حصانة الموظف العام
علي الجحلي
إن لم يكن البعض يعلمون ذلك، فقد حان موعد تذكيرهم. صحيح أن الموظف العام يقع تحت الرقابة من قبل مستفيدي الخدمة، لكن هذا لا يعني أنه يمكن لأي كان أن يعتدي عليه، أو يحاول أن يقلل من قيمته واحترامه. فإذا أضفنا إلى ذلك أن مهمة الموظف العام هي حماية أمن البلاد، وضمان سلامة كل مواطنيها، وتنفيذ الأنظمة، وتطبيق الجزاءات، فستكون له من الحصانة القدر الأعلى، ثم إن من يحمل شعار الدولة، ويرتدي الزي الرسمي العسكري، له حصانة أكبر؛ لأنه يجمع كل تلك المواصفات، إضافة إلى حمله سمعة الوطن وشخصيته وقوامته.

لهذا كان العقاب الذي يواجه كل من يعتدي على من يرتدي الزي العسكري أكبر، بما يحمي كل ما تعنيه شخصيته مظهرا ومخبرا. القاعدة تضمن التأكيد على هيبة الدولة، وهذا أمر لا تنازل عنه أبدا. كما أنه أمر يجب أن يعتني به كل المواطنين والمقيمين؛ حيث هؤلاء العاملون في حماية الوطن ومقدراته يواجهون الموت من أجل الوطن، فحمايتهم وضمان حصانتهم يعنيان استتباب الأمن، واستمرار التقدم، وتحفيز كل ما يسهم في رقي الوطن والمواطن.

عندما نراقب ما يحدث في دول فقدت فيها الدولة هيبتها، نعلم أهمية أمر كهذا للجميع، ولئن كانت كل الدول تحرص على حماية ممثليها في الشارع وعلى الحدود، فهي تحمي كل مكوناتها السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية. وهذه المعلومة العامة بالنسبة للجميع لا بد أن تسيطر على سلوكنا جميعا. فإن طالنا أي تقصير أو تجاوز من قبل أي عنصر شذ عن الطريق، فوسائل الترافع والمطالبة متاحة للجميع، ولن ترضى الدولة بأن يتجاوز أحد على أحد كقاعدة أخلاقية وقانونية، وهو ما نشأت لأجله الدوائر القضائية الإدارية.

قرار إيقاع العقاب على المعتدين على عناصر الأمن في جدة في موقع الحدث، وحبس المدانين فترة غير قصيرة – هو تأسيس وترسيخ لهذه المبادئ المهمة، وهو أمر لا بد أن ندعمه جميعا ونقف معه، فالدولة يحكمها القانون، ولا يمكن أن يُسمح لأي كان بأن يأخذ الأمر بيده، ويهمل القوانين والإجراءات المتفق على سلامتها وصحتها أخلاقيا وشرعيا.

العبرة هنا للجميع، والفائدة للجميع كذلك، وما دام هذا التنظيم محترما، فستستمر الحياة، ويضمن الناس سلامتهم وأمنهم، وحماية مقدرات الدولة، وممتلكات كل من يعيش على أرضها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت