اذا قام الحائز بوفاء الدين الى الدائن المرتهن ، فانه يحل محله في حقوقه ، ومن بين الحقوق التي يحل فيها الحائز محل الدائن المرتهن ، حق الرهن المقرر على عقار الحائز(1) .وبذلك يكون للحائز حق رهن على العقار المرهون المملوك له ، وبنفس مرتبة الدائن المرتهن . وهذا ما يحقق مصلحة الحائز في حالة طلب الدائنين المرتهنين المتأخرين في المرتبة عنه بيع العقار المرهون الذي انتقلت ملكيته الى الحائز إذ انه يستطيع في هذه الحالة أن يتقدم عليهم في استيفاء دينه ، وهذا يرجع الى انه حل محل الدائن المرتهن وبنفس مرتبته المتقدمة. كذلك يحل الحائز محل الدائن المرتهن فيما يكفل هذا الحق من تأمينات أخرى مقدمة من المدين ، سواء كان رهن تأميني أم حيازي أم حق امتياز حتى ولو انتقلت العقارات المثقلة بهذه الحقوق الى حائز آخر(2). ولكن يلاحظ بانه إذا كان الموفي (( حائز العقار المرهون )) يحل محل الدائن المرتهن في حق الرهن. ويحل كذلك محله في التأمينات العينية المقدمة من المدين. إلا انه لا يحل محل الدائن المرتهن في التأمينات المقدمة من شخص آخر غير المدين .وبذلك فإذا كان الدين مضموناً برهن مسجل على عقار وانتقلت ملكيته الى الحائز. ومضمون كذلك بكفالة شخصية أو عينية . ففي حالة قيام الحائز بوفاء الدين الى الدائن المرتهن، لا يكون له الحق في الرجوع بما دفع على الكفيل الشخصي والكفيل العيني والسبب في ذلك يرجع الى إن الحائز يعد مقصراً في حالة دفعه لثمن العقار الى البائع، إذ كان من المفروض عليه أن يقوم بدفع ثمن العقار الى الدائن المرتهن. لكي يحرر العقار من الرهن. وبذلك إذا دفع الحائز الثمن الى البائع ثم اضطر الى دفع ديون الدائنين المرتهنين. فان الكفيل الشخصي والعيني لا يسأل عن هذا التقصير ويتحمله الحائز وحده(3) . كذلك لو إن العقار المرهون قد ظل في يد المدين ، وقام الدائن المرتهن بالتنفيذ عليه ، فان المدين لا يحق له الرجوع على الكفيل العيني وبذلك ليس من العدل أن يسوء مركز الكفيل لمجرد قيام المدين بالتصرف في العقار المرهون للحائز(4). ومن الجدير بالملاحظة ، إن حلول الحائز محل الدائن المرتهن يعد تطبيقاً للقواعد العامة في الوفاء مع الحلول ، والتي أشارت إليه المادة ( 379 / ج ) مدني عراقي بقولها (( إذا دفع الدين شخص غير المدين حل الدافع محل الدائن بحكم القانون في الأحوال الآتية :- ج – إذا كان قد اشترى عقاراً ودفع ثمنه تسديداً لأحد الدائنين الذين خصص العقار لضمان حقوقهم (5).

وقد أشارت المادة ( 1307 / 1) مدني عراقي . الى حلول الحائز محل الدائن المرتهن في حالة قيامه بوفاء الدين ، ولكن لا يحل محله في التأمينات المقدمة من شخص آخر غير المدين ، إذ نصت بالقول (( إذا وفى الحائز الدين الموثق بالرهن التأميني حل محل الدائن فيما له من حقوق إلا ما كان منها متعلقاً بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين )) (6). ومن خلال النصين السابقين يتبين بان المادة ( 379 / ج ) مدني عراقي يستفيد منها الحائز في حلوله محل الدائن المرتهن في حالة واحدة فقط ، وهي عندما يكون الحائز مشترياً للعقار المرهون ، أما بالنسبة الى نص المادة ( 1307 / 1) مدني عراقي، فهو نص عام يشمل جميع الحالات التي تنتقل بها الملكية الى الحائز عن طريق الشراء وعن طريق اسباب كسب الملكية الأخرى . ومن التشريعات المدنية الأخرى التي أشارت الى حق الحائز في الحلول محل الدائن المرتهن ،القانون المدني السوري ، ويلاحظ عليه بأنه لا يفرق بين التأمينات المقدمة من قبل المدين أو من شخص آخر غير المدين ، حيث يحل الحائز محل الدائن المرتهن في هذه التأمينات ، وهذا ما نصت عليه المادة (328) مدني سوري بقولها ((من حل قانوناً أو اتفاقا ً محل الدائن . كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات ، وما يرد عليه من دفوع ، ويكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من ماله من حل محل الدائن)) .

ويمكن القول، بان القانون المدني العراقي كان موفقاً عندما فرق بين التأمينات العينية المقدمة من المدين والمقدمة من شخص آخر غير المدين وأعطى للحائز الحق في الحلول محل الدائن المرتهن في التأمينات المقدمة من المدين دون التأمينات المقدمة من غير المدين والسبب في ذلك، يرجع الى إن الكفيل الشخصي أو العيني قد تأكد عند تقديم الكفالة بوجود عقار مرهون يضمن وفاء الدين ، وانه لا يرجع عليه الدائن المرتهن إلا ما يجاوز ثمن العقار. فضلا ً عن ذلك، فان إعطاء الحائز الحق في الحلول محل الدائن المرتهن والرجوع على الكفيل يؤدي الى الإساءة الى مركز الكفيل إذا ما تصرف المدين في العقار الى شخص آخر، ذلك انه لو لم يقع هذا التصرف ، لاستطاع المرتهن التنفيذ على العقار تحت يد المدين (7).وهذا بخلاف ما ذهب إليه القانون المدني السوري والذي أشار الى حلول الحائز محل الدائن المرتهنين في التأمينات المقدمة من المدين والغير. وبخصوص حق الحائز في الحلول محل الدائن المرتهن إذا قام بوفاء الدين ، قضت محكمة النقض المصرية بان (( حائز العقار المرهون ملزم بالدين عن المدين. وينبني على وفاءه بالدين المضمون أو بجزء منه للدائن المرتهن ، حلوله محل هذا الدائن في كافة حقوقه بمقدار ما أداه ، ويشمل الحلول الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته، ويترتب على الحلول انتقال حق الدائن الى الموفى فيكون له أن يرجع على المدين بهذا الحق بمقدار ما أوفاه ))(8). وجاء في حكم آخر للمحكمة ذاتها بان((مفاد النص في المادتين 326 / 1 ، 329 من القانون المدني ، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض انه إذا ما قام بالوفاء شخص غير المدين حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين أو ملزما ً بوفائه عنه وان من حل قانونا ً أو اتفاقاً محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع …..))(9).

______________________

1-انظر، د.سليمان مرقس ، الوافي في شرح القانون المدني ، مصدر سابق، ص339. د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط ،ج10، مصدر سابق،ص416. د.عبد المجيد الحكيم، عبد الباقي البكري ، محمد طه البشير، مصدر سابق ، ص 256.

2- انظر، محمد طه البشير ،الوجيز في الحقوق العينية التبعية، مصدر سابق، ص 140.

3- انظر، د. سمير عبد السيد تناغو ، مصدر سابق، ص 263. د.جلال محمد إبراهيم ، مصدر سابق، ص298.

4- انظر، شاكر ناصر حيدر ، مصدر سابق، ص 151. محمد وحيد الدين سوار، الحقوق العينية التبعية ، مصدر سابق،ص117.نبيل إبراهيم سعد ، التأمينات العينية والشخصية ، مصدر سابق، ص126. وفي الفقه الفرنسي انظر، Planiol ،Repert et Becque،op،cit،N.1183;Josserand،op،cit،N.1949.

5- تقابلها المادة (326 /ج) مدني مصري(مطابق).

6- تقابلها المادة (1061) مدني مصري (موافق)، والمادة (1251) مدني فرنسي(موافق) ، والمادة (1363/2) أردني (موافق) والمادة(1006) مدني كويتي(موافق).

7- انظر، ص 26-28 من الرسالة اذ بحثنا مسألة رجوع الحائز والكفيل احدهما على الآخر.

8- أنظر ، ( نقض 25/3/1971 . الطعن172س36ق مجموعة المكتب الفني لمحكمة النقض السنة22 ص384) أشار اليه ، عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في النظرية العامة للالتزام ، تنقيح المستشار احمد مدحت المراغي ، مصدر سابق، ص1235.

9- انظر، ( جلسة26/6/1990. الطعن رقم908 لسنة58 ق). المصدر نفسه ، ص1229.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .