موقف التشريع الإسلامى من الضرائب 

فرض التشريع الإسلامي الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، فقد فرض الضرائب المباشرة على الدخل في زكاة الزروع والثمار والخراج ، والضرائب على رأس المال في زكاة الأنعام والذهب والفضة ، وعروض التجارة ، وفرض الضرائب غير المباشرة ، فيما جباه من عشور وما فرضه من ضريبة على الإنتاج في زكاة المستخرج من المعادن ومن البحار إلآ أن التشريع الضريبي الإسلامي يميل في الغالب إلى الآخذ بالضرائب المباشرة عن الضرائب غير المباشرة .

ويمكن تفسير ذلك بما يلي : –

1 – أن الضرائب غير المباشرة تصيب الأغنياء والفقراء معاً والإسلام ينكر أن يتحمل الفقير شيئان فالقاعدة لديه أنه ( لا صدقة إلا عن ظهر غنى ) كما أن النظام الضريبي الإسلامي لا يهدف إلى مجرد الحصول على مال ، ولكنه يهدف إلى مجرد الحصول على مال ، ولكنه يهدف إلى تحقيق أغراض اقتصادية ولأشك أن أصلح أنواع الضرائب لتحقيق هذه الأغراض هي الضرائب غير المباشرة .

2 – تهدف الضرائب الإسلامية إلى تحقيق العدالة الضريبية ، أو أفضل أنواع الضرائب لتحقيق هذا الهدف هي الضرائب غير المباشرة لأنها تفرض على عناصر أكثر دلالة على المقدرة التكليفية للممول ، كالدخول ورؤوس الأموال ،

فضلاً عن أنه يمكن بالنسبة لها مراعاة ظروف الممول الشخصية كالحد الأدنى اللازم للمعيشة ،وللأعباء العاملين وإدخال التصاعد ، بينما الضرائب غير المباشرة كثيراً ما تتنافى مع اعتبارات العدالة لأنها لا تهتم إلا بالتصرفات والوقائع التي تفرض الضريبة بمناسبتها وكثيراً ما تتناسب هذه الضرائب تناسباً عكسياً مع المقدرة التكليفية للمولييين خاصة ، لذا كانت نصيب المواد الضرورية فضلاً عن أنه لا يوجد تناسب بين ما يدفع من ضرائب وبين دخل الممولين ، وتكون النتيجة امتداد وطأة الضريبة غير المباشرة ذوى الدخول الصغيرة منها على الدخول الكبيرة .

هل تغنى الضرائب المباشرة وغير المباشرة عن الزكاة ؟
أن الزكاة بلا شك تختلف عن الضريبة من حيث المصدر نجد أن الزكاة فرض عين وهى أحد أركان الإسلام الخمسة ، أما الضرائب فهى من وضع الحاكم على الأمة يأمر بها لإقامة المصالح العامة للمجتمع إذا لم تفى مالية الدولة للقيام بها ، ومن حيث النصاب نجد أن الشارع الحكيم حدد الزكاة أنصبة معينة ،

أما الضرائب فهى غير محددة ولكن قابلة للزيادة والنقصان بحسب الظروف .

ومن حيث المصارف فهي محددة وهى التى بينها القرآن في قوله تعالى

( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وأبن السبيل فريضة من الله ) .

ومن ثم يجب إخراج الضرائب التى أوجبها الحاكم لمصالح المجتمع ، أمّا الزكاة فإنه يجب إخراجها إذا بلغت نصاباً حال عليها الحول فإنما ذلك راجع إلى الحاجة الأصلية سواء قبل دفع الضريبة أو بعد دفعها ، فالضرائب لا تغنى بأي حال من الأحوال عن الزكاة .

مدى العدالة في كل من الزكاة والضريبة
إنه من الظلم والافتراء على الله كذباً أن يطرح التشريع الإسلامى للزكاة موضوعاً نبحث فيه عن مدى تحقق العدالة في قواعده وأصوله لآننا بذلك على الأقل ندعى قدرة ليست لنا ومن ثم فإن ما قصدته هنا ” بمدى العدالة في الأخذ بتلك القواعد والأصوال والتي تمثل أساس النظام الضريبي في مختلف العصور القديمة والحديثة ” .

– وللتعرف على مدى نجاح الزكاة في تحقيق العدالة بكل صورهما نتعرف على نظرية ابن حزم في الزكاة ثم نتعرف على رأى بعض الغربيين في نظام الزكاة ثم نعرض لصورة من قوانين الغرب المقتبسة من تشريع الزكاة .

أولاً : نظرية ابن حزم1:-

يقول ابن حزم ( ويفرض على الأغنياء ومن أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ) . ويوضح ابن حزم المستوى الذى يجب أن تحدده الدولة للفقراء والذي يحقق لها من أجله أن تتخطى حدود الزكاة المفروضة فتفرض الضرائب اللازمة وتجبيها لتنفقها في هذا السبيل .

ما هي أركان نظرية ابن حزم ؟

حق الفقراء في أموال الأغنياء غير محدوده بحدود الزكاه

أنه إذا لم تكف الزكاه لسد حاجات الفقراء والمساكين فللسلطة العامة أن تأخذ منهم بعد الزكاه ما يمكنها من سد هذة الحاجات .

وهذه الحاجات تتمدد بالمرافق الأتية : –

أ – تحقيق المساكن الضرورية للفقراء . ب- تحقيق الأغذية الكافية . ج – تحقيق الملابس الضرورية .

– كيف يمكن تطبيق نظرية ابن حزم في الوقت الحاضر ؟

تجبى الدولة الزكاه وتقوم بتوزيعها على المستحقين . تفرض ضريبة مكملة للضريبة الأصلية ( وهى الزكاه ) إذا دعت الحاجة إلى ذلك . يمكن فرض الضريبة الأضافية على أوعية ضريبة الزكاة أو غيرهما تحقيقاً للهدف . تحدد سعر الضريبة الإضافية بحيث تمكن الحصيلة من سد النقص الذى يتخلف عن ضريبة الزكاه . تحديد ماهية الحاجات الضرورية والتي لا غنى عن المجتمع لها ليتم إشباعها بصورة أوليه .

ثانياً :- رأى الكتاب الغربين في نظام الزكاة :-

يقول ” ليود رودوش ” لقد وجدت في الإسلام حل للمشكلتين اللتين تشغلا العالم وذلك في قوله تعالى ( إنما المؤمنون أخوة ) فهذا أجمل ميادين الاشتراكية والذى يحل بسهولة مشكلة عدم العدالة في توزيع الأعباء العامة وأما حل المشكله الثانية فيتمثل في فرص الإسلام الزكاه على كل ذى مال . ولكننا نرد على ذلك المفكر في وصفه للأية بأنها ” أجمل ميادين الاشتراكية “ بأنه ليس الإسلام الدين الذى يؤيد الأشتراكية المطلقة أو الرأسماليه الظالمه ولكنه دين الاعتدال والوسطية فهو وإن كان يقر بالملكية للفرديه الا أنه يقيد ذلك بمصلحة الجماعة وليأتى إلى ميدان الإسلام كل الرأسماليين والاشتراكيين ليتعلموا كيف تكون الرأسمالية العادلة والأشتراكيه المتزنة .

كما يقول ” ول ديورانت ” ( …. ولسنا نجد في التاريخ كله مصلحاً فرض الأغنياء من الضرائب ما فرض عليهم محمداً لاعانة الفقراء ) .

والحقيقة أننا لسنا في حاجة إلى شهادة وإنما لأحقاق الحق نقول بأن الترتيب الاسلامي جمع بين الخفايا النفسية للممولين وبين الواقع وضرورة توزيع الثروة إلى من لا يجد قوت يومه.

ثالثاً : قوانين الغرب مقتبسه من تشريع الزكاه : –

كان للمبادىء التى تقوم عليها الزكاه أثر كبير في تطوير التشريع المالى الأشتراكى في الغرب حيث أدرك أنه لابد من ضريبه إجتماعية للقضاء على الفقر في المجتمع وأنه لابد لهذه الضريبة من مبادىء أساسية تقوم عليها .

وقد صدر في أنجلترا عام 1601 ( قانون الفقراء ) ويستطيع من ينظر إلى المعالم الكبرى لهذا القانون أن يرى مدى تأثير تشريع الزكاه فيها : –

فيقسم القانون المذكور المستحقين إلى سبع طوائف وهم : –

الأطفال الذين يعجز آباؤهم عن القيام بشئون حياتهم .
الرجال الذين ليس لهم مورد رزق من صناعة أو تجارة أو سواهما .
العاجز
الآعمى
الأعرج
الهرم
السجين سجناً مؤبداً .