الجريمة، كاتخاذ مكان في عربة النقل العام لسرقة بعض مستقليها أو سيره في الطريق الموصل إلى مسكن المجني عليه حيث يريد ارتكاب القتل أو السرقة أو الإتلاف. والقاعدة ألا عقاب على هذه الأفعال، أي أنها لا تعد شروعا في الجرائم محل التحضير. وعلة هذه القاعدة أن العمل التحضيري لا ينطوي على خطر يهدد حقا أو مصلحة، إذ لا يكشف في صورة أكيدة عن نية إجرامية، فشراء السلاح قد يدل على اتجاه إلى جريمة، ولكنه قد يدل على اتجاه إلى استعماله في الدفاع عن النفس، وتركيب مادة سامة قد يدل على اتجاه إلى جريمة، ولكنه قد يدل على اتجاه إلى استعمالها في إبادة الحشرات، ويعني ذلك ان صعوبات إثبات النية الإجرامية تقف عقبة ضد الإجراءات الجنائية.

3- العمل التحضيري كجريمة قائمة بذاتها: على الرغم من أن العمل التحضيري لا يعد شروعا في الجريمة محل التحضير، فإن القانون يعتبره جريمة تامة في بعض الحالات حينما يقدر المشرع أن العمل التحضيري ينطوي على خطر أو يكشف عن خطورة مرتكبه: مثال ذلك تجريم حيازة السلاح بدون ترخيص، أو صنع آلة ما مع توقع استعمالها في ارتكاب جريمة