جريمة النصب فى التجارة الإلكترونية وفقا للقانون المصري

القاضى / محمد حته

أولا : القواعد العامة لجريمة النصب وفقا للقانون الجنائى المصرى

نظم المشرع المصرى جريمة النصب و حدودها و أفعالها و عقوبتها فى المادة 336 من قانون العقوبات المصرى و التى نصت على ” يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو احداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور واما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه واما بأتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة…………..”

و لقد ذهبت محكمة النقض المصرية الى تفنيد و شرح تلك المادة فى أحكامها المختلفة على النحو الآتى :

1- استعمال طرق احتيالية

” يبلغ الكذب مبلغ الطرق الإحتيالية إذا إصطحب بأعمال خارجية أو مادية تحمل على الإعتقاد بصحته..”

[ الطعن رقم 2419 – لسنـــة 2ق – تاريخ الجلسة 31 / 10 / 1932 – مكتب فني 2ع ]

2- اتخاذ اسم كاذب أو صفة كاذبة

” يكفى لتكوين جريمة النصب أن يتسمى الشخص الذى يريد سلب مال الغير بإسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق غرضه دون حاجة إلى الإستعانة على إتمام جريمته بأساليب إحتيالية أخرى…………….”

[ الطعن رقم 52 – لسنـــة 6ق – تاريخ الجلسة 03 / 02 / 1936 – مكتب فني 3ع ]

3- التصرف فى مال ممن لا يحق له التصرف فيه

” إن مجرد التصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكاً للمتصرف و لا له حق التصرف فيه هو ضرب من ضروب الإحتيال التى تتحقق بأى منها وحده جريمة النصب المنصوص عليها فى المادة 336 من قانون العقوبات “

[ الطعن رقم 1275 – لسنـــة 19ق – تاريخ الجلسة 19 / 12 / 1949 – مكتب فني 1 ]

4- القصد الجنائى

” لا يلزم التحدث عن ركن القصد الجنائى فى جريمة النصب على استقلال مادام الحكم قد أورد الوقائع بما يدل على مراد المتهمين كان ظاهرا و هو اقتراف الجريمة بقصد سلب مال المجنى عليه و حرمانه منه …”

[ مجموعة أحكام النقض السنة 10 ص 69 ]

5 – الضرر

” إن مجرد الإستيلاء على نقود عن طريق التصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكاً للمتصرف و لا له حق التصرف فيه يعتبر نصباً معاقباً عليه بمقتضى المادة 293 من قانون العقوبات بغض النظر عما إذا كان الضرر الحاصل عن هذا التصرف قد وقع فعلاً على الطرف الآخر فى التعاقد أو على صاحب الشىء الواقع فيه التصرف …..”

[ الطعن رقم 1428 – لسنـــة 6ق – تاريخ الجلسة 08 / 06 / 1936 – مكتب فني 3ع ]

& ” يكفى لتحقق جريمة النصب أن يكون الضرر محتمل الوقوع “.

[ الطعن رقم 1486 – لسنـــة 15ق – تاريخ الجلسة 10 / 12 / 1945 – مكتب فني 7ع ]

ثانيا : جريمة النصب الواقعة على المتعاملين فى التجارة الإلكترونية

إن التجارة الإلكترونية تثير العديد من المشكلات القانونية و العملية الهامة التى تحتاج الى بحث متعمق و تركيز الأضواء عليها و من أهم تلك المشكلات هى كيفية حماية المستهلك نظرا لعدم توافر أطراف العقد و كذا محل العقد فى مكان واحد .

واستكمالا لما سلف نجد أن التجارة الإلكترونية تتسم بعدة خصائص و أهمها :

أ – عدم وجود علاقة مباشرة بين طرفى العقد

ب – عدم الإعتماد على الوثائق الكتابية فى التعامل

ج – تجاوز الحدود الزمنية و الجغرافية

د – اتساع مجال التجارة الإلكترونية

هـ – فكرة النشاط التجارى

و وفقا لهذه السمات المميزة للتجارة الإلكترونية نجد أن المستهلك المتعامل مع هذا النمط من المعاملات الإلكترونية يكون معرضا – أكثر من غيره – للوقوع فريسة لعمليات النصب و الأحتيال التى قد تقع فى مجال الفضاء السيبيرى و لكن هل يمكن للقوانين الوطنية العادية التصدى لمثل هذا النوع من الجرائم و فقا لما سلف سرده من واقع القانون الجنائى المصرى

للمعاقبة على جريمة النصب فى الفضاء السيبيرى و فى نطاق التجارة الإلكترونية نجد أننا أمام ثلاثة آراء مختلفة فى هذا الشأن و هى على التصنيف التالى :

الرأى الأول : عدم انطباق النصوص الجنائية على جريمة النصب فى اطارة التجارة الإلكترونية

و يرى أنصار هذا الرأى أن جريمة النصب لا تقوم إلا إذا خدع شخصا مثله وأن يكون الشخص المخدوع مكلفا بمراقبة البيانات وغلى ذلك لا يتصور خداع الحاسب الآلي بوصفه آلة ومن ثم لا يطبق النص الجنائي الخاص بالنصب والإحتيال لافتقاده أحد العناصر اللازمة لتطبيقه.

وهذا الإتجاه تتبناه تشريعات مصر والمانيا والدنمارك وفنلدا واليابان والنرويج والسويد ولكسمبرج وايطاليا(

الرأى الثانى : التوسع فى النصوص الجنائية حتى تشمل جريمة النصب فى إطار التجارة الإلكترونية

و يرى انصار هذا الإتجاه الى حتمية تطبيق و فهم النصوص العقابية فى إطار جريمة النصب حتى تحتوى تلك الجرائم الواقعة فى الفضاء الإلكترونى فى اطار معاملات التجارة الإلكترونية

و قد أخذ بهذا الإتجاه عدد كبير من الدول و منها بريطانيا واستراليا وكندا

الرأى الثالث : انطباق النصوص الجنائية المتعلقة بالنصب على بعض الجرائم الإلكترونية

وتمثل هذا الرأى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تطبق النصوص المتعلقة بالغش في مجال البنوك والبريد والتلغراف والاتفاق الاجرامي لغرض الغش على حالات النصب المعلوماتي

ثالثا : بعض صور النصب الواقعة على المتعاملين فى التجارة الإلكترونية

إن صور النصب و الإحتيال فى التجارة الإلكترونية لا يمكن حصرها و لكن يمكن أن نذكر عدد منها على سبيل المثال ومنها

أ – عدم الوفاء بالسلعة المتعاقد عليها بالرغم من سداد المستهلك لثمنها

ب – انتحال اسم أحد مواقع التسويق الشهيرة

ج – الترويج لسلعة مقلدة شبيهة بمنتج أصلى عالى الثمن و الجودة

د – الترويج لسلع غير معروفة باستخدام الإعلان الإعلان الكاذب أو المضلل

و سنتناول تلك الأمثال بشئ من التفصيل على النحو الآتى :

أ – عدم الوفاء بالسلعة المتعاقد عليها بالرغم من سداد المستهلك لثمنها

و خير مثال على ذلك ما قامت به وزارة العدل الأمريكية فى شهر ديسمبر من عام 1994 من إدانة شخصين بالخداع و التحايل عبر الشبكة الدولية – الإنترنت – فقد وضعا اعلانات على الشبكة ، و وعدوا بارسال السلع التى يتم طلبها الكترونيا من الععملاء فور دفع قيمة السلعة إلكترونيا و لكن المشتركين الذين طلبوا السلعة و قاموا بالدفع لم يتسلموا السلعة و كانت العقوبة هى السجن خمسة أشهر و غرامة 32 ألف دولار .

ب – انتحال اسم أحد مواقع التسويق الشهيرة

وتتم تلك العملية من الأحتيال بأن يقوم المجرم باستغلال اسم أحد المواقع الشهيرة بالتسويق أو أحد مواقع المنتجات المختلفة الشهيرة و يقوم بإنشاء موقع مماثل له سواء أكان ذلك فى الإسم المتشابه معه الى حد كبير أو فى واجهة و نافذة ذلك الموقع حتى يخدع المتعامل معه و يوهمه أنه ذات الموقع الشهير تمهيدا للإحتيال عليه و سلبه أمواله بلا مقابل .

ج – الترويج لسلعة مقلدة شبيهة بمنتج أصلى عالى الثمن و الجودة

و فى هذا الإفتراض يقوم المجرم المعلوماتى بعرض منتجات مقلدة وتشبه الأصلية الى حد كبير مع إيهام المستهلك بأنها ذات السلعة بثمن أقل كعرض خاص من الموقع .

_ وتحمل تلك الجريمة بعدا آخر و هى جريمة التعدى على حقوق الملكية الفكرية لهذا المنتج و لكن سنأتى الى هذا المحور فيما بعد –

د – الترويج لسلع غير معروفة باستخدام الإعلان الإعلان الكاذب أو المضلل

و فى هذه الحالة يقوم المنتج لسلعة غير مشهورة بالإعلان لها بإعلان كاذب و الكذب هو الإخبار عن شئ بخلاف ما هو عليه فى الواقع وهو يقوم على عنصرين أولا : مضمون زائف ، ثانيا : قصد تزييف الحقيقة
أما الإعلان المضلل فهو الذى يكون من شأنه خداع المستهلك فهو لا يذكر بيانات كاذبة بل يصاغ فى عبارات تؤدى الى خداع المستهلك المتلقى