تنحي القاضي عن نظر الدعوى

بهدف توفير اكبر قدر من الضمان والاطمئنان الى مايصدره القاضي من احكام من جهة ولحماية القاضي من نفسه ومن الناس وحماية الناس من القاضي فقد حدد قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 جملة من الاسباب اوجب فيها على القاضي عند توفر احداها ان يتنحى عن نظر الدعوى وهذا مايطلق عليه بتنحي القاضي فالمقصود به اذن هو منع القاضي من نظر الدعوى ويكون ذلك على صورتين، الصورة الاولى هي التنحي الوجوبي والتي حددت احوالها المادة 91 من قانون المرافعات المدنية وذلك:

عندما يكون القاضي زوجا او صهرا او قريبا لاحد الخصوم الى الدرجة الرابعة بسبب ان القاضي سيكون في موقف حرج اذا صدر حكما ضد هؤلاء الاقرباء اذ ستتعقد بسببها العلاقات الاجتماعية الوثيقة التي تربطه بهم وستكون للحكم اثاره السلبية عليهم وبالعكس فانه لو اصدر حكما لصالح اقربائه فانه سيكون في نظر الخصم محابيا حتى ولو كان كان الحكم في ذاته عادلا.

ويكون التنحي وجوبا ايضا اذا كان له او لزوجته او لاحد اولاده او احد ابويه خصومة قائمة مع احد الطرفين او مع زوجة او احد اولاده او ابويه اذ ستكون الخصومة في هذه الحالة مدعاة لعدم العدل او على الاقل مجلبة للشك في عدم عدالة القاضي فحماية للخصوم من احتمال تاثر القاضي بهذه الخصومة ولجب الغيبة وسوء الظن فيه يتنحى القاضي في هذه الحالة عن نظر الدعوى وجوبا بشرط ان تكون الخصومة قائمة اثناء نظر الدعوى فهي لاتنتج اثرها في حالة انتهاء الدعوى وكذا الحال اذا حدثت اثناء نظر الدعوى لانها قد تكون خصومة كيدية يراد بها اقصاء قاض شجاع عن اصدار حكم عادل في الدعوى المنظورة، وكذلك يكون التنحي وجوبيا اذا كان القاضي وكيلا لاحد الخصوم او وصيا عليه او قيما او وارثا ظاهرا له او كانت له صلة قرابة او مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة بوكيل احد الخصوم او الوصي عليه او القيم عليه او باحد اعضاء مجلس ادارة الشركة التي هي طرف في الدعوى او احد مديريها والحكمة من هذا المنع هو ان القرابة او المصاهرة المرتبطة بنفع مادي قد تناى بالقاضي عن حياده وتبعده عن التزام السير بطريق الحق والعدل لان النفس الانسانية جبلت على حب الذات والاثرة والطمع او على الاقل سيكون حكم القاضي في هذه الحالة مدعاة لظن غير حسن لدى الآخرين.

ويسري حكم التنحي ايضا في حالة اذا كان له او لزوجته او لاصوله او لازواجهم او لفروعه او ازواجهم او لمن يكون هو وكيلا عنه او وصيا او قيما عليه مصلحة في الدعوى القائمة وهذا يعتب تدبيرا احترازيا لتدارك حالة لم تشمل بالحالات السابقة فهو مكمل لتلك الحالات متكامل معها ويتحد معها في العلة نفسها، وكذا الحال اذا طان قد افتى او ترافع عن احد الطرفين في الدعوى او كان قد سبق له نظرها قاضيا او خبيرا او محكما او كان قد ادلى بشهادة فيها اذ يقوم المنع في هذه الحالة على ان ابداء الرأي في الحالات التي تقدمت قد يحمل القاضي على التمسك والتعصب لرأيه السابق ولو خالف في ذلك حسن تطبيق القانون وتحقيق العدل.

اما الصورة الثانية من التنحي هي التنحي الجوازي ويقصد بها انه في حالة استشعار القاضي الحرج لاي سبب من نظر دعوى رفعت اليه وتدخل ضمن تخصصه فله ان يعرض امر تنحيه على رئيس المحكمة للنظر في اقراره على التنحي، ويكون استشعار الحرج في هذه الحالة مسألة شخصية يقدرها القاضي كان يكون احد الخصوم زميل دراسة قديم او جار سابق او كان بين القاضي واحد الخصوم علاقة ما سلبية كانت ام ايجابية وطلب التنحي جائز حتى في حالة عدم وجود سبب ملزم قانونا ولو لم يطلب احد الخصوم رده، ويكون هنا لرئيس المحكمة الموافقة على الطلب او رفضه ويكون الاثر المترتب على اجابة طلب التنحي في هذه الحالة هو احالة الدعوى الى قاض آخر او نقلها الى محكمة أخرى.

المحامية: ورود فخري