حكم تمييز (مخدرات – سلاح )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 2/ 3/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ عاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل وعبد الرحمن أبو سليمة
(24)
(الطعن رقم 138/ 2002 جزائي)

1 – إثبات (بوجه عام) و(شهود) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير أدلة الدعوى) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب قائم على جدل موضوعي)].
1 – لمحكمة الموضوع استخلاص صورة الواقعة ووزن أقوال الشاهد تقديرها – اطمئنانها إليها مفاده: إطراح جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها – المنازعة في ذلك – جدل موضوعي – غير جائز أمام التمييز.
2 – إثبات (شهود) – استدلالات – إجراءات المحاكمة.
– سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له – لا ينال من سلامة أقواله.
3 – دفوع (الدفع بتلفيق التهمة) – مواد مخدرة – حكم (تسبيب غير معيب).
– الدفع بتلفيق التهمة ودس المخدر – موضوعي – لا يستلزم ردًا خاصًا – استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

4 – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)] – تمييز [(أسباب الطعن)، سبب على غير سند)] – استئناف – إجراءات التحقيق – محكمة الموضوع (سلطتها) – إثبات (إجراءاته) – حكم (تسبيب غير معيب).
– الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه – ماهيته.
– محكمة الاستئناف تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق – لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزومًا لإجرائه.
– عدم تمسك الطاعن بطلب سماع الشهود والتفات المحكمة عن سماعهم لوضوح الواقعة لديها – لا إخلال بحق الدفاع.

5 – تحريات – إذن تفتيش – تفتيش – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير التحريات) – دفوع (الدفع ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش).
– تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش – موضوعي.
– إطراح الحكم الدفع ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لاطمئنان المحكمة لجدية التحريات – النعي عليه في هذا الخصوص – على غير أساس.
6 – دفوع (الدفع بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – إذن تفتيش – تفتيش.
– الدفع بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن بهما – موضوعي – كفاية اطمئنان المحكمة إلى حصولهما بعد صدور الإذن بهما استنادًا لأدلة سائغة.

7 – مواد مخدرة – قصد جنائي – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – حكم (تسبيب غير معيب).
– إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار – واقعة مادية – تقديرها موضوعي – ما دام سائغًا.
– استدلال الحكم على هذا القصد من شهادة الضابط وكبر كمية المخدر المضبوطة وبيع بعضًا منها إلى المصدر السري – صحيح في القانون.

8 – مواد مخدرة – جمارك – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب غير سند)].
– خلو كتاب الإدارة العامة للجمارك من قيمة المخدر المضبوط الذي باعه الطاعن للمصدر السري – النعي عليه في هذا الشأن على غير سند.
9 – مواد مخدرة – تمييز (سبب غير منتج) – عقوبة (عقوبة الجريمة الأشد).
– النعي على الحكم بشأن إجراءات أخذ عينة البول ونتيجة تحليلها المنصرف إلى جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي – غير منتج – ما دام أنه أوقع عليه عقوبة جريمة إحرازه بقصد الاتجار.

10 – مواد مخدرة – دستور – قانون (القانون الأصلح) – تهريب جمركي – تمييز (التمييز الجزئي للحكم).
– القضاء بعدم دستورية البند (6) من المادة (17) من المرسوم بق. 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك – أثره زوال صفة التأثيم ويتحقق به القانون الأصلح للطاعن – لمحكمة التمييز في هذه الحالة تمييز الحكم جزئيًا وتصحيحه بإلغاء الغرامة الجمركية والقضاء بالبراءة.

1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص صورة الواقعة من مجموع الأدلة المعروضة عليها، وأن تزن قول الشاهد وتقدره، ومتى اطمأنت إليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة الضابط وتصويره للواقعة، فإن ما يجادل فيه الطاعن حول ذلك، وقوله بعدم معقوليته، واستحالة احتفاظه بالمخدر وعدم تخلصه منه في فترة المطاردة، ينحل في جملته إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة، وتقدير أدلتها، مما لا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

2 – سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له، لا ينال من سلامة أقواله.
3 – الدفع بتلفيق التهمة ودس المخدر، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها استقلالاً، اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت السائغة. فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له.

4 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وأن محكمة الاستئناف إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزومًا لإجرائه، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية، أن المدافع عن الطاعن ترك طلب سماع الشهود لتقدير المحكمة، مما أفقده خصائص الطلب الجازم، وكانت المحكمة لم ترَ من جانبها حاجة لسماع شهود في الدعوى، بعد ما وضحت لديها الواقعة، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون على غير سند.

5 – من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعن ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش، بما أورده من أن المحكمة تقر سلطة التحقيق على تقديرها لجدية التحريات لما تضمنته من تحديد لاسم الطاعن وسنه وأوصافه وجهة عمله، وأنه يحوز ويحرز مواد مخدرة للاتجار والتعاطي، وكان ما أورده يسوغ به إطراح الدفع، فإن النعي في هذا الخصوص لا أساس له.

6 – الدفع بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن بهما إن هو إلا دفاع موضوعي، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى حصول الإجراءين بعد صدور الأمر بهما، استنادًا إلى الأدلة السائغة التي توردها فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.

7 – من المقرر أن إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار، هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على هذا القصد لدى الطاعن من شهادة ضابط الواقعة وكبر كمية المخدر المضبوطة، وبيع بعضًا منها إلى المصدر السري، وبين أن عدم وجود نشاط للطاعن في الاتجار بالمخدرات من قبل لا ينفي هذا القصد، وكان ما أورده صحيح في القانون، ويستقيم به تدليله على قصد الاتجار.

8 – إذ كان كتاب الإدارة العامة للجمارك لم يرد به أن قطعة الحشيش التي باعها الطاعن للمصدر السري، تقدر قيمتها بعشرة آلاف وسبعمائة وخمسة وخمسون دينارًا – كما يقول الطاعن – فإن ما أسسه على ذلك يكون على غير سند.
9 – إذ كان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن عن جريمتي حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار، وإحرازه بقصد التعاطي، سوى عقوبة أصلية واحدة، تدخل في حدود تلك المقررة للجريمة الأولى – الأشد – التي أثبتها في حقه، فإن النعي على إجراءات أخذ عينة البول، أو نتيجة تحليلها مما ينصرف إلى الجريمة الثانية – الأخف – يكون غير منتج.

10 – إذ كانت المحكمة الدستورية قد قضت في الطعن رقم 4 لسنة 2002 دستوري، بعدم دستورية نص البند رقم (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك[(1)]، فيما تضمنه من اعتبار نقل أو حيازة البضائع الممنوعة التي لم يقدم الناقل أو الحائز لها ما يثبت استيرادها بصورة نظامية في حكم التهريب الجمركي، ومن ثم فقد زال عن هذا الفعل صفة التأثيم، بما يتحقق به معنى القانون الأصلح بالنسبة للطاعن، ويخول هذه المحكمة إعمالاً لنص المادتين 15/ 1 من قانون الجزاء، و(10) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته، أن تميز الحكم المطعون فيه تمييزًا جزئيًا، وأن تصححه بإلغاء ما قضى به من غرامة جمركية عن تهمة التهريب الجمركي، وبراءة الطاعن منها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 203 لسنة 2000 المباحث – 178 لسنة 2000 حصر، بأنه في يوم 11/ 2/ 2000 بدائرة مخفر شرطة العارضية – محافظة الفروانية:

أولاً: حاز مادة مخدرة (حشيش) وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المرخص بها قانونًا.

ثانيًا: أحرز مادة مخدرة (حشيش) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا.

ثالثًا: حاز سلاحين ناريين (مسدس وبندقية) بغير ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة.

رابعًا: حاز ذخائر (ثلاثة وخمسون طلقة) مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر بغير ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة.

خامسًا: حاز وأحرز البضاعة الممنوعة سالفة البيان دون أن يقدم ما يثبت استيرادها بصورة نظامية. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد (1)، (2)، (10)، (32/ 1 (أ))، 33/ 1، (39/ 1، 2) من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1995 والبند رقم (16) من الجدول رقم (1) المحلق به، والمواد (1/ 1، 4)، 2/ 1، (21/ 1، 4) من المرسوم بالقانون رقم 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر، و1/ 9، (2)، 17/ 6، (20) من المرسوم بقانون رقم 13 لسنة1980 في شأن الجمارك. حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة الطاعن بالحبس المؤبد وإلزامه بغرامة جمركية أربعة آلاف دينار، ومصادرة المواد المخدرة والسلاح والذخيرة. استأنف الطاعن هذا الحكم واستأنفته النيابة العامة بالاستئناف رقم 447 لسنة 2002 ج – م. وبتاريخ 31/ 3/ 2002 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى معاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة خمس عشرة سنة، وتغريمه عشرة آلاف دينار عن تهم حيازة وإحراز مخدر بقصدي الاتجار والتعاطي وتهريبه جمركيًا وتغريمه ألف دينار عن تهم حيازة السلاحين والذخائر وتهريبها جمركيًا، وتأييده فيما قضى به من غرامة جمركية ومصادرة المضبوطات. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث ينعي الطاعن – في مذكرتي الأسباب – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار، وإحرازه بقصد التعاطي، وحيازة سلاحين ناريين، وذخائر مما تستعمل فيهما بغير ترخيص، والتهريب الجمركي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن اعتد بأقوال الضابط وتصويره للواقعة رغم منازعة الطاعن في صدقه وعدم معقوليته، وعدم تصور استمرار الطاعن في إحراز المخدر وسيجارة الحشيش المضبوطين بجيبه أثناء مطاردته، وعدم تمزق السيجارة المذكورة، وقد تعمد الضابط السكوت عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة التي رافقته لينفرد بالشهادة، مما يشير إلى تلفيق التهمة ودس المخدر عليه، ولم تجبه المحكمة إلى طلبه سماع شهادة الضابط والمصدر السري وأطرحته بما لا يسوغ، وردت على دفعه ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات بما لا يصلح ردًا، ومع أنه عدد شواهد تؤازر دفعه. ولم يعرض لدفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما، واستدل على قصد الاتجار بما لا ينتجه، وقد أبدى دفاعًا مؤداه استحالة أن يبيع – لو صح أنه يتجر في المخدرات – نصف كيلو حشيش إلى المصدر السري بمبلغ خمسمائة دينار، مع أن ثمنه كما حددته إدارة الجمارك هو عشرة آلاف وسبعمائة وخمسة وخمسون دينارًا، وقد أطرح الحكم هذا الدفاع جملة ضمن دفاعه الموضوعي، وعول الحكم على نتيجة تحليل عينة البول رغم بطلان الإجراء لأخذ العينة في غير حضور الضابط أو تحت إشرافه، واحتمال اختلاط العينات والخطأ الفني، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي – المأخوذ بأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار، وإحرازه بقصد التعاطي، وحيازة سلاحين ناريين، وذخائر مما تستعمل فيهما بغير ترخيص، والتهريب الجمركي التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، استمدها من شهادة الملازم أول (…..)، وتقارير الإدارة العامة للأدلة الجنائية، وكتاب الإدارة العامة للجمارك. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص صورة الواقعة من مجموع الأدلة المعروضة عليها، وأن تزن قول الشاهد وتقدره، ومتى اطمأنت إليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة الضابط وتصويره للواقعة، فإن ما يجادل فيه الطاعن حول ذلك، وقوله بعدم معقوليته، واستحالة احتفاظه بالمخدر وعدم تخلصه منه في فترة المطاردة، ينحل في جملته إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة، وتقدير أدلتها، مما لا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له، لا ينال من سلامة أقواله، فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة ودس المخدر، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها استقلالاً، اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت السائغة – كما هو الحال في واقعة الدعوى – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وأن محكمة الاستئناف إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزومًا لإجرائه، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية، أن المدافع عن الطاعن ترك طلب سماع الشهود لتقدير المحكمة، مما أفقده خصائص الطلب الجازم، وكانت المحكمة لم ترَ من جانبها حاجة لسماع شهود في الدعوى، بعد ما وضحت لديها الواقعة، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعن ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش، بما أورده من أن المحكمة تقر سلطة التحقيق على تقديرها لجدية التحريات لما تضمنته من تحديد لاسم الطاعن وسنه وأوصافه وجهة عمله، وأنه يحوز ويحرز مواد مخدرة للاتجار والتعاطي، وكان ما أورده يسوغ به إطراح الدفع، فإن النعي في هذا الخصوص لا أساس له. لما كان ذلك، وكان الدفع بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن بهما إن هو إلا دفاع موضوعي، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى حصول الإجراءين بعد صدور الأمر بهما، استنادًا إلى الأدلة السائغة التي توردها – كما هو الحال في وقاعة الدعوى – فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار، هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على هذا القصد لدى الطاعن من شهادة ضابط الواقعة وكبر كمية المخدر المضبوطة، وبيع بعضًا منها إلى المصدر السري، وبين أن عدم وجود نشاط للطاعن في الاتجار بالمخدرات من قبل لا ينفي هذا القصد، وكان ما أورده صحيح في القانون، ويستقيم به تدليله على قصد الاتجار، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا أساس له. لما كان ذلك، وكان كتاب الإدارة العامة للجمارك لم يرد به أن قطعة الحشيش التي باعها الطاعن للمصدر السري، تقدر قيمتها بعشرة آلاف وسبعمائة وخمسة وخمسون دينارًا – كما يقول الطاعن – فإن ما أسسه على ذلك يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن عن جريمتي حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار، وإحرازه بقصد التعاطي، سوى عقوبة أصلية واحدة، تدخل في حدود تلك المقررة للجريمة الأولى – الأشد – التي أثبتها في حقه، فإن النعي على إجراءات أخذ عينة البول، أو نتيجة تحليلها مما ينصرف إلى الجريمة الثانية – الأخف – يكون غير منتج. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية قد قضت في الطعن رقم 4 لسنة 2002 دستوري، بعدم دستورية نص البند رقم (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك، فيما تضمنه من اعتبار نقل أو حيازة البضائع الممنوعة التي لم يقدم الناقل أو الحائز لها ما يثبت استيرادها بصورة نظامية في حكم التهريب الجمركي، ومن ثم فقد زال عن هذا الفعل صفة التأثيم، بما يتحقق به معنى القانون الأصلح بالنسبة للطاعن، ويخول هذه المحكمة إعمالاً لنص المادتين 15/ 1 من قانون الجزاء، و(10) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته، أن تميز الحكم المطعون فيه تمييزًا جزئيًا، وأن تصححه بإلغاء ما قضى به من غرامة جمركية عن تهمة التهريب الجمركي، وبراءة الطاعن منها.