حكم تمييز (مطالبة )

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 19/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ يوسف المطاوعة – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، ولطفي عبد العزيز، وأحمد هاشم، وعبد الرحمن فكري سليم.
(60)
الطعن رقم564/ 2004 مدني
1 – إثبات (طرق الإثبات: الصورة الفوتوغرافية للمستند العرفي) و(بوجه عام) و(خبرة) و (قرائن قضائية) – محكمة الموضوع (سلطتها في مسائل الإثبات) و(سلطتها في تقدير الأدلة).
– الصورة الفوتوغرافية من المستند العرفي – ليس لها دلالة قانونية ملزمة – خضوعها كقرينة لمطلق سلطة محكمة الموضوع التقديرية – لها الأخذ بها في خصوص ما تصلح لإثباته بالنظر إلى ظروف الدعوى وملابساتها ولها أن تطرحها بلا معقب عليها من محكمة التمييز.
– بحث الدلائل والمستندات وترجيح ما يُطمأن إليه منها واستخلاص الواقع في الدعوى وتقدير ذلك – من سلطة محكمة الموضوع – شرط ذلك.

– الأخذ بتقرير الخبير – من سلطة محكمة الموضوع – لا عليها أن لم ترد على دفاع غير مؤثر في الدعوى.
1 – من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الصورة الفوتوغرافية من المستند العرفي، وأن لم يكن لها دلالة قانونية ملزمة, فإنه تخضع كقرينة لمطلق سلطة محكمة الموضوع التقديرية أن شاءت أخذت بها في خصوص ما تصلح لإثباته بالنظر إلى ظروف الدعوى وملابساتها، وأن شاءت أطرحتها والتفتت عنها دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى ذلك، وبلا معقب عليها من محكمة التمييز، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وتقديرها لذلك والوقوف على مدى كفايته في الإقناع من شأنها وحدها، متى كان هذا التقدير سائغاً ولا خروج فيه عن الثابت في أوراق الدعوى، يُضاف إلى ذلك أن محكمة الموضوع لها الأخذ بتقرير الخبير متى اطمأنت إليه وكان له معينه من الأوراق، ولا عليها أن لم ترد على مستند يحمل دفاعاً غير مؤثر في مقطع النزاع في الدعوى.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع على – ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهن الثلاثة الأوائل أقمن على الطاعن ومورث المطعون ضدهم رابعاً والمطعون ضده الخامس الدعوى 473/ 2002 مدني كلي، بطلب ندب خبير لبيان المبالغ التي حصلها الطاعن من الأخيرين لحسابهن من إيراد نصيبهن في تركة مورثهن بناءً على توكيلهن له في هذا الخصوص، وإلزامه بالمبلغ الذي يُسفر عنه التقرير لكل منهن. أجابتهم المحكمة إلى طلبهن بندب الخبير، وبعد أن أودع تقريره، قضت بإلزام الطاعن أن يُؤدي إلى المطعون ضدها الأولى – 33.529.201 ديناراً، وأن يُؤدى إلى المطعون ضدها الثانية 36.275.770 ديناراً، بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف 833/ 2004 مدني، وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز, وأودعت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن الذي عُرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه، ينعي الطاعن بها على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وذلك حين أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي، القاضي بإلزامه بالمبلغين المحكوم بهما، مستنداً في ذلك على صورة المستندات المقدمة من المطعون ضدهم رغم جحده لها، ودون أن يُقول الحكم على دفاعه الجوهري الذي أبداه بمرحلتي التقاضي والخاص بتسليمه المطعون ضدهما الأولتان المبلغين المحكوم بهما، نظير تظهيرهما له الشيكات الصادرة لصالحهما تظهيراً ناقلاً للملكية، كما أن الحكم لم يرد على دفاعه الخاص بإقرار والدته وشقيقه أن المطعون ضدها الأولى قد تسلمت منه إحدى عشر ألف دينار خصماً من مستحقاتها لديه، ولجماع ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في جملته غير مقبول، ذلك أن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الصورة الفوتوغرافية من المستند العرفي، وأن لم يكن لها دلالة قانونية ملزمة, فإنها تخضع كقرينة لمطلق سلطة محكمة الموضوع التقديرية أن شاءت أخذت بها في خصوص ما تصلح لإثباته بالنظر إلى ظروف الدعوى وملابساتها، وأن شاءت أطرحتها والتفتت عنها دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى ذلك، وبلا معقب عليها من محكمة التمييز،

كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وتقديرها لذلك الوقوف على مدى كفايته في الإقناع من شأنها وحدها، متى كان هذا التقدير سائغاً ولا خروج فيه عن الثابت في أوراق الدعوى، يُضاف إلى ذلك أن محكمة الموضوع لها الأخذ بتقرير الخبير متى اطمأنت إليه وكان له معينه من الأوراق، ولا عليها أن لم ترد على مستند يحمل دفاعاً غير مؤثر في مقطع النزاع في الدعوى. لما كان ذلك , وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه على أسباب حاصلها، اطمئنان المحكمة إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والأخذ بما انتهى إليه من أن الطاعن مدين للمطعون ضدهما بالمبلغين المحكوم بهما عليه، وذلك للأسس السليمة والسديدة التي بُني عليها التقرير والتي لها أصل ثابت من أوراق الدعوى وأدلتها والمستندات التي قُدمت فيها، والتي – يغلب عليها أنها صور لأصول رسمية،

قدم بعضها الطاعن نفسه، دون أن يجحد مستنداً بعينه من تلك المستندات المقدمة من َالمطعون ضدهم، أو يسوق اعتراض مؤثر على أي من هذه المستندات، وأضاف الحكم أنه لا ينال من هذا الاستخلاص الذي اطمأنت إليه المحكمة، ما أبداه الطاعن من دفاع على أنه سلم المبلغين المحكوم بهما للمطعون ضدهما الأولى والثانية وأنهما قد ظهرا له الشيكات المثبتة للمبلغين تظهيراً ناقلاً للملكية لأن هذا الدفاع قد جاء بغير سند وبلا دليل، وهو المنوط به تقديم الدليل على صحة دفاعه وذلك بتقديم ما يثبت أنه سلم المطعون ضدهما الأولى والثانية المبالغ المستحقة لهما في ذمته والتي انتهى إليها تقرير الخبير المنتدب في الدعوى،

متى كان ذلك، وكانت الأسباب التي أقام الحكم المطعون فيه عليها قضاءه على النحو المتقدم سائغة ولها أصلها الثابت من أوراق الدعوى، وتدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة والمستندات المطروحة في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالوجهين الأول والثاني من أوجه الطعن، لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، ولا عليها أن لم ترد على دفاع الطاعن الذي تضمنه الوجه الثالث، ذلك أنه ينطوي على إقرار لغير المطعون ضدها الأولى ومن ثم لا يُلزمها بعد أن ثبت إنكارها استلام المبلغ الثابت في هذا الإقرار بموجب المذكرة المقدمة من محاميها في الأوراق، وبالتالي فإن النعي برمته لا يجوز إثارته أمام محكمة التميز ويضحى غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.