جريمة خيانة الأمانة وفقاً لقانون العقوبات العراقي

المحامية / منال داود العكيدي
وردت جريمة خيانة الامانة في الباب الثالث / الفصل الثالث من قانون العقوبات الاتحادي رقم 111 لسنة 1969 وقد عالجتها المواد من 453 – 455 وبحسب المادة 453 من قانون العقوبات الاتحادي فان جريمة خيانة الامانة : هي استعمال او تصرف بسوء نية باي مال مملوك للغير عهد الى شخص باية كيفية كانت او سلم اليه خلافا للغرض الذي عهد به اليه او سلم له من اجله حسب ماهو مقرر قانونا او حسب التعليمات الصريحة او الضمنية الصادرة ممن سلمه اياه او عهد به اليه.

واستنادا الى النصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات فانه يشترط في محل جريمة خيانة الامانة وهو الركن الاول في هذه الجريمة ان يكون مالاً منقولاً مملوكاً للغير ، فالمال هو كل شيء له قيمة سواء كانت قيمة مادية ام معنوية وسواء كانت القيمة المادية باهظة ام بخسة وسواء اكان مصدر المال المؤتمن عليه مشروعاً ام غير مشروع كأموال القمار ام اموال تجارة المخدرات . والقيمة المعنوية بالمال تتمثل بالصور والرسائل وغيرها .

اما المقصود بالمنقول : هو كل شيء يمكن نقله من مكان الى اخر بدون تلف او تلف بسيط ولفظ المنقول في القانون الجنائي اوسع منه لفظ المنقول في القانون المدني فالعقار بالتخصيص و العقار بالاتصال يعد منقولا في القانون الجنائي بينما يعد عقاراً في القانون المدني والعقار بالتخصيص هو كل منقول مرصود لخدمة او منفعة عقار كمضخات الماء في المزارع وبالتالي يكون محلاً لجريمة خيانة الامانة بمجرد فصله اما العقار بالاتصال فهو كل منقول متصل بعقار كالابواب والشبابيك بمجرد فصلها عن البناء و كذلك النباتات بمجرد فصلها من الارض فتصبح محلا لجريمة خيانة الامانة ، اما كون المال المملوك للغير فهو ان يكون هذا المال تعود ملكيته لشخص اخر غير الامين اما اذا كان عائدا للامين فلا تتحقق جريمة خيانة الامانة .

وقد اورد المشرع العراقي استثناءين على كون المال مملوكاً للغير هما : المال المحجوز عليه قضائياً او من أية جهة متخصصة اخرى ، المال المثقل بحق انتفاع او بتأمين عيني او بحق حبس او متعلق به حق الغير.

اما التسليم فهو الركن الثاني في جريمة خيانة الامانة و يشترط ان يكون التسليم سابقا على التصرف او الاستعمال ولصحة التسليم لابد من توافر شروط معينة هي :

1- ان يكون التسليم من ذي صفة كالمالك او الحائز

2- ان يكون التسليم صادرا عن ارادة حرة مختارة فتسليم المكره يحقق جريمة السرقة

3- ان يكون التسليم ناقلا للحيازة الناقصة وليس الحيازة التامة او الحيازة العارضة .

والتسليم على نوعين النوع الاول التسليم الحقيقي كالمناولة اليدوية اما النوع الثاني فهو التسليم الحكمي كتسليم المفتاح بالنسبة للحرز المغلق.

ويعد التصرف او الاستعمال الركن الثالث في جريمة خيانة الامانة ويقصد بالتصرف اخراج الجاني المال من حيازته الى حيازة الغيروسواء كان التصرف كليا كالبيع او الهبة او المقايضة او غيرها وقد يكون التصرف جزئيا كالرهن او الايجار وغيرها وبالنسبة للاموال المثلية فأن التصرف بها يكون بأنفاقها حتى ولو كان ذلك بصورة قرضها.

وقد عاقبت المادة (453)من قانون العقوبات العراقي مرتكب جريمة خيانة الامانة بعقوبة الحبس او الغرامة و بذلك فان المشرع العراقي قد نص على عقوبة تخييرية فجعلها الحبس او الغرامة وبهذا تكون عقوبة جريمة خيانة الامانة جنحة بالنظر الى الحد الاقصى للعقوبة و هو الحبس هذا اذا كانت الجريمة خالية من الظروف المشددة في حين تشدد العقوبة اذا اقترنت بظروف مشددة بالنظر الى توافر صفة معينة في الجاني وهي ستة ظروف ثلاثة ظروف مشددة تبقي وصف الجريمة جنحة و ثلاثة ظروف مشددة تغير من وصف الجريمة وتجعلها جناية .

فبالنسبة للظروف المخففة التي تجعل من جريمة خيانة الامانة جنحة وتكون عقوبتها الحبس فقط وذلك في الاحوال التالية :اذا كان مرتكب الجريمة من محترفي نقل الاشياء برا او جوآ او بحرآ او احد تابعيهم ويقصد بمحترف النقل هو الشخص الذي يقوم بعملية نقل الاشياء والبضائع بصورة معتادة بحيث تكون مهنته التي يعتاش منها وعلة التشديد تكمن في ان محترفي النقل يكونون موضع ثقة بحكم طبيعة عملهم فان اخلوا بهذه الثقة شددت العقوبة. اذاكان مرتكب الجريمة محامياً او دلالآ او صيرفيآ حيث تشدد العقوبة عند قيام احد هؤلاء باستعمال او بالتصرف بالاموال التي سلمت اليه بمقتضى مهنته مخالفا بذلك نص القانون او الاتفاق .

واذا كان مرتكب الجريمة كاتبا او مستخدما اوخادما فتشدد العقوبة وذلك لأنهم يتسلمون بحكم طبيعة عملهم اموالاً تعود الى مستخدميهم فيخلوا بالثقة والامانة .

اما الظروف المشددة التي تجعل عقوبة جريمة خيانة الامانة جناية وهي السجن مدة لاتزيد على سبع سنوات او الحبس فهي : اذا كان مرتكب الجريمة شخصاً معيناً بامر المحكمة كالحارس القضائي والمصفي القضائي وعلة التشديد تكمن في انه لم يحترم قرارات المحكمة .

و اذا كان مرتكب الجريمة وصيا او قيما على قاصر او فاقد الاهلية وعلة التشديد تكمن في انهم انه أمين على اموال القاصر او فاقد الاهلية .

واخيرا اذا كان مرتكب الجريمة مسؤولا عن ادارة مؤسسة خيرية وتكمن علة التشديد في ان نشاط المؤسسة مخصص للخير والبر والنفع العام ولاتسعى الى تحقيق الربح اضافة الى كون اموالها خالية من الاشراف والمتابعة.