يعتد في تقدير التعويض بتاريخ الاستيلاء على الأطيان الزراعية ويتعين فيه تقدير الثمن الحقيقي للأرض

الدعوى رقم 26 لسنة 38 ق “منازعة تنفيذ” جلسة 13 / 10 / 2018

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من أكتوبر سنة 2018م، الموافق الرابع من صفر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 38 قضائية “منازعة تنفيذ”
المقامة من
ورثة المرحوم/ عبدالمجيد محمد بدراوى، وهم:
أولاً – ورثة المرحوم/ أحمد فتحى عبدالمجيد بدراوى، وهم:
1- فوقية أحمد السعدى محمود الأتربي
2- محمد أحمد فتحي عبدالمجيـد
3- نرمين أحمد فتحـــــــــى عبدالمجيــــد
4- شرين أحمد فتحـــــــــى عبدالمجيـــــد
ثانيًا – ورثة المرحوم/ محمد عبدالمجيد بدراوى، وهم:
1- جيهان حامد محمد نور
2- شاهيناز محمد عبدالمجيــــــــد بدراوى
3- عبدالمجيد محمد عبدالمجيد بدراوى
4- وائل محمد عبدالمجيـد بدراوى
ثالثًا – ورثة المرحومة/ سعاد عبدالمجيد بدراوى، وهم:
1- محمد حسين دربالة حسين أحمد حسين
2- مصطفى حسين أحمد حسين
3- زينب حسين أحمـد حسين
رابعًا – ورثة المرحومة/ وفاء عبدالمجيد بدراوى، وهم:
1- إبراهيم حسن محمود سامى بدراوى
2- أمل حسن محمود سامى بدراوى
ضــد
1 – رئـيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
2 – وزير المالية
3 – رئيس المجلس الأعلى للقضاء

الإجـراءات
بتاريخ الثامن من يونيه سنة 2016، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 27/3/2016، في الطعنين رقمي 15315 و15480 لسنة 84 قضائية، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، باعتباره عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، مع الاستمرار في تنفيذ ذلك الحكم، وتكليف المدعى عليه الثالث بإعادة نظر الطعنين بالنقض المشار إليهما أمام دائرة أخرى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن مورثى المدعين أولاً وثالثًا ورابعًا، وورثة المرحوم/ محمد عبدالمجيد بدراوى (المدعين ثانيًا) كانوا قد أقاموا بتاريخ 18/6/1998، الدعوى رقم 9052 لسنة 1998 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الأول والثانى، طالبين الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لهم مبلغ (48451546) جنيهًا، قيمة التعويض المستحق لهم عن استيلاء الدولة على الأرض الزراعية المبينة الحدود والمساحة بصحيفة الدعوى، وتعويضًا عما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب، وذلك على سند من أن الدولة استولت على الأطيان المملوكة لمورثهم باعتبارها زائدة على الحد الأقصى للملكية الزراعية وفقًا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكــــــام قانــــــون الإصلاح الزراعــــى، وإذ قُضى بعدم دستورية المواد التى حدد فيها هذان القانونان أسس تقدير التعويض المستحق عن الأراضى المستولى عليها؛ لعدم عدالة التعويض المقـــــدر وفقًا لها، فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم سالفة البيـان، وندبت المحكمة لجنة من الخبراء، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، حكمت المحكمة بجلسة 25/11/2007، بعدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى؛ لرفعها على غير ذى صفة، وبإلزام وزير المالية بأن يؤدى للمدعين مبلغ (240643) جنيهًا و90 قرشًا، قيمة الأطيان المستولى عليها في تاريخ الاستيلاء، ومبلغ (12,183,873) جنيهًا، تعويضًا عما فاتهم من كسب، وما لحقهم من خسارة، على أن يخصم من تلك المبالغ ما سبق صرفه لهم – من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى – بواقع مبلغ (193528) جنيهًا، وألزمت وزير المالية بأداء الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى السداد، ولم يصادف هذا القضاء قبول طرفى النزاع، فطعن عليه المدعون بالاستئناف رقم 42410 لسنة 124 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، بطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون عليه، فيما قضى به من أحقيتهم لتعويض عن الأطيان المستولى عليها وفقًا لقيمتها وقت الاستيلاء؛ ليكون التقدير وفقًا لقيمتها وقت رفع الدعوى، وتأييد الحكم المستأنف فيما جاوز ذلك، وطعن وزيـــــــر الماليـــــــة على الحكم بالاستئنافيــــــــن رقمى 1084 و1500 لسنة 125 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، بطلب إلغاء ذلك الحكم، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وبعد أن ضمت المحكمة استئنافى وزير المالية لاستئناف المدعين، ندبت لجنة من الخبراء، وأودعت اللجنة تقريرهـا، فقضت المحكمة بجلسة 11/1/2012، برفض استئناف المدعين، وفى موضوع استئنافى وزير المالية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزامه بأن يؤدى للمدعين مبلغًا وقدره (536472) جنيهًا؛ تعويضًا عن قيمة الأراضى المستولى عليها، وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى تاريخ السداد، وارتكنت المحكمة في قضائها إلى أن التعويض عن قيمة الأراضي المستولى عليها يكون وفقًا لتاريخ الاستيلاء عليها، مخصومًا منه ما تم صرفه للمدعين من تعويض من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، مع عدم أحقية المدعين في صرف ريع؛ لأن الاستيلاء كان نفاذًا لنص القانون، وبموجبه آلت ملكية الأرض إلى الدولة، ولم يصادف هذا القضاء قبول المدعين، فطعنوا عليه أمام محكمة النقض بموجب الطعن رقم 1542 لسنة 82 قضائية، وبجلسة 15/4/2013، حكمت المحكمة بنقض الحكم المستأنف، وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف؛ لنظرها أمام دائرة أخرى، وذلك على سند من أن الحرمان من الملك يجب أن يكون لقاء تعويض عادل، وإذ تم تعجيل الاستئنافات الثلاثة أمام محكمة استئناف القاهرة، فقضت بجلسة 10/6/2014، في استئناف المدعين واستئنافي وزير المالية، بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام وزير المالية بأن يؤدى للمدعين مبلغ (7137922) جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى السداد، ولم يصادف هذا القضاء قبول المدعين ووزير المالية، فطعن عليه المدعون أمام محكمة النقض بالطعن رقم 15315 لسنة 84 قضائية، تأسيسًا على خطأ الحكم الاستئنافي في تطبيق القانون؛ لاعتداده في قضائه بالتعويض بقيمة الأرض المستولى عليها في تاريخ الاستيلاء، وليس وقت رفع الدعوى، وإغفاله القضاء لهم بالريع، وطعـن وزير المالية على ذلك الحكـــــم أمام المحكمة ذاتها بالطعن رقم 15480 لسنة 84 قضائية، وتم ضم الطعنين، وقضت فيهما محكمة النقض بجلسة 27/3/2016، برفضهما، تأسيسًا على أن التاريخ الذى يعول عليه في تقدير القيمة الحقيقية للأراضي المستولى عليها – التزامًا بالحكم الصادر بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية” – هو تاريخ الاستيلاء عليها، باعتباره التاريخ الذى كان يتعين فيه تقدير الثمن الحقيقي للأرض، ودفعه لأصحابها، مراعيًا في ذلك التقدير كافة العناصر التى ترتبط بمقوماتها، شاملاً الريع المستحق عن الفارق بين التعويض الذى تم صرفه والقيمة الحقيقية للأطيان وقت الاستيلاء عليها، باعتباره صورة من صور التعويض.
وحيث إن المدعين ارتأوا أن حكم محكمة النقض المشار إليه، في خصوص اعتداده بتقدير قيمة التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها بتاريخ الاستيلاء، يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/6/1998 ، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، كما أنه يخالف نص المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972بشأن السلطة القضائية؛ لمخالفته ما قضت به المحكمة ذاتها في الطعن بالنقض رقم 1542 لسنة 82 قضائية – المقام من المدعين في النزاع ذاته – من وجوب أن يكون التعويض عن الاستيلاء عادلاً، على نحو يشمل ما فاتهم من كسب، وما لحقهم من خسارة حتى تاريخ رفع الدعوى، مما كان يوجب على المحكمة عرض الأمر على الهيئة العامة المدنية بمحكمة النقض؛ للنظر في العدول عن هذا المبدأ، والذى تردد في العديد من أحكامها الأخرى.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول منازعة التنفيذ المعروضة، على سند من أن محكمة الموضوع – دون غيرها – هي المختصة بإعمال آثار الحكم الصادر في المسائـل الدستورية، ومن ثَمَّ تكون دعوة المحكمة الدستورية العليا لإعمال آثار حكمها الصادر في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية” مفتقدًا لسنده، فذلك الدفع مردود:- بأن منازعة التنفيذ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختـام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد، وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تُعَدَّ غريبة عنها، منافية حقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت غاية المدعين من اختصام حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 27/3/2016، برفض الطعن المقام منهم رقم 15315 لسنة 84 قضائية، هي القضاء بعدم الاعتداد به، باعتباره عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، وهو ما يستنهض ولاية هذه المحكمة المقررة لها بمقتضى نص المادة (50) من قانونها، ويضحى الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة في هذا الخصوص في غير محله، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، والمنشور بالعـدد رقم (25 تابع) من الجريدة الرسمية بتاريخ 18/6/1998، قد قضى، أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، من أن “يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض”، وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيًا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن “يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقًا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبـة الساريـة في 9 سبتمبر سنة 1952″، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريًّا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجيّة المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص حتى ولو تطابقت في مضمونها، ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها. متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، بجلسة 6/6/1998، قد انصب على تعييب طريقة حساب التعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، الذى حددته المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المشار إليهما، اللتان تبنى فيهما المشرع معايير جامدة وتحكمية في تقدير ذلك التعويض، إلا أن أسباب هذا الحكم قد أفصحت في أكثر من موضع على أن تاريخ تقدير التعويض يكون في تاريخ الاستيلاء على الأطيان الزراعية، باعتباره التاريخ الذى كان يتعين فيه تقدير الثمن الحقيقي للأرض، ودفعه لأصحابها، مراعيًا في ذلك التقدير كافة العناصر التي ترتبط بمقوماتها، شاملة ما فاتهم من مغانم وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم، ومن ثم تكون الأسباب التي تأسس عليها الحكم في القضية الدستورية المشار إليها، تتصل اتصالاً حتميًّا بما ورد بمنطوق ذلك الحكم، باعتبار أن التاريخ الذى يعتد به عند تقدير التعويض، يرتبط بطريقة حساب هذا التعويض وأسس تقديره. متى كان ذلك، وكان حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 27/3/2016، في الطعنين رقمي 15315 و15480 لسنة 84 قضائية قد التزم هذا النظر، بتأييده حكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر بجلسة 10/6/2014، في استئناف المدعين رقم 42410 لسنة 124 قضائية، واستئنافي وزير المالية رقمي 1084 و1500 لسنة 125 قضائية، فيما ابتنى عليه من تقدير القيمة الحقيقية للأراضي الزراعية على أساس قيمتها في تاريخ الاستيلاء عليها، وتقدير التعويض المستحق للمدعين مراعيًا في ذلك كافة العناصر التي ترتبط بمقوماتها، ومن ثم يكون حكم محكمة النقض المشار إليه جاء موافقًا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، ولا يشكل عقبة قانونية في تنفيذه، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى
وحيث إنه بالنسبة للنعي المبدى من المدعين على حكم محكمة النقض المشار إليه بمخالفته نص المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية، وأحكامًا أخرى صدرت منها في شأن وجوب عدالة التعويض عن الاستيلاء على الأراضي الزراعية باعتبار تاريخ رفع الدعوى؛ ليشمل ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة، وإلزام المدعى عليه الثالث بإعادة نظر الطعنين بالنقض المشار إليهما أمام دائرة أخرى، فذلك الطلب وتلك المناعي تنحل إلى طعن على هذا الحكم، وهو ما ينحسر عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا حال مباشرتها ولايتها في الفصل في منازعات التنفيذ وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الذى يقتصر على إزالة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، دون أن تعد طريقًا للطعن في هذه الأحكام
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، والذى انتهت المحكمة فيه إلى عدم قبولها، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة، طبقًا لنص المادة (50) من قانونها، اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون – وعلى ما جرى به قضاؤها – قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .