الطعن 97 لسنة 49 ق جلسة 10 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 240 ص 1255

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد رأفت خفاجي، محمد فؤاد شرباش، د. محمد فتحي نجيب وعبد الحميد سليمان.
————-
– 1 محكمة الموضوع “سلطتها في تفسير المحررات”. عقد “تفسيره”.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير المحررات والاتفاقات بما تراه أوفي بمقصود المتعاقدين . لا سلطان لمحكمة النقض عليها متي كانت عبارة المحرر . تحمل المعني الذي حصلته .
المقرر – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمستندات و سائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى و ظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذى تحتمله عباراتها وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لها ، و لا تتقيد المحكمة بما تفيده عبارة معينة منها و إنما بما تفيده في جملتها .
– 2 إيجار “إيجار الأماكن”.
اشراك المستأجر آخر معه في النشاط المالي لا يعد تخليا عن الانتفاع بالعين المؤجرة او ايجارا من الباطن – بقاء عقد الايجار قائما لصالح المستأجر ما لم يقم الدليل على تخليه عنه للغير .
قيام مستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط المالي الذى يباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهما ، لا يعدو أن يكون متابعة من جانب المستأجر للانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله بعد أن ضم إلى رأس ماله المستثمر فيها حصته لأخر على سبيل المشاركة في استغلال هذا المال المشترك دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلى المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها سواء كلها أو بعضها إلى شريكه في المشروع الحالي بأي طريق من طرق التخلي – إيجاراً كان من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار – لانتفاء مقتضى ذلك قانوناً ، بل يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المتولدة عن ذلك العقد إلى الغير .
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – في أن الطاعن أقام الدعوى 3165 سنة 1976 جنوب القاهرة ابتغاء الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 2/7/1966، والمبرم بينه والمطعون ضده الثاني عن العين المبينة بالصحيفة والإخلاء والتسليم وقال في بيان دعواه أن الأخير استأجر منه العين بقصد استعمالها مكتبا ومعرضا تجاريا لمزاولة مهنة الهندسة الكهربائية ثم باع هذا المكتب للمطعون ضده الأول بالمخالفة لنصوص عقد الإيجار ولحكم المادة 594 من القانون المدني في شأن بيع الجدك إذ اقتصر البيع على المنقولات الكائن به دون الجدك بمعناه القانوني فضلا عن أن المطعون ضده الأول ادخل تعديلا جوهريا في النشاط الذي أجرت العين لمباشرته بها إذا استعملها في الاتجار في قطع غيار السيارات بالمخالفة لنصوص العقد، كما أنه تنازل عن المحل إلى الشركة التي يمثلها. أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق – وبعد أن سمعت أقوال شهود الطرفين قضت بتاريخ 27/4/1978 بالفسخ والإخلاء، استأنف المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف 3136 سنة 95ق القاهرة، وبتاريخ 30/11/1978 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه استدل من الخطابات المرسلة من وكيله إلى وكيل المطعون ضدهما في شأن واقعة تنازل ثانيهما عن العين مثار النزاع للأول على موافقته الصريحة على هذا التنازل بشرط استعمالها فيما أعدت له بموجب العقد المؤرخ 2/7/1962 بينما الثابت من هذه الخطابات أن الطاعن احتفظ بكافة حقوقه المترتبة على هذا التصرف، كما أنه أكد عدم قبوله له باستمراره في إصدار مخالصات سداد الأجرة باسم المستأجر الأصلي، كما ذهب الحكم إلى أن المطعون ضده الأول استغل العين محل النزاع فيما أعدت له بموجب العقد المشار إليه رغم الاختلاف الجوهري بين استعمالها المتفق عليه في تجارة الآلات والأدوات الكهربائية وبين استعمال المطعون ضده الأول لها في تجارة قطع غيار السيارات.
وحيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمستندات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، مادامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عباراتها ومادام ما انتهت إليه سائغا مقبولا ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لها، ولا تتقيد المحكمة بما تفيده عبارة معينة منها وإنما بما تفيده في جملتها لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن وكيل المطعون ضده الثاني أخطر الطاعن كتابة في 20/11/1975 بأنه باع عين النزاع بالجدك للمطعون ضده الأول، فطلب منه موافاته بصورة من عقد البيع المنوه عنه، ثم كتب إليه في 8/1/1976 بأن الطاعن يحتفظ بكافة حقوقه حيث يتعين على موكلكم (المطعون ضده الأول) استعمال المكتب المشار إليه في ذات النشاط وفي ذات الغرض الذي كان يستعمله السيد/ …. (المطعون ضده الثاني) وبحالته وقت البيع دون إدخال أي تعديل سواء على النشاط أو الغرض أو حالة الاستعمال والاستغلال – وكان الحكم المطعون فيه بعد أن اعتبر الواقعة تنازلا عن الإيجار وليس بيعا بالجدك استخلص موافقة الطاعن كتابة على هذا التنازل من عبارات خطابه سالف البيان إذ أورد بأسبابه أن الطاعن قبل بخطابه الأخير صراحة حلول المستأنف الأول (المطعون ضده الأول) محل المستأنف الثاني (المطعون ضده الثاني) في عين النزاع بشرط استعمالها فيما أعدت له بموجب عقد الإيجار المؤرخ 2/7/1962 … وكان العقد الأخير قد حدد الغرض من استعمال المحل المؤجر بأنه (مكتب ومعرض تجاري) دون أن ينص فيه على أنه لتجارة نوع معين من أنواع التجارة وقد مارس فيه المستأنف الأول تجارة قطع غيار سيارات وكاوتشوك – وهو ما يدخل ضمن المتفق عليه في العقد، فتكون موافقة المستأنف عليه صريحة في حلول المستأنف الأول محل الثاني في محل النزاع، وخلص من ذلك إلى عدم أحقية الطاعن في طلب الإخلاء بالاستناد إلى نص المادة 23/ب من القانون رقم 52 سنة 1969 المقابلة للمادة 31/ب من القانون رقم 49 سنة 1977 المنطبق على واقعة الدعوى، فإنه لا يكون قد خرج في تفسيره للمحرر الموقع 8/1/1976 عن المعنى الذي تحتمله عباراته في جملتها – ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من استمراره في إصدار مخالصات سداد الأجرة باسم المطعون ضده الثاني إذ أن ذلك لا ينفي ما استخلصه الحكم من موافقته كتابة على التنازل عن الإيجار بما يضحي معه النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول تنازل بدوره عن العين محل النزاع لشركة التضامن التي يديرها، ولها شخصية معنوية مستقلة عن شخصه الذي تم التنازل الأول له من جانب المطعون ضده الثاني، ذلك دون علم أو موافقة المؤجر بالمخالفة لأحكام القانون ولعقد الإيجار، إلا أن الحكم المطعون فيه أجاز هذا التصرف دون أن يفصح عن سنده في ذلك مما يعتوره فضلا عن مخالفة القانون بالقصور في التسبيب.
وحيث أن هذا النعي في غير محله ذلك أن قيام مستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط الحالي الذي يباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهما، لا يعدو أن يكون متابعة من جانب المستأجر للانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله بعد أن ضم إلى رأس ماله المستثمر فيها حصته لآخر على سبيل المشاركة في استغلال هذا المال المشترك دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها سواء كلها أو بعضها إلى شريكه في المشروع الحالي بأي طريقة من طرق التخلي – إيجارا كان من الباطن أو تنازلا عن الإيجار – لانتفاء مقتضى ذلك قانونا، بل يظل عقد إيجار العين على حاله قائما لصالح المستأجر وحده ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المتولدة عن ذلك العقد إلى الغير – لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وأورد في أسبابه ردا على دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي على هذه الشركة هي شركة تضامن يديرها المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) حسبما ورد بعقد شركة التضامن المؤرخ 25/12/1975 وكان في هذا الذي أورده الحكم الرد الضمني المسقط لهذا الدفاع فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .